مرض السل الرئوي: أعراضه، تشخيصه، وطرق علاجه

يُعدُّ مرض السل الرئوي من أخطر الأمراض التي قد تُواجِه الرئتين، ويُعتقَد أنَّ ثُلث سكان العالم قد أصيبوا بعدوى المُتفطرة السلِّية، ففي عام 2007 ميلادي قُدِّر عدد الحالات المُزمنة والنشطة عالمياً حوالي 13.7 مليون إصابة، وفي هذا المقال أعزاءنا القراء سنقدِّم إليكم كل ما يتعلق بمرض السل الرئوي، أعراضه، وتشخيصه، وطرائق علاجه، تابِعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هو مرض السل الرئوي؟

يُعرَف هذا المرض أيضاً باسم "الدرن"، أو "التدرن"، وهو مرض مُعدٍ خطير يصيب الرئتين، ويَحدث بسبب واحدة من أنواع البكتيريا التي تصيب الإنسان، وتُدعى جرثومة المُتفطرة السلِّية، وينتقل هذا المرض من شخصٍ إلى آخر عن طريق الرذاذ الذي يَخرج في الهواء بعد سعال أو عطاس المريض، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ هذه الجرثومة يمكِن أن تُصيب أعضاء أخرى من الجسم، مثل: الكِلى، أو الدماغ، أو العمود الفقري.

فعند دخول المُتفطرة السلِّية إلى داخل الرئتين، عندها يمكِن أن يَحدث واحد مما يلي:

  1. القضاء على هذه البكتيريا بشكلٍ مباشر من قبل الجهاز المناعي للجسم.
  2. مرض أوَّلي: ويُقصَد به ظهور أعراض مرض السل الفعَّال.
  3. عدوى خفيَّة: وفي هذه الحالة فإنَّ البكتريا تكون موجودة في الجسم، ولكن دون ظهور أي أعراض.
  4. استنشاط: وفي هذه الحالة تَظهر أعراض المرض بعد سنواتٍ عديدة من الإصابة، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ استنشاط المرض يَحدث بنسبةٍ تصل إلى حوالي (5 إلى 10)% بين الأشخاص المصابين بالعدوى الخافية والذين لا تَظهر عليهم أي أعراض سابقة.

ما هي أعراض الإصابة بالسل الرئوي؟

بعد دخول جرثومة المُتفطرة السلِّية إلى جسم الإنسان؛ فإنَّ حوالي 90% من الأشخاص الذين يمتلكون جهازاً مناعياً قوياً وسليماً يتمكنون من التخلص من هذه الجرثومة والقضاء عليها، أو يمكِن أن تبقى خاملة؛ أي تظلُّ موجودة في الجسم دون أي أعراض، ولكن من الجدير بالذكر هنا أنَّها يمكِن أن تصبح هذه المُتفطرة السلِّية فاعلة في أي وقت.

أما بالنسبة إلى 10% المتبقية من المرضى يتطور لديهم مرض السل الأوَّلي ليصبح بعد ذلك التهاباً في الرئة، ويمكِن أن تنتقل هذه الجرثومة إلى مناطق أخرى في جسم المريض إذا كانت مناعته منخفضة.

أعراض العدوى الأولية:

يمكِن لعدوى السل الأولية ألا تُبدي أي أعرض، وفي حال ظهور الأعراض فيمكِن أن تكون كالتالي:

  1. العَرض الأكثر شيوعاً في هذه الحالة هو الحمى.
  2. ألم جنبي في الصدر، أو في المنطقة الموجودة خلف عظمة القص.
  3. وهناك بعض الأعراض قليلة الانتشار مثل: الشعور بألم في المفاصل، أو السعال، أو الشعور بالإرهاق، أو التهاب البلعوم.

أعراض العدوى المستنشطة:

لا تَظهر أعراض العدوى المستنشطة إلا في نهاية سير المرض، إذ إنَّ هذه العدوى تبقى بدون تشخيص، ويمكِنها أن تنقل المرض والعدوى للأشخاص الآخرين لمدة سنتين أو ثلاث أو أكثر، ومن الأعراض التي يمكِن أن تَظهر نذكر لكم ما يلي:

  1. فقدان الشهية ونقصان الوزن.
  2. السعال.
  3. الإرهاق.
  4. ضيق في التنفس والشعور بألم في الصدر.
  5. العرق الليلي (و/أو) الحمى، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ الحمى تزداد تدريجياً خلال ساعات النهار، وتَخف في الليل.
  6. نفث الدم: ويُقصد بذلك خروج الدم مع السعال، وتُشير الدراسات إلى أنَّ 25% من المرضى يَظهر لديهم نفث الدم.
إقرأ أيضاً: مرض ماء الرئة ونصائح للحفاظ على صحّة الجهاز التنفسي

كيفية تشخيص مرض السل الرئوي:

هناك العديد من الطرائق المُتَّبَعة للتشخيص عن المرض، ومن هذه الطرائق نذكر لكم أعزائي القراء ما يلي:

1. اختبار التيوبركلين الجلدي:

هو اختبار بسيط للجلد، وهذا الاختبار يُعدُّ الأكثر استخداماً لتشخيص مرض السل، حيث يتم حقن كمية صغيرة من مادة تسمى PPD تُستخدَم لعلاج السل تحت الجلد مباشرةً في الجزء الداخلي من الساعد، وبعد مضي فترة تتراوح ما بين (48 إلى 72) ساعة، تُفحَص الذراع للكشف عن وجود تورُّم في مكان الحقن، ففي حال وجود تورم صلب ذو لون أحمر فذلك يعني أنَّه يوجد احتمال الإصابة بعدوى السل، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ حجم التورُّم هو الذي يُحدد إذا كانت نتائج هذا الاختبار مُهمة أو لا.

ولكن للأسف فإنَّ اختبار الجلد للكشف عن عدوى السل لا يُعدُّ اختباراً مثالياً، حيثُ يمكِن أن يُبيِّن الاختبار عدم إصابة المريض بعدوى السل، في حين أنَّه مُصاب، ويمكِن العكس أيضاً؛ أي يمكِن أن تُبيِّن نتائج الاختبار أنَّ الشخص مصاب بعدوى السل، في حين أنَّه غير مصاب به، وسنوضِّح ذلك فيما يلي:

  1. النتائج السلبية الخاطئة: يمكِن أن تكون النتائج سلبية وخاطئة عند فئات معيَّنة، مثل: الأشخاص المصابين بمرض الإيدز، أو كبار السن، أو الأطفال، أو المريض الذي أُصيب مؤخراً بالسل، ولكنَّ جهازه المناعي لم يَتفاعَل بَعد مع البكتيريا.
  2. النتائج الإيجابية الخاطئة: تكون نتيجة الاختبار إيجابية وخاطئة في حال كان الشخص قد تلقَّى تطعيماً مؤخراً بلقاح "عُصيَّة كالميت غيران".

2. اختبار التصوير الطبي:

يمكِن أن يَطلب الطبيب التصوير بالأشعة السينية، أو التصوير المقطعي المحوسب للصدر- وهو الأفضل؛ حيثُ يوفِّر صوراً أكثر تفصيلاً من سابقه - ويمكِن تمييز حالتين بالنسبة إلى التصوير الشعاعي:

  1. العلامات الشعاعية في العدوى المستنشطة: تَظهر في الصور الشعاعية للمريض الذي لديه عدوى مستنشطة اعتلالات في صور الرئتين، ومن هذه الاعتلالات نذكر:
    • ارتشاحات رئوية في القسم القمي الخلفي من الفص العلوي للرئة.
    • تجاويف في المناطق السفلية والوسطى من الرئة.
    • تضخُّم الغدد اللمفاوية النقيرية.
  2. العلامات الشعاعية في العدوى الأولية: لا يمكِن لصور أشعة الرئتين في العدوى الأولية - في معظم الأحيان - أن تُظهِر أي تغييرات، ولكن يمكِن أن تظهر بعض العلامات وهي:
    • ارتشاحات رئوية.
    • تضخُّم الغدد اللمفاوية النقيرية.
    • تجمُّع السوائل حول الرئة.

3. اختبار البلغم:

يمكِن أن يَطلب الطبيب إجراء اختبار على عيِّنات من بلغم المريض، لفحصها والتأكد من وجود بكتيريا المُتفطرة السلِّية في حال ظهرَت في نتيجة التصوير الشعاعي علامات تدل على الإصابة بعدوى السل، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّه يتم استخدام عينات البلغم لاختبار سلالات السل المقاوِمة للأدوية، بهدف اختيار الأدوية الفاعلة، ولكن مدة هذا الاختبار يمكِن أن تستغرق فترةً زمنية تتراوح ما بين (4 إلى 8) أسابيع.

علاج مرض السل الرئوي:

إنَّ علاج السل يتطلب وقتاً أطول من وقت علاج أنواع العدوى البكتيرية الأخرى، وإنَّ السل النشط خاصة من السلالة المقاوِمة للأدوية، ويستلزم تناول عديدٍ من الأدوية معاً، ومن أكثر الأدوية شيوعاً في معالجة السل:

  1. بيرازيناميد.
  2. ريفامبين (ريفادين، ريمكتان).
  3. إيزونيازيد.
  4. إيثامبيوتول (ميامبوتول).

وفي حال الإصابة بمرض السل المقاوِم للأدوية، عندها يجب أخذ مجموعة المضادات الحيوية التي تُدعى "الفلوروكينواونات" بالإضافة إلى الأدوية القابلة للحقن، مثل: كابريوميسين (كاباستات)، أو أميكاسين، وتُستخدَم هذه الأدوية لمدةٍ زمنيةٍ تتراوح ما بين (20 إلى 30) شهراً، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ بعض أنواع السل تقوم بتطوير مقاومتها لهذه الأدوية أيضاً، وعندها يمكِن استخدام بعض الأدوية كعلاج إضافي إلى العلاج المركَّب المقاوِم للأدوية، ونذكر منها:

  1. لينزوليد (زيفوكس).
  2. بيدا كيلين (سير تورو).
إقرأ أيضاً: أسباب وأعراض التهاب الجهاز التنفسي عند الأطفال

ما هي الآثار الجانبية لأدوية السل؟

يمكِن أن تكون جميع الأدوية المستخدمة لعلاج السل شديدة السُميَّة على الكبد، ولكن في حال حدوث أي من الأعراض التالية يجب الاتصال بالطبيب مباشرةً:

  1. البول الداكن.
  2. فقدان الشهية.
  3. اصفرار الجلد.
  4. الغثيان أو القيء.
  5. استمرار الحمى لمدة 3 أيام أو أكثر دون وجود أي سبب واضح.

وبذلك أعزائي القراء نكون قد قدَّمنا لكم أهم الأمور المتعلقة بمرض السل الرئوي، وأعراضه، وتشخيصه، وكيفية علاجه. 

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة