مهارات فريق العمل المُنجِز

"يُعَدُّ العثور على لاعبين جدد أمراً سهلاً نسبياً، أمَّا جعلهم يلعبون معاً كفريق واحد فهو أمر آخر" - "كيسي ستنجل" (Casey Stengel).

تلخص هذه المقولة ما نرغب في الحديث عنه ضمن هذه المقالة؛ إذ إنَّ قوة الفريق فيما يتمتعون به من مهارات، فضلاً عن نقاط القوة التي لديهم ونظرتهم إلى الأمور، هي ما تجعل الفريق أكثر كفاءة وإنجازاً. والحقيقة أنَّ هذه الامتيازات لا تظهر إلا إذا عملت الفرق معاً بفاعلية. والعمل الجماعي الفعَّال لا يحدث تلقائياً؛ بل يحتاج إلى صهر المهارات في بوتقة واحدة.



وحتى يُفعِّل القادة فِرق عملهم، يتطلب هذا منهم اتخاذ قرارات استراتيجية، وتشجيع تقديم سلوكات إيجابية، وتهيئة بيئة عمل تمكِّن الأعضاء فيها من إنجاز أفضل أعمالهم؛ ليس بشكل فردي فحسب، ولكن كوحدة واحدة.

عندما تكون جزءاً من فريق عمل رائع، فإنَّ الذهاب إلى العمل في الصباح يكون ممتعاً ومثيراً؛ إذ يتولد لديك شعور خاص بالغبطة عندما يعمل زملاؤك في الفريق لتحقيق هدفك نفسه، فأنت تشاركهم متعة الرحلة ومتاعبها إضافةً إلى متعة الإنجازات.

ومن خلال التآزر، يمكن للفِرق الجيدة أن تخلق نتيجة نهائية تفوق بكثير ما يمكن أن ينتجه كل فرد بنفسه؛ ومع ذلك، من أجل إنشاء فريق ناجح، فإنَّه من الضروري أن تختار الأعضاء المناسبين. في أحيان كثيرة، تنسجم المهارات المتنوعة والشخصيات المختلفة بشكل طبيعي مع بعضها بعضاً، في حين أنَّ التوليفات الأخرى ستخلق جواً كارثياً في بيئة العمل. ولسوء الحظ، لا يمكن لأيِّ قدر من الكفاءة التكنولوجية أن تعوض ديناميكية الفريق الفاشلة. ولكن، ما هي المهارات التي نبحث عنها في فريق العمل؟ وكيف يمكننا أن نصنفها؟

أنواع مهارات فريق العمل:

عندما نغوص في هذه الجزئية، فإنَّنا نكتشف أنَّ مهارات فريق العمل متنوعة وغير معدودة. ومع ذلك، تبرز ثلاثة أنواع بِعَدِّها الأكثر أهمية بالنسبة إلى المؤسسات:

مهارات فريق العمل مهارات تنظيمية (Organizational skills): تُعَدُّ هذه المهارات ذات أهمية قصوى لإدارة الفِرق، وترتيب مساحة العمل وبيئته، وتنفيذ المشاريع، وتوزيع الأدوار والمسؤوليات، سواءً في مكان العمل أم في الحياة خارج المكتب.

  • مهارات الإقناع والحوار (Persuasive & conversation skills): يمكن عَدُّ موهبة الحوار والقدرة على إقناع الطرف الآخر بمنزلة جوهرة فريدة من نوعها في عالم الأعمال، بغضِّ النظر عن حجم المنظمة أو نوعها، بينما تُعَدُّ المهارات القيادية والاستماع الفعَّال وإظهار التعاطف، من المهارات الضرورية للأدوار القيادية الأعلى في سُلَّم الهيكل الوظيفي.
  • المهارات الناعمة (Soft Skills): يُقصَد بهذه المهارات كل أنواع المواهب الشخصية والمهارات الذاتية خارج نطاق التخصص المهني، والتي لا تُقاس بالاختبارات والنتائج. تضيف هذه المهارات نوعاً من الإضافة الحيوية إلى المهارات الصلبة، والتي تشمل الشهادات العلمية والشهادات المهنية التي عادةً ما تُقاس بالاختبارات والنتائج. ينتج عن التوازن بين المهارات الصلبة والناعمة أعضاء فريق استثنائيون.

