ملخص كتاب استراتيجيّة إدارة الأعمال للمؤلف جيرمي كوردي

جيرمي كوردي هو كاتب مستقل واستشاري شهير في مجال إدارة الأعمال، عمل خلال مسيرته المهنيّة في العديد من المؤسسات ودور النشر وكليات إدارة الأعمال والجمعيات المهنيّة في المملكة المتحدة والعالم، ويُعتبر كتاب استراتيجية إدارة الأعمال أحد أشهر وأهم الكتب التي ألّفها، والتي سنسلطُ الضوء على مقتطفاتٍ منها من خلال السطور التاليّة.



أولًا: المؤثرات التجاريّة والثقافيّة والاجتماعيّة

يتغيّر العالم أسرع مما يظنُ معظم الناس، ولكن على نحو أدق وأخفى مما يظنون، وكما يحدث في عمليّة التقدّم في العمر، لا نعرف سرعة ومدى التغيُّر الذي حدث إلّا عندما ننظر إلى الماضي، بل إنّ النظر إلى الماضي نادرًا ما يُعطينا صورة كاملة لما حدث، وعند تقدير حجم التغيُّر الاجتماعي والسلوكي وآثارهما، نجد أن التوجهات الجديدة لا تظهر إلا عندما تدفعها إلى السطح تطورات جديدة في عالم الأعمال، أو ابتكارات تكنولوجية كبرى، أو أحداث سياسية أو اجتماعية، وفهم كيفية نشأة المؤثرات الثقافيّة والاجتماعية ومعرفة مكاننا في الوقت الحالي والمكان الذي سنتوجه إليهِ أمران ضروريان لفهم كيفيّة وضع استراتيجيات العمل، فالمشروعات التجاريّة تتأثّر بسياق اجتماعي وسياسي واقتصادي واسع، وكثيرًا ما يقال بأنّ التغيُّر السريع الإيقاع هو الثابت الوحيد، لكن ما الذي يتحكّم في هذا التغيُّر؟ وما تأثير هذا على استراتيجيات العمل؟ من المُثير للاهتمام أنّ المؤثرات التي توجه المشروعات التجاريّة تستمدّ قوّتها وطاقتها من هذه المصادر القويّة للتغيّر الاجتماعي.

إحدى نتائج هذا التغير أنّ عددًا من الأسس التي تقوم عليها مبادئ عالم الأعمال قد بليت، فالكثير من التوجهات والمعتقدات التي كانت يُنظر إليها على أنّها هامة منذ ثلاثين أو عشرين سنة، فقدت الآن جزءًا من أهميتها إن لم تكن فقدتها تمامًا. وإذا أردنا أن تكون قرارات الأعمال التي نتخذها فعّالة ومؤثرة وسليمة فيجب أن تكون هذهِ القرارات نابعة من نظرة إلى الحاضر والمستقبل المرتقب.

عالم سمته التغير:

يؤمن بيتر دراكر، وهو علامة بارزة في مجال الإدارة بأنّ عالم الأعمال الذي نعرفهُ يتغيُّر تغيرًا جوهريًا، ويُرجّح أنّ هذا التغيُّر سيستمرُ إلى الأبد، وعلى هذا فإنّ الوقوف على كنه هذا التغيُّر وأسبابه ونتائجه أمر لا غنى عنهُ لواضعي الاستراتيجيات.

وهذا التغيُّر السريع يتّسم بثلاثة تناقضات كبرى فيما يتعلق بالقيادة وصنع القرار، وهي:

  • في عالم متقلب سريع التغيُّر على القادة أن يُوفروا الاستقرار والأسس الراسخة، وعليهم أن يضعوا وينشروا مجموعة ثابتة من المبادئ والقيّم حتّى يتعاملوا مع عمليّة التغيّر بنجاح، أي على القادة أن يُثبتوا أقدامهم على أرض صلبة قوامها رؤية محددة قبل أن يضطلعوا بقيادة العاملين في هذا العالم المتغيّر المليئ بالاحتمالات.
  • يحتاج القادة إلى المعلومات حتّى يتمكّنوا من فهم الجوانب المعقدة للبيئة التي يعملون فيها ويضمنوا فعاليّة ما يتّخذونه من إجراءات، والعمل وفقًا لمجموعة ثابتة من المبادئ التي تمكننا من الحصول على الملعلومات المتصلة بالموضوع وترشيحها ثُم اتحاذ إجراء فعّالة بناء عليها.
  • يحتاج القادة إلى اتّباع منهجي استباق الأحداث ورد الفعل، فيتعاملون بنفس الكفاءة مع الأحداث المُخطّط لها مسبقًا والأحداث الطارئة، وهذا التأرجح ليس سهلًا، لذا نجد أنّهُ في كثير جدًا من الأحيان تتبع المؤسسات واحدًا من المنهجين، فهي إمّا أن تعتمد على استراتيجيات وخطط تركز على رؤية بعيدة المدى قد تفسدها الأحداث، أو تواجه الطوارئ وتتفاعل مع الظروف مع وجود أمل ضعيف أو لا أمل على الأطلاق في تحقيق نمو ثابت ودائم. وتحقيق التوازن المثالي بين الأمور التي تبدو متناقضة هو الأهم، ومفتاح فهم وإدارة التناقض هو التوقيت.


اقرأ أيضاً:
55 نصيحة في الإدارة والقيادة الحكيمة


المعرفة مهمة:

أصبحت المعرفة أهم مقومات الحياة الاقتصادية، فهي المكّون الأساسي لما نبيعهُ ونشتريهِ، وهي المادة الخام التي نعملُ بها، فقد أصبح رأس المال الفكري، وليس الموارد الطبيعيّة أو الآلات أو رأس  المال المادي الأصل الذي لا يُمكن الاستغناء عنهُ  من بين أصول المؤسسات.

يقول ستيورات:

يُصبح الذكاء رصيدًا من أرصدة الشركة عندما نخلق من القدرة العقلية المنطلقة بلا ضابط نظامًا نافعًا، فالفكر الموجود في مؤسسة ما لا يُصبح رأسمال فكريًا إلّا عندما نتمكّن من تنظيمهِ وتوظيفهِ في إنجاز شيئ لا يُمكن إنجازهُ إن ظل مبعثرًا كالنقود المبعثرة في بئر مسعود.

ويرى ليف إدفنسون بأنّ رأس المال الفكري ينقسمُ إلى ثلاثة أقسام:

  • رأس المال البشري: وهو ذلك الكامن في رؤوس الموظفين.
  • رأس المال الهيكلي: وهو ذلك الذي يبقى في المؤسسة.
  • رأس مال العملاء: ذلك المستمد من علاقات الشركة بعملائها، وعادةً ما يُعد رأس مال العملاء جزءًا من رأس المال الهيكلي.

الندرة مهمة:

تحتل نظرية العرض والطلب مكان القلب من اقتصاديات السوق، وتحقيق الربح يتطلب الندرة التي زاد الاعتماد في تحقيقها على عنصر تفرد المعرفة وكلّما زاد حجم العرض من سلعة أو خدمة ما انخفض سعرها، لدرجة قد لا تجعل إنتاجها وبيعها مربحًا، وعلى العكس كلّما قل حجم العرض ووقفت حواجز براءات الاختراع أو الخبرة أو غيرها من صور المعرفة عائقًا أمام المنافسة، زادت فرصة أن تحقق السلعة أو الخدمة ربحًا.

ثانيًا: أفكار على أرض الواقع

إنّ مهمة وضع الاستراتيجيات مهمة معقدة، وذلك لأنّ مجموعة التحديات والفرص المطروحة أمام أي مؤسسة تتسمُ بالتعقيد وتتغيّر مع مرور الوقت، على أنّ فهم نظريات الإدارة والقيادات التي ظهرت في الماضي من شأنهِ أن يُساعد صانعي القرار في التغلّب على هذا التعقيد الشديد.

أساليب صنع القرار:

المدير التقليدي هو أقدّم نماذج صانعي القرارات أو واضعي الاستراتيجيات، ويُعد هنري فايول أحد من أرسوا أسس هذا النموذج الذي عُرف بمدرسة الإدارة التقليديّة، وقسّم المهام الإداريّة العامة إلى خمسة أقسام هي:

  • التخطيط: أي التفكير في المستقبل وتحديد أهداف المؤسسة ووضع خطة العمل.
  • التنظيم: ويتضمن تنظيم الموارد اللازمة لتحقيق هذهِ الأهداف، وهيكليّة المؤسسة على نحو يُمكّنها من القيام بعملها.
  • إصدار الأوامر: وذلك لأنّهُ من المهم أن نستغل العاملين الاستغلال الأمثل، فهم غالبًا ما يكونون أعلى عناصر العمل تكلفة.
  • التنسيق: يتضمن توجيه طاقات العاملين، لضمان نجاح العمل.
  • المراقبة: تتضمن التحقق من أنّ كل شيئ يسير وفقًا لما خُطط لهُ وإدخال التعديلات وقت الحاجة.


اقرأ أيضاً:
8 نصائح لاتخاذ قرارات أفضل


التنظيم الذاتي:

في بيئة عمل معقدة سريعة التغير، يكون التفوق من نصيب المؤسسة الذكيّة التي تتكيّف مع رياح التغيير، ولا بُّد لتحقيق هذا أن تتمتّع المؤسسات بالقدرة على تشكيل ملتقيات تعليميّة، أي مجموعات من الناس يعملون معًا من أجل رفع كفاءتهم دون الخضوع لهيكل الإدارة التقليدي الذي يسري من أعلى إلى أسفل، من أجل إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع الفرص التجاريّة، ويُعد الإبداع والتعاون من المهارات التي لا غنى عنها للعمل في البيئات السريعة التغيُّر التي تصعب السيطرة عليها.

تحويل المسار:

يُركّز هذا المنهج على تحويل مجرى أداء المؤسسة المتدهور، ربما بسبب فشل واجههُ واحد من القادة أصحاب الرؤية، ويتّسم هذا المنهج بأنّهُ استبدادي وصارم وسريع، وأنّهُ كثيرًا ما يكون مرتبطًا بسياق محدد، وفي جميع الأحوال يكون الهدف من هذا المنهج إدارة المؤسسات وقت الأزمات.

ومن المهم لكي تنجح استراتيجية التحوّل الإسراع بتطبيق أنظمة رقابة جديدة، والتركيز على أسباب التدهور وعلاجها، على أن يصاحب هذا اتباع أيسر الطرق التي تقود إلى النمو الفوري، وفي هذا المنهج تكتسبُ القضايا قصيرة الأجل أهمية قصوى، ويُصبح من الضروري تغيير المنظور الشامل تغييرًا جذريًا.

أكفأ المناهج:

تفسّر هذهِ الرؤى المختلفة لعمليّة صنع القرار كيفيّة ظهور المناهج الجديدة للقيادة الاستراتيجيّة، ويستحيل القول إنّ هذهِ المناهج أفضل من الآخر، فكل منها لاقى تأييدًا بفعل ظروف معينة، وهذا الحال لم يتغيّر إلى الآن، ويعتمد اختيار أصلح هذهِ  المناهج على الأحداث التي تواجهها المؤسسة، وأسلوب قادتها وميولهم.

والأرجح أنّ الأفكار الرئيسيّة التي سادت في القرن الماضي ستحتفظ بأهميتها لبعض الوقت، لذا فمن المفيد فهمها، وهي تشمل الأفكار الآتية:

  • يجب أن تكون هناك قيادة استراتيجيّة فعّالة قادرة على صنع القرار في جميع مستويات المؤسسة.
  • يجب أن تكون القيادة قادرة على التنبؤ بالمجهول ومواجهته، وهذا يتطلبُ بديهة سليمة وبصيرة نافذة وقدرة على الاستجابة للأحداث بسرعة وكفاءة وإبداع.
  • يجب أن تتمتّع القيادة بالقدرة على مواجهة الظروف الصعبة، كانهيار الأسواق، أو فشل المنتجات، ويجب أن يتمتّع هيكل المؤسسة وثقافتها بدرجة من المرونة تتيح سرعة اتخاذ القرارت والإجراءات لاستعادة الاستقرار.

ثالثًا: القضايا الماليّة

القضايا الماليّة الرئيسيّة التي تؤثرُ على القرارات الاستراتيجيّة هي إدارة النقد، إدارة المخاطر، وإعداد الموازنة، وأهم جوانب الإدارة الماليّة هي إدارة الثروة المستقبليّة، ولهذا فهي تُهيمن على القرارات الاستراتيجيّة.

إدارة النقد وتدفقهِ:

فالمال هو شريان الحياة لأي شركة، ولهذا يكون دائمًا أهم العوامل عند اتخاذ قرارات استراتيجية مثل: هل ستنمو الشركة نموًا طبيعيًا، أم عن طريق الاستحواذ، وتحديد حجم النفقات ووقت إنفاقها، وشروط الدفع التي تمليها على العملاء والتي تطلبها من الموردين، وإذا لم تحتل القضايا الخاصة بإدارة النقد موقع القلب من القرارات الاستراتيجية فإن هذا يعني فتح باب الكوارث على مصراعيه.

 

اقرأ أيضاً: 4 نصائح لإدارة حركة النقد في الأعمال الموسمية


الرقابة الماليّة:

يقع عدد غير قليل من كبرى الفضائح الماليّة في مجال الخدمات الماليّة، وسبب هذا هو بسيط وهو أنّ هذا هو المجال الذي يتعامل فيه الأفراد مع مبالغ مالية كبيرة، لكن مشاكل الاحتيال، واتخاذ عدد أكبر من صغار الموظفين قرارات ماليّة لا تخضع للرقابة لا تقتصر على القطاع المالي، فكل شركة تحتاج إلى رقابة ماليّة كافيّة، قد يبدو ما أقول أمرًا بديهيًا، لكن الواقع أنّهُ من المعتاد أن تجد في المؤسسات الكبيرة، ذات الهياكل الإدارية المرنة، قصورًا في الرقابة على مستوى معين، خاصة عند اتخاذ القرارات أو تحمّل النفقات.

الرقابة على التكاليف:

يُعد سلوك الأفراد أحد أهم ركائز عمليّة الرقابة على التكاليف، فعندما ينتشر في جميع  نحاء المؤسسة الوعي بالحقائق الماليّة التي تحكم عالم الأعمال، والرغبة في تحقيق مكاسب تفوق النفقات، فإنّ هذا يُشكلُ فارقًا كبيرًا ، وقضايا الرقابة على التكاليف تختلفُ وفقًا لما يأتي:

  • مجال العمل: على سبيل المثال هل تعمل الشركة في تقديم الخدمات، أم في التصنيع، أم أنّها تنتمي لقطاع آخر كالقطاع الحكومي.
  • نوع الشركة: فالقضايا التي من الممكن أن تواجهها مكتب محاماة تختلفُ عن تلك التي تواجهها شركة تقدم خدمات أخرى كوكالات الإعلانات مثلًا.
  • نضوج الشركة: فالشركة المبتدئة على سبيل المثال ستتبنى أسلوبًا لرقابة التكاليف يختلفُ عن الأسلوب الذي تتبناه شركة كبرى متعددة الجنسيات.
  • ثقافة الشركة وآراء وتوجهات موظفيها ومورديها وعملائها وحاملي أسهمها.
  • البيئة الخارجيّة والظروف الاقتصاديّة.

 

هنا نكون قد أنهينا تلخيص بعض الأفكار الرائعة والمهمة الوادرة في كتاب استراتيجيّة إدراة الأعمال للمؤلف جيرمي كوردي، هذا الكتاب الذي يُقدم لنا الكثير من الأفكار المهمة في عالم الأعمال والاقتصاد.

 

المصادر:




مقالات مرتبطة