نصائح للكف عن القلق بشأن نفاد الوقت

ما يدور المقال حوله شيء يسمى القلق بشأن الوقت؛ أي الشعور بأنَّ الوقت ينفد بسرعة كبيرة ويجب أن تفعل شيئاً حيال ذلك؛ ولكنَّك لا تعرف ما هو هذا الشيء، وبالنسبة إلي ما زلت أتعامل مع هذا الأمر منذ سنوات حتى الآن، وربما قد تكون أنت كذلك أيضاً وإن لم تسمع بمصطلح القلق بشأن نفاد الوقت مطلقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون كريس جيلبو (Chris Guillebeau)، ويُحدِّثنا فيه عن القلق بشأن الوقت.

أعتقد أنَّ القلق بشأن الوقت هو المشكلة الأكثر إلحاحاً في العالم الحديث، بمجرد أن تشق طريقك عبر تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات وتُلبي احتياجاتك الأساسية، تبدأ في القلق بشأن الوقت ولن تتوقف أبداً:

  1. تقلق من أن يفوتك الوقت.
  2. تقلق من أن تكون متأخراً أو من فقدان فرصتك في شيء هام.
  3. تقلق من أن يكون هناك شيء ما يجب عليك القيام به؛ ولكنَّك لست متأكداً من ماهيته.

إن لم يساورك هذا الشعور فَعُدَّ نفسك محظوظاً؛ إذ يشعر ناس كثيرون بهذا الشعور طوال الوقت وهذا ليس مجرد مفهوم نظري؛ بل إنَّه إحساس ملموس فقد تعاني أعراضاً جسدية، وحتى من ضائقة حقيقية بسبب القلق بشأن الوقت.

غالباً ما يُحدَّد هذا الشعور على أنَّه الخوف من أن يفوتك شيء ما؛ ولكنَّ القلق بشأن الوقت مختلف تماماً؛ إذ يركز هذا الإحساس (الخوف من فوات شيء ما) على الحاضر؛ أي قد تفكر: "هناك شيء ما يحدث دوني"، بينما يظهر القلق بشأن الوقت في الأجزاء الثلاثة للوقت؛ أي في الماضي والحاضر والمستقبل؛ فتشعر بالندم على الماضي والافتقار إلى الوضوح بشأن المستقبل والفوضى العامة في الوقت الحاضر.

يظهر الشعور بالفوضى حتى عند الأشخاص البارعين أو "المنتجين" عامة، وفي الواقع قد يكون القلق بشأن الوقت أكثر شيوعاً عند هؤلاء الأشخاص ويعود جزء من عملهم الجاد - مع تغيير تركيزهم باستمرار وتعثرهم - إلى أنَّهم غير متأكدين ممَّا يجب عليهم فعله؛ وبعبارة أخرى قد يشعر الأشخاص الذين يبدون أنَّهم واثقون بأنفسهم ويملكون المهارات بالتردد وقلة الحيلة.

هذا هو باختصار القلق بشأن الوقت؛ فنحن نعلم أنَّنا يجب أن نتعايش مع نفاد الوقت؛ ولكنَّنا لا نعرف كيف نفعل ذلك؛ لذلك نشعر بالقلق، فما الذي يمكن فعله هل هناك حلول؟ إنَّني أدرس هذا الموضوع بنشاط ولا أعتقد أنَّ ثمة إجابة بسيطة له ومع ذلك إليك بعض النصائح:

 شاهد بالفيديو: 10 أخطاء شائعة في إدارة الوقت

أولاً: لا تقلل أبداً من قوة الوعي الذاتي

بمجرد أن تفهم ماهية المشكلة - أو حتى بمجرد أن تفهم أنَّه يوجد شيء يؤثِّر فيك - فإنَّ تذكير نفسك بهذه المعرفة الأساسية يمكن أن يساعدك.

لدى معظم الأشخاص المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) ونقص الانتباه فقط (ADD) (أو متلازمة أسبرجر أو اضطراب ثنائي القطب أو أيِّ عدد من الحالات الأخرى) ذكريات واضحة عن تشخيصهم لأول مرة؛ إذ يشابه تشخيصك لشيء ما بأن تتم رؤيتك أو التعرف إليك، وسوف تدرك أنَّ الشيء الذي تمر به له اسم، وله خصائص شائعة يمكن تحديدها ويوجد أشخاص آخرون مروا بتجارب مماثلة لك وثمة أمور أساسية يمكن اكتشافها.

