مشاركة الموظفين بين التفاؤل والتشاؤم

كتبتُ الشهر الماضي عن تقرير مؤسسة "غالوب" الجديد (Gallup) عن "حالة مكان العمل الأمريكي" (State of the American Workplace)، وناقشتُ بعضاً من نتائجه الأوسع نطاقاً، وسأبحث الآن في الأمر بحثاً محدداً أكثر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّنة "تشاينا غورمان" (China Gorman)، تُحدِّثنا فيه عن الأخبار المُخيِّبة للآمال فيما يخصُّ مشاركة الموظفين.

يجب أن يقرأ القادة وموظفو الموارد البشرية فصلين من التقرير، ألا وهما "العمال في الولايات المتحدة: الثقة المتزايدة والاستعداد لمغادرة مكان العمل" (US Workers: Increasingly Confident and Ready to Leave) و"الميزة التنافسية لمشاركة الموظفين" (The Competitive Advantage of Engaging Employees).

أولاً، دعونا نلقي نظرةً على الفصل الخاص بالعمَّال الأمريكيين الذين تفصلهم خطوة واحدة عن مغادرة مكان العمل، فوَفقاً لمؤسسة "غالوب"، "يقول 51% من الموظفين الأمريكيين إنَّهم يبحثون عن وظيفة جديدة أو يراقبون توفُّر الوظائف الشاغرة"، فكِّر في هذا الأمر لمدة دقيقة؛ فأكثر من نصف موظفيك على الأقل تفصلهم خطوة واحدة عن مغادرة العمل في شركتك.

إنَّ التفاؤل بشأن سوق العمل له سبب وجيه ألا وهو أنَّ معدلات التوظيف مرتفعة؛ إذ تقيس مؤسسة "غالوب" فرص العمل، ويقدِّم تقريرها مؤشراً لنسبة فرص العمل هذه. وفي الأرباع الثلاثة الأولى من العام اللاحق، كان متوسط فرص العمل ​​32%؛ لذلك، يتمتَّع موظفونا بمستوى عالٍ من الثقة عند مغادرتهم العمل، ويستطيعون العثور على وظيفة بديلة جيدة بسرعة إلى حدٍّ ما؛ إذ لا عجب في أنَّ عديداً من موظفينا يرون "أنَّ الآخرين في وضع أفضل من وضعنا".

شاهد: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

الهدف من مشاركة الموظفين:

مع وجود عدة تعاريف متعلِّقة بمشاركة الموظفين، إلَّا أنَّ التعريف الآتي الذي ورد في تقرير مؤسسة "غالوب" لفت انتباهي، ويقول: "يظنُّ بعض القادة والمديرين أنَّ الهدف النهائي لمشاركة الموظفين يتمثَّل في تحقيق مستويات أعلى من سعادة العمَّال ورضاهم؛ فمن المؤكَّد أنَّ العاملين الأكثر سعادة يفيدون المنظمة، لكنَّ الهدف الحقيقي لمشاركة الموظفين يكمن في تحسين نتائج الأعمال".

اسمحوا لي أن أقتبس هذه الفكرة من تقرير مؤسسة "غالوب" مرةً أُخرى: "إنَّ الهدف الحقيقي لمشاركة الموظفين يكمن في تحسين نتائج الأعمال"؛ إذ يتلخَّص كل تعريف يخصُّ مشاركة الموظفين في أنَّنا نفهم النتيجة الحقيقية التي نعمل لها.

إذا كان الموظفون أكثر سعادة، فسوف يعملون بذكاء وجدية أكثر وسترتفع جودة العمل؛ الأمر الذي يؤدي إلى تحسين نتائج أعمالنا، وإذا شعر الموظفون بالاحترام، فسوف يكونون أكثر التزاماً بإنجاز العمل، وسوف يبقون لفترة أطول في العمل، وهذا يؤدي إلى تحسين نتائج أعمالنا.

وإذا طُوِّرت مهارات الموظفين، فسوف يقدِّمون مساهمات أكبر، وهذا يؤدي أيضاً إلى تحسين نتائج أعمالنا، وإذا رأى الموظفون تقدُّماً في مسارهم الوظيفي، فسيكونون أكثر التزاماً ويبقون لفترة أطول؛ وذلك يؤدي إلى ذات النتيجة.

إقرأ أيضاً: مشاركة الموظفين: هل صحيح أنَّ المديرين يشكلون الدافع الأكبر لذلك؟

الميزة التنافسية لمشاركة الموظفين:

كما سترى في الفصل الخاص بـ "الميزة التنافسية لمشاركة الموظفين"، لم يعد من الجيد الحصول على مشاركة الموظف؛ ففي هذا العصر الذي يتَّسم بنقص المواهب وارتفاع معدل دوران العمالة، تُعَدُّ مشاركة الموظفين مطلباً لتلبية أهداف أعمالنا وتجاوزها.

تقوم مؤسسة "غالوب" بقياس مشاركة الموظفين على مستوى العالم منذ فترة طويلة؛ إذ إنَّ الأرقام المتعلقة بمشاركة الموظفين في الولايات المتحدة على طوال الـ 16 الماضية مفاجِئة، فهذا ليس بالأمر الجيد، وفي الواقع تنذر بالخطر.

إنَّ الأمر المثير للقلق بشأن هذه البيانات هو أنَّه على الرَّغم من استثمار البرامج والأساليب والتكنولوجيا والتدريب، لم يتطوَّر المؤشر الذي يدل على مشاركة الموظفين منذ عام 2000، وعلى الرَّغم من كل النوايا والأهداف والجهود التي بذلناها، فإنَّ النسبة المئوية للقوى العاملة "غير المشاركة في العمل" لم تتغيَّر طوال الـ 16 عاماً الماضية، فإنَّنا لا نقنع موظفينا بأنَّنا نقدِّر عملهم أو أنَّنا نحتاج إليهم أو أنَّنا نريدهم؛ وهم يبحثون بنشاط عن عمل آخر.

أضف إلى المعادلة أنَّه يوجد كثير من الوظائف المُتاحة - وكثير منها وظائف جيدة - ومن السهل معرفة سبب شعور الموظفين بقدرتهم على الحصول على فرص أفضل خارج مكان عملهم الحالي أو في جميع أنحاء البلاد.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لمعادلة الإنتاجية أن تحفز الموظفين على العمل بكفاءة؟

حان الوقت لتحسين مستوى مشاركة الموظفين:

ربما لا نفهم ما يريده الموظفون، أو لا نسمح لهم بالدخول بصفتهم شركاء حقيقيين في سعينا إلى تحقيق النجاح، أو لا نطلب منهم ذلك أو نصغي إلى آرائهم أو نتفاعل معهم، لكن من الواضح من هذه البيانات - والعديد من المصادر الأُخرى - أنَّ المنظمات تحتاج إلى تحسين مستوى مشاركة الموظفين. إنَّ البيانات واضحة؛ إذ إنَّ الموظفين المشاركين في العمل - استخدم أي تعريف تريده للمشاركة - لديهم معدل دوران وتغيُّب أقل، ونسبة إنتاجية ومبيعات ربحية أعلى.

المصدر




مقالات مرتبطة