نقاط القوة الشخصية في الأوقات الصعبة

لقد أصاب انتشار جائحة "كوفيد-19" (COVID-19) حول العالم، والنضال من أجل العدالة العِرقية، والأحداث السياسية المثيرة للانقسامات، الكثير من الناس بالتوتر والتخبط، صحيحٌ أنَّ هذا قد يكون رد الفعل المناسب لما يحدث، إلَّا أنَّنا جميعاً نمتلك موارد داخلية قوية تسمى نقاط قوة الشخصية يمكِن أن تساعدنا على التعامل مع الشدائد، ومن ثمَّ يمكِن أن تكون مصدر أمل لنا.



نقاط قوة الشخصية هي أساليب التفكير والتصرف التي تأتي فطرياً؛ إذ حدد الباحثون 24 نقطة قوة مثل الذكاء الاجتماعي والشجاعة والفضول والصدق التي تمثِّل أفضل الصفات البشرية وتُعَدُّ أموراً مثيرة للإعجاب في الثقافات والأزمنة جميعاً، فعندما يستخدم الناس قوَّتهم، يشعرون بالنشاط والكفاءة والتوافق مع قيمهم؛ حيث يمكِن أن يؤدي استخدام نقاط القوة في الشخصية إلى توسيع قدرتهم على التفكير والتصرف بأسلوب يقيهم من التوتر.

إقرأ أيضاً: ما هو التّوتّر، تعلّم كيف تخلق الهدوء في حياتك

إعادة تأطير التوتر:

تُعَدُّ إعادة تأطير التوتر إحدى الطرائق التي تستطيع نقاط قوة الشخصية من خلالها تعزيز القدرة على التأقلم، ووفقاً لعالمة علم نفس الصحة "كيلي مكجونيغال" (Kelly McGonigal)، تؤثِّر نظرة الناس إلى التوتر في صحتهم؛ حيث يمكِن أن تجعلهم يعتقدون أنَّ هناك تهديداً لا يمكِنهم التعامل معه، ومع ذلك، تقترح "مكجونيغال" (McGonigal) أنَّه إذا فكَّر الناس بدلاً من ذلك في التوتر كقوة محفِّزة تساعدهم على حماية الأشياء التي يهتمون بها، فيمكِنهم عندئذٍ "إيقاظ نقاط القوة البشرية الأساسية التي تنطوي على الشجاعة والتواصل والنمو".

ولكن كيف نفعل ذلك؟ أولاً، يمكِننا التعرُّف تعرفاً أفضل إلى آرائنا في التوتر باستخدام التنظيم الذاتي والفضول لممارسة اليقظة الذهنية، وعندما يكون الناس يقظين، فإنَّهم يراقبون عواطفهم دون إصدار الأحكام، على سبيل المثال: بدلاً من قول: "أنا متوتر للغاية" يُفضَّل أن نقول: "ألاحظ أنَّني متوتر للغاية"، فهذا التغيير الصغير يضع مسافةً صغيرة بين الشخص والشعور ويخفف من تأثير التوتر.

من أساليب تنمية اليقظة ممارسة وقفة اليقظة، فوفقاً للدكتور في علم النفس "رايان نيميك" (Ryan Niemiec)، فإنَّ هذا يحتاج إلى التوقف مؤقتاً للشعور بالشهيق والزفير لمدة 10-15 ثانية، ثمَّ يمكِننا أن نسأل أنفسنا: "أي من نقاط القوة في شخصيتي سأستخدم الآن؟":

أي من نقاط القوة في شخصيتي سأستخدم الآن؟

  • العدالة: العمل الجماعي والعدل والقيادة.
  • الشجاعة: الإقدام والصدق والمثابرة والحماسة.
  • الحكمة: الإبداع والفضول وحب التعلم والقدرة على إصدار الأحكام وامتلاك نظرة ثاقبة.
  • الترفع: التقدير والامتنان والإيمان والأمل والفكاهة.
  • الإنسانية: اللطف والحب والذكاء الاجتماعي.
  • الاعتدال: الغفران والتواضع والتعقل والتنظيم الذاتي.

