ما هي أهمية القائد المتعاطف؟

لقد اجتمعوا للاحتفال بانتصار عظيم، وهو نهاية وباء "إيبولا" (Ebola) الأول في "أوغندا" (Uganda)، وقد ألقَت شخصيات عدة من رئيس الدولة إلى مسؤولي الصحة العامة بعض الخطابات، ثم جاء دور "بينتو كيتا" (Bintou Keita)، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة (UN) لشؤون أفريقيا (Africa). لقد فاجأَت الجميع، فقبل أن تقرأ خطابها، توقفَت "كيتا" ونظرَت حولها، واستشعرَت الحالة المزاجية في المكان، ووضعَت ملاحظاتها الجاهزة جانباً. لقد أدركَت وجود العديد من الأشخاص الذين فقدوا أحباءهم بسبب وباء "إيبولا"، وأشخاص نجوا بأنفسهم وما زالوا يعانون من الآثار الناتجة عن المرض المدمر، ولاحظَت أنَّهم لم يكونوا في حالة مزاجية مناسبة لتقبُّل الخطابات أو حتى الاحتفال.



يُجسَّد الذكاء العاطفي في العمل من خلال التوقف المؤقت وقراءة عواطف الأشخاص الموجودين، وتحديداً التعاطف والقدرة على الإحساس بمشاعر شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص؛ حيث يشير هذا التعاطف إلى التقدم الذي يمتد من الاستيعاب الكامل للذات والانشغال بالشؤون الخاصة، إلى الشعور بالتعاطف تجاه الآخرين.

يُعَدُّ التعاطف - والذي يعني الاهتمام بصحة وسلامة الآخرين واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين ذلك - هو الصفة المميزة للقيادة المتميزة؛ حيث تمتلك قدرات الذكاء العاطفي تلك أهميةً خاصةً في اقتصاد يسمح للعمال الموهوبين بحرية المغادرة والعثور على عمل في مكان آخر.

شاهد بالفديو: كيف تستخدم التعاطف بفاعلية في العمل؟

ويعود السبب الأول وراء خروج الناس من مؤسسة ما، بعدم انسجامهم مع مديرهم في العمل، فقد لاحظَت شركة "غوغل" (Google) هذا الأمر عندما انتهوا من المقابلات مع المهندسين أصحاب المواهب العالية الذين تركوا الشركة، فإنَّ أفضل القادة والرؤساء الذين نفضل جميعاً العمل معهم، هم أشخاص يمكن الوصول إليهم، فهم منفتحون وداعمون ويصغون جيداً؛ كما إنَّهم يشعرون بالحالة العاطفية للأشخاص الذين يقودونهم ويعملون معهم، ويهتمون بمشاعرهم بدلاً من تجاهلها، ويستخدمون تلك البيانات العاطفية للعمل بطرائق تفيد الجميع.

تظهر النتائج من "جامعة ييل للإدارة" (Yale School of Management) و"جامعة وارتون" (Wharton)، بأنَّ الحالة المزاجية مُعدية جداً ضمن الفريق، وأنَّ الحالة المزاجية الإيجابية تحسِّن أداء الفِرق بينما الحالة السلبية تعوقهم، لهذا السبب، يجب أن تكون القيادة المتعاطفة مفيدةً ليس للفرق فحسب؛ وإنَّما للمؤسسة ككل.

والسبب الآخر، هو الاهتمام بالموظفين الموهوبين الجدد بحيث يشعرون بالمعنى والهدف في المنظمات، يقول معظم الموظفين صغار السن إنَّهم لن يعملوا في منظمة تنتهك قيمهم. لقد حث "لاري فينك" (Larry Fink)، الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك" (Black Rock)، الشركات على إيجاد هدف يتجاوز فكرة الأرباح البسيطة؛ حيث تؤدي العقلية المتعاطفة إلى تحقيق هدف مُلهِم.

إقرأ أيضاً: كيف يتمكن القادة من زيادة مستوى تأثيرهم في مكان العمل؟

بالإضافة إلى فوائد مكان العمل، يبدو أنَّ عصرنا الحالي بحاجة إلى قادة متعاطفين على جميع المستويات وفي المجالات كافة أكثر من أيِّ وقت مضى.

وبالعودة إلى اجتماع "إيبولا"، عندما أدركَت "كيتا" المشاعر المتوترة للأشخاص الناجين، فعلَت أمراً مذهلاً، فبدلاً من إلقاء خطاب مُجهز، توقَّفَت بصورة مؤقتة، ثم وجهَت بعض الملاحظات الفعَّالة التي تركَت تأثيرها لدى الموجودين، وعندما انتهَت بكى الناس بحرية.

المصدر




مقالات مرتبطة