ماذا تعلمت الشركات خلال الجائحة؟

فتحت جائحة كورونا أعيننا على الكثير من عجائب الاتصالات الرقمية وإمكاناتها اللامحدودة، ومن الصعب تسمية مجال عمل لم يتأثر في انتشار الجائحة.



بمجرد أن بدأ الإغلاق واضطرت الشركات أن تخلي مكاتبها، فقد بدت النتائج الأولية إيجابية تقريباً؛ حيث ارتفعت الإنتاجية وأفاد الموظفون أنَّهم شعروا بمزيد من الرضا والتركيز وبدا العمل عن بُعد وكأنَّه المستقبل للأعمال جميعها، وهذه بعض الدروس التي يُفترَض أنَّ الشركات تعلَّمَتها خلال الجائحة لتزدهر أعمالها:

1. تقليل أيام العمل المكتبي يحقق إنتاجية أفضل:

لم نكن بحاجة إلى الجائحة لنعلم أنَّ السماح للموظفين بأداء أعمالهم من المنزل سيجعلهم أكثر سعادة، فقد أظهرت العديد من الدراسات أنَّه عندما نقلل ساعات العمل ونسمح للموظفين بالحصول على قدر أكبر من التوازن بين الحياة والعمل، فإنَّ الإنتاجية تزداد بالإضافة إلى جودة العمل وإحساس الموظفين بالرضا عموماً.

لذلك فإنَّ أول درس تعلَّمَته الشركات هو أنَّه عندما يُطلَب من الموظفين القيام بحجم العمل نفسه خلال أيام أقل، فإنَّ إنتاجية الموظفين ترتفع بالإضافة إلى معنوياتهم.

لكن بالنسبة إلى العاملين في مجال تطوير البرامج، فقد كان للعمل من المنزل بعض الآثار السلبية بشكل ملحوظ؛ حيث توجد العديد من الحالات التي أبلغ فيها الموظفون عن انخفاض إنتاجيتهم؛ والسبب أنَّ مسؤولياتهم الأسرية بدت أكثر إلحاحاً.

بالنسبة إلى بعض مطوري البرامج، يُعَدُّ العمل في بيئة مكتبية أمراً أساسياً للحفاظ على التركيز وابتكار أفكار جديدة، فتكوين بيئة العمل والروتين يمكن أن يؤديا دوراً كبيراً في عملية تطوير البرامج ولا شك أنَّ الجائحة غيَّرت جذرياً أسلوب حياتنا.

إقرأ أيضاً: كيف تصبح منتجاً أكثر عندما تعمل من المنزل؟

2. المستقبل للعمل عبر الإنترنت:

على الرغم من مواقفنا المتباينة من تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل "زووم" (Zoom) و"سكايب" (Skype) و"فيس تايم" (Facetime)، ولكن لا ينكر أحد أنَّ تطبيقات التعاون الرقمي سهَّلت إلى حد كبير التواصل في الأعمال التجارية، وصرحت العديد من الشركات بأنَّ "زووم" وغيره من التطبيقات قد أصبحَت جزءاً من إجراءاتها اليومية وعدد الشركات التي تتجه بهذا الاتجاه في تزايد.

فلا ينكر أحد أنَّ عقد اجتماع على تطبيق "زووم" أسرع بكثير من عقد اجتماع تقليدي، علماً أنَّه يمكن الوصول مباشرةً إلى صلب الموضوع من خلال هذه التطبيقات؛ إذ إنَّ الاتصالات الرقمية شبه فورية؛ وهي أسرع وأكثر إيجازاً من الاجتماعات الشخصية.

لن تقتصر الزيادة في استخدام التواصل الرقمي على المكاتب في الشركات، فقد شهدت التجارة الإلكترونية ارتفاعاً قياسياً في عدد المستخدمين منذ بداية الجائحة، ويعتقد الخبراء أنَّ هذه الزيادة قد تظل ثابتة لبعض الوقت.

فبعد أن اختبر المستهلكون سرعة وسهولة استخدام تطبيقات التسوق مثل "إنيستا كارت" (Instacart) وتطبيقات الديليفري مثل "غروب هب" (Grubhub) و"بوست ميتس" (Postmates)، وجدوا أنَّ التسوق من خلال هذه التطبيقات أسهل بكثير من الذهاب إلى المركز التجاري، وعلى الأرجح فإنَّ نسبة المستخدمين لهذه الوسائل في التسوق لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.