شاهد بالفيديو: كيف نتخلص من التوتر في ظل الأجواء الصعبة التي نعيشها؟

اختر استجابةً جديدةً:

بمجرد أن نخلق مساحةً واعية بيننا وبين التوتر، يمكِننا استخدام الرأي ووجهة النظر للتحقق من دقة معتقداتنا؛ حيث يمكِننا أن نسأل أنفسنا: "هل هناك تهديد حقيقي لا يمكِنني التعامل معه؟"، فمن خلال النظر إلى الأمر من هذه الزاوية، يمكِننا بسهولة اختيار التجاوب مع الأمر تجاوباً صحيحاً.

تقول "مكجونيغال" (McGonigal): إنَّه بالإضافة إلى ردود الفعل المعروفة كالمواجهة أو الهروب أو الشلل أمام التهديد المتصوَّر، يمكِن للناس أيضاً اللجوء باستجابة الارتقاء إلى مستوى التحدي من خلال حشد الموارد لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتشمل الاستجابات الصحية الأخرى معرفة أنَّ المشكلة أكبر منا، مما يجعلنا نتواصل مع الآخرين للحصول على الدعم الاجتماعي، والبحث عن الدروس المستفادة التي يمكِنها أن تعزز نمونا.

يمكِن أن تزوِّدنا نقاط قوة الشخصية بأدوات للاستجابة للمشكلات؛ حيث نستخدم 6 فئات من نقاط القوة الموضَّحة في الشكل آنفاً، فقد تكون الشجاعة مفيدةً في أثناء استخدام أسلوب الارتقاء إلى مستوى التحدي، وقد تساعدنا الحكمة على إعادة تقييم المواقف وعلى استخدام أسلوب البحث عما يمكِننا تعلُّمه، وقد تساعدنا الإنسانية والعدالة على التواصل مع الآخرين تواصلاً أكبر في أثناء استخدامنا أسلوب الاعتراف بأنَّ المشكلة أكبر من أن نحلها وحدنا، ويمكِن أن يساعدنا الترفع على حل المشكلات التي نعتقد أنَّها أكبر منا والاستفادة من الفوائد الوقائية التي تقدِّمها المشاعر الإيجابية، كما قد يساعدنا الاعتدال على تجنُّب أو تهدئة الصراع والمواقف المجهِدة.

إقرأ أيضاً: 10 طرق بسيطة لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

قِيَم داعمة:

هناك طريقة أخرى لتخفيف التوتر وهي استخدام نقاط القوة في الشخصية لاتخاذ إجراءات هادفة لدعم القيم الشخصية، فإذا شعرنا بالتوتر بشأن الانتخابات، فقد يجلب لنا ذلك الشعور الراحة والسيطرة على أنَّه مهما حدث في يوم الانتخابات، لا يمكِن لأحد أن يسلب قدرتنا على دعم الأشياء التي تهمنا، على سبيل المثال: إذا كنا نقدِّر العدالة الاجتماعية، فيمكِننا استخدام اللطف والعمل الجماعي والذكاء الاجتماعي للتطوع في المنظمات غير الربحية، كما يمكِننا استخدام حُب التعلم ووجهات النظر لاستكشاف كيف استخدم الآخرون العدالة أو الشجاعة لإجراء تغييرات في الماضي، ويمكِننا استخدام الإبداع لإنشاء قطعة فنية تسلط الضوء على قضيةٍ ما.

لذلك علينا جميعاً أخذ الوقت الكافي للنظر في كيفية استخدام نقاط قوَّتنا لتخطِّي الأسابيع والأشهر القليلة القادمة، ويُعَدُّ البحث الأخير الذي أعده عالم علم النفس السريري المُعتمَد "طاياب راشد" (Tayyab Rashid) والباحث "روبرت ماكغراث" (Robert McGrath) مصدراً كبيراً للأفكار؛ حيث قدَّم أكثر من 100 اقتراح لاستخدام نقاط القوة في الشخصية للتعامل مع الجائحة.

ربما من خلال توظيف نقاط قوَّتنا للتكيف والتوعية، قد نكشف عن القيم المشتركة مع الآخرين التي تساعدنا على تجاوز الحواجز السياسية والمادية والعمل معاً نحو المستقبل الذي نرغب في رؤيته.

المصدر




مقالات مرتبطة