مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي (التعليم, الطب, المحاسبة)

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فقد حوّل الصناعات وأعاد تشكيل الطريقة التي نتعلّم ونعمل ونتواصل بها. فقد دُمج في مختلف المجالات بما فيها قطاع التعليم والطب والمحاسبة، لينعكس بشكل إيجابي عليها لكن لا يخلو الأمر من بعض العيوب. نناقش أدناه مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في كل من مجال التعليم والطب والمحاسبة.



مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في التعليم:

مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في التعليم

يُشكل الذكاء الاصطناعي ثورة في قطاع التعليم عبر تعزيز تجارب التعلم ودعم المعلمين وتقديم فرص تعليمية أكثر تخصيصاً للطلاب. كما أنَّ دمجه في المناهج يضمن جاهزية الطلاب لمستقبلهم الأكاديمي وتنمية القوى العاملة. بحيث يستطيع الذكاء الاصطناعي إحداث تحويل في قطاع التعليم بمختلف المجالات: كالفصول الدراسيّة، التَّعلم الذاتي، والتعلم التكيفي، وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعليم ثنائي اللغة، والألعاب. لكن رغم ذلك لا يخلو الأمر من بعض العيوب.

مميزات الذكاء الاصطناعي في التعليم:

من أبرز مميزات الذكاء الاصطناعي في التعليم:

1. تحليل أنماط التعلم:

يسمح التعلم المخصص بتحليل أنماط التعلم لدى الطلاب وتحديد نقاط القوة والضعف لإنشاء خطط ودروس مخصصة واقتراح الموارد المناسبة لخدمة احتياجاتهم الفردية.

2. تقديم الدعم بشكل مستمر:

يسمح للمدرسين الافتراضيين بتقديم الدعم للطلاب على مدار الساعة، كما يمكن الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة من تحقيق إمكاناتهم بسهولة.

3. كسر حواجز الاتصال:

تكسر أدوات ترجمة اللغات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي حواجز الاتصال، كما تساعد الطلاب والمعلمين من مختلف البلدان على التعاون في المشاريع والتعلم من بعضهم.

4. زيادة المعرفة الرقمية:

تطوير المعرفة الرقمية ومهارات التفكير النقدي وإعداد الطلاب للنجاح الأكاديمي والمهني في المستقبل. فهو يمكّن الطلاب من المشاركة والتفكير في تقنيات الذكاء الاصطناعي بأمان ومسؤولية وأخلاق. كما يشجع على تحليل وتقييم بنية الأسئلة والمعلومات المعقدة وافتراضات الأسئلة والنظر في الآثار الأخلاقية لاستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

5. إحداث تحول في سوق العمل:

إذ يزداد الطلب على المهنيين المهرة في الذكاء الاصطناعي والمجالات ذات الصلة. لذا فإنَّ تعليم الطلاب الذكاء الاصطناعي يساعدهم في تطوير المعرفة والمهارات اللازمة لممارسة وظائف في مجال التكنولوجيا وعلوم البيانات وغيرها، فهو يُعلم الطلاب أساسيات سوق العمل التنافسي والمتطور لتوليد الأفكار والحلول، وتعزيز الإبداع والابتكار.

6. سد فجوات الفرص:

وضمان حصولهم على المهارات والمعرفة اللازمة للمنافسة في القوى العاملة العالمية، وإنشاء مجموعة أكثر تنوعاً من المواهب في الذكاء الاصطناعي والمجالات ذات الصلة. كما يُحسِّن حل المشكلات والإبداع والابتكار في تطوير تقنيات وحلول الذكاء الاصطناعي.

