ما هي محفزات الصدمة النفسية؟

غالباً ما تُذكر محفزات الصدمات في كلٍّ من الأبحاث ووسائل الإعلام، لكن يمكن لعبارة "محفزات" أن توتر الناس أو تثير المشاعر السلبية لأنَّها قد تُشعِرهم بأنَّهم ضعفاء أو حساسون للغاية ويؤثر المفهوم الخاطئ الشائع عن المعنى السلبي لهذه العبارة في أولئك الذين يعانون اضطراب الكرب التالي للصدمة والاضطرابات الأخرى المرتبطة بالصدمات؛ لذا من الهام فهم المصطلح والآثار المترتبة عليه بالنسبة إلى الذين يتعافون من الصدمات النفسية.



ما هي محفزات الصدمة النفسية؟

المحفزات ليست بالضرورة سلبية؛ فالمحفز هو الشيء الذي يسبب استجابة جسدية. عادة ما تكون المحفزات حسية بطبيعتها، ممَّا يعني أنَّها أشياء ندركها بحواسنا مثل المشاهد أو الأصوات أو الأحاسيس أو الملمس أو الروائح، وتنبه المحفزات الجسم إلى وجود تهديد قريب، ولأنَّنا نواجه أنواعاً متماثلة من التهديدات طوال حياتنا تربط أدمغتنا بين أشكال التهديدات المتشابهة. هذا نظام فعال للبقاء على قيد الحياة يمتلكه البشر جميعهم؛ لذا فهو صفة إيجابية.

على سبيل المثال، إذا كان الطفل يضرب كلباً فقد يعضه الكلب ممَّا قد يكون حدثاً مؤلماً، وبناء على ذلك يمكن الافتراض أنَّه في المستقبل عندما يرى الطفل كلباً سيتوخى الحذر سواء كان الطفل مدركاً لهذا أم لا؛ فقد ربط ذهنه بين الكلب والخطر؛ لذا إذا صادف الطفل كلباً بعد هذا الحادث قد يتشنج جسده عند اقترابه منه، وهو بمنزلة تذكير غير واعٍ ليضبط نفسه، إضافة إلى ذلك قد يعمم الطفل هذه المعلومات ويبتعد أو يتجنب الحيوانات الأخرى المشابهة مثل القطط.

للحفاظ على السلامة من الهام أن يكوِّن دماغ الطفل هذه الأنواع من الروابط وأن يستجيب الطفل تلقائياً لها، فبدلاً من إضاعة الوقت في تذكُّر الحادثة الأولى من الهام أن تستجيب أجسامنا دون تفكير واعٍ منا فوراً حتى نتمكن من تجنب التهديد أو التعامل معه.

تُذكِّر المحفزات وهي المعلومات الحسية المرتبطة بالخطر نظامنا العصبي بأنَّ أمراً ما مررنا به سابقاً قد يكون مصدر خطر في هذه اللحظة.

شاهد بالفديو: 6 علامات تبين أن شخصيتك مضطربة وليست عادية

ماذا يعني أن تُحفَّز؟

في حين أنَّ القدرة الغريزية على تعميم المعلومات المتعلقة بالتهديدات يمكن أن تكون شيئاً جيداً، إلا أنَّها قد تُصعِّب أحياناً تقييم خطورة التهديد حقاً وخاصة بالنسبة إلى أولئك الذين تعرضوا للصدمات لأنَّها تربك النظام المسؤول عن ملاحظة التهديدات.

خلال حدث صادم عندما نكون في حالة من الضيق الشديد ثمة عدد قليل من الاستجابات المحتملة، ومن ذلك الحركة (استجابة الكر أو الفر)، أو عدم الحركة (استجابة الإغماء أو التجمد) في أثناء الاستجابة الحركية، وقد يعاني المرء زيادة معدل ضربات القلب وانخفاض درجة حرارة الجلد وتوجه تدفق الدم إلى القلب والعضلات والشعور بالذعر وزيادة سرعة التنفس، بينما تؤدي استجابة عدم الحركة إلى الشعور بالخدر أو الإحساس بالوخز أو انخفاض ضغط الدم أو الإغماء أو صعوبة التحدث.

سواء واجهت حدثاً صادماً واحداً أم نوبات عديدة صادمة، يمكن أن تصبح هذه الاستجابات جزءاً من ردود فعل الجهاز العصبي وهكذا حتى في اللحظات التي يكون فيها الفرد آمناً، قد يشعر الجسم بالمحفز ويشعر وكأنَّه في خطر ويستجيب وفقاً لذلك.

على سبيل المثال قد يشعر الشخص الذي تعرض لحادث سيارة بالتوتر ويعاني تسارعاً في ضربات القلب في كلِّ مرة يركب فيها سيارة، بينما قد لا تكون المحفزات الأخرى واضحة مثل الشعور بالانفصال عن الأفكار أو المشاعر أو الذكريات، وهو رد فعل شائع للصدمات وقد لا يدرك الدماغ سبب ذلك، على سبيل المثال قد لا تتذكر ضحية الاعتداء الجنسي الاعتداء ومع ذلك قد يحفزها سماع حديث عن اعتداء جنسي.

إقرأ أيضاً: مفهوم الصدمة النفسية وأعراضها وطرق علاجها

كيف يمكنك أن تكون عطوفاً ومتفهماً لمحفزات الصدمة؟

قد يكون من الصعب فهم أنَّ شخصاً ما لديه رد فعل جسدي قوي تجاه شيء يمكن عدَّه آمناً، لكن ضع في حسبانك أنَّ كلَّ شخص يمر بتجارب مختلفة ويشعر بها شعوراً مختلفاً، وما حفَّز شخصاً ما في الماضي قد يكون مختلفاً عمَّا حفَّز الآخرين، لكن هذا لا يعني أنَّه ضعيف أو حساس ولا أنَّه يبالغ في رد فعله؛ إذ يمكن أن تُصعِّب مثل هذه الأوصاف على الناجين من الصدمات طلب المساعدة والدعم.

من الصعب للغاية عيش حالات الذعر والخدر دون معرفة السبب، كما أنَّه من الصعب للغاية أن يشكك الناس في مشاعرك ويرفضوا قبول تجربتك؛ فقد بُحِث في مفهوم التحفيز على نطاق واسع وهو حقيقي للغاية ومن الهام أن نخبر الآخرين بأنَّنا نصدقهم.

حتى لو لم تواجه أيَّة صدمات ربما تعرف ما هي المحفزات؛ إذ نمر جميعاً بلحظات ندرك فيها أنَّنا لسنا في خطر، ومع ذلك قد نشعر بالقلق وهذا جزء من الطبيعة البشرية؛ فإذا كنت تحاول فهم تجربة شخص ما عند تعرضه للمحفزات، فحاول أن تتخيل لحظات في حياتك شعرت فيها بالخوف أو الذعر، وإذا حددت بعض المحفزات المتعلقة بصدماتك ووجدت صعوبة في التأقلم معها، فحاول أن تكون متعاطفاً مع نفسك.

إقرأ أيضاً: عندما يجرح التعاطف، يمكن للرحمة أن تداوي

في الختام:

أخبر نفسك أنَّ اللوم لا يقع عليك عندما يستجيب جسمك بطرائق تشعرك بالارتباك، وذكِّر نفسك أنَّك صمدت خلال التجارب الصعبة، واعلم أنَّه يمكنك أيضاً طلب المساعدة؛ إذ تهدف علاجات عديدة للمساعدة على التعامل مع هذه التجارب والأعراض لدعمك جسدياً ونفسياً وتعليمك طرائق جديدة للعناية بنفسك.

UNDERSTANDING TRAUMA TRIGGERS




مقالات مرتبطة