ما هي الخيمياء؟ وما هي الدروس التي تعطينا إياها؟

نحن نعيش في مجال مادي بامتياز منغمسين في التفاصيل الخارجية إلى أن ابتعدنا عن إنسانيتنا وتخلينا عن طبيعتنا الروحانية، واهبين الأحداث الخارجية قوة التحكم في حياتنا، متناسين قدراتنا الخفية وطبيعتنا النورانية الأصلية، مسلِّمين كل توقعاتنا وطموحاتنا إلى الخارج، باحثين عن السعادة بعيداً عن ذواتنا، متجاهلين فكرة أنَّ كل شيء يبدأ من الداخل.



لطالما نتأثر كثيراً بكلام الآخرين وبتعليقاتهم المختلفة والقاسية في بعض الأحيان، جاعلين قيمتنا مرتبطة بآرائهم عنَّا، واعتدنا أن نصبَّ جام غضبنا على الآخر الذي يستفزنا بدلاً من توجيه السؤال إلى ذواتنا بكامل المسؤولية والالتزام "لماذا استفزني هذا الموقف، ما هو الدرس الذي يريد هذا الموقف أن يعلمني إياه؟".

ماهي الدروس التي تريد الخيمياء أن تعلِّمها لنا؟ هذا ما سنتعرف إليه من خلال هذا المقال.

الخيمياء:

هي عملية الاعتراف الصادق بالمشاعر، بهدف الكشف عن مصدرها، وصولاً إلى الجذر النفسي لها بهدف العمل على معالجة السبب الحقيقي لها، فهي عملية توجيه أصابع الاتهام إلى النفس البشرية عوضاً عن توجيهها إلى الخارج، من أجل العمل على تنظيف النفس من الحجب التي تشكَّلت بحكم البرمجات والموروثات المجتمعية التي يتبنَّاها الإنسان على مدار سنوات حياته.

الدروس التي تعطينا إياها الخيمياء:

1. درس الألم:

يشعر معظمنا بالألم نتيجة الكثير من التجارب القاسية التي نمر بها في حياتنا، ولكن يميل معظمنا إلى تحميل الآخر مسؤولية المشاعر التي نحملها؛ حيث يعيش معظمنا دور الضحية بامتياز، على سبيل المثال: "لقد خسرت كل أموالي، يا لا هذا الحظ التعيس، كل الناس خائنون، لقد سرقوا أموالي"، ومن ثمَّ تستقر فكرة "الناس ليسوا موضع ثقة" في لاوعي الشخص بعد إضفاء جرعة من المشاعر إليها حتَّى تتحول إلى معتقد راسخ يؤثر في سلوكاته وتصرفاته في الحياة، ومن هنا تبدأ برمجة الإنسان، فالواقع الذي نعيشه لا يمثل إلَّا ما نحمله من معتقدات عن الحياة والناس وكل شيء.

تدعونا الخيمياء إلى البحث في الداخل للوصول إلى الجذر الأساسي للمشاعر السلبية أو المواقف السلبية التي نتعرَّض لها، فبدلاً من إلقاء اللوم على الحظ السيئ، وعلى الناس السيئين؛ تطلب منا الخيمياء بعد اختبار مرحلة التعبير عن كم المشاعر السلبية التي نحملها تجاه الموقف؛ أن نسترخي ونبدأ بالبحث عن المعتقد الداخلي المشوه الذي نحمله عن ذاتنا والذي جذب كل تلك الأحداث السلبية إلى حياتنا، كأن يكون لديه معتقد "أنا فقير، ولن أكون من الأغنياء في حياتي".

لن يستطيع الإنسان الوصول إلى العمق إلا من خلال الصدق مع الذات، والإحساس بالمسؤولية أمام أحداث حياته.

إقرأ أيضاً: خطوات لترتيب حياتك وعيشها بشكل جيد

2. درس الحياد:

عندما يعي الإنسان المعتقدات الخاطئة المهيمنة على حياته، ويبدأ بتفريغ الشحنات العاطفية المرافقة لها؛ يدخل حينها مرحلة الحياد ويبدأ بإدراك أنَّ هذا المعتقد سبب وقد أدى إلى نتيجة في حياته وهي خسارته للمال، وبدلاً من وجود طاقة سلبية عارمة على المجتمع والناس؛ يبدأ الإنسان بالاسترخاء والهدوء وتأتيه حالة من الصفاء الذهني الرائع.

3. درس الحكمة:

عندما يصل الإنسان إلى حالة الحياد، فإنَّه يفتح المجال أمام ذاته الأصلية النقية للظهور على السطح والكشف عن الكنوز الداخلية التي يتمتع بها، وهنا تلمع البصيرة، ويشعر الإنسان بالقوة والوضوح، فيبدأ بتقصي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء كل تجليات الحياة التي تظهر في واقعه، ويسأل نفسه: "ما الدرس من وراء هذا الموقف؟" بدلاً من سؤال "لماذا يحدث لي هذا؟".

4. درس الماضي:

تدعونا الخيمياء إلى البحث عن الماضي بكل ما يحمله من تجارب ومواقف، من أجل تنظيف ما يحويه من مشاعر سلبية، وأفكار مغلوطة، وبرمجة تدميرية للعقل البشري.

على سبيل المثال إن كان الإنسان يحمل أفكاراً سلبية عن الأغنياء، مثل: "كل الأغنياء غير متعاونين واستغلاليين" فهنا يستطيع الإنسان العودة إلى الماضي لاكتشاف أنَّ هذه الفكرة محفورة في لاوعيه من قِبل أبيه الذي كان على الدوام يقول: "لا تقترب من الأثرياء، فهم من أكثر الناس شراً في العالم"، وأمه التي تقول: "أنا أكره المال فهو أصل كل الشرور في العالم بأسره".

4. درس الفصل:

عندما يتحرر الإنسان من تأثير البرمجة الفكرية والمعتقدات المزيفة، ويكتشف أنَّ في إمكانه بناء الواقع الذي يريد من خلال اختيار ما يناسبه من معتقدات والتخلي عمَّا لا يناسبه منها؛ عندها يتعلَّم ثقافة التكامل، والتوازن؛ حيث يبني شخصيته بطريقة إبداعية عميقة.

5. درس الشكر:

وهنا يقوم الإنسان بالوصول إلى طاقة الشكر الحقيقي لكل حدث في حياته، بما فيها الأحداث السلبية؛ وذلك لأنَّه اكتشف أنَّ الهدف من وراء كل أمر في حياته التطور والارتقاء، على سبيل المثال: اكتشفت الإنسانة أنَّ ظهور ذلك الحبيب المستفز في حياتها؛ ما هو إلا درس لها لكي تتعلم الصبر والتروي وعدم الانفعال، ومن ثم شكرَت الكون على تلك الهدية التي بدت سلبية في ظاهرها إلَّا أنَّها عميقة وإيجابية في داخلها.

إقرأ أيضاً: 7 فوائد للامتنان تذكرك أن تشكر الله كل يوم

في الختام:

لا تُنقِص من حجم طاقاتك وقدراتك، واعلم أنَّ أعظم سعي في العالم هو مراقبتك لأفكارك وسعيك إلى تغييرها وتطويرها بما فيه خير لك ولغيرك.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة