ما سبب تغيُّر نماذج معدلات وفيات فيروس كورونا؟

وضع نماذج لفيروس كورونا هو أمرٌ صعبٌ حقاً، من يمكنه تخمين ما قد يفعله هذا الفيروس؟ لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً بالنسبة إلى الكثيرين منَّا لكي يدركوا أنَّ جائحة فيروس كورونا ستكون قوةً تغيِّر حياتنا بطرائق هامَّةٍ جداً، وربَّما لفترةٍ طويلةٍ جداً. ولكن وفقاً لبعض التوقعات الرئيسة، فقد تكون معدلات الاستشفاء والوفاة بسبب فيروس كورونا أفضل قليلاً ممَّا اعتقده الخبراء في البداية.



في أواخر شهر مارس، توقَّع نموذجٌ من معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) في كلية الطب بجامعة واشنطن أن تشهد الولايات المتحدة حوالي 81000 حالة وفاة، وربَّما تصل إلى 162000؛ لكن بحلول أوائل أبريل، تغيَّر النموذج إلى حدٍّ ما. وعلى الرغم من أنَّه لا يزال من المتوقع أن تحصل حوالي 81000 حالة وفاة، فقد انخفض أعلى تقدير إلى حوالي 136000؛ كما انخفضت التقديرات لكمية الأسِرَّة ومعدات التنفس التي سنحتاجها في وحدات العناية المركزة في المستشفيات.

هل يعني هذا أنَّنا بالغنا في إغلاق المدارس والشركات والمدن بأكملها تقريباً؟

كلا، فكما اتضح أنَّه لمن الصعب للغاية تكوين مثل هذه التوقعات، وإنَّ معظمها ينتهي به الأمر بشكلٍ خاطئٍ بطريقةٍ أو بأخرى. ولكن، حتَّى لو لم يكن النموذج يعكس الواقع بشكلٍ كامل، فهذا لا يعني أنَّه لن يكون مفيداً، ولا يعني التغيير في التوقعات بالضرورة أنَّك فعلت شيئاً خاطئاً؛ فعلى العكس تماماً؛ قد يعني أنَّك فعلت شيئاً صحيحاً.

ما الأشياء التي تدخل في إنشاء نموذج لانتشار الأمراض المعدية؟

الإجابة باختصار: الكثير من الأشياء.

أمَّا الإجابة بالتفصيل: هناك عددٌ قليلٌ من الأنواع الأساسية المعتمدة من النماذج التي يمكن للباحثين ابتكارها، والتي سنتعرَّف عليها بمساعدة الدكتور "جيفري شامان" (Jeffrey Shaman)، أستاذ علوم الصحة البيئية ومدير برنامج المناخ والصحة العامة بجامعة كولومبيا (Columbia University).

يقول د. شامان، الذي كان يقود عمل جامعة كولومبيا في إنشاء نماذج لانتشار فيروس كورونا: "النوع الأول من النماذج هو النموذج الرياضي، والذي يصف عملية الانتشار المعقدة في البناء الواحد، وهذا يبيِّن كيف سيصاب الناس في مدينةٍ ما بفيروس كورونا المستجد".

في بعض أنواع النماذج الرياضية التي تسمَّى: "النماذج القائمة على العوامل"، يكون الباحثون قادرين على مراعاة العديد من العوامل المختلفة التي لها تأثيراتٌ في بعضها. هذا يعني أنَّ النموذج يقيس "الجهات الفاعلة الفردية المختلفة" التي تذهب إلى العمل والتسوق، وما إلى ذلك؛ وتحسب كيف ستتغيَّر حالة المرض -سواءً أكانت هذه الجهات الفاعلة من المصابين أم لا- بمرور الوقت، وذلك بناءً على الأشخاص الآخرين الذين يتواصلون معهم، والبيئات التي يذهبون إليها.

يقول شامان إنَّ النماذج الرياضية مثل هذه "باهظة التكلفة من الناحية الحسابية"، وعليهم تقديم قدرٍ لا بأس به من الافتراضات حول سلوك الأشخاص وكيفية عمل الفيروس، والتي قد تكون أو لا تكون صحيحةً في الواقع.

هناك إصداