معلومات شاملة عن النوم العميق وفوائده وكيفية تحسينه

هل تعلم أنَّ ثلث حياتك يمر وأنت نائم؟ يبدو هذا الرقم للوهلة الأولى كبيراً، ولكن لو فكرت به من منظور آخر، ستدرك أنَّ هذا الوقت، ليس مجرد إيقاف للجسم؛ بل هو مرحلة التجديد، ولكن ما يثير الدهشة أنَّ معظم هذا الوقت، ليس نوماً سطحياً؛ بل هو "النوم العميق" الحالة الفسيولوجية السحرية التي لا يشعر به كثيرون للأسف، والتي تعد حجر الزاوية للصحة الجسدية والعقلية.



سنغوص في مقالنا بأعماق النوم العميق لنكتشف أسراره ونتعلم كيفية الحصول على نوم عميق ليكون حليفنا الأول للوصول إلى حياة أكثر صحة.

ما هو النوم العميق؟

النوم العميق هو أكثر من مجرد إحساس بالراحة، إنَّه مرحلة حيوية في دورة النوم، تُعرَف عملياً باسم النوم البطيء الموجَّة (SWS) أو المرحلة الثالثة من النوم غير السريع لحركة العينين (NREM)، خلال هذه المرحلة يتباطأ نشاط دماغك، وتصدر موجات دماغية بطيئة جداً "موجات دلتا".

وفقاً لمؤسسة النوم الوطنية (National Sleep Foundation) فإنَّ النوم العميق هو مرحلة النوم البطيء التي يستعيد فيها الجسم الطاقة وتتعافى الخلايا ويعزز صحة الدماغ والذاكرة، ففي هذه المرحلة يعمل الجسم على صيانة شاملة بدءاً من إصلاح الخلايا التالفة، وتجديد الأنسجة، وصولاً إلى تعزيز وظائف الدماغ، كما أنَّها الفترة التي يستعيد فيها جسمك الطاقة المفقودة، مما يجعلك تستيقظ في اليوم التالي وأنت تشعر بالنشاط والحيوية.

الفرق بين النوم العميق وبقية مراحل النوم

علينا أولاً لفهم فوائد النوم العميق أن نعرف كيف يختلف عن مراحل النوم الأخرى، فتتكون دورة النوم من عدة مراحل تتكرر عدة مرات خلال الليل وهي:

1. مرحلة النوم الخفيف (NREM2, NREM1 )

هي مراحل انتقالية، يُدخَل فيها في حالة النعاس، ثم تنتقل إلى المرحلة الثانية، فيتباطأ معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم.

2. مرحلة النوم العميق (NREM3)

هي المرحلة التي يصعب فيها إيقاظك، فيتباطأ النَّفَس ونبضات القلب، ويرتخي الجسم بالكامل، وهذا هو الوقت الذي يحدث فيه التجديد الجسدي والعقلي الحقيقي.

3. مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)

تتميز هذه المرحلة بنشاط الدماغ المكثف، وتعدُّ مرحلة الأحلام، بخلاف النوم العميق الذي يركز على التجديد الجسدي، فإنَّ مرحلة نوم حركة العين السريعة، تركز على العمليات المعرفية، مثل التعلم والذاكرة وتنظيم المشاعر.

النوم العميق هو مرحلة النوم البطيء التي يستعيد فيها الجسم الطاقة وتتعافى الخلايا ويعزز الدماغ الذاكرة.

مراحل النوم العميق

النوم العميق رحلة معقدة يمرُّ بها الجسم والعقل، فتعدد مراحل النوم العميق وتبدأ الرحلة من النوم الخفيف لتصل إلى العمق الحقيقي، ووفقاً لأبحاث النوم في جامعة هارفارد، فإنَّ النوم يمر بثلاث مراحل رئيسة، وهي كما يأتي:

1. النوم الخفيف (مرحلة الانتقال)

هي المرحلة الأولى من النوم وتعرف باسم مرحلة النوم غير السريع، خلالها تتباطأ مختلف نشاطات الجسم، مثل معدل ضربات القلب والتنفس ودرجة حرارة الجسم، ويُعد النوم الخفيف بمنزلة مرحلة تحضير الجسم لينتقل إلى النوم العميق.

2. النوم العميق البطيء الموجات

هي المرحلة الأهم من دورة النوم، وتتميز ببطء الموجات الدماغية (موجات دلتا)، مما يعكس حالة من الراحة العميقة، خلال هذه المرحلة يُصلِح الجسم الأنسجة، ويُجدِّد الخلايا، ويُعزز وظائف الجهاز المناعي، كما يُفرِز هرمون النمو الذي يؤدي دوراً أساسياً في النمو البدني والإصلاح.

3. النوم مع حركة العين السريعة (REM)

إنَّها المرحلة الأنشط للدماغ خلال الليل وتحدث فيها الأحلام كما ذكرنا، وعلى الرغم من أنَّ الدماغ يكون في حالة يقظة تقريباً، إلَّا أنَّ عضلات الجسم، تكون في حالة شلل مؤقت لمنع الشخص من القيام بحركات غير إرادية في الحلم، وهي المرحلة الضرورية لتثبيت المعلومات التي اكتُسِبَت خلال اليوم، وهذا يؤكد علاقة النوم العميق والذاكرة الوطيدة.

يمرُّ النوم بثلاث مراحل رئيسة: النوم الخفيف، والعميق البطيء، ونوم حركة العين السريعة.

شاهد بالفيديو: 8 طرُق فعّالة لتنام بشكلٍ أفضل

فوائد النوم العميق

لا يعد النوم العميق مجرد استراحة؛ بل عملية نشطة ذات فوائد عظيمة وتؤثر في مختلف جوانب الحياة، ووفقاً لأبحاث (Mayo Clinic) و(NIH) أهم فوائد النوم العميق ما يأتي:

1. تعزيز المناعة

هل تساءلت يوماً لماذا تزيد احتمالية إصابتك بالمرض عندما لا تنام جيداً؟ تكمن الإجابة في النوم العميق، خلال هذه المرحلة ينتج الجسم السيتوكينات، وهي بروتينات أساسية لمكافحة الالتهابات والأمراض، وقلة النوم تضعف إنتاج هذه البروتينات، بالتالي تجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى والفيروسات.

2. تحسين الذاكرة والتركيز

أحد أهم العلاقات علاقة النوم العميق والذاكرة، فخلال هذه المرحلة يُعالج الدماغ المعلومات التي تعلمتها خلال اليوم ويُخزِّنها في الذاكرة طويلة الأمد، وهذا يشبه عملية ترتيب الملفات؛ لذلك إذا كنت مستعداً للامتحان أو لديك اجتماع هام، فإنَّ الحصول على نوم عميق كافٍ، أفضل طريقة لاسترجاع المعلومات بدقة.

3. إصلاح العضلات والأنسجة

إن كنت رياضياً أو مجرد شخص نشيط في حياته اليومية، فإنَّ النوم العميق هام لتعافي جسمك، فخلال هذه المرحلة يفرز الجسم هرمون النمو وهو هرمون أساسي لإصلاح العضلات وتجديد الخلايا ونمو الأنسجة.

4. تنظيم الهرمونات

يؤدي دوراً هاماً في تنظيم الهرمونات، فهو ينظم هرمونات الشهية، مثل اللبتين والغريلين، مما يحافظ على وزن صحي، يقوي النوم العميق جهاز المناعة، ويحسن الذاكرة، ويُصلِح العضلات وينظِّم الهرمونات.

الفوائد الصحية للنوم العميق

الفائدة

الآلية الجسدية / الوظيفة الأثر المباشر على الأداء
تعزيز المناعة ومكافحة الأمراض إنتاج الجسم للـ السيتوكينات، وهي بروتينات أساسية لمكافحة الالتهابات والأمراض. تقليل احتمالية الإصابة بالعدوى والفيروسات، وتقوية الجهاز المناعي.
تحسين الذاكرة والتركيز يقوم الدماغ بـ معالجة وتخزين المعلومات التي تعلمها خلال اليوم في الذاكرة طويلة الأمد. استرجاع المعلومات بدقة أعلى، وأداء أفضل في الامتحانات والاجتماعات الهامة.
إصلاح العضلات والأنسجة إفراز الجسم لـ هرمون النمو، وهو هرمون أساسي لنمو وتجديد الخلايا والأنسجة. تعافي الجسم بشكل أسرع، وهو أمر بالغ الأهمية للرياضيين وللنشاط اليومي.
تنظيم الهرمونات ينظم هرمونات الشهية (مثل اللبتين والغريلين). يساعد في الحفاظ على وزن صحي ويدعم التوازن الهرموني العام في الجسم.

إقرأ أيضاً: اضطرابات النوم ومشكلاته: أنواعها وأسبابها وطرق علاجها

العوامل التي تؤثر في النوم العميق

لا تعتقد أنَّ النوم العميق أمر طبيعي يحدث تلقائياً، ففي الحقيقة يوجد عدة عوامل تعوق وصولك لهذه المرحلة السحرية، أهمها ما يأتي:

1. التوتر والضغط النفسي

يعد التوتر أحد أكبر مسببات اضطرابات النوم العميق، فعندما تكون متوتراً ينتج جسمك هرمون الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الذي يجعل الجسم في حالة تأهب، وهذا يمنع دماغك من الدخول في مرحلة النوم العميق، فعند حصولك على نوم عميق كافٍ، إنَّ مستوى هذا الهرمون ينخفض في الجسم.

2. الكافيين والمنبهات

الكافيين منبهاً قوياً يمكن أن يبقى في جسمك لساعات طويلة؛ لذلك تناوُله في فترة ما بعد الظهر أو المساء، يمكن أن يمنعك من الدخول في مراحل النوم العميق وفق دراسات (Sleep Medicine Reviews)، مما يشعرك بالتعب في اليوم التالي على الرغم من نومك لعدد ساعات كافٍ.

العوامل التي تؤثر في النوم العميق

3. الإضاءة والضوضاء

هل تعلم أنَّ التعرض للضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية قبل النوم، يمكن أن يعوق إنتاج هرمون الميلاتونين وهو هرمون النوم، فوفق دراسات (Sleep Medicine Reviews) الضوضاء المزعجة، يمكن أن توقظك من نومك العميق وتمنعك من الوصول إليه.

4. الأمراض واضطرابات النوم

تؤثر بعض الحالات الصحية، مثل انقطاع النفس النومي أو متلازمة تململ الساقين مباشرة في جودة نومك وتمنعك من الوصول إلى مرحلة النوم العميق.

التوتر، والكافيين، والبيئة المزعجة من أبرز العوامل التي تقلل جودة النوم العميق.

كيفية تحسين النوم العميق

الخبر الجيد هو أنَّ تحسين النوم العميق، ليس بالأمر المستحيل، ولتعرف كيفية الحصول على نوم عميق اتبع الخطوات البسيطة الفعالة التالية وفقاً لنصائح من (National Sleep Foundation):

1. التزِم بجدول نوم منتظم

يعد هذا الأمر من أهم الخطوات؛ لذلك اذهب إلى الفراش واستيقِظ في الوقت نفسه كل يوم حتى في عطلة نهاية الأسبوع، فهذا ما ينظم ساعتك البيولوجية الداخلية، فتدخل في النوم العميق.

2. مارِس الرياضة المعتدلة

لا تحتاج إلى تمرينات شاقة، فحتى المشي السريع لمدة 30 دقيقة يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً؛ لذا مارِس الرياضة بانتظام لتخلِّصك من اضطرابات النوم العميق وتحسن جودته، وتجنَّب التمرينات القوية قبل النوم مباشرة.

3. قلِّل استخدام الشاشات قبل النوم

يضرُّ الضوء الأزرق في الشاشات بنومك؛ لذلك لا تستخدم الهواتف والأجهزة اللوحية والتلفاز قبل ساعة أو ساعتين من موعد نومك.

4. حسِّن بيئة النوم

اجعل بيئة نومك ملاذك الآمن؛ لذلك تأكَّد من أنَّها مظلمة وهادئة وباردة، واستخدِم ستائر ثقيلة لحجب الضوء واستخدِم سدَّادات أذن أو جهاز ضوضاء بيضاء إن كانت الضوضاء هي المشكلة.

"التزم بجدول نوم ثابت، وقلِّل الشاشات قبل النوم، واهتم ببيئة نوم مريحة لتحسين النوم العميق."

حسن بيئة النوم

مدة النوم العميق الطبيعية

إن كنت تتساءل عن مدة النوم العميق الطبيعية، فقد تختلف الإجابة من شخص لآخر؛ إذ يشكِّل النوم العميق وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية (WHO) ودراسات النوم السريرية قرابة 20- 25% من إجمالي النوم ويختلف وفق العمر والصحة العامة:

متوسط مدة النوم العميق عند البالغين

يشكل النوم العميق عموماً ما بين 15% إلى 25% من إجمالي وقت نومك، وهذا يعني أنَّه إذا كنت تنام لمدة 8 ساعات، فإنَّك ستحصل على قرابة ساعة ونصف إلى ساعتين من النوم العميق.

الاختلاف وفق العمر

يحتاج الأطفال والمراهقون إلى كمية أكبر من النوم العميق لدعم نموهم البدني، ومع التقدم بالسن ينخفض مقدار النوم العميق.

تأثير قلة النوم العميق في الصحة

تزيد قلة النوم العميق من خطر الإصابة بعدد من الأمراض، مثل أمراض القلب، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، كما أنَّها تؤثر في الوظائف المعرفية، مما يسبب ضغطاً في الذاكرة وصعوبة في التركيز وتقلبات مزاجية أيضاً.

يشكل النوم العميق قرابة 20-25% من إجمالي النوم، ويختلف وفق العمر والصحة العامة.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات للحصول على نوم مريح وهادئ

الأسئلة الشائعة

1. ما الفرق بين النوم العميق ونوم حركة العين السريعة؟

النوم العميق هو مرحلة التجديد الجسدي، فيتباطأ نشاط الجسم لإصلاح الخلايا والأنسجة، أمَّا نوم حركة العين السريعة هي مرحلة التجديد العقلي، فالدماغ يكون نشيطاً للغاية لمعالجة المعلومات وتقوية الذاكرة.

2. كيف أعرف إذا كنت أحصل على نوم عميق كافٍ؟

أفضل مؤشر هو شعورك بالنشاط والحيوية صباحاً، فإن شعرت بالإرهاق بعد نوم 8 ساعات، فأنت لم تحصل على نوم عميق كافٍ.

3. هل الأجهزة القابلة للارتداء تقيس النوم العميق بدقة؟

يمكن لأجهزة تتبع اللياقة البدنية أن تعطيك تقديراً جيداً لأنماط نومك بما في ذلك النوم العميق، ومع ذلك ليست دقيقة، مثل دراسات النوم السريرية التي تستخدم أجهزة تخطيط (EEG).

إقرأ أيضاً: دعاء النوم: لراحة القلب والتحصين من الكوابيس والأرق

في الختام

لا يعد النوم العميق رفاهية؛ بل ضرورة قصوى لصحة الجسد والعقل؛ لذلك فهم مراحل النوم العميق وفوائده هام لتبدأ برحلة تحسين جودة نومك. تذكَّر أنَّ جسدك يستحق هذه الراحة؛ لذا جرِّب النصائح التي ذكرناها الليلة وراقِب كيف تتحسن طاقتك في اليوم التالي.




مقالات مرتبطة