مفهوم التسويق العكسي وأهدافه واستخداماته

من المعلوم لدينا أنَّ الغاية الأساسية من التَّسويق تتحقق من خلال الفعاليات والحملات والخطط التَّسويقية التي تقوم بها الشركات على اختلاف أشكالها وأنواعها وأحجامها؛ وذلك بهدف التعريف بمنتجاتها وخدماتها، وكل ما يتعلق بها من معلومات تفيد المستهلك، وأهمها القيمة المضافة والمنفعة التي يحصل عليها، كما تهدف أيضاً إلى إيصال رسالتها ومضمون نشاطها إلى المجتمع ككل.



ومن أجل أن تقوم الشركة بكل ذلك، يتطلب منها هذا تحديد قيمها، ودراسة ومعرفة الشريحة المستهدفة من المجتمع وانتقائها بدقة، ومن ثمَّ وضع ودراسة وتحديد الآليات المناسبة لإقناع هذه الشريحة والتأثير فيها وجذبها وتحفيزها على التعامل مع الشركة وعلامتها التجارية؛ مما يضمن إقبالها على منتجات وخدمات الشركة.

ويتم ذلك من خلال استخدام الشركة لمختلف الوسائل الترويجية والمواد الإعلانية، للوصول إلى أكبر قدر ممكن من هذه الشريحة المستهدفة، وكل ذلك وغيره هو ما يُعرَف بالتَّسويق بشكله العام.

 إلَّا أنَّه في الوقت الحالي، وجدنا أنَّ هناك مصطلحات ومفاهيم ونظريات جديدة  مغايرة لهذا المفهوم؛ حيث ظهر ما يدعى بالتَّسويق العكسي، والذي يتضمن أهدافاً وأدواتٍ واستراتيجيات قد تختلف عن التَّسويق العادي، الذي كان يعتمد اعتماداً أساسياً على الإعلان عن المنتج أو الخدمة، فقد بات التَّسويق العكسي في بعض الأحيان يقوم على وصف الشركة أو مجال نشاطها بصفات سلبية غير متوقعة، أو يقوم على إطلاق تعبيرات ساخرة عن الشركة أو شيء ما يتعلق بها، وغير ذلك بما فيه من لفتٍ لانتباه المستهلكين، وحملهم على تجربة الخدمة، للتحقق مما يدور حولها من أمور غريبة.

وهذا ما وضع التَّسويق العكسي موقع المكمل للتسويق العام؛ لذلك يجب معرفته معرفةً واضحةً عوضاً عن الأخذ بالآراء المتضاربة حوله، وأجدر من يجب عليهم معرفة المزيد من المعلومات حول التَّسويق العكسي هم مديرو التَّسويق بشكل أساسي، وذلك يكون إضافةً إلى معرفتهم بمكونات المزيج التَّسويقي الذي يتألف من المنتج والسعر والترويج والتوزيع، وكل ما له علاقة بتغيُّرات البيئة التَّسويقية الداخلية والخارجية، سواء من ناحية التجهيز المفرط للطلب أم حتى الطلب الفائض.

ولأنَّ مفهوم التَّسويق العكسي هو مفهوم غائب عن أذهان الكثيرين، ولا بُدَّ من الإشارة إليه بتفصيل أكثر؛ سنتناول في مقالنا ما يلي:

  1. مفهوم التَّسويق العكسي.
  2. أهداف التَّسويق العكسي.
  3. استخدامات التَّسويق العكسي.

مفهوم التسويق العكسي:

يُطلَق مصطلح التَّسويق العكسي أو التَّسويق السلبي أو التَّسويق المضاد، على تلك العملية التي تقوم على اعتماد سياسة لتوجيه الخطة التَّسويقية في الاتجاه المعاكس، من أجل التحكم بالطلب وضبطه والحد منه ليتوازن مع العرض أو مع القدرة على التنفيذ؛ وهذا ما يؤدي إلى تحقيق أهداف الخطة التَّسويقية على الأمد البعيد، في الحفاظ على وضع العلامة التجارية في السوق المستهدف، بالإضافة إلى إبقاء الصورة الذهنية المطلوبة عنها، لدى الشريحة المستهدفة.

ويجب الحرص وأخذ الحذر بأن يتم كل ذلك تدريجياً، مع مراعاة أساليب المنافسين، وبالتوازي مع السياسة التَّسويقية الاعتيادية، من أجل تجنُّب ردود الفعل السلبية.

كما يُعرَّف التَّسويق العكسي: بأنَّه جميع السياسات والنشاطات التي تقوم بها المنظمة من أجل الحد من سلوكٍ ما لدى العملاء، ومن الأمثلة على ذلك: رفع أسعار منتجات التدخين، أو رفع أسعار تذاكر الحفلات والاحتفالات إذا كانت المقاعد محدودةً، أو رفع أسعار المنتجات الكحولية، أو إيقاف خدمات الصيانة وقطع التبديل للسيارات بعد فترة من بيعها، أو سحب المنتج من الأسواق.

وتبدو سياسة التسويق العكسي واضحةً جليةً عند لجوء الشركات إلى وضع خطاب تسويق لا يكون أساسه معتمداً على حث العملاء على الشراء، وإنَّما توجيه الطاقات التسويقية إلى اكتساب ثقة العميل، وترسيخ العلاقة بشتى الأشكال مع العملاء، وتضيف إلى ذلك تلميع صورة العلامة التجارية، ونتيجة لكل ذلك، سيقوم العملاء من تلقاء أنفسهم بالبحث عن الشركة، وسيهتمون بكل ما تنتجه، ولن يترددوا في اتخاذ قرار الشراء من تلك المنتجات.

وتركِّز أيضاً هذه السياسة على تقديم معلومات مفيدة للعميل، بعيداً عن الترويج المباشرة أو غير المباشرة، فيكون أثرها بأن يشعر العميل أنَّ المنظمة تريد مساعدته، فيتحفز للشراء، وتزداد ثقته بالعلامة التجارية، فيفضِّلها عن غيرها في المستقبل ويسارع إلى التعامل معها.  

شاهد بالفديو: قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية


 

أهداف التسويق العكسي:

تكمن أهداف هذا الشكل من أشكال التَّسويق في أمور عدَّة، أهمها:

  1. ضرورة إبراز العلامة التجارية للشركة بصورة أكبر، عن طريق التخطيط لحملة إعلامية ذات صدىً واسع الانتشار، ولكن على منتجات أو خدمات قليلة الكمية، لكي يبدو أنَّ حجم الطلب عليها كبير، بغضِّ النظر عن نقص كمياتها وعدم توافرها.
  2. العمل على حصر التعامل مع شريحة محددة من المستهلكين، تتميز هذه الشريحة بزيادتها لمعدل الأرباح، وإبعاد الشرائح الأخرى التي لا تقدِّم للمنظمة أي أرباح إضافية، أو لا يعود التعامل معها بقيمة أو فائدة كبيرة على المنظمة.
  3. الوصول إلى حالة التوازن ما بين الكمية المعروضة من المنتجات أو الخدمات وبين كمية الطلب عليها.
  4. تجنُّب الوقوع في مشكلة عدم القدرة على تلبية طموحات العملاء المرتفعة على مختلف الأصعدة.
  5. إجراء احترازي لتلافي ردود الفعل السلبية غير المتوقعة من قِبل العملاء.
  6. إيصال الشركة بكل ما فيها إلى موقع تتميز فيه عن كل المنافسين، عن طريق طرح ما هو غير مألوف لدى الجمهور؛ وذلك بقيام الشركة بحملة تسويقية عكسية تواجه فيها المعلومات الخاطئة التي يبثها المنافسون، ويجب مراعاة عدم التصريح أو الإشارة إلى أسمائهم.
  7. إيجاد بديل للعروض الترويجية، فبدل أن يكون الهدف هو زيادة المبيعات فقط، سيقوم التَّسويق العكسي بتطبيق استراتيجية ذات أهداف بعيدة الأمد، قائمة على جذب العملاء الذين يتسمون بالولاء والانتماء للعلامة التجارية؛ وذلك لأنَّ كثرة العروض الدعائية قد تجعل المشتري يشعر وكأنَّه محاصر ومجبر على اتخاذ قرار الشراء، وبالنتيجة، سيمتنع عنه.
إقرأ أيضاً: تعرَّف على أهم المعلومات عن التسويق

استخدامات التسويق العكسي:

هناك العديد من الاستخدامات والتطبيقات العملية للتسويق العكسي من قِبل أنواع عدة من الشركات والمنظمات، منها:

  1. يُستخدَم التَّسويق العكسي للتخلص من زبون أو شريحة من الزبائن؛ وذلك لأسباب عدَّة، منها: أنَّهم غير مربحين، وتدفع الشركة الكثير من التكاليف بسببهم مثل تكاليف النقل والتوزيع، وعدم قدرة الشركة على تلبية طلبياتهم من المنتجات.
  2. يُستخدَم التَّسويق العكسي لتقنين وترشيد الاستهلاك، ولا سيَّما في اقتصاديات البلدان النامية التي كانت ومازالت تعاني من نقص في المنتجات الأساسية للحياة، مثل الكهرباء والمشتقات النفطية واستخدام السيارات.
  3. يُستخدَم التَّسويق العكسي من أجل المحافظة على البيئة من التلوث بمختلف أشكاله وأنواعه.
  4. يُستخدَم التَّسويق العكسي لحماية العلامة التجارية في السوق من تشويه المنافسين لها.
  5. يُستخدَم التَّسويق العكسي لزيادة وعي الشريحة التي تستفيد من منتجات وخدمات الشركة، لتكون استفادتهم منها بأقصى حد ممكن لها، وتصحيح استخدامهم، وتجنُّب ما قد يؤدي إلى نفورهم من العلامة التجارية واعتقادهم بوجود عيبٍ ما في المنتج أو الخدمة نفسها.
  6. يُستخدَم التَّسويق العكسي لإعلام العملاء بالتحديثات الجديدة التي طرأَت على المنتج أو الخدمة، أو إضافة خدمات جديدة، أو استخدام أساليب وأدوات أكثر قوة وذات تكلفة أعلى على الشركة.
إقرأ أيضاً: نموذج سمعة العلامة التجارية لـ "كيلر": بناء علامة تجارية قوية

مما تقدَّم نستنتج أنَّ التَّسويق العكسي ليس مجرد تكتيك يهدف لعكس العملية التَّسويقية؛ بل يهدف أيضاً للتحكم ولتوجيه اختيارات العملاء وطريقة وصولهم إلى المنتج.

وبذلك يُنظَر إلى التَّسويق العكسي على أنَّه مكون من المكونات المكملة للتسويق العام، ويجب أن يتم البحث والدراسة من أجل توضيح مفهومه بما لا يضع مجالاً واسعاً للجدل حوله، وعدم تبنِّي وجهة نظر محدودة.

وهذا بدوره يؤدي إلى إثراء المجالات البحثية المتعلقة بالتسويق وعلومه وسياساته، ووضع بين يدي أصحاب القرار من مديري التسويق وسائل وأساليب علمية وحديثة ومتطورة، تمكِّنهم من مواجهة مختلف العوائق التي تنتشر في السوق.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9




مقالات مرتبطة