ممارسات مدهشة للحصول على نوم أفضل ليلاً

يعاني معظمنا من قلة النوم في هذه الأيام، ووفقاً لـ "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (Centers for Disease Control and Prevention)، فإنَّ نحو 35% من الأمريكيين البالغين يحصلون بانتظام على أقل من سبع ساعات من النوم في الليلة الواحدة، بينما ينام الأمريكيون الأفارقة ومجموعات الأقليات الأخرى أقل من ذلك الوقت



ومع استمرار انتشار جائحة كورونا انتشاراً واسعاً، قد نعاني من مشكلات نوم أكثر من المعتاد؛ إذ إنَّ الشعور بالقلق بشأن صحتنا وسلامتنا وأعمالنا وحالات انقطاع تعليم الأطفال وغير ذلك الكثير، يجعل معظمنا مستيقظاً في الليل؛ وهذا يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والتوتر في اليوم التالي، وقد يؤدي هذا الأمر أيضاً إلى مشكلات خطيرة في الصحة العقلية مثل الاكتئاب وحتى الانتحار.

يُعَدُّ تحسين النوم الصحي علاجاً جيداً، بما في ذلك الذهاب إلى السرير في الوقت نفسه كل ليلة، والحرص على أن تكون غرفتك مظلمةً وهادئةً وقت النوم، والكف عن تناول الكافيين في فترة ما بعد الظهيرة، وإيجاد طقوس مناسبة للنوم (مثل ارتداء ملابس النوم المريحة وقراءة كتاب قبل النوم).

لكن مع ذلك، ما يزال معظم الناس يعانون من مشكلات النوم حتى بعد القيام بهذه الإجراءات، وعلى الرغم من أنَّ اللجوء إلى تناول الحبوب المنومة يمكن أن يكون فعَّالاً، إلا أنَّها قد تسبب الإدمان أيضاً، أو يمكن أن تُحدِثَ اضطراباً في أحلامنا؛ وهذا يؤدي إلى انخفاض جودة النوم.

لحسن الحظ، قد توجد أمور أخرى تستحق المحاولة لمساعدتنا على النوم، والتي لها علاقة بأذهاننا وتفكيرنا أكثر من أجسادنا؛ إذ تشير الأبحاث الحديثة إلى أنَّ معظم ممارسات الصحة والسلامة التي يمكننا القيام بها لنكون أكثر سعادةً لها تأثير إيجابي في النوم. نقدم لك فيما يأتي بعض هذه الممارسات:

1- تأمُّل اليقظة الذهنية:

استنتج تحليل أُجرِي مؤخراً للعديد من الدراسات عالية الجودة (تجارب عشوائية)، أنَّ برامج تأمُّل اليقظة الذهنية تساعد الأشخاص على النوم بسهولة أكبر وتجربة النوم الجيد عموماً.

وقد ذكرت إحدى الدراسات التي أُجرِيَت في "ووهان" (Wuhan)، "الصين" (China)، مدى فائدة اليقظة الذهنية للنوم الجيد في أثناء جائحة "كوفيد-19" (COVID-19). في الدراسة، أمضى الأشخاص نحو 10 أيام في استعمال تطبيق إمِّا أن يوجههم من خلال تأمُّل اليقظة الذهنية، أو يُحفِّزهم على الشرود الذهني (الانتباه غير المركَّز)، ثم ذكروا مدى وعيهم ومقدار النوم الذي حصلوا عليه في اليوم التالي.

بعد مراعاة العوامل الأخرى التي تؤثر في النوم (مثل كمية الكافيين التي يشربها الناس أو أعمارهم أو مستويات القلق لديهم)، حلَّل الباحثون مدة نوم الناس مع انتشار الفيروس وكثرة الوفيات في مجتمعاتهم، وتبيَّن أنَّ الأشخاص الذين مارسوا اليقظة الذهنية وأصبحوا أكثر وعياً، لم يفقدوا الكثير من النوم مثل الأشخاص الآخرين؛ ربما لأنَّ اليقظة الذهنية تحميهم من الشعور بالقلق.

