نموذج الشبكة في الإدارة وفوائده لكل من الموظفين والشركة

كنت أتذكَّر ما قاله لي أحدهم عن أنَّه غداً سيستقيل من منصبه وسيعود إلى وظيفته السابقة التي كان يحبها كثيراً، فقد كان يكره هذه الوظيفة الجديدة لأنَّه لا يرغب في أن يكون مديراً، ويرغب فقط في تأدية عمله دون أن يتحمل مسؤولية كل هؤلاء الموظفين. ذكَّرَتني هذه المحادثة بحوار دار بيني وبين ابنتي حول الترفيع الوظيفي، والتي أخبرتني بأنَّها لا تريد أن تكون مديرة فريق عمل. قالت لي ابنتي: "أنا غير مهتمة بالمُسمى الوظيفي ولست متحمسة لأرتقي في المناصب، وكل ما أريده هو القيام بعملي والتعلُّم وتحسين مهاراتي، ولا أريد أن يكون دافعي هو الوصول إلى المناصب القيادية".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "رون توماس" (Ron Thomas)، ويُوضِّح فيه مفهوم الشبكة كنموذج لبناء الشركات.

نموذج الشبكة الوظيفية:

لم تَعُد بيئات العمل كما كانت عليه في السابق؛ لذلك يجب تبنِّي طريقة أفضل للتكيُّف مع هذا التغير. ولم تَعُد بيئات العمل كما كانت عليه آنفاً ولن تعود كذلك أبداً؛ إذ يتم العمل على جعل المفاهيم السابقة والسياسات التقليدية أكثر ملائمةً مع بيئات العمل الجديدة.

إنَّ مفهوم السُّلَّم الوظيفي - الذي كان يعني أنَّه عليك الانتقال إلى منصب إداري جديد في الشركة - قد تغيَّر بشكل جذري عن وضعه السابق؛ فقد أصبح هذا المفهوم قديماً؛ إذ سيكون هناك عدد أقل من المناصب في السلَّم الوظيفي، وستميل بيئات العمل المستقبلية إلى أن تكون أكثر افتراضية وقائمة على العمل التعاوني وروح الفريق وستكون بالمُجمَل بيئات عمل تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق النجاح للمشروع.

الشبكة هي النموذج الذي يُلائم عالم العمل المعاصر ملاءمة أكبر؛ وهو العالم الذي تستطيع فيه نشر ما تريده بنقرة. يقدِّم السلَّم الوظيفي التقليدي للشركات المتجذرة بقوة في عصرنا الصناعي وجهة نظر واحدة وتطغى على جميع وجهات النظر الأخرى.

يُعَدُّ النموذج الشبكي أكثر ملاءمة لبيئة الأعمال العالمية الحالية؛ وذلك لأنَّه يوفِّر إطاراً لتوسيع نطاق الخيارات المتعلقة بكيفية بناء الوظائف وإنجاز العمل وتعزيز المشاركة.

إقرأ أيضاً: أهم منهجيات التغيير في المؤسسات

النجاح لا يعني الوصول إلى المناصب القيادية:

ليس لدى الجميع هذه الرغبة في الوصول إلى المناصب القيادية، فعلى سبيل المثال؛ عملَ أخي في مجال المبيعات بعد أن تخرَّج من الجامعة وحطَّم أرقاماً قياسية في المبيعات في شركته التي طلبت منه مراراً وتكراراً تولِّي منصب مدير المبيعات؛ ولكنَّه كان يرفض باستمرار. أخيراً وافقت الشركة على رغبته وتركته يستمر في عمله الذي يُبدِع فيه، وقد أخبرني أنَّ إدارة الأشخاص ليست من ضمن المهارات التي يمتلكها ولا يرغب حتى في امتلاكها.