يُمكّن المجتمعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً من الاستفادة من التقنيات لتحقيق المصالح الاجتماعية وإحداث تغيير إيجابي في سياقاتها المحلية والعالمية؛ كما يؤهلهم للمساهمة في صنع السياسات وعمليات صنع القرار، وتشكيل القواعد واللوائح التي تحكم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

عيوب الذكاء الاصطناعي في التعليم:

تتجلى عيوب الذكاء الاصطناعي:

1. أنظمة الذكاء الاصطناعي المتحيزة:

إنَّ تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على البيانات المجمعة من قبل البشر قد يترتب عليه ظهور تحيزات لفئة على حساب قئة أخؤى، على سبيل المثال، إذا تم تصميم تقنية التعرف على الوجه أصلاً باستخدام وجوه بيضاء فقط بسبب تنوع محدود في فريق المطورين، فقد يؤدي ذلك إلى استبعاد وجهات نظر متنوعة في عملية تطوير وتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي، ونتيجة لإدارة أو تضخيم هذه التحيزات القائمة، فإنه من الممكن أن تنتج هذه الأنظمة نتائج غير عادلة ومتحيزة لصالح فئات معينة من الأفراد.

2. توسع فجوة المهارات الأوسع:

فنتيجة تزايد أهمية الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات، فإنَّ زيادة الطلب على المهارات المهنية في استخدام الذكاء الاصطناعي سوف ينمو بشكل كبير، فقد يسبّب استبعاد الطلاب من تعليم الذكاء الاصطناعي في تفاقم فجوة المهارات، وبالتالي يصعب على الشركات والمؤسسات إيجاد المواهب المتنوعة التي يحتاجونها للازدهار في الاقتصاد القائم على الذكاء الاصطناعي.

3. عدم المساواة الاقتصادية:

قد يعاني الطلاب الذين يفتقرون إلى تعليم الذكاء الاصطناعي من صعوبة أكبر في تأمين وظائف جيدة الأجر، إذ يتم تشغيل عدة أدوار تقليدية آلياً أو تحويلها بشكل كبير بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يسبب زيادة حالة عدم المساواة الاقتصادية والحد من الحراك الاجتماعي لمن لا يملك الخبرة الكافية لسوق العمل القائم على الذكاء الاصطناعي.

4. فقدان الإبداع والابتكار:

يؤدي تنوع القوى العاملة في الذكاء الاصطناعي والمجالات ذات الصلة إلى المزيد من الحلول الإبداعية للمشكلات والحلول المبتكرة، إلا أنَّ استبعاد بعض الطلاب من تعليم الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان الرؤى والأفكار القيمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

5. المخاوف الأخلاقية:

فقد يسبّب استبعاد الطلاب من تعلم الذكاء الاصطناعي إلى غياب التنوع في وجهات النظر، بالتِّالي ينتج مشكلات أخلاقية محتملة وعواقب غير مقصودة، كما يترك الطلاب غير مستعدين للتعامل مع المعضلات الأخلاقية.

إقرأ أيضاً: مخاطر الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل

مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في الطب:

مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في الطب

يمكن أن يوفر التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية دعماً قائماً على البيانات للمهنيين والعاملين في المجال الطبي، فباستخدام الخوارزميات والبيانات، يمكن لهذه التقنيات تحديد الأنماط وتقديم رؤى آلية تساعد في التطبيقات الشائعة مثل: مراقبة الصحة، إدارة السجلات الطبية، تصميم العلاج، الاستشارات الرقمية.

مميزات الذكاء الاصطناعي في الطب:

من مميزات الذكاء الاصطناعي في الطب:

1. القدرة على تحليل البيانات وتحسين التشخيص:

بشكل أسرع بكثير من الإنسان، بما يتضمّن الدّراسات السريرية والسجلات الطبيّة والمعلومات الجينيّة التي تساعد المهنيين الطبيين على التشخيص.

2. القيام بالمهام الإدارية والروتينية:

كالاحتفاظ بالسجلات وإدخال البيانات وتحليل المسح، مما يساعد على توفير الوقت ويمكّن المهنيين الطبيين من التركيز على رعاية المرضى بشكل أكبر.

3. المراقبة الصحية والاستشارات الرقمية:

فهو يسمح للأشخاص بمراقبة صحتهم، كما يزوّد متخصّصي الرعاية الصحية بالبيانات الأساسية.

عيوب الذكاء الاصطناعي في الطب:

تتجلى عيوب الذكاء الاصطناعي في الطب فيما يلي:

1. مضاعفات التدريب:

إذ تحتاج تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى التدريب بشكل كبير باستخدام مجموعات البيانات المنسقة حتى تتمكن من تقديم الأداء كما هو متوقع.

