مراجعات الأداء السنوية مقابل المحادثات الدورية

لقد عبَّرَت صحيفة "واشنطن بوست" (The Washington Post) عن الفكرة أفضل تعبير حينما كتبت:

"الشركات الكبرى مغرمة بمراجعة الأداء السنوية".

تقوم بعضٌ من أكثر المؤسسات إثارةً للإعجاب، مثل "أكسنتشر" (Accenture) وديلويت (Deloitte) و"جنرال إليكتريك" (GE) مؤخَّراً، بإلغاء عمليات تقييم أداء الموظفين السنوية التقليدية، والاستعاضة عنها بإجراء "محادثات متكررة".



ويُعَدُّ هذا التحوُّل مؤشراً على تغيُّر كبيرٍ في طريقة عملنا؛ إذ إنَّ مراجعة الأداء السنوية، التي كان يُنظَر إليها سابقاً على أنَّها "طقسٌ تقليديٌّ في حياة الشركة"، قد تمَّ التخلِّي عنها من قِبل أكثر من 10% من شركات الفورتشن 500 (Fortune 500). نحن نعتقد أنَّ هذه مجرد بدايةٍ لتغييرٍ جذريٍّ في نُظم وممارسات إدارة الأداء.

في البداية، تخلَّصوا من استطلاع التفاعل السنوي:

إنَّ الهدف من إلغاء مراجعة الأداء السنوية هو استبدال عمليةٍ غير فعالة ومؤلمةٍ غالباً للمديرين والموظفين على حدٍّ سواء بلقاءات منتظمةٍ حول التقدم في العمل.

لا مزيد من التقييمات الخطيرة التي تُجرى مرةً في العام، وتظلُّ نتائجها محفورةً في سجلك الوظيفي. بدلاً عن ذلك، يُكتَفى بحوارٍ منتظم تحدُث فيه ردود الفعل وعمليات تصحيح المسار بشكلٍ متكرر.

إن كان هذا هو هدفنا، فهل نحن بحاجةٍ أيضاً إلى التخلي عن استطلاع تفاعل الموظفين السنوي؟

  • في الواقع، يجب أن نبدأ باستطلاع تفاعل الموظفين.

لا ينفصل الأداء عن التفاعل؛ إذ إنَّكم إن حسَّنتم تفاعل الموظفين، فستُحسِّنون الأداء. ويمكن للنهج الذي تتَّبعونه في إدارة الأداء وتنمية المواهب أن يكون له تأثيرٌ عميقٌ في تفاعل الموظفين.

ومع ذلك، فإنَّ معظم المقاربات لتفاعل الموظفين لم تواكب وتيرة التغيير، وقد عفا عليها الزمن حالياً.

نحن نعيش الآن في عالمٍ دائم الحركة، نشارك ردود الفعل بشكلٍ مستمر، و"نُعجَب" بصور أصدقائنا، ونعتمد على مراجعات منتجات مصدرها الجمهور لاتخاذ القرارات، ونعتمد أيضاً على المراقبة النشطة لأنظمتنا ونشاطاتنا لتحسين الأداء؛ إذ إنَّ لدينا أحدث الحلول في التمويل والمبيعات والتسويق ونجاح العميل، لمراقبة النتائج مباشرةً وتفويض مديرينا بالبيانات القابلة للتنفيذ.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لنجاح برامج اقتراحات الموظفين

عجز أنظمة الموارد البشرية عن مواكبة التطور:

إذاً، فلماذا لم تتطور أنظمة الموارد البشرية مع مرور الوقت؟ ولماذا لا توجد المزيد من الشركات التي تبقى على اطلاعٍ بما يتعلق بتفاعل الموظفين؟

على الرغم من وجود أدلَّةٍ دامغةٍ على أنَّ قياس تفاعل الموظفين بشكلٍ متكررٍ يُحدِث فارقاً، إلا أنَّ 80% من المؤسسات ما زالت تعتمد على استطلاع المشاركة السنوي (أو الأسوأ من ذلك، نصف السنوي) لالتماس ردود فعل الموظفين. وفي الوقت نفسه، تُقرُّ المؤسسات في جميع أنحاء العالم بوجود عجزٍ مقلق عن فهم دوافع الموظفين واحتياجاتهم.

أصبح تناقص أعداد الموظفين أمراً مكلفاً؛ فإنَّ المزيد من الموظفين يتطلعون إلى النمو خارج مؤسساتهم. إذاً، كيف لنا توقُّع فهم معظم موظفينا ونحن بالكاد نفهم ما الذي يدفعهم للقدوم إلى العمل يومياً؟

تكشف بيانات صادمة من آلاف الموظفين أنَّ أولئك الذين لديهم نتائج تفاعل سلبية، تزيد احتمالية مغادرتهم في الأشهر الستة المقبلة بخمس مرات عن أولئك الذين حققوا درجات تفاعل عالية. وبعد عامٍ واحد، تزداد احتمالية مغادرتهم بمقدار اثنتي عشرة مرة.

ومن خلال جمع ردود أفعال الموظفين على أساسٍ ربع سنوي أو شهري حتى، يمكن للمؤسسات فهم تحديات التفاعل الناشئة بشكلٍ أفضل، والعمل على خفض معدل دوران العمالة قبل فوات الأوان. كما تسمح عمليات تسجيل المشاركة المنتظمة للمديرين والقادة وفريق الموارد البشرية، باتخاذ إجراءاتٍ سريعة لمعالجة المشكلات وتتبُّع تأثير الإجراءات مع مرور الوقت. تزوِّد عمليات تسجيل المشاركة هذه، المؤسسات بردودٍ ذات مغزى وتُمكِّنها من اتخاذ الإجراءات لمساعدة الناس على أن يكونوا أكثر نجاحاً في وظائفهم.

شاهد أيضاً: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة

المزيد من المحادثات المتكررة:

مع بدء المزيد من المؤسسات بالتكيف مع التحوُّل الكبير في طريقة عملنا معاً، نأمل أن يبدؤوا بإثارة تفاعل الموظفين؛ فإنَّ كثرة ردود الفعل المتكررة من الموظفين، والرؤى القابلة للتنفيذ من الأنظمة، والبيانات بين أيدي المدراء - تليها إجراءاتٌ سريعةٌ للتحسين - ستساعد المؤسسات على زيادة التفاعل وبناء فِرقٍ أقوى ناهيك عن تحسين النتائج.

يقول أحد كبار المديرين التنفيذيين للموارد البشرية في شركة "جنرال إليكتريك":

"إن كنتَ ستنتظر عاماً لإعطاء تغذية راجعة مفيدة، فحينئذٍ يكون قد فات الأوان بالفعل".

لذا دعونا نجعل موظفينا يجرون المحادثات المستمرة ويبدؤون بناء فِرقٍ قوية قابلةٍ للنمو.

المصدر




مقالات مرتبطة