ما هي متلازمة رامزي هانت التي أُصيب بها جاستن بيبر؟
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي منذ فترة خبر إصابة المغني الكندي ونجم البوب الشهير "جاستن بيبر" البالغ من العمر 28 سنة بمتلازمة سبَّبت له شللاً في وجهه تسمى متلازمة "رامزي هانت"، ليخرج ويؤكد هذه الأخبار ويعلن فعلاً عن إصابته ويلغي حفلتين كان من المقرر أن يحييهما استكمالاً لجولة غنائية كان قد بدأ بها، موضحاً وشارحاً عن الحالة التي أصابته من خلال مقطع فيديو نشره على حسابه على موقع "إنستغرام" قائلاً: "كما ترون، هذه العين لا تومض، لا أستطيع أن أبتسم على هذا الجانب من وجهي، فتحة الأنف هذه لن تتحرك".
ما هي إذاً هذه المتلازمة؟ وهل هي نادرة أم شائعة؟ وما مدى خطورتها؟ وما هي أسبابها والأعراض التي تدل على الإصابة بها؟ وكل ما يتعلق بهذه المتلازمة ستتعرف إليه عند قراءة المقال الآتي.
أولاً: ما هي متلازمة "رامزي هانت"؟
متلازمة "رامزي هانت" اضطراب عصبي نادر الحدوث يسبب شللاً في أحد جانبي الوجه مع ظهور طفح جلدي على الفم والأذن، وتستمر هذه الحالة وسطياً نحو ثلاثة أسابيع، وقد سميت هذه المتلازمة باسم "رامزي هانت" نسبةً إلى طبيب الأعصاب الذي اكتشفها عام 1907.
أعراض متلازمة "رامزي هانت"
أعراض هذه المتلازمة ليست واحدة عند جميع المصابين؛ بل تختلف من حالة إلى أخرى، لكن عموماً يعاني المصاب من:
- شلل في أعصاب الوجه، ويتأثر بهذا الشلل جانب واحد فقط من الوجه.
- يظهر أيضاً على المصاب طفح جلدي أحمر وربما يكون ظهور هذا الطفح دليلاً على أنَّ الشلل ناتج عن متلازمة "رامزي هانت" وليس نتيجة لأسباب أخرى، ويأخذ الطفح الجلدي شكل تقرحات مؤلمة تتوزع على صيوان الأذن وفي القناة السمعية الخارجية كما ذكرنا آنفاً.
غالباً ما يتم تشخيص الإصابة بمتلازمة "رامزي هانت" بناءً على ظهور هذه التقرحات حويصلية الشكل، وقد تصل التقرحات والبثور المؤلمة إلى الفم فيصاب أعلى الحنك وأعلى الحلق بها.
لا يترافق هذان العرضان مع بعضهما؛ بل يحدث كل منهما وحده، ونتيجةً للإصابة بمتلازمة "رامزي هانت" قد يحدث ما يأتي أيضاً:
- ضعف أو تصلب في عضلات الجانب المصاب بالشلل، وهذا يؤثر في قدرة الشخص المصاب على الابتسام أو النطق السليم.
- عجز المصاب عن إغلاق العين في الجانب المشلول.
في بعض الأحيان تظهر أعراض أخرى تتمثل فيما يأتي:
- طنين وألم في الأذن وفقدان السمع وفقدان لحاسة التذوق أو تغير فيها.
- إصابة العين والفم بالجفاف.
- قد يظهر على بعض المصابين أيضاً أعراض الغثيان والإقياء والدوار.
يُفضَّل زيارة الطبيب مباشرةً بعد إحساسك بهذه الأعراض؛ لأنَّ هذا من شأنه التخفيف جداً من حدتها، ويساعد على الحد من خطورة الإصابة وحدوث المضاعفات، وفي حال التأخر عن العلاج قد يحدث ضعف دائم في عضلات الوجه، وقد تتطور الأعراض إلى مضاعفات خطيرة في حال لم يتم علاجها بالوقت المناسب وبشكل سريع، فقد يصل الأمر إلى:
- فقدان دائم للسمع.
- تلف القرنية نتيجة قلة الرمش التي تحمي العين، وهذا ينتج عنه آلام شديدة في العين وصعوبة في الرؤية.
- وقد تتضاعف أيضاً الأعراض ليصاب الشخص بآلام عصبية بعد الإصابة بمتلازمة "رامزي هانت" نتيجةً لتلف الألياف العصبية التي تصبح رسائلها العصبية غير صحيحة ومبالغاً بها، وقد يستمر هذا الشعور بالألم لفترة طويلة بعد الإصابة وزوال الأعراض.
شاهد: 8 عادات يومية من أجل صحة قوية
ثانياً: ما هي أسباب الإصابة بمتلازمة "رامزي هانت"؟
متلازمة "رامزي هانت" هي إصابة فيروسية تحدث بسبب الإصابة بفيروس الحماق النطاقي، وهو الفيروس ذاته المسبب لجدري الماء، وقد يحمل المصاب هذا الفيروس لعقود بعد إصابته بجدري الماء في أثناء الطفولة، وعادةً ما يبقى الفيروس مختبئاً داخل مجموعة من الخلايا العصبية موجودة بجانب الحبل العصبي تسمى عقدة الجذر الظهرية، فلا يسبب الفيروس أيَّة أعراض في أثناء فترة السكون هذه، وأي تنشيط لهذا الفيروس يؤدي إلى ظهور ما يسمى القوباء المنطقية التي تتطور في بعض الحالات لتصبح متلازمة "رامزي هانت".
يحدث هذا عندما يؤثر هذا التنشيط في العصب الوجهي الذي ينطلق من الدماغ ليصل إلى جهتي الوجه عبر قناة تسمى قناة الوجه الضيقة التي تقع داخل قطعة كثيفة جداً من العظام، فيحدث ما يشبه الغزو من قِبل الفيروس لعصب الوجه المسؤول عن حركة العضلات، ولأنَّ هذا العصب يرافق العصب الدهليزي القوقعي الذي يؤدي دوراً في التوازن والسمع في جزء من رحلته، فإنَّ الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة يعانون من مشكلات في السمع وأحياناً يعانون من الدوار.
يحدث التنشيط بسبب عوامل عدة كالتعب والإجهاد أو الإصابة بعدوى أخرى، لكن حتى الآن لم يُعرَف السبب الدقيق وراء تنشيط هذا الفيروس، لكن أُثبت أنَّ جميع الحالات تحدث عند من أُصيبوا بوقت سابق بجدري الماء، فلا يوجد فرق في الإصابة بين الذكور والإناث فهذه المتلازمة تصيب كلاً من الرجال والنساء على حد سواء.
وفقاً لمنظمة "نورد" الأمريكية المتخصصة بتقديم الدعم للمصابين بالأمراض النادرة، فإنَّ خمسة من بين كل مئة ألف شخص في الولايات المتحدة الأمريكية يصابون كل عام بهذه المتلازمة، وطبعاً لا يمكن عدُّ هذه الإحصاءات دقيقة قطعاً.
قد تطال متلازمة "رامزي هانت" كبار السن ممن تجاوزوا الستين من العمر أو الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة، ونتيجة الإجراءات الروتينية المتبعة في إعطاء اللقاحات لجدري الماء، فإنَّ فرص الإصابة بالمتلازمة تقلُّ كثيراً عند الأطفال، حتى إنَّها تكون نادرة الحدوث.
الجدير بالذكر أنَّ هذه المتلازمة ليست مُعدية بحد ذاتها، لكنَّ الجدري معدٍ للأشخاص الذين لم يصابوا به أو لمن لم يأخذوا التطعيمات اللازمة، وهذه العدوى كما ذكرنا آنفاً قد تؤدي إلى تنشيط الفيروس بعد فترة ثم الإصابة بالمتلازمة، وهذا ما يستدعي توخِّي الحذر عند الأشخاص الذين تزداد عندهم عوامل الخطر كالحوامل وحديثي الولادة وكبار السن ومن لديهم ضعف بالجهاز المناعي، عند الاحتكاك بالأشخاص المصابين بجدري الماء وعدم لمسهم والاقتراب منهم.
لقد نسب أحد الأطباء إصابة "جاستن بيبر" بهذه المتلازمة إلى القلق والإرهاق والتعب، وخاصةً أنَّ "جاستن" قد أُصيب بها في أثناء قيامه بجولة غنائية، ويُضاف إلى هذا نظام الحياة والتغذية غير الصحيين اللذين يخفضان من قوة الجهاز المناعي، وهذا يزيد خطر الإصابة.
هنا لا بد من الإشارة إلى الفرق بين متلازمة "رامزي هانت" وشلل "بيل"، فالأخير يحدث أيضاً بسبب هجوم فيروسي على عصب الوجه لكن دون تحديد نوع الفيروس، بخلاف متلازمة "رامزي هانت" التي تحدث بسبب نوع محدد من الفيروسات كما ذكرنا وهو فيروس الهربس العصبي المسبب لجدري الماء؛ إذ تتشابه الحالتان بالضعف والشلل الذي يصيب عضلات الوجه لكن تختلفان بالألم، فالألم الناتج عن الإصابة بشلل "بيل" أخف وأقل حدة.
ثالثاً: تشخيص وعلاج متلازمة "رامزي هانت"
يتم التشخيص أغلب الأحيان من خلال الأعراض السريرية والمؤشرات البدنية الظاهرة على جسد المريض، ويرجع الطبيب أيضاً إلى التاريخ الطبي للمريض في كثير من الأحيان، وقد يلجأ في حال راوده الشك إلى أخذ عينة من أحد البثور لاختبارها.
كما ذكرنا أكثر من مرة فإنَّ التعجيل في العلاج يساعد كثيراً على التخفيف من حدة الأعراض ومضاعفاتها؛ إذ وصلت نسبة الشفاء التام إلى 70% عند الأشخاص الذين باشروا بالعلاج خلال ثلاثة أيام من الإصابة.
عموماً يُستخدم للعلاج الأدوية المضادة للفيروسات في مواجهة فيروس جدري الماء، وجرعة عالية من البريدنيزون تساعد على تعزيز تأثير هذه الأدوية، كما يحتاج المريض إلى أدوية مضادة للقلق وأدوية للدوار ومسكنات للألم، وأيضاً يمكن القيام بتمرينات رياضية لعضلات الوجه لترجع إلى وضعها الطبيعي قبل الإصابة.
قد يحتاج المصابون وبسبب الجفاف الذي يصيب العين إلى تليينها بالدموع الاصطناعية وإلى إغلاقها ليلاً، والجدير بالذكر أنَّه في أمريكا يتم إعطاء لقاح لهذه المتلازمة بشكل روتيني للأشخاص الذين تجاوزوا الستين من العمر يُعرَف باسم لقاح (zostax)، وقد أثبت هذا اللقاح فاعليته في منع تنشيط الفيروس.
في الختام:
أن تكون شخصاً مشهوراً لا يعني عدم إصابتك بالأمراض، وهذا ما أكدته هذه الحالة التي أدت إلى إصابة "جاستن بيبر" بمتلازمة "رامزي هانت" النادرة، وأكدته العديد من الحالات الأخرى؛ لذلك فإنَّ الحامي الوحيد والحصن المنيع للإنسان للحفاظ على صحته هو اتباع القواعد الصحية الضرورية، والاعتماد على الغذاء المتنوع والمتوازن ونمط الحياة الصحي من ممارسة الرياضة إلى الحصول على ساعات نوم كافية وتجنب الإرهاق والتعب؛ لأنَّ هذا كله يرفع من صحة وقوة جهازك المناعي ويجعلك جاهزاً في أي وقت لتحدي المرض.