تساعد اليقظة الذهنية الناس على التعرف إلى الأفكار والمشاعر السلبية وتقبُّلها من دون مقاومتها، والحد من تأثيرها، ومنعها من الخروج عن نطاق السيطرة.

إذا لم يسبق لك وأن جربت بالفعل تأمُّل اليقظ الذهنية، فيمكنك العثور على العديد من المصادر عبر الإنترنت لتجربتها، بما في ذلك التطبيقات التي تبدو فعَّالةً إلى حد ما.

إقرأ أيضاً: 3 عادات بسيطة لممارسة تأمل اليقظة الذهنية

2- التعاطف الذاتي:

يُعَدُّ التعاطف مع الذات أمراً يمكن أن نستعمله جميعاً في الوقت الحالي، لا سيَّما وأنَّ حالات الإغلاق وحظر التجول تزداد، ونجد أنفسنا نشعر بالتعب وعدم السعادة وعدم الإنتاجية أكثر من المعتاد، وقد يؤدي انتقادنا أنفسنا بسبب الأخطاء والعيوب المتصورة إلى زيادة الاكتئاب الذي يشعر به معظمنا بالفعل.

يساعدنا التعاطف الذاتي على أن نكون أكثر لطفاً مع أنفسنا بينما نواجه بعض التقلبات في الحياة؛ إذ إنَّه وفقاً للباحثة "كريستين نيف" (Kristin Neff): "يرتبط التعاطف مع الذات بالاهتمام بتجاربنا الداخلية والخارجية (اليقظة الذهنية)، وإدراك متى نعاني، وإرسال رسائل لطيفة إلى أنفسنا، مع مراعاة إنسانيتنا المشتركة وأنَّنا لسنا وحدنا من لديه عيوب أو معاناة".

وجدت إحدى الدراسات أنَّ الأشخاص المتعاطفين مع أنفسهم يتمتعون بنوم جيد، ويواجهون مشكلات أقل في النوم بعد يوم مرهق، وفي تلك الدراسة، تبيَّن أنَّ الأشخاص الذين كانوا متعاطفين مع أنفسهم يتمتعون بمزاج جيد ويشعرون بمزيد من اليقظة عند الاستيقاظ مقارنةً بالأشخاص الذين لديهم القليل من التعاطف مع الذات.

يمكن تعزيز التعاطف مع الذات من خلال الممارسة، وهذا الأمر يحسِّن النوم أيضاً، وفي إحدى الدراسات، طُلِبَ من المشاركين التفكير في الأخطاء الشخصية التي ارتكبوها قبل الذهاب إلى النوم، وكُلِّفوا بممارسة تأمُّل التعاطف مع الذات، أو تمرين كتابة التعاطف مع الذات، واستناداً إلى ما ذكروه في صباح اليوم التالي، تبينَّ أنَّ الأشخاص الذين مارسوا تمرين التعاطف مع الذات ناموا نوماً أفضل وفكروا في أخطائهم بدرجة أقل من الأشخاص الذين لم يحاولوا التعاطف مع الذات.

حتى إنَّ هذه الممارسات ساعدت الأشخاص الذين بدؤوا التجربة وهم يعانون من الاكتئاب، وهو أمر من الجيد أن نعرفه بالنظر إلى ازدياد عدد الأفراد الذين يجترون أفكارهم السلبية هذه الأيام.

وقد وجد بحث جديد يحلِّل نتائج العديد من الدراسات، أنَّه يوجد ارتباط وثيق بين التعاطف الذاتي ونوعية النوم المبلغ عنها ذاتياً، وعلى الرغم من إمكانية إجراء دراسات أكثر دقةً لتأكيد ذلك، يمكننا دائماً الاستفادة من بعض الممارسات مثل كتابة رسالة تعاطف مع الذات لأنفسنا، أو أخذ استراحة للتعاطف مع الذات.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتحقيق النجاح عن طريق تعزيز التعاطف مع الذات

3- الامتنان:

يُعَدُّ الشعور بالامتنان وسيلة جيدة للشعور بالسعادة وتعزيز علاقاتنا، كما أنَّه يساعد على النوم أيضاً.

في إحدى الدراسات، اختيرت 119 شابةً بصورة عشوائية للكتابة عن الأشخاص والأمور التي كنَّ ممتنين لها كل يوم، أو الأمور التي تحدث معهن كل يوم، أو لا شيء على الإطلاق، وبعد أسبوعين، تحسنت جودة نوم الشابات بصورة ملحوظة في مجموعة الامتنان، وقد ساعد ذلك على تحسين صحتهن وتفاؤلهن وخفض ضغط الدم أيضاً.

وفي مراجعة أُجرِيَت مؤخراً لتمرينات الامتنان وتأثيرها في الصحة البدنية، وجد الباحثون أنَّ أحد أقوى تأثيرات الامتنان كان في جودة النوم.

أحد أسباب تأثير الامتنان في النوم هو أنَّ العقلية الممتنة تساعدنا على تبنِّي أفكار أكثر إيجابيةً، والتخلي عن الأفكار السلبية قبل الذهاب إلى النوم؛ وهذا يعني قدرتنا على النوم بسرعة.

لتجربة ممارسات الامتنان بنفسك، يمكنك الاحتفاظ بمذكرة تسجل فيها الأمور التي تشعر بالامتنان تجاهها، أو كتابة رسالة امتنان.

شاهد أيضاً: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

4- التسامح:

بالنسبة إلى بعض الناس، قد تكون مسامحة الآخرين أمراً صعباً، لا سيَّما إذا كنت تعتقد أنَّ مسامحة شخص ما تعني تبرئته أو تأييد سلوكه الشنيع؛ لكنَّ الأشخاص الذين يفكرون في التسامح لا يعدون هذا الأمر يتعلق بالضرورة بمعالجة العلاقات بين الناس؛ ولكنَّه هام غالباً لأنفسنا؛ وهذا يساعدنا على التخلي عن الضغائن التي تضعف صحتنا الشخصية.

إذا كان الأمر الذي يجعلك مستيقظاً طوال الليل هو الشعور بالحقد، سواءَّ كان ذلك بسبب الجائحة أم لا، فقد يكون من المفيد التفكير في ممارسة التسامح.

وعلى الرغم من وجود القليل من الأبحاث (أو عدم وجودها أبداً) حول طريقة تأثير التسامح في النوم بصورة مباشرة، إلا أنَّه توجد دراسة واحدة أكدت أنَّ الأشخاص المتسامحين كانوا أكثر قدرةً على النوم بصورة أفضل من غيرهم.

بالإضافة إلى ذلك، تبيَّن أنَّ الأشخاص الذين كانوا أكثر تسامحاً مع أنفسهم في الدراسة ينامون جيداً؛ لأنَّهم كانوا قادرين على التغاضي عن الأخطاء التي ارتكبوها بسهولة أكبر.

يمكن أن تجعلنا مسامحة شخص ما نشعر بالمزيد من السعادة والأمل، والقليل من الاكتئاب والقلق، ونكون أقل عرضةً للتوتر، كما يمكن للتسامح أن يحسِّن علاقاتنا مع الآخرين ولا سيَّما العلاقات المقربة جداً، وهو أمر هام عندما تكون لدى معظمنا قدرة محدودة على التفاعل مع الآخرين في الوقت الحالي، فكلٌّ من هذه الفوائد مرتبطة أيضاً بتحسين جودة النوم، وهذا سبب إضافي لمحاولة ممارسة التسامح.

الأمر الجميل في كل هذه الممارسات المذكورة آنفاً، هو أنَّه يمكن ممارسة واحدة منها أو جميعها، وليس لها آثار جانبية غير مرغوب فيها، كما أنَّ ممارسة مفاتيح السعادة هذه، يمكن أن يكون لها تأثير إضافي مرغوب فيه لمساعدتك على أن تصبح شخصاً أكثر سعادةً وصحةً، وهذا الأمر يمكننا جميعاً أن نشجعه في هذه الأوقات الصعبة.

المصدر




مقالات مرتبطة