نصائح لتخفيف مستوى السيروتونين وتقليل القلق الاجتماعي

يمكن للسيروتونين أن يعالج أنواع المشكلات النفسية جميعها، لكنَّ الأبحاث تشير إلى أنَّ الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي بحاجة إلى تقليله؛ فإذا قلت إنَّك تعاني القلق الاجتماعي فلن تكون وحيداً؛ وذلك لأنَّ ما يقرب من 5% من الناس يعانون من نوع من أنواعه، قد لا تبدو النسبة كبيرة، لكن عندما تفكر في العالم بأسره؛ فإنَّها تشكِّل 350 مليون شخص.



هل تذهب إلى حفلة، وتتجمد لأنَّ الجميع ينظر إليك؟ وهل تأمل ألا يطرح أحد سؤالاً في الاجتماعات لأنَّك متأكِّدٌ من أنَّ كلَّ ما تقوله سيكون مغلوطاً؟ ربما تتجنب العلاقات الوثيقة؛ لأنَّك لا تستطيع تحمل فكرة مشاركة التفاصيل الشخصية مع شخص آخر، فماذا سيفكرون عندما يكتشفون أنَّك لست مثالياً؟

إذا كانت هذه الأمور تصفك، فمن المحتمل أنَّك تعاني القلق الاجتماعي؛ إذ يدرك معظم الناس أنَّهم يعانون من القلق الاجتماعي في سن المراهقة المبكرة، وإذا كنت قد تحدثت مع طبيب عن هذا الموضوع، فمن المحتمل أنَّك حصلت على نفس النصيحة: أنت بحاجة إلى مزيد من السيروتونين.

ربما وصف لك مثبط انتقائي لاسترداد السيروتونين (SSRI)؛ وذلك لأنَّ السيروتونين مادة كيميائية معقدة، لكنَّ العلاج سهل، فمزيد من السيروتونين يعالج أنواع جميع المشكلات النفسية، فلماذا لا يعالج القلق أيضاً؟ بيد أنَّ بحثاً حديثاً أجرته جامعة أوبسالا (Uppsala University) في السويد (Sweden) كشف خلاف ذلك تماماً، ووجدوا أنَّه إذا كنت تعاني من القلق الاجتماعي، فقد يكون لديك بالفعل كثيراً من السيروتونين يتدفق في دماغك، ومن المحتمل أن يكون هذا اكتشافاً كبيراً.

سنناقش في هذا المقال الاكتشافات التي توصل إليها الباحثون - بشأن القلق الاجتماعي - والإجراءات التي تستطيع اتخاذها على ضوء تلك النتائج لتقليل أعراض القلق الاجتماعي.

ما هو السيروتونين؟

قبل أن تصلح مشكلة ما، من الجيد أن تعرف قليلاً عن أسبابها في المقام الأول، وفي هذه الحالة السبب هو الناقل العصبي السيروتونين، وشرح التفاصيل الدقيقة طويل، لكن إليك الأساسيات التي يجب أن تعرفها:

  1. إنَّه ناقل عصبي، وهذا يعني أنَّه يساعد على وصول الإشارات، والمعلومات من جزء من دماغك إلى جزء آخر أو إلى الجسم.
  2. يعتمد عقلك عليه ليعمل عملاً صحيحاً، أي إنَّه أحد أكثر النواقل العصبية انتشاراً في دماغك، والرسائل التي ينقلها تساعد على تكوين هويتك.
  3. معظمه في جسمك، وعلى الرَّغم من أنَّ معظم الحديث الذي يدور حوله مرتبط بالدماغ، إلا أنَّ حوالي 90% من السيروتونين موجود بالفعل في أمعائك، وصفائح الدم لديك، ويُظنُّ أنَّه يساعد في عدد من وظائف الجسم الأخرى.
  4. تُعدُّ اللحوم المصدر الأساسي له، إذ يتكون السيروتونين من مزيج من المواد الكيميائية، أساسها مادة التربتوفان؛ وهي المادة التي يحبُّ الجميع إلقاء اللوم عليها في سبب شعورك بالنعاس بعد تناول وجبة العشاء؛ إذ تحتوي اللحوم، ومعظم منتجات الألبان، وكثيراً من الأغذية الأخرى، مثل: المكسرات، والأطعمة الغنية بالبروتين على مادة التربتوفان.
  5. يؤثِّر في معظم وظائف الدماغ والجسم، مثل: الحالة المزاجية، والشهية، وبعض الوظائف الاجتماعية، وكبير من الأشياء الأخرى.

شاهد بالفيديو: 8 طرق للتخلص من التوتر

لماذا تحتاج إلى كمية قليلة من السيروتونين؟

هذا هو الشيء المضحك بشأن السيروتونين والقلق في نفس الوقت؛ ففي حين أنَّ العلاقة ليست مفهومة تماماً، فقد أظهرت دراسات عديدة أنَّ رفع مستويات السيروتونين لديك فعَّال بطريقة لا تُصدَّق في علاج الآثار غير المرغوب فيها لجميع أنواع الأمراض النفسية؛ ومن ذلك القلق.

لكن، هذا العام أجرى فريق من الباحثين الطبيين في جامعة أوبسالا في السويد دراسة على مجموعة من المشاركين الذين عانوا على وجه التحديد من القلق الاجتماعي، وقد واجهوا صعوبةً في التعامل مع مواقف فيها أشخاص آخرين وحشود كبيرة.