إنَّني أذكر نقص الانتباه تحديداً لأنَّه الحالة الوحيدة التي أملك معلومات عنها، فقد شُخصت به لأول مرة عندما كنت طفلاً صغيراً؛ ولكنَّني لم أبحث عن العلاج حتى بلغت الخامسة والثلاثين من عمري عندما كنت أواجه صعوبة في تأليف كتاب، وبمجرد أن بدأت في معالجة هذا الأمر تمكنت من إنهاء الكتاب وأن أكون أكثر تركيزاً.

ليس بالضرورة أن تحتوي قائمة الحالات على الاضطرابات فقط؛ إذ يجلب لك فهم نوع شخصيتك وخصائصك بعضَ الراحة أيضاً؛ فإذا كنت انطوائياً على سبيل المثال فأنت تعلم أنَّ عقد اجتماعات كثيرة سوف يرهقك كثيراً؛ لذلك تتعلم التخطيط لها وكذلك الحال مع القلق بشأن الوقت فمن دون التشخيص - أو على الأقل دون تسميته - ستكون تحت رحمته دائماً، ومع بعض الفهم ستتعلم التأقلم والتكيف وربما النجاح أيضاً.

ثانياً: احذر من الحلول السريعة

أعتقد إضافة إلى الوعي الذاتي أنَّه من الهام توخِّي الحذر عند تحديد "الحلول"؛ إذ يكون الأشخاص الذين يعانون القلق بشأن الوقت جيدين في التوصل إلى حلول تشعرهم بتحسن دون إحداث تغيير حقيقي كبير.

القلق بشأن الوقت ليس شيئاً يجب أن تتغلب عليه؛ بل إنَّه شيء تتكيف معه:

لن يحلَّ أيُّ قدر من تطبيقات قائمة المهام المُطوَّرة هذه المشكلة، فلا توجد مجلة رائعة أو طريقة سحرية للوصول إلى ذلك، لكن يمكنك ابتكار منبه يسحبك جسدياً من السرير قبل ساعتين من شروق الشمس ويجبرك على العمل بجدية أكبر، لكن هل ستكون أفضل حالاً حقاً؟

كذلك يرغب الملايين من الطلاب في الدراسة دراسة أفضل، ولكنَّ العديد من خبراء الدراسة أنفسهم لا يعرفون أنسب طريقة لاستثمار وقتهم بكفاءة وفي نهاية المطاف تبقى هذه الحقيقة: يوجد دائماً المزيد للقيام به، ولا يوجد وقت كافٍ على الإطلاق.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 تطبيقات لإدارة الوقت والمهام

ثالثاً: توقف عن محاولة "إدارة" الوقت

يؤدي فهم القلق بشأن الوقت إلى استنتاج آخر؛ وهو أنَّ هوسنا بالإنتاجية و"إدارة الوقت" خاطئ، وفي الواقع قد يكون الضرر في هذا المجال بأكمله أكثر من نفعه.

لقد انتقد أُناس كثيرون أشخاصاً يؤمنون بمفهوم إنجاز الأمور من خلال إدارة الوقت على الرَّغم من أنَّ هذا المفهوم يقوم على نظرية "القيام بعمل أقل"، وإنَّ نقدهم ينبع من إيمانهم بمفهوم آخر: "عِش حياتك ولا تقلق بشأن استثمار وقتك بكفاءة"، لكن بالطبع لا يُعدُّ إخبار شخص ما بعدم القلق بشأن شيء ما يشعره بالقلق مفيداً للغاية، إضافة على ذلك ماذا لو كنت تريد التحسن؟ وتريد أن تفعل المزيد بصورة أفضل؟ من الممكن أنَّك تريد أن تتحسن؛ ولكنَّك تشعر بأنَّك عاجز وتحتاج إلى أكثر من قائمة من الحيل لإحراز التقدم.

إقرأ أيضاً: النجاح في إدارة الوقت: 8 خطوات كفيلة بإدارة وقتك والتخلّص من التسويف

في الختام:

يُعدُّ القلق بشأن الوقت مشكلة حقيقية، والمشكلة الأكثر إلحاحاً في عصرنا الحديث على الأقل بالنسبة إلى الكثيرين؛ ولكنَّه ليس من الضروري أن يكون مرضاً معوقاً؛ إذ يمكنك دمج هذا الفهم في حياتك والمُضي قُدماً، وأن تكون على معرفة بأنَّ الوقت سوف ينفد بسرعة، لكن مع ذلك ما يزال لديك كثير من الوقت أمامك.

المصدر




مقالات مرتبطة