ما هو الحزم؟ وما صفات الشخص الحازم؟ كيف تكون حازماً دون وقاحة؟

قال أبو تمام: "إذا المرء لم تستخلص الحزمَ نفسُه - فذروته للحادثات وغاربه"، وقال عمر بن يحيى: "الحزم قبل العزم، فاحزم واعزم؛ وإذا استبان لك الصواب، فصمِّم"، وقال لُقمان الحكيم: "أحزَمُ الحازمين من عرف الأمر قبل وقوعه واحترس منه". إذاً ما هو الحزم؟ وكيف تستطيع أن تكون حازماً من دون تجاوز حدود الاحترام؟ ومَن هو الشخص الحازم؟ وما هي صفات الشخصية الحازمة؟ سنخبركم بكلِّ ذلك في السطور القادمة.



ما هو الحزم؟

عرَّفَ المراديُّ الحزم قائلاً: "هو النظر في الأمور قبل نزولها، وتجنُّب المهالك قبل الوقوع فيها، وتدبير الأمور على أحسن ما تكون من وجوهها"، وجاء تعريف الحزم في علم النفس على أنَّهُ: مدى قدرة الإنسان على الثقة بنفسه والتعبير عمَّا في داخله، دون اللجوء إلى العنف؛ كما يُعدُّ الحزم مهارةً مُكتسبة من مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين، ويُساعِد في اكتساب احترام الذات، واحترام الآخرين.

الحزم لغةً: حَزَم الأمر: ضبطه وأتقنه واستعدَّ له؛ واصطلاحاً: اتخاذ القرار بفعلٍ أو ترك، وذلك كما جاء في معجم الوسيط.

من هو الشخص الحازم؟

هو من يستطيع التعبير عن نفسه وأحاسيسه وأفكاره بشكلٍ جديٍّ ومُناسبٍ ومُباشر، وبطريقةٍ هادئةٍ وإيجابية؛ كما ويحترم مشاعر وأفكار ومُعتقدات وحقوق الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، هو شخصٌ واثقٌ من نفسه، وقادرٌ على معرفة ما يُريد بدقة، وعلى اتخاذ القرارات الحازمة، ولديه خططٌ واضحةٌ للسير في حياته.

إقرأ أيضاً: 9 مهارات مهمة للنجاح في الحياة لا تتعلّمها في المدرسة

ما هي صفات الشخص الحازم؟

  1. من أهمِّ ميزاته: تعبيره عن احتياجاته وما يريده بطريقةٍ غير مؤذيةٍ للآخرين، وتُراعي مشاعرهم.
  2. يبحث ويُركِّز دائماً عن الحلول المعقولة التي يمكن تنفيذها.
  3. يتميَّز بالصرامة والسيطرة.
  4. ماهرٌ جداً في عمليات التخطيط، وإيجاد الحلول، والبيع.
  5. يتميَّز بالترتيب والتنظيم والإحساس العالي بالمسؤولية.
  6. يتميَّز بقدرته على إتمام الأعمال على أكمل وجه، وبسرعته العالية في أداء المهام الموجَّهة إليهم.
  7. لديه قدرةٌ كبيرةٌ على التفاوض.

كيف تستطيع أن تكون حازماً دون أن تتجاوز حدود الاحترام مع الآخرين؟

لكي تكون شخصاً حازماً، يجب عليك:

  1. تحديد أحاسيسك ومشاعرك واحتياجاتك والتأكُّد منها، وبذلك تستطيع أن تعرف الطريقة التي تُفضِّل أن يتعامل بها الآخرون معك.
  2. التمتع بقوَّة الشخصية والصراحة، وإظهار قوَّتك ووعيك للأشخاص الآخرين؛ فعندما تتكلَّم بطريقةٍ غير مُباشرةٍ وغير واضحةٍ وصريحة، ستظهر بمظهر إنسانٍ ضعيف الشخصية.
  3. التدرُّب على لغة الجسد، إذ يؤثِّر التعبير الجسدي بشكلٍ كبيرٍ على الشخص المُستمع؛ وتحسين هذه المهارة من خلال الالتزام ببعض الأمور، مثل: التحدُّث بنبرة صوتٍ مُناسبة، والوقوف أو الجلوس بوضعيةٍ جيدة، وإبقاء عينيك مواجهةً لعينيِّ المُستمع.
  4. إظهار الاحترام والتقدير للآخرين.
  5. إنتقاء الوقت المُناسب للتحدُّث مع الآخرين؛ فعندما تكون مُتعباً أو مُتوتراً، يُفضَّل أن تؤجِّل كلامك لوقتٍ تكون فيه بحالةٍ أفضل.
  6. امتلاك حرية الاحتياجات والأفكار والمشاعر؛ وتجنُّب الاعتذار عنها.
  7. لا يجب أن تكون ردة فعلك مُبالغاً فيها إذا حدثت أمورٌ لا تُعجبك؛ كما يتوجَّب عليك تحديد ما تنوي فعله، ووضع حدودٍ واضحةٍ في ذهنك.
  8. امتلاك القُدرة على التحكُّم بالتوتر والضغط النفسي، وتجنُّب الوقوع في حالة فُقدان السيطرة على النفس، والتي يمكن أن تؤثِّر بشكلٍ سلبيٍّ في الاستجابة للموقف، وزيادة فرصة الردِّ بعدوانية.
  9. الاحتفاظ بحقِّ التعبير عن رأيك، والتزام حدود الأدب مع الآخرين في الوقت نفسه.
  10. التعبير عن أفكارك وآرائك بطرائق وأساليب مُحترمة، وبذلك تستطيع شرح كلّ ما تريد دون عدوانيةٍ أو وقاحة؛ وإذا استطعت أن تكتستب هذه المهارة، فتساعدك في الدفاع عن نفسك، وستمكِّنك من كسب احترام الناس من حولك.

ما هو الفارق بين الحزم والوقاحة؟

تعني الوقاحة عدم احترام النفس أو الآخرين -سواءً احترام مشاعرهم، أم مُعتقداتهم، أم أفكارهم- وعدم الامتثال للمعايير الجماعية؛ ومن الممكن أن تُصاحب الوقاحة كلَّاً من: السُخرية من الآخرين، والتنمُّر، والسبِّ، والإهانة، وسرعة الغضب؛ وتتضمَّن تهديد الآخرين باستخدام إشاراتٍ مخيفة، والحديث الجارح، والصراخ.

بينما يعني الحزم: الحفاظ على جميع حقوقك وأفكارك وكلِّ ما تريد، دون إيذاء الآخرين أو التقليل من احترامهم كأشخاص، واحترام مُعتقداتهم وأفكارهم. فالحزم: هو الثقة الشديدة بالنفس، بعيداً عن العدوانية أو التعديِّ على حقوق الآخرين.

أيضاً، لا يستطيع الأشخاص الوقحون السيطرة على أنفسهم عند الغضب، حيث أنَّهُم من الممكن أن يُسيئوا القول والتصرُّف؛ بينما يستطيع الأشخاص الحازمون ضبط أنفسهم في أوقات الغضب، ولا يتجاوزون حدود الأدب والاحترام مع الأشخاص الآخرين، حتَّى لو تحدَّثوا بصوتٍ مرتفع.

إقرأ أيضاً: كيف تقول لا بلباقة؟

ما هي أساليب الحزم؟

1. أسلوب الإرباك والتعمية:

يُمكنك أن تستخدم هذا الأسلوب إذا حاول شخصٌ ما أن يجذبك إلى الجدال، حيث تستطيع من خلاله الاحتفاظ برأيك وثقتك بنفسك وبأفكارك؛ والاعتراف في الوقت ذاته بأنَّ الشخص الآخر يمكن أن يكون محقَّاً، وذلك باستخدام عباراتٍ، مثل: "قد تكون مُحقَّاً".

2. أسلوب الأسطوانة المُعتادة أو الجُمل المُكرَّرة:

يُمكنك استخدام هذا الأسلوب في كلِّ مرةٍ يُحاول فيها أيُّ شخصٍ أن يُجادلك، أو يعتمد أسلوباً استفزازيَّاً في الحديث معك؛ فيُمكنك الحفاظ على مبدئك وقرارك دون أن تُقلِّل احترامه، حيث يعتمد هذا الأسلوب على إعادة قولك لما تُريده أو تشعر به عدَّة مراتٍ مُتكرِّرة.

3. الأسلوب الذي يعتمد على استخدام عبارة أنا:

يُعدُّ هذا الأسلوب ناجحاً للغاية؛ وذلك لأنَّه يُركِّز على ما تُريده من قولٍ وفعل، دون أن تتعدَّى على حقوق الآخرين أو تُهملهم؛ فأنت بذلك تسمح لهم بأن يشعروا ويفكروا ويعتقدوا ما يشاؤون.

يعدُّ هذا الأسلوب من أشهر وأنجح الأساليب التي تُستخدَم في الدورات التدريبية لتعلُّم الحزم، وينتج عندما تبدأ الجملة بكلمة "أنا".

وبذلك نكون قد بيَّنا لكم ما هو الحزم، وكيف بإمكانكم أن تكونوا حازمين دون وقاحة، وما هي صفات الأشخاص الحازمين أيضاً.

وختاماً، نقول: "رُبَّما رأيٌ أنفعُ من مال، وحزمٌ أوفى من رجال".

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة