وتكتمل هذه القيم بعناصر معنوية كالعطف، والنزاهة، والمسؤولية، التي تعزز التعاون وتُمهّد لتطور مهني مستدام. في هذا السياق، نستعرض العناصر السبعة الجوهرية بينما ننظر في دورنا بوصفنا كوتشز تعليميين.
الشراكة: رسم الطريق سوياً
ينبغي أن تُبنى العلاقة بين الكوتش والمعلم على أساس الشراكة، لا على نموذج هرمي تقليدي.
يعزز إشراك المعلمين في اتخاذ القرارات، وطلب آرائهم، وتقدير خبراتهم خلال جلسات التخطيط استقلاليتهم، وثقتهم بالكوتش.
تفتح هذه الشراكات المجال للمشاركة الفاعلة من طرف المعلمين، وكما تقول "ليندسي وأنجيلا": "إذا لم يُظهر الكوتش اهتماماً حقيقياً بالتعرف على المعلمين وفهم ما يهمهم، فلن يكون للكوتشينغ التعليمي الأثر المنشود."
كلما استطاع الكوتش مواءمة أسلوبه مع أهداف كل معلم واحتياجاته، ازدادت فاعلية العلاقة، وإظهار التعاطف مع ظروف المعلم المخصصة يُعزز عمق الشراكة بين الطرفين.
الموثوقية: الدعامة التي تُبنى عليها الاعتمادية
في أية علاقة ناجحة، ينبغي أن يتشارك الطرفان المسؤولية ويكونا موثوقين، وبخلاف ذلك، يستحيل أن تترسخ الثقة في العلاقة بصرف النظر عن نوعها.
تخيَّل مركبة تتعطل فجأة عندما تكون في أمسِّ الحاجة إليها، هذا ما يشعر به المعلم عندما لا يلتزم الكوتش بما وعد به، فقد يلجأ حينها إلى بدائل سريعة، لكنها نادراً ما تُفضي إلى تغيير حقيقي وعميق في الممارسة التعليمية.
يتحقق الأثر الأكبر عندما يتعاون الكوتش والمعلم بانتظام طوال دورة الكوتشينغ، ويبدأ ذلك بوضع توقعات واضحة منذ البداية: كيف ستُعقد الجلسات؟ وأين؟ وما مسؤوليات كل طرف؟ يبني الاتفاق المبكر على هذه التفاصيل والالتزام بها الموثوقية.
يسعى المعلم للتأكد من جدوى استثمار وقته وجهده في جلسات الكوتشينغ.
ينظم استخدام جداول واضحة وبروتوكولات دقيقة اللقاءات ويحقق الاستفادة القصوى، وعندما تكون الجلسات منتظمة ومنظمة، يشعر المعلم بالأمان والثقة في جدواها.
الاستمرارية: الركيزة الدائمة للثقة
ثمة سلوكات تُبرِز الموثوقية والمصداقية وتؤدي إلى الاستمرارية مع مرور الوقت، فعندما يلتزم الكوتش بمواعيده، ويُقدِّم الدعم والموارد باستمرار، فإنَّ ذلك يعكس استمرارية الجهد ورسوخ النية.
يقلل الاجتماع في أوقات محددة، وفق بروتوكول واضح من التشتت ويُكرِّس التركيز، وعندما تتوالى جلسات الكوتشينغ دون انقطاع، فإنَّ ذلك يدل على أنَّ الطرفين – الكوتش والمعلم – يُقدِّران هذه العلاقة ويمنحانها الأولوية اللازمة لما لها من أثر في الأداء الطلابي والمعرفي.

السرية: بناء مساحة آمنة
قد تكون السرية صفة حساسة وهامة في علاقة الكوتشينغ، فالمعلم لا ينخرط بصدق في عملية التغيير ما لم يشعر بالأمان الكافي لمشاركة إخفاقاته، تماماً كما يشارك نجاحاته، فلا تعلُّم بلا اعتراف، ولا اعتراف بلا أمان.
إذا خشي المعلم أن تُنقل أحاديثه إلى الإدارة أو الزملاء، فسيُحجم عن التعبير الصادق؛ لذلك، تقع على عاتق الكوتش مسؤولية توفير ضمانات خصوصية اللقاء.
يُترجم ذلك باختيار أماكن مناسبة، وربما استخدام ضوضاء بيضاء أو مؤثرات صوتية تُقلل التسريب؛ بل وحتى تعليق لافتة "الرجاء عدم الإزعاج" على باب الغرفة.
الأهم من كل ذلك هو أن يُبلغ الكوتش المعلم صراحةً بأنَّ كل ما يُقال داخل الجلسة سيبقى بينهما، وأنَّ خيار مشاركة النجاحات أو التحديات مع الآخرين، يعود بالكامل إلى المعلم نفسه.
تشبه هذه العلاقة، من جهة الثقة، العلاقة بين الطبيب والمريض، أو بين المحامي وموكِّله، وتقوم على السرِّية التامة بوصفها أساساً لا يُمس.
العطف، والنزاهة، وروح المسؤولية: بيئة الثقة الحقيقية
إن كانت الشراكة، والاعتمادية، والثبات، والسرِّية هي الجوهر النابض لـ علاقة الكوتشينغ، فإنَّ الدفء والنزاهة وروح المسؤولية، هي التربة التي تحتضن هذا الجوهر وتمنحه الحياة.
تقول "ليندسي وأنجيلا": "يحتاج المعلم حالياً إلى من يهتم لأمره بصدق أكثر من أي وقت مضى."
يولِّد العطف بيئةً يشعر فيها المعلم بالترحاب والاحترام، أمَّا النزاهة، فهي ما يبعث في نفسه الطمأنينة إلى نوايا الكوتش وصدقه، وأمَّا روح المسؤولية، فهي التزام حقيقي يقوده الكوتش في دعمه لمسيرة المعلم، ويُرشد من خلاله خطوات الرحلة التعليمية.
في الختام
ما وراء لفتات المجاملة البسيطة، يكمن جوهر الكوتشينغ الحقيقي: فن بناء الثقة.
تُنتِج الممارسة المتواصلة لعناصر الشراكة، والموثوقية، والثبات، والسرية، والدفء، والنزاهة، وروح المسؤولية بيئة خصبة لنمو المعلمين وتفتح أمامهم آفاقاً للتطور المهني والإنساني.
تنبت الثقة وتترسخ في هذه الأفعال الواعية، وفي الروابط الإنسانية الأصيلة، مُمهِّدة الطريق تجاه تغيير مستدام ومثمر.
يجب على الكوتش التعليمي أن يتجاوز المجاملات التقليدية، ليغرس جذوراً عميقة من الثقة تؤتي ثمارها في قلب الممارسة التعليمية، وتُثمر فرقاً حقيقياً في حياة المعلمين والطلاب على حد سواء.
أضف تعليقاً