في كثير من الأحيان، تُحدث الفِرق ذات المهارات الشخصية والتنظيمية فرقاً هائلاً بفضل قدراتها الذاتية، التي تضيف بعداً احترافياً إلى مهاراتها الصلبة. وإذا تساءلنا عن أسباب حدوث ذلك، فإنَّ الجواب أنَّ الأعمال التجارية تعيش وتزدهر في ظل العلاقات الإنسانية والتفاعل بين أعضاء الفريق؛ لذا فهم - بفضل مهاراتهم الناعمة - يكونون الأكثر حماسةً وقدرة على التعلُّم، والأكثر استعداداً لمواجهة التحديات والمنعطفات والمتغيرات في بيئة الأعمال بجَلد وصبر.

إقرأ أيضاً: المهارات الصلبة مقابل المهارات الناعمة: سبب أهميتها في حياتك المهنية

يبدأ كل هذا بضمان إتقان فريقك مهارات العمل الجماعي السبع الأساسية، التي سنستعرضها آتياً.

مهارات العمل الجماعي

1. التواصل (Communication):

يقول "فرانسوا دي لاروشفوكولد" (Francois de la Rochefoucauld): "نحن لا نستمع أبداً عندما نكون حريصين على الكلام". ينشأ جزء كبير من فشل الفريق نتيجة لسوء الفهم؛ فلكي تعمل الفِرق بشكل جيد معاً، يجب أن يكون لديها فهم مشترك، ويتحدثون اللغة المهنية نفسها، ويتَّبعون المنهجية عينها.

يجب أن يكون أعضاء الفريق قادرين على مشاركة المعلومات بأريحية، فضلاً عن مواءمة توقعاتهم وإمكانية تقديم الملاحظات بكل حرية. ومع ذلك، فإنَّ التواصل لا يقتصر على مشاركة الرسائل المكتوبة أو المسموعة فحسب؛ إذ تؤدي مهارة الاستماع دوراً هاماً داخل فريق العمل. يعزز الاستماع العاطفي على وجه الخصوص؛ الفهم المشترك، ويساعد أعضاء الفريق على تجنب سوء الفهم.

وهنا نتوقف قليلاً عند حادثة هامة؛ إذ تُعَدُّ "وكالة ناسا" مثالاً مناسباً لما يمكن أن يحدث عندما يسوء التواصل بين أعضاء الفريق، الذي كلف الوكالة الدولية مبلغ 125 مليون دولار. ففي أواخر التسعينيات، أطلقت "وكالة ناسا" مسبار المريخ (Mars Climate Orbiter) (MCO)"، والذي كان من المفترض أن يدرس المناخ على كوكب المريخ، ويرسل الرسائل من المدار إلى مسبار آخر يسمى "بولار لاندر" (Polar Lander)، وإلى الفضاء العميق.

في البداية، كانت الانطلاقة رائعة حتى توقف المسبار (MCO) عن تبادل الرسائل مع الأرض بعد مروره خلف كوكب المريخ. لم يكن هناك شيء سوى الصمت، ولم تُتلقَّ أيُّ إشارات؛ لذا، خلُص إلى أنَّ المركبة المدارية قد سقطت في الغلاف الجوي للمريخ وتفككت.

قد تعتقد أنَّ الأسباب الكامنة وراء هذا الخطأ معقدة مثل علم الصواريخ؛ لكن ليس تماماً! فعندما نظرت وكالة ناسا في سبب الفشل، كانت الإجابة واضحة جداً ومحرجة جداً أيضاً، وخلاصتها أنَّ الأوامر أُرسِلَت من الأرض إلى المسبار (MCO) بـ "وحدات قياس إنجليزية" (English Unites)، لكنَّ المركبة المدارية استعملت "وحدات مترية" (Metric Units).

شاهد: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على تحسين التواصل؟

  • عادةً ما يكون لدى المنفتحين والجريئين في فريق العمل رغبة جامحة في المشاركة بالاقتراحات والآراء، لكنَّ هذا قد يعني أن ينتهي بهم الأمر إلى إقصاء زملائهم في الفريق واحتكار النقاش لصالحهم. من الممارسات الجيدة للتغلب على ذلك وإتاحة الفرصة لسماع صوت الجميع، أن يرسل القادة "جدول أعمال" (Agenda) إلى جميع المشاركين مسبقاً، حتى يُتاح لهم الوقت الكافي لتجميع أفكارهم. بعد ذلك، تأكد من أنَّه قد أتيحت الفرصة لكل شخص للتحدث والمساهمة برأيه في أثناء الاجتماع.
  • يتفاوت مفهوم وممارسات مهارة التواصل من عضو إلى آخر؛لذا سيكون فريقك مجهَّزاً بشكل أفضل لتبادل المعلومات والأفكار، إذا كان يعرف إمكانات وقدرات وتفضيلات كل عضو في الفريق فيما يتعلق بالتواصل. إنَّ قيام كل عضو في الفريق بتحديد قنوات وآليات تواصل (أوقات، وطرائق، ووسائل، وتعبيرات) تناسبه، سيمنح الفريق طريقة مثالية لإنجاز العمل؛ بحيث تكون قنوات الاتصال المفضلة لديهم واضحة وصريحة.
  • القيام باجتماعات منتظمة مع فريق العمل لتجنب الشعور بالعزلة والسرية؛ إذ إنَّ هذه الاجتماعات القصيرة والفعَّالة تمكِّن القادة من مناقشة أهداف الفريق وقياس التقدم وإيجاد الحلول المناسبة للعقبات والتحديات، فضلاً عن إبقاء الجميع ضمن دائرة التواصل.
إقرأ أيضاً: 9 صفات يجب أن يتحلى بها جميع قادة القرن الواحد والعشرين

2. التعاون (Collaboration):

"وحدنا، لا نستطيع أن نفعل سوى القليل، لكن معاً، يمكننا أن نفعل الكثير" - "هيلين كيلر" (Helen Keller).

إنَّ التعاون والعمل الجماعي مترادفان؛ لذا فمن المنطقي أن ترى هذه المهارة في أعلى القائمة. ومع ذلك، فإنَّ مجرد وضع الأشخاص في الفريق نفسه لا يؤدي بطبيعته إلى تعاون فعَّال؛ لذلك يجب أن يأخذ الوضوح الأولوية؛ فيجب أن يفهم أعضاء الفريق أدوارهم الفريدة ومسؤولياتهم الذاتية ومواعيدهم النهائية في المشروع الذي يعملون به، بالإضافة إلى كيفية تأثير أدائهم الفردي في المجموع. تحسِّن هذه المقاربة من المساءلة، وتمكِّن أعضاء الفريق من العثور على إجابات أو حل المشكلات بشكل استباقي بأنفسهم.

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على تطوير التعاون؟

  • إنَّ ما يقوم به كل عضو من أعضاء الفريق، يجب أن يكون معروفاً لا لبس فيه. ومع ذلك، قد لا يكون لدى بعض الأعضاء اطلاع كافٍ على ما يفعله أعضاء الفريق الآخرون؛ لذا فإنَّ من الممارسات المُوصى بها، إنشاء منصة (Platform) مشتركة تعرض تفاصيل المهام والمشاريع الحالية للجميع. كما يمكنك أيضاً تفعيل الأدوار والمسؤوليات على المنصة؛ بحيث لا يكون هناك شك أو ارتباك حول المطلوب من كل شخص.
  • إيضاح العلاقات بين المهام والتبعات (Dependency mapping)؛ فقد ينهار التعاون عندما لا يفهم أعضاء الفريق التبعات. على سبيل المثال، قد يعتقد عضو الفريق "أ" أنَّ تفويت الموعد النهائي للمهمة التي كُلِّف بها لبضعة أيام، لا يُعَدُّ مشكلة كبرى. ولكن عندما يدرك العضو "أ" أنَّ عضو الفريق "ب" لا يمكنه بدء المهام المعيَّنة له، حتى ينتهي هو من مهامه، فهذا سيجعله ينظر إلى مهمته نظرة اهتمام وحرص.

إنَّ تحديد التبعات سيمنح الفريق بالكامل فكرة أفضل عن كيفية توافق المهام معاً، حتى تتمكن من إدارة الاختناقات والمشكلات الأخرى بشكل استباقي. وقد تؤدي التكنولوجيا دوراً أساسياً في تنسيق هذه الجهود وتبيان التبعات بشكل رسومي (Graphics) من خلال برامج فِرق العمل الحديثة (Software).

  • توجد بعض المعايير التي يُؤخذ بها عادةً في فريق العمل بشكل يومي ومعتاد، وبتوافق - غير مكتوب - بين الأعضاء، مثل التواصل بشكل معيَّن عبر رسائل البريد الإلكتروني، أو عقد اجتماعات دورية ضمن بروتوكول معيَّن، أو توزيع المهام على الأعضاء بنسق معيَّن؛ وذلك على الرغم من أنَّ هذه المعايير لم تُناقَش رسمياً مطلقاً.

عموماً، فإنَّ وجود "معايير وقواعد الفريق" مكتوبةً وواضحةً ومعلنةً للجميع، يُعَدُّ من الممارسات الرائعة التي يجب أن تكون مدوَّنة بطريقةٍ ما. توالياً، يمكن للقائد تشجيع الأعضاء على الإضافة إليها بانتظام وتطويرها؛ إذ إنَّها طريقة رائعة لمساعدة أعضاء الفريق الجدد على الاندماج في الفريق بسرعة. يمكن أن تساعد "معايير وقواعد الفريق" فريق العمل في وضع قائمة بالتوقعات غير المعلنة سابقاً، وتجنب سوء الفهم.

إقرأ أيضاً: 11 طريقة لتحسين التعاون بين أقسام الشركة

3. تحديد الهدف (Goal setting):

"إذا كنت لا تعرف إلى أين أنت ذاهب، فربما ينتهي بك الأمر في مكان آخر" - "لورانس جي بيتر" (Laurence-J-Peter)

من أبجديات العمل الجماعي، العمل معاً للوصول إلى خط النهاية. لكن على الفريق ابتداءً أن يكون متفقاً على ماهية خط النهاية؛ فبينما يعتقد القادة بأنَّ الأهداف واضحة ومقبولة على نطاق واسع، فقد يختلف أعضاء الفريق في ذلك اختلافاً بيِّناً. ففي دراسة قامت بها الشركة العالمية (IBM)، اعترف 72% من الموظفين بأنَّهم لا يفهمون استراتيجية شركتهم فهماً كاملاً.

لذا، من أجل جني فوائد العمل الجماعي الفعَّال، وفضلاً عن شرح أهداف الفريق والشركة، يحتاج القادة أيضاً إلى إشراك الموظفين بفاعلية في عملية تحديد تلك الأهداف؛ وذلك حتى يتمكَّنوا من تولِّي مسؤولية نتائجها.

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على تحديد الأهداف؟

  • عقد اجتماعات دورية مع أعضاء الفريق من أجل الاتفاق على الأهداف والنتائج المرجوة، فضلاً عن توضيح الغايات والفوائد، والوصول إلى قناعة داخلية في الفريق بجدوى الأهداف وقيمتها الفعلية.
  • استعمال إطار عمل محدد لتحديد الأهداف، مثل: الأهداف والنتائج الرئيسة (OKRs)، أو الأهداف والإشارات والمقاييس (TSM)، وذلك حتى يفهم الجميع ما الذي يجب العمل على تحقيقه، وكيف ستعرف عندما تصل إليه.
  • نشر أهداف الفريق في منصة مركزية سهلة الوصول والاستعمال حتى يتمكن كل فرد في الفريق من الرجوع إليها عند الحاجة.

4. اتخاذ القرار:

"بمجرد اتخاذ قرار، يتآمر الكون لتحقيق ذلك" - "رالف والدو إيمرسون" (Ralph-Waldo-Emerson).

يكون العمل الجماعي محبَطاً وقد يُصاب بالشلل، عندما يتوقف على اتخاذ قرار في الفريق؛ فمع وجود العديد من وجهات النظر التي يجب الإنصات إليها وإدارتها بحكمة، يمكن أن يكون الوصول إلى توافق في الآراء بطيئاً. هذا هو سبب أهمية مهارات اتخاذ القرار في بيئة الفريق، خاصة في الثقافات التعاونية؛ فلا يكون المدير دائماً صاحب الكلمة الأخيرة؛ وإنَّما يعطي الفرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر بشيء من الديمقراطية.

لإنجاز أفضل أعمالهم، يجب أن يكون أعضاء الفريق قادرين على الاستماع للآراء والاقتراحات الأخرى بذهن متفتح، على أن يجتمعوا بعد ذلك معاً لاختيار أفضل طريقة للمضي قدماً.

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على اتخاذ القرارات؟

  • في بعض الأحيان، لا يتمكن الفريق من الوصول إلى توافق حول قرار معيَّن، وهنا تُطرَح مجموعة من التساؤلات؛ مَن له الكلمة الأخيرة في اتخاذ القرار؟ ومَن له الحق في إبداء الرأي أو تقديم المشورة، وإن لم يكن بالضرورة صانع قرار؟ وما هي المرجعية المناسبة في اتخاذ قرار موضع النقاش؟ إن لم تكن هذه الأدوار واضحة، فيصبح الفريق في حيرة من أمره، وتصبح القرارات عسرة الهضم وتخلق المشكلات في الفريق.

يمكن لبعض الأدوات أو النماذج أن تساهم في وضع حلول هيكلية قوية ومستديمة. يمكن الاطلاع على نموذج (RACI) الذي يسهل توزيع الأدوار وتحديد المسؤوليات، ثم بناءً عليه، اتخاذ القرارات بشكل أكثر دقة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون استعمال إطار عمل (DACI) لكي يتمكن الفريق من اتخاذ قرارات جماعية أكثر كفاءة.

  • هل يعاني الفريق من تأخير في اتخاذ القرار؟ ينبغي للقائد تحديد موعد نهائي لاتخاذ القرار؛ إذ يقول علم النفس إنَّه في حين يمكن للمواعيد النهائية أن تكون مرهقة، إلا أنَّها قد تزيد من التركيز، وتشكِّل ضغطاً إيجابياً من أجل اتخاذ القرار.

5. حل المشكلات (Problem Solving):

"إذا كانت لديَّ ساعة لحل مشكلة ما، فكنت سأقضي 55 دقيقة أفكر في المشكلة و5 دقائق أفكر في الحلول" - "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein).

تُعَدُّ المشكلات جزءاً أصيلاً من عمل أيِّ فريق، وغيابها قد يكون مؤشراً غير جيد على أداء الفريق. فمن مشروع يبتعد عن مساره المرسوم إلى نزاع بين اثنين من الزملاء، لا بُدَّ أن يُواجَه أيُّ فريق بنصيبه العادل من العقبات والمشكلات. وفي تلك الأوقات المتأزمة، إنَّ مهارات الفريق في حل المشكلات هي مَا ستقوده إلى الخروج من المآزق.

لا يقتصر حل المشكلات على إسعافات أولية أو تحديد حل سريع؛ إذ يمكن أن تكون بعض العقبات معقدة بشكل مخادع. لمعالجة المشكلات ومنعها، يحتاج أعضاء الفريق إلى بدء الغوص في أعماق المشكلات، وفهم جميع العوامل المؤثرة. (يمكن الرجوع إلى مقالنا بهذا الصدد).

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على حل المشكلات؟

  • استعمال "إطار حل المشكلات" (problem framing) لفهمٍ أعمق للمشكلات؛ وذلك من خلال طرح الأسئلة الرئيسة حول المشكلة، التي تتضمن: من؟، وماذا؟، ولماذا؟، وأين؟ قبل القفز إلى الحلول.
  • استعمال تقنيات الوصول إلى جذور المشكلات، التي تساعد الفريق على الكشف عن الأسباب الجذرية للمشكلة، بدلاً من العمل بناءً على الافتراضات والأعراض الظاهرية. (يمكن الرجوع إلى مقالنا في هذا الصدد).
  • غالباً لا يكون الحل المحتمل الأول لمشكلة ما هو الحل الأفضل دائماً، وهذه إحدى الفوائد العديدة للفريق؛إذ يتمتع كل فرد بإمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأفكار والخبرات للعثور على الحل الأنسب. تساعد المناقشات والسجلات الحادثة في فريق العمل في الحصول على أفكار وحلول متنوعة وصادقة من بعضهم بعضاً، بطريقة تبدو منظَّمة ويمكن الوصول إليها.
إقرأ أيضاً: كيف ينجح القائد في حل المشكلات؟

6. الذكاء العاطفي (Emotional intelligence -EQ):

"يمكن للعواطف أن تعترض طريقك أو تقودك إلى الطريق" - "مافيس مظهر" (Mavis Mazhura).

يُعرَف الذكاء العاطفي بأنَّه قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه والآخرين، بينما يضيف "ستيفن هيين" بأنَّ الذكاء العاطفي هو: "قدرة الإنسان على التعامل مع عواطفه؛ بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه ولمن حوله".

لا يمكن لأعضاء الفريق التحقق من مشاعرهم والتعامل معها وهم في "منطقة الأمان" (Comfort Zone)؛ ذلك لأنَّ قدراتنا على إدارة العواطف حينها تكون قوية. يظهر الذكاء العاطفي وأهميته بوضوح في معترك حياتنا العملية، فهي تظهِر تحيُّزاتنا وتؤثر في إدراكنا وكيفية ارتباطنا ببعضنا بعضاً.

يظهِر بحث بعنوان "تأثير الذكاء العاطفي للفريق في عمليات الفريق وفاعليته" (The effect of team emotional intelligence on team process and effectiveness) أنَّ الذكاء العاطفي للفريق له تأثير كبير في الفاعلية، فضلاً عن مدى الصراع الذي تتعرض له المجموعة.

شاهد: ما العلاقة بين الذكاء العاطفي والقيادة؟

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على أن يكون ذكياً عاطفياً؟

  • بصفتك قائداً، فإنَّ أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها، هو نمذجة السلوكات المناسبة وتأدية دور القدوة في معالجة التحديات وحتى التغييرات التي تبدو صغرى، مثل التعامل بذكاء عاطفي في مواجهة انتقادات العملاء، أو سؤال أحد أعضاء الفريق عن مدى استعداده لتلقِّي التوجيهات والملاحظات بصدر رحب. هذه الممارسات سواء كانت سهلة أم معمَّقة، تظهِر لفريق العمل كيف يؤثر الذكاء العاطفي في نجاحهم.
  • لا يستطيع الناس دائماً التحكم في عواطفهم، لكن يمكنهم التحكم في ردود أفعالهم وسلوكاتهم. لسوء الحظ، يمكن بسهولة الخلط بين العاطفة والشخصية؛ إذ إنَّ الفصل بين المشاعر والذات ضروري من أجل إيجاد مسافة بين ما أشعر به وبين شخصيتي. فعندما يتحدث أحد أعضاء الفريق بالآتي: "أنا قلق بشأن الموعد النهائي لتسليم المشروع"، فإنَّه يربط القلق بشخصيته، بينما العبارة المناسبة هنا: "أنا أشعر بالقلق بشأن الموعد النهائي لتسليم المشروع". يبدو التغيير سهلاً، لكنَّه هام في كيفية وصول الرسالة.
إقرأ أيضاً: أهمية الذكاء العاطفي في القيادة

7. عقلية النمو (Growth mindset):

"النجاح هو القدرة على الانتقال من فشل إلى آخر من دون فقدان الحماسة" - "وينستون تشرتشل" (Winston Churchill).

تنفق المؤسسات في العالم نحو 356 مليار دولار من أجل تطوير القدرات العقلية للوصول إلى عقلية القيادة العظمى. بينما للأسف، 75% من المؤسسات ترى عدم وجود فاعلية كبرى من هذه البرامج؛ ويرجع ذلك في أحد أسبابه إلى العقلية الثابتة. ما ينطبق على القادة ينطبق أيضاً على الفِرق؛ إذ إنَّها لا تتعامل دائماً مع البحار الهادئة، وعقلية النمو هي التي تساعدهم في التغلب على العقبات وإيجاد الحلول الإبداعية.

لتوضيح ذلك بسهولة، ترى عقلية النمو المشكلات على أنَّها فرص للتفكير والتعلُّم والتحسين. تساعد عقلية النمو الفريق على استعمال الخبرات السابقة لتحقيق تعاون أفضل؛ وهذا يعني أيضاً أنَّهم لن يشعروا بالخوف من الإخفاقات أو الانتقادات.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتنمية عقلية النمو لتطوير الذات

كيف يمكن للقادة مساعدة الفريق على تنمية عقلية النمو؟

  • التعليم المستمر وإيجاد بيئة عمل تشجع التعليم والتدريب، كون ذلكأحد أهم مفاتيح تنمية عقلية النمو؛ فمن المرجح أنَّه عندما تكون المنظمة "متعلمة"، فإنَّ ذلك يحفز لدى أعضائها الرغبة في التعلُّم المستمر.
  • المراجعة الدورية للنتائج والاستحقاقات في نهاية كل مرحلة من مراحل المشروع؛إذتمكِّن هذه الممارسة المنتظمة الفريق من مناقشة النجاحات والإخفاقات في المشروع، وكيفية استعمال هذه المعلومات للمضي قدماً في تطوير الأداء.
  • إعطاء أهمية للتقييمات المنتظمة والمتكررة لجميع أعضاء الفريق (لا ينبغي الانتظار حتى نهاية السنة أو نهاية المشروع)؛ إذ تساعد هذه المحادثات الصريحة على فهم كيف يمكن لأعضاء الفريق تحسين أنفسهم، الذي بدوره يساعدهم على تحسين الفريق بأكمله.

في الختام

حقيقةً، إنَّ المهارات التي نبحث عنها في فريق العمل كثيرة ومتنوعة، وقد لا يمثل ما اخترناه في هذه المقالة كل ما يطمح إليه القادة؛ ولكن إيماننا بأنَّنا بشر ولدينا نواقص بحكم بشريتنا، يجعلنا نبحث عن الممكن وليس عن المستحيل.

ونصيحة للقائد: تذكَّر أنَّك عندما تعمل مع فريق رائع، ستشعر بكل يوم وكأنَّه مغامرة ممتعة وشائقة؛ وعلى النقيض، مع وجود فريق سيِّئ، يمكن أن يتحول العمل إلى زنزانة. لا يؤثر اختيار أعضاء الفريق المناسبين في جو العمل فحسب؛ بل يؤثر تأثيراً كبيراً في إنتاجية الأعضاء، التي تحدد ربحية الشركة على الأمد الطويل.

لذا ينبغي اختيار أعضاء الفريق بعناية؛ فتأكد من فحص السمات الشخصية وكذلك المهارات الناعمة بحكمة وكثير من الذكاء والروية.

المراجع: 5 1 2 3 4




مقالات مرتبطة