في سلسلة من الاختبارات وجدوا أنَّ مستويات السيروتونين في اللوزة الدماغية (Amygdala)؛ ذلك الجزء الصغير من دماغك بالقرب من الجذع الذي يتحكم بالعواطف؛ الخوف تحديداً يرتبط ارتباطاً إيجابياً بالقلق الاجتماعي، وفي الأساس كلَّما وجدوا مزيداً من السيروتونين زادت معاناتك من القلق الاجتماعي المنهك، وهذا بخلاف معظم ما توصلت إليه الاكتشافات العلمية، ولكنَّه من أولى الدراسات التي تناولت على وجه التحديد القلق الاجتماعي؛ الذي يُعَدُّ شكلاً من أشكال القلق العديدة التي يمكن أن تعاني منها.

على الرَّغم من أنَّ زيادة السيروتونين يمكن أن تساعد على علاج القلق، إلا أنَّ هذا مؤشر جيد على أنَّه في الواقع نهج مغلوط لهذا النوع من القلق، ويبدو أنَّ النهج الصحيح هو خلاف ذلك؛ فأقلُّ من السيروتونين يؤدي إلى قلق اجتماعي أقل؛ لذا كيف تخفض مستوى السيروتونين؟

في هذا المقال توجد أخبار جيدة وسيئة؛ والخبر السار هو أنَّك تستطيع خفض مستويات السيروتونين لديك، وربما دون تناول الأدوية؛ لكن تحدَّث إلى طبيبك قبل البدء بأيِّ نوع من العلاج بالطبع.

والنبأ السيئ هو أنَّه حتى وقت قريب لم يرغب أحد في خفض مستويات السيروتونين؛ ولم يكن ثمة سبب معروف لذلك؛ فقد كان التركيز لمدة طويلة على رفعه، لذلك لا يوجد كثير من الأبحاث عن هذا الموضوع، ونظراً لأنَّنا نتحدث عن سيناريوهات متناقضة، يمكننا أخذ بعض الأفكار عن كيفية رفع مستويات السيروتونين، وتقليلها للحصول على التأثير المطلوب.

إليك بعض النصائح من الخبير الصحي مات ستون (Matt Stone):

1. تناوَل مزيداً من الأطعمة القابلة للهضم:

نظراً لأنَّ كثيراً من السيروتونين يُنتج في أمعائك، فمن المنطقي أن تبدأ منها؛ إذ يُنتَج مزيد من السيروتونين عندما يكون هضمك أبطأ، كما أن تناول مزيدٍ من الألياف والأطعمة التي يصعب هضمها سيؤدي إلى زيادته، ويمكنك خفض مستويات السيروتونين بنفس الطريقة التي تعالج بها متلازمة القولون العصبي المتهيج؛ عن طريق تناول أطعمة منخفضة الألياف والمطهية جيداً وسهلة الهضم. ومن الناحية النظرية، فإنَّ إنتاج قليل من السيروتونين في أمعائك يعني أنَّ وصوله إلى عقلك - حيث تنشأ المشكلة - سيَقِل.

2. توقَّف عن مشاهدة التلفاز:

يبدو أنَّ إنتاج السيروتونين مرتبط بإنتاج موجات دماغية منخفضة التردد، مثل موجات ألفا، فمتى ينتج دماغك كميات كبيرة من موجات ألفا؟ عندما تسترخي لمشاهدة التلفاز، ولا يختلف استخدام جهاز الكومبيوتر والهاتف المحمول بتأثيرهما السلبي عن مشاهدة التلفاز، لكن مشاهدة التلفاز هي أكبر مشكلة يسهل التحكم بها.

إقرأ أيضاً: هل التوقُّف عن مشاهدة التِّلفاز يجعلك شخصاً أفضل؟ ماهي البدائل؟

3. مرِّن دماغك:

لرفع تردد موجات الدماغ وصرف انتباهك عن مشاهدة التلفاز، حاول قضاء وقتك في تمرين دماغك؛ إذ تُعدُّ النشاطات اليدوية أيضاً من أفضل النشاطات المُساعدة، مثل: حلِّ الألغاز أو كتابة اليوميات، وإذا لم تعرف ما عليك كتابته في يومياتك، فكِّر في مشكلة كنت تواجهها في الفترة الأخيرة، واقضِ بعض الوقت في تدوين أفكارك، والحلول الممكنة في دفتر الملاحظات.

إقرأ أيضاً: كيف تزيد انتباهك عندما يكون عقلك مشتتاً؟

4. قلِّل من تناول اللحوم:

يأتي كثير من التريبتوفان الذي يعتمد عليه جسمك لإنتاج السيروتونين من تناول اللحوم، والأطعمة الأخرى الغنية بالبروتين؛ فإذا كنت تأكل كثيراً من اللحوم، فحاول أن تقلِّل منها.

5. اخرج أكثر:

إنَّ البقاء في المنزل، هو أمر شائع في الحياة الحديثة، لكن يمكن أن يضر بجميع أنواع العمليات الجسدية، ومن ضمنها عملية إنتاج السيروتونين؛ لذا اخرج من المنزل مبكراً ويومياً، ونصيحتي المفضلة عن خفض مستوى السيروتونين هي ممارسة النشاطات التي تُنشِّط عقلك.

في الختام:

أحد أكثر الأشياء صعوبة التي يمكن لعقلك القيام بها هو عملية معالجة المحادثات؛ فالتركيز كلُّه المطلوب لإجراء محادثة نشطة مع شخص ما، مثل فكِّ رموز الكلمات، وفهم حدة صوته، ومعالجة لغة الجسد؛ ينتج موجات دماغية عالية التردد، وكما تعلم هذه من العوامل التي تمنع إنتاج السيروتونين؛ فإذا كنت تعاني من القلق الاجتماعي بفضل هذا البحث لديك استراتيجية جديدة للتغلب عليه، وربما يكون أفضل شيء يمكنك القيام به لتطبيق هذه الاستراتيجية هو تجربة العلاج.

المصدر




مقالات مرتبطة