يوفِّر نموذج الشبكة في الشركات لجميع الموظفين نهجاً استراتيجياً للوظائف، ويحقق هذا النموذج هذه الخاصية من خلال تحقيق أكبر فائدة من المتغيرات التي تطرأ على عالم الأعمال؛ ويعني هذا الاعتراف بأنَّه لا يوجد الآن مفهوم عالمي موحَّد للنجاح؛ بل توجد طرائق متعددة يتمكَّن من خلالها الفرد أو المؤسسة من الازدهار والمساهمة في النجاح على نطاق أوسع.

تتحدى القوى العاملة اليوم النماذج التقليدية للوظيفة التي تتضمن التعارض الواضح بين الأداء العالي في الوظيفة والحياة خارجها، بينما يوفِّر النموذج الجديد للأفراد طريقةً ملائمة وجذَّابة.

نموذج الشبكة يعود بالفائدة على كل من الموظفين والشركة:

يشير نموذج الشبكة إلى نهاية الافتراضات التقليدية حول ما يتطلبه الأمر لبناء مؤسسة ذات أداء عالٍ والحفاظ عليها.

عندما تفكر في القدرة على التكيُّف المطلوبة في سوق العمل المعاصر - من حيث تحقيق قدر أكبر من المرونة - فإنَّ ذلك يمنحك الكثير من الوسائل لتحقيق ذلك، كما يمنح القوى العاملة خيارات أكثر في الظروف التي تُنشَأ فيها الوظائف والعمل، وفي كيفية مشاركة كل موظف في الشركة.

هذا النموذج الجديد ليس مجرد أداة مساعدة على التقدُّم المهني أو المسارات الوظيفية، وعلى الرغم من أنَّه فقط جزء من المعادلة، إلَّا أنَّ الطريقة الكاملة التي نتفاعل فيها اليوم في شركاتنا هي عبارة عن شبكة.

ستأخذ الوظائف اليوم المنحى المتعرج؛ إذ إنَّني أعلم هذا من خلال وظيفتي وهذا هو الواقع الجديد، وهذه هي الطريقة التي ستسير بها الأمور.

إقرأ أيضاً: نموذج جون كوتر للتغيير المؤسسي

نموذج الشبكة يشمل جوانب الحياة كلها:

إذا أخذنا في الحسبان كل جوانب الحياة بدءاً بالتكنولوجيا ومروراً بتكوين الأسرة والمرأة والأجيال، فإنَّنا نجد أنَّ البناء الهرمي يغدو أكثر تسطيحاً؛ الأمر الذي يعني أنَّ طرائق العمل القديمة لم تَعُد مستدامة، ولا يمكن تحقيق فائدة بالرجوع إليها، فالأمر يشبه العودة إلى العمل على آلة عفا عليها الزمن كآلة الفاكس مثلاً.

ما من شك أنَّ هناك تنازلات يجب علينا تقديمها، فتوجد اليوم العديد من مقاييس النجاح، سواءً كانت هذه المقاييس تُستعمَل لقياس النجاح في إدارة فريق عمل أم قسماً من أقسام الشركة أم مجرد مقياس للنجاح الفردي. لكنَّه ليس مقياساً يناسب الجميع، ونماذج النجاح لدينا مرتبطة ارتباطاً أقل بالنظرة التقليدية للعالم المتمثلة في المكانة الاجتماعية والمكافآت والقدرة على الوصول إلى المعلومات.

نحن اليوم نميل ميلاً أكبر إلى مقياس نجاح ينطوي على الملاءمة بين حياتنا الشخصية وما نريد تحقيقه في حياتنا المهنية والنجاح الشخصي والمشاركة في المجتمع، ونحاول أن نجمع كل هذا في مقياس واحد، محاولين أن نكون مرنين مرونة أكبر بينما نمضي قدماً في مراحل حياتنا المختلفة.

يوفِّر نموذج الشبكة قدرة أكبر على التكيُّف؛ إذ إنَّه يوسِّع مفهوم النجاح ويحدد - بموضوعية أكثر - أين تكمن القيمة ومدى مقدار المساهمة. ومع هذا المفهوم يمكنك أن تكون ما أنت عليه وستصل دوماً إلى النجاح.

المصدر: 1

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح




مقالات مرتبطة