2. قد يكون التغيير صعباً:

باعتبار قطاع الطب هام جداً لرعاية المرضى، لذا يحتاج المجتمع الطبي إلى دليل أن الذكاء الاصطناعي سيكون فعالاً، مع خطة تُظهر للمستثمرين أنه يستحق التكلفة، لذا يحتاج كل شخص يتعامل مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى فهم هذه التكنولوجيا وكيف يمكن أن تساعدهم في المهام اليومية.

إقرأ أيضاً: ما هي الوظائف التي تندرج تحت الذكاء الاصطناعي؟

مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في مجال المحاسبة:

مميزات وعيوب الذكاء الاصطناعي في مجال المحاسبة

مميزات الذكاء الاصطناعي في مجال المحاسبة:

يمتلك الذكاء الاصطناعي في المحاسبة فوائد عديدة وهي:

1. زيادة الكفاءة والدقة:

تفيد عند أتمتة المهام المتكررة والمستهلكة للوقت، كمهمة إدخال البيانات ومعالجة المعاملات، فهي تسمح للمحاسبين بالتركيز على المزيد من الأنشطة الإستراتيجية وذات القيمة المضافة.

2. تحسين تحليل البيانات وإعداد التقارير:

إذ يسمح بإجراء تحليل متطور للبيانات عبر معالجة كميات كبيرة من البيانات المالية وتحديد الأنماط والاتجاهات والحالات الشاذة التي قد يصعب على البشر اكتشافها.

3. توفير التكاليف:

يحقق وفورات كبيرة في التكاليف للشركات عبر أتمتة المهام الروتينية وتبسيط العمليات، كما يقلل العمل الإضافي عند زيادة حجم البيانات، واحتمالية حدوث أخطاء وإعادة العمل، وبالتالي يقّلل التكاليف التشغيلية المتعلّقة بالوظائف المحاسبية.

4. رؤى مالية في الوقت الفعلي:

يستطيع معالجة البيانات المالية مباشرة، مما يسمح للشركات بالوصول إلى أحدث المعلومات والرؤى، وبالتالي يسمح باتخاذ القرار في الوقت المناسب، والاستجابة لظروف السوق المتغيرة أو احتياجات العمل بسرعة.

5. تحسين الامتثال وإدارة المخاطر:

تتغير المعايير المحاسبية واللوائح الضريبية ومتطلبات إعداد التقارير المالية باستمرار، عبر أتمتة عمليات التحقق من الامتثال، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف الأخطاء أو التناقضات أو المخاطر المحتملة، بالتالي تقلّ احتمالية عدم الامتثال وتخفيف المخاطر المالية والمخاطر المتعلقة بالسمعة بالنسبة للشركات.

عيوب الذكاء الاصطناعي في المحاسبة:

1. تكلفة التنفيذ:

إذ يحتاج مهندسو الكمبيوتر المتخصصون إلى برمجة الأنظمة وتكوينها مع رسوم ترخيص كبيرة، إضافة إلى الكلفة الأولية للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات مثل: الأجهزة، البرامج، التدريب الفني اللازم للموظفين قبل استخدام التطبيقات، إضافة إلى رسوم الصيانة المستمرة أو الاشتراكات لضمان حسن سير العمل مع الوقت.

2. قضايا الدقة:

قد تسبب مشكلات تتعلق بالدقة وسلامة البيانات، فخوارزميات الذكاء الاصطناعي تكون دقيقة بقدر دقة البيانات المدخلة، فلو كانت البيانات غير صحيحة أو غير متوازنة أو غير متسقة، قد يؤثّر ذلك على جودة المعلومات المعالجة، كما قد يسبب حدوث أخطاء في التقارير والبيانات المالية لم يتم تحديدها بشكل صحيح إلا بعد فوات الأوان إلى إجراء تصحيحات.

كما لا يوجد ضمانات بشأن دقة التنبؤات من نماذج التعلم الآلي بسبب التقلبات في ظروف السوق مما يجعل التفسير صعباً بالنسبة للمحاسبين الذين يفتقرون إلى الخبرة في التحليلات، بالإضافة إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بقابلية التوسع مع سجلات العملاء المتعددة التي تحتاج إلى التحقق من الدقة يدوياً مقابل أتمتة العمليات باستخدام خوارزمية الكمبيوتر، فستكون هناك حاجة دائماً إلى بعض الإشراف البشري وبالتالي زيادة التكاليف العامة المرتبطة باستخدام برامج المحاسبة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي.

3. استبدال العمالة البشرية بالذكاء الاصطناعي:

إذ يمكن الوصول إلى البيانات ومعالجتها وتحليلها بسرعة ودقة أكبر من البشر، مما يجعلها قوية في القطاع المالي، ولكن ذلك يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوظائف، مما يعزز التفاوت الاجتماعي ويثير قضايا أخلاقية وتحديات في التكامل مع المهارات البشرية.

4. احتمالية التمييز:

فهو يستخدم خوارزميات معقدة قد تحتوي تحيزات مخفية قد تسبب تكرار غير عادل للتحيز البشري عند تطبيقها على القرارات والوظائف في مجال المحاسبة، كما قد تتسبّب اتخاذ قرارات بالاعتماد على آراء نمطية أو الميل إلى عدم مكافأة مجموعات معينة بسبب التحيز والمعتقدات الشخصية، وبالتالي قد تنتهك القوانين واللوائح الحالية لمكافحة التمييز، كما تقوض الممارسات التجارية العادلة على المستوى الدولي.

5. خصوصية البيانات والمخاوف الأمنية:

تحتاج هذه التقنيات المتقدمة الوصول إلى كميات كبيرة من المعلومات الحساسة، مما يخلق فرصاً لاختراق البيانات وسرقة الهوية والأنشطة الضارة الأخرى، كما تسبّب نقص الشفافية في العملية نتيجة استخدام الخوارزميات المعقدة بدل القواعد والمبادئ التوجيهية التقليدية التي قد يصعب على المدققين البشريين فهمها أو التحقق منها.

6. نقص الوعي التنظيمي:

خلق التعقيد المتزايد للذكاء الاصطناعي في صناعة المحاسبة فجوة بين التكنولوجيا والتقنيات والأطر التنظيمية، بالتالي سبب الافتقار إلى الوعي التنظيمي إلى مخاطر امتثال معينة للمؤسسات عند التعامل مع تطبيقات المحاسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

فنتيجة عدم وجود فهم كافٍ حول اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عدة بلدان، قد تستمر الأخطاء في الحدوث فيحدث تداعيات قانونية أو خسائر مالية، كما ينشأ عدم التوافق بين السياسات الداخلية للمؤسسة بشأن التعامل مع البيانات التي تحددها الجهات التنظيمية نتيجة عدم وجود المعرفة الكافية حول الإجراءات الصحيحة المتعلقة بأدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في عملياتهم اليومية.

7. فجوة مهارات الذكاء الاصطناعي:

يحتاج المستخدمين إلى مهارات تقنية محددة قد يصعب تعلمها وإتقانها؛ كما أن التطور المستمر في الذكاء الاصطناعي وتنفيذه في عدة مجالات جديدة يحتاج خبراء لضمان التنفيذ السليم والحصول على النتائج الناجحة.

في الختام:

يظهر الذكاء الاصطناعي بوضوح كمحرك للتطور في مجالات متعددة من الحياة، بما في ذلك التعليم والطب والمحاسبة، ففي مجال التعليم، يقوم بتحسين عمليات التخصيص وتوفير تجارب تعلم فردية، أما في المجال الطبي، فإنه يساعد في التشخيص الدقيق للأمراض وتطوير علاجات مخصصة وملائمة لها. أما في المحاسبة، فإنه يقدم فعالية أكبر في إدارة البيانات المالية للمؤسسات والشركات وتحليلها.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل التحديات والمخاطر المرتبطة بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ يتعين على المجتمع أن يتعامل بحذر ويتبنى استخدام هذه التقنيات بطريقة تضمن الأمان والخصوصية، وأن يفهم التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على العمل والمجتمع. إنَّ البحث المستمر عن توازن بين الاستفادة من مميزات الذكاء الاصطناعي ومعالجة عيوبه وتحدياته يمثل تحدياً هاماً في سعينا نحو مستقبل أكثر تقدماً واستدامة.




مقالات مرتبطة