وسواءً كانت الجائحة بمنزلة مساعدة أم معوق، إلَّا أنَّه من المؤكد أنَّها غيَّرت الأمور بالنسبة إلى الاقتصاد، ولكنَّ الزمن وحده سيخبرنا ما إذا كان هذا التغيير للأفضل أم للأسوأ.

إقرأ أيضاً: كيف تبقى على تواصل افتراضياً في العمل؟

3. نقل العمل إلى بلد قريب حقَّق فوائد ممتازة لشركات البرمجيات:

بينما كان نقل الاستثمار إلى البلدان النامية أمراً صعباً لعقود من الزمن، فإنَّ نقل الاستثمار إلى منطقة قريبة هو شكل من أشكال التعهيد، لكنَّه أقل انتشاراً وفي هذه الطريقة تقوم الشركة بنقل عملياتها الخارجية إلى بلد قريب من بلدها الأصل.

خلال الجائحة اضطرَّت الكثير من الشركات أن تنقل عملياتها إلى منطقة قريبة من بلدها الأصلي، فمن ناحية يحقق ذلك الامتثال لإجراءات مواجهة الوباء في بلدهم، ومن ناحية أخرى تتمكن الشركة من متابعة عمليات التصنيع ومراقبة الجودة عن كثب، ولقد أثبت نقل الاستثمار إلى منطقة قريبة أنَّ له فوائد عدة منذ أن أصبح ممارسة منتشرة، وبالنظر إلى الماضي كان العديد من هذه الفوائد واضحاً.

صحيح أنَّ نقل فِرق العمل الخارجية إلى بلد قريب من بلدك لا يحقق بالضرورة المزيد من الفوائد لعملك، ولكنَّه يُجنِّبُك الكثير من المعوقات التي تترتب على نقل الاستثمار إلى بلدان بعيدة، وهذه المعوقات تشمل المعوقات اللغوية والثقافية وصعوبة إدارة العمليات عن بعد وأمن المعلومات.

بشكل أساسي فإنَّ نقل العمليات إلى مكان أقرب إلى بلدك، يُسهِّل التواصل وإدارة المشاريع؛ حيث أبلغَت شركات تطوير البرمجيات التي قامت بعمليات النقل إلى مكان قريب من بلدها، أنَّها حقَّقَت توفيراً في التكاليف وحصلت على مزايا ضريبية وعثرت بوقت قصير على خبراء ماهرين للقيام بمشاريعها.

توجد الكثير من التكاليف غير المتوقعة تترتب على نقل العمليات إلى بلد بعيد، ويمكن أن تُوفِّر عليك عملية النقل إلى بلد قريب هذه التكاليف فقط؛ وذلك من خلال جعل العمليات التجارية واضحة وضوحاً أكبر.

4. تطوير البرمجيات يتطلب التفاعل البشري:

يقوم مطورو البرامج بحل المشكلات وابتكار طرائق جديدة للقيام بالأشياء، وقد يكون من الضروري التواصل الشخصي لكي يتمكنوا من القيام بذلك، ويحتاج المطور إلى فهم الأشياء التي يبحث عنها العميل حتى يتمكن من تلبية احتياجاته.

صحيح أنَّ التواصل الرقمي رائع في حالة تفويض المهام البسيطة والتعليمات الواضحة والموجزة، إلَّا أنَّه قد يكون من الصعب على العميل إيصال إحساسه باستخدام البريد الإلكتروني؛ لذلك يُعَدُّ التواصل الشخصي واللقاء وجهاً إلى وجه مفيداً لمزيد من الدقة في العمل.

الشيء نفسه ينطبق على الاستشارات والروابط الاجتماعية وجميع العناصر التي تدخل في مجال تطوير البرامج والصناعة الرقمية عموماً؛ حيث يجب على الشركات أن تكون قادرة على توقع اتجاهات السوق والاستجابة وفقاً لها، وتقدير آراء الجمهور بدقة تجاه المشكلات المحتملة؛ وهذا يعني معرفة آراء الناس وكيف يؤدي العملاء أعمالهم، ومن ثم يتعيَّن على المطورين ليس فقط مراقبة الأشخاص مباشرةً؛ بل أيضاً التواصل مع بعضهم بعضاً لمشاركة وتحليل النتائج.

المصدر




مقالات مرتبطة