منهج "إي إس إم" (ESM) لتحديد الأهداف

استغرق الأمر منِّي سنواتٍ للعثور على طريقة فريدة وسهلة وقابلة للتنفيذ لتحديد الأهداف؛ ووجدتها أخيراً، وساعدتني هذه الطريقة على رسم وتحديد وتحقيق أهدافٍ لا حصر لها في حياتي، وهذا ما دفعني إلى مشاركتها، وتُسمى هذه الطريقة منهج "إي إس إم" (ESM) لتحديد الأهداف، وهي وسيلة سهلة للغاية، وكنت قد اكتشفتها أول مرة عندما كنت أكتب كتابي: "مبدأ الإيمان" (The Belief Principle).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن والكاتب "ستيفن أتشيسون" (Steven Aitchison)، يُحدِّثنا فيه عن أنواع الأهداف التي يرسمها الناس، ونصيحته لتطبيق الأهداف من واقع تجاربه.

سأبدأ بتعريفٍ سريعٍ للمنهج هذا، يليه شرحٌ للنظرية، ثم بعض الأمثلة لتوضيح آلية عمله بصورة أفضل.

منهج "إي إس إم" (ESM) لتحديد الأهداف:

كلمة "إي إس إم" (ESM)، هي اختصار جمعت أحرفه في اللغة الإنجليزية أوائل الكلمات الآتية: الهدف "السهل" (Easy)، و"الأكثر تحدياً" (Stretch) و"بعيد المنال" (Moonshot)؛ فعندما تحدد هدفاً في حياتك، أنشِئ ثلاث نسخ مختلفة منه، على أن تكون النسخة الأولى للهدف سهلة في الغالب، والنسخة الثانية منه أكثر صعوبة لكن يمكن تحقيقها بالعمل الجاد، والنسخة الأخيرة بعيدة المنال وصعبة التحقيق.

لنأخذ مثالاً عن ذلك: إن أراد المرء خسارة الوزن، وقرر البدء للوصول إلى صحة جيدة، فما سيفعله معظم الناس هو حساب وزنهم الزائد، ثم وضع هدف على أساس ذلك.

أمَّا طريقة "إي إس إم"، فتعمل على تعيين ثلاثة أهداف تدريجية لخسارة الوزن: هدف سهل، وهدف أصعب، وهدف بعيد المنال، فإن كان مقدار الوزن الزائد 13 كيلوغراماً على سبيل المثال:

  1. الهدف السهل: خسارة 3 كيلوغرام في الشهر.
  2. الهدف الأصعب: خسارة 6 كيلوغرام في الشهر.
  3. الهدف بعيد المنال: خسارة 13 كيلوغراماً في الشهر.

سيختار معظم الناس تلقائياً الهدف السهل، مثل فقدان 3 كيلوغرام بعيداً عن استخدام طريقة "إي إس إم"، لكنَّ المشكلة أنَّنا نتخلى عن الأمر بسرعة أكبر عند العمل على هدفٍ سهل؛ وذلك لأنَّنا نعتقد أنَّنا متأكدون من سهولة تحقيقه في أيِّ وقتٍ نريد، ومن ثمَّ، فلن نلقي للأمر بالاً كما لو اخترنا الهدف الأصعب أو بعيد المنال.

فحينما تحدد هدفاً أصعب، ويتطلب مجهوداً أكبر، ستستعد له أكثر في الغالب؛ كأن تفكر مثلاً في الشهر الذي ستبدأ فيه، وما إذا كانت تُوجد فيه عطل مدرسية للأطفال أو عطلة طويلة لك، وما إذا كان لديك سفر للعمل، وغير ذلك؛ لذا ستختار شهراً تكون فيه مشغولاً بالعمل، ويكون الأطفال في المدرسة، وينشغل عقلك بأمور أخرى عموماً؛ الأمر الذي يمنحك فرصة أفضل للتمسك بهدفك.

إقرأ أيضاً: كيف تحدد الأهداف وتحققها بنجاح؟

غاية تحديد هدف بعيد المنال:

يُعَدُّ الهدف الأساسي من تحديد هدف بعيد المنال هو توسيع آفاق العقل، فتخيَّل مثلاً لو سألتك، كم مقدار المال الإضافي الذي يمكنك كسبه بسهولة في اليوم الواحد؟ ستبدأ بالتفكير في أنَّ مكسب الشخص العادي هو نحو 100 دولار يومياً؛ لذلك، قد تقول إنَّك قادر على كسب 10 دولارات إضافية في اليوم بسهولة؛ أي ما يعادل 70 دولار في الأسبوع و280 دولار شهرياً.

وإذا طلبت منك أن تعطيني هدفاً سهلاً، وهدفاً أكثر صعوبة، وهدفاً بعيد المنال يستلزم قفزة نوعية، فقد تقول:

  • 10 دولارات إضافية في اليوم هدف سهل تحقيقه.
  • 50 دولاراً إضافياً في اليوم هدف أكثر صعوبة.
  • 100 دولار إضافي في اليوم هدف بعيد المنال.

مع ذلك، لو طلبت منك التفكير في طرائق لكسب 100 دولار إضافي في اليوم، وهو هدف بعيد المنال، فسيعمل عقلك بأقصى إمكاناته لإيجاد وسيلة لتحقيق ذلك؛ فقد تفكر في عرض غرفة في منزلك للإيجار، أو بيع بعض المنتجات على منصات التواصل الاجتماعي، أو الحصول على وظيفة إضافية بدوام جزئي، أو تأجير سيارتك، أو تعليم أيِّ مهارة تمتلكها، أو بيع الخدمات على منصات العمل الحر مثل "خمسات"، أو بدء الكتابة في مدونة، وما إلى ذلك.

الفكرة، أنَّك وظَّفت أقصى قدرات عقلك للتفكير في حل واقعي لهدفك بعيد المنال، فأصبح تحقيق التصورات أمراً سهلاً، وبات الوصول إلى هدفك السهل أكثر سهولة من أيِّ وقت مضى؛ فإن أمعنت النظر فيما تقوم به حالياً، فأنت تفتح أبواب عقلك للإبداع والإنجاز من البداية.

افتح أبواب الإبداع في عقلك:

جُبلنا على التفكير في المسارات الأقل وعورةٍ ومقاومةٍ عندما نحدد الأهداف؛ وهذا يعني أنَّنا نميل إلى تبسيط أهدافنا، لكن عندما تدفع عقلك نحو هدف أعلى بكثير ممَّا تتوقع بلوغه، فأنت عملياً تفتح آفاق عقلك لقبول احتمالاتٍ جديدة كانت ستبدو مستحيلة لو بقيت على الهدف السهل.

ما يحدث عندما تمنح نفسك تحدي بلوغ هدف أعلى، هو أنَّك تدفع عقلك إلى إيجاد الحل على الفور؛ إذ إنَّك تفكر ملياً في كيفية تحقيق الأمر، بينما يأتيك العقل الباطن بالحلول المبتكرة من إمكاناته الخفية.

إليك مثالاً آخر:

لنفترض أنَّ هدفك السنوي هو تأليف كتاب من نحو 100,000 كلمة.

فأنت تضع ثلاثة أهداف تدريجية:

  1. تأليف الكتاب في غضون سنة (الهدف السهل).
  2. تأليف الكتاب خلال 6 أشهر (الهدف الأصعب).
  3. تأليف الكتاب خلال 3 أشهر (الهدف بعيد المنال).

يعتمد الأمر برمَّته على تخطيط العقل لإتمام المهمة؛ فعندما تبدأ بفكرة تأليف الكتاب خلال سنة، فسيفهم العقل على الفور أنَّه غير ملزم بالعمل الآن؛ لأنَّ لديه سنة كاملة لإكمال المهمة، وبحسب عقلك، سيجري الأمر على النحو الآتي:

"حسناً، سنكتب نحو 300 كلمة في اليوم الواحد؛ أي نحو 20 دقيقة يومياً، فالأمر سهل جداً، ولن أستغرق وقتاً طويلاً"، أمَّا إن بدأت بالهدف بعيد المنال، فسيدرك عقلك اللاواعي أنَّ لديه معضلةً عليه حلُّها قبل نفاد الوقت.

فنبدأ بالتفكير:

  1. كيف سأكتب كتاباً خلال 3 أشهر؟
  2. كيف أخصص مزيداً من الوقت للكتابة؟
  3. كيف أؤلف حبكة الكتاب بشكل سريع؟
  4. كيف سأكتب بسرعة؟
  5. هل أخصص ساعة قبل وقت استيقاظي المعتاد للكتابة؟
  6. كيف سألتزم بالأمر؟

نلاحظ هنا قدرة العقل على حل عدة مشكلات، بدءاً بالخطوات الأولى لأيِّ تحدٍّ، وحتى البحث عن الإمكانات والحلول المبتكرة للمسائل الطارئة.

شاهد بالفديو: كيف تحدد أهدافك وتنجزها دون توتر؟

في الختام:

فكِّر في هدفين تود تحقيقهما خلال العام، وارسم أهدافك عبر تقسيمها إلى ثلاث مراحل تدريجية وفق طريقة "إي إس إم"، وابدأ بهدف بعيد المنال لتتحدى عقلك لإنجاز أكبر قدر، ثم انتقل إلى الأسهل، وستجد أنَّك منفتحٌ ومتقبلٌ للأفكار المستحيلة، وستؤمن بقدرتك على تحقيق هدفك، خصوصاً بعد أن تستخدم جميع إمكانات عقلك الخفية.

المصدر




مقالات مرتبطة