ما هي التغذية الراجعة غير المفيدة؟

تُعَدُّ التغذية الراجعة الجيدة أمراً ضرورياً لأي شخص يريد تنمية حياته المهنية، لكن ينتهي الأمر بالكثير منا بتلقِّي نصائح لا طائل منها.



تقول "فيبي جافين" (Phoebe Gavin) الكوتش المهنية المتخصصة في دعم المهنيين في بداية ومنتصف ​​حياتهم المهنية إنَّها غالباً ما تلحظ تغذية راجعة سيئة يمكن تقسيمها إلى فئتين: الثناء الفارغ، والنقد الغامض.

قالت إنَّ هذين النوعين من التغذية الراجعة غير مفيدَين؛ لأنَّ ما يريده الناس هو أن يكونوا قادرين على تحديد شيء معين يمكنهم القيام به، وعليهم إما الاستمرار في القيام به لأنَّه ناجح، أو تعديله لأنَّه غير ناجح، ولسوء الحظ، التغذية الراجعة السيئة شائعة، وقد تبدأ بالتأثير في أفكارك في العمل، وفيما يلي أنواع التغذيات الراجعة التي يجب عليك إعادة التفكير فيها:

1. عمل رائع:

كلمات التشجيع شائعة، ولكنَّ الغامضة مثل هذه ليست مفيدة في الواقع؛ لأنَّها غير مرتبطة بنتيجة محددة تتعلق بالمنصب أو المنظمة؛ حيث لا يعرف الشخص الذي يسمعها ما هو العمل الرائع الذي قام به وما تأثيره، تقول "جافين": "إنَّها ليست مفيدة على الإطلاق"، كما أنَّها لا تشجع أحداً على الاستمرار في العمل الجيد أيضاً.

تقول "أنجيلا كاراكريستوس" (Angela Karachristos) الكوتش المهنية العاملة في مجال الموارد البشرية: "المشكلة في هذا النوع من التغذية الراجعة أنَّها على الرغم من الشعور الرائع الذي تمنحنا إياه، فإنَّها لا تعزز أي سلوكات، ومن أجل تحويل التغذية الراجعة التي لا معنى لها إلى شيء من شأنه تشجيع الموظفين على مواصلة الأداء، يجب أن تكون التغذية الراجعة محددة بدقة، فبدلاً من قول "عمل رائع"، يجب على المدير إعطاء مثال محدد عما قام به الشخص بنجاح لكي تتكرر تلك السلوكات الإيجابية".

غالباً ما يكون إغداق الثناء غير المفيد هو خطأ يرتكبه المديرون المبتدئون لإرضاء الموظفين كوسيلة للتعويض عن التجارب السلبية التي مروا بها شخصياً في الفريق، تقول "جافين": "كثير من المديرين يبالغون في التصحيح والمديح، ولا يقدمون هذا النوع من الدعم من خلال النقد البنَّاء الذي يساعد الموظفين على النمو".

إقرأ أيضاً: لماذا لا تؤثر عبارات التشجيع فيك، وكيف تغير ذلك؟

2. لا يعجبني هذا:

يبدأ النقد السيئ بالخطأ الذي ارتكبه شخص ما وينتهي عند هذا الحد، بينما يمنحه النقد الجيد مساراً واضحاً لما يجب أن يحدث بصورة مختلفة وكيف يمكنه القيام بذلك على نحو أفضل في المرة القادمة، تقول "جافين": "إذا قلت للموظف أنت لم تنجز العمل في الموعد المحدد، وهذا أدى إلى مشكلات، بالتأكيد، قد يكون هذا صحيحاً، لكنَّه لا يمنح الموظف أيَّة فرصة للتحسين، ولا يؤدي إلى محادثة يمكن من خلالها حل المشكلة".

تشير "جافين" إلى أنَّ التغذية الراجعة الشخصية والغامضة، مثل: "لا أحب ذلك"، أو "هذا لا يناسبني"، أو "لم أسمع ذلك من قبل" تنبع من تجربة شخصية ولا تنطوي على أي عوامل خارجية أخرى، والطريقة الأفضل هي أن تكون محدداً بشأن الخطأ، أو أن يكون لديك التواضع لملاحظة أنَّ التغذية الراجعة هي مجرد رأي، تقول "جافين": "تشبه هذه الطريقة الفارق بين قولك (تبدو هذه الألوان مزعجة بالنسبة إليَّ، هكذا تبدو لي) وقولك (لا أحب ذلك، لا أحب هذا التصميم)".

إقرأ أيضاً: 11 عبارة لا يتفوَّه بها الأذكياء في العمل أبداً

3. عليك تحسين سلوكك:

كتبت الخبيرة الإدارية "كيم سكوت" (Kim Scott) في كتابها "الصراحة الحقيقية: كن مديراً قوياً دون أن تفقد إنسانيتك" (Radical Candor: Be a Kick-Ass Boss Without Losing Your Humanity): "تقع الكثير من انتقادات العمل السيئة في فخ إبراز السمات الشخصية بدلاً من الاعتراف بالأسباب الخارجية للمشكلة.

فمن السهل أن تقول: "أنت مهمل" بدلاً من أن تقول: "لقد كنتَ تعمل في الليل وفي عطلات نهاية الأسبوع، وقد بدأ هذا الأمر يؤثر سلباً في قدرتك على اكتشاف الأخطاء"، ولكن حتى هذا ليس مفيداً أيضاً؛ إذ يجب أن يوضح النقد أنَّ مشكلة العمل ليست بسبب عيب في الشخصية غير قابل للإصلاح".

تقول "كاراكريستوس": "إنَّ المثال الشائع لهذا النوع من النقد الشخصي هو "عليك تحسين سلوكك"، فأي نوع من التغذية الراجعة التي تركز على الشخص أو شخصيته، وليس على العمل، قد يكون إشكالياً للغاية".

في أسوأ الأحوال، عندما تكون التغذية الراجعة على الأداء الوظيفي مرتبطة بهوية الشخص، فقد تؤدي إلى إلحاق الضرر بحياته المهنية، فالنساء ذوات البشرة الملونة على وجه الخصوص، يُلقبن بصفات مثل "عنيدة" أو "عصبية" في مراجعات الأداء، ويشار إليهن بكلمات مثل "غير مناسبات" في مكان العمل أو "لا يتناسبن" مع فكرة المدير عن النجاح.

تقول "ناديا دي ألا" (Nadia De Ala) مؤسِّسة "ريل يو ليدر شيب" (Real You Leadership)، وهو برنامج كوتشينغ جماعي للنساء ذوات البشرة الملونة إنَّ عملاءها يتلقون في الغالب تغذية راجعة غير مرغوب فيها حول نبرة صوتهم الطبيعية ومظهرهم بدلاً من نقاط التحسين الفعلية في عملهم.

طلب أحد العملاء من أحد زملائي المساعدة على تجميع أبحاث تسويقية للحصول على ترقية، وقيل له: "لن تحصل على ترقية إذا رفعتَ صوتك في نهاية الجمل، فهذا يجعلك تبدو غير واثق من نفسك".

تقول "دي ألا": "هذا النوع من التغذية الراجعة غير مفيد كونه يُعبِّر عن نصيحة غير مرغوب فيها وليس لها علاقة بأبحاث السوق"، فالتغذية الراجعة ليست مجرد كلمات؛ إذ قد تؤدي بتجربة الموظف إما للنجاح وإما للفشل، وقد تدفعه أيضاً لترك الوظيفة؛ حيث وجد بحث أجرته مؤسسة "غالوب" (Gallup) أنَّه عندما تكون التغذية الراجعة التي يقدمها المدير للموظفين مُخيبة للآمال ومُحبطة، يبدأ أربعة من كل خمسة من هؤلاء الموظفين في البحث عن وظيفة جديدة.

في بعض الأحيان، قد تكون التغذية الراجعة صحيحة، ولكنَّها تظل خاطئة بسبب طريقة إيصال الرسالة، فإن كنتَ في وضع يسمح لك بتقديم التغذية الراجعة، فعليك إدراك أنَّه لا يحب الجميع سماعها بالطريقة نفسها.

تقول "كاراكريستوس": "عليك أن تكون حذراً في طريقة تعاملك مع الموظفين، فقد تشعر أنَّه من الرائع تقدير الموظف علناً، لكنَّ بعض الموظفين يكرهون ذلك بسبب الحرج، كما أنَّه من الخطأ أيضاً أن ينتقد الزملاء والمديرون مجموعة علانية عندما يكون المقصود هو شخص واحد، فهذا الشخص لن يدرك الرسالة، وسينزعج الفريق بأكمله بسبب انتقاده في أمر لا ذنب له فيه، وسيفقد القائد احترامه بسبب عدم قدرته على حل المشكلة".

شاهد بالفيديو: كيف تتقبل النقد وتتعامل مع الانتقادات السلبية في العمل؟

المصدر




مقالات مرتبطة