فالإنسان الصائم في هذه الحالة هو الذي يحاسب نفسه ويراجع ذاته بذاته فيصبح هو الناقد والممحص والرقيب.
ونستطيع القول بأن شهر رمضان هو شهر الإخلاص في العبادة والطاعة الخالصة لله تبارك وتعالى لما فيه من تبدل للأحوال وتغير للأوضاع فمن حرية وانطلاق لرغبات الجسد إلى تقييد وحرمان وكبح جماح الشهوات من إمتلاء وشبع إلى خلاء وجوع ومن إرتواء إلى ظمأ ومن غفلة تطول إلى شهور إلى إنكباب على كتاب الله وقرآنه العظيم. ومما يدل على أن الصوم قانون ينبع سلطانه من النفس الإنسانية أن الصائم يخلو في مراحل النهار بنفسه وأمامه من الأطعمة ما لذ وطاب وأمامه الشراب وليس هناك من يراقبه أو يرصد تصرفاته .
إن الصائم يصون عبادته بينه وبين نفسه بعيدا عن الفساد أو الضياع لينال بها ثواب الله عزّ وجلّ ولا شك أن هذا الإخلاص الذي تعوده الصائم المؤمن يلقي ضوءه وينعكس أثره الطيب على كل أعماله وأحواله التي يتعرض لها أو ينهض بها فيطبعه الصوم على التقوى ويعوده على الإخلاص في العمل وقوة الإرادة ويطهر حسه ونفسه ويصفي روحه ويزيد عزمه وصبره وجلده في أمور الحياة كما يغرس فيه عادة النظام ويدربه على تحمل المشاق طوعا واختيارا قبل أن يكون قهرا او إرغاما والمجتمع بحاجة إلى أمثال هؤلاء الذين طبع الصوم في نفوسهم التقوى وعودهم الإخلاص لتظل أخلاق رمضان هي الطابع السائد في سلوكهم وتصرفاتهم فينهض مجتمعهم بهم ما اتسموا به من صفات نبيلة وحميدة طبعها الصوم في نفوسهم وميزهم بها عن غيرهم من المرائين من بني البشر.
المصدر: شباب عا نت
أضف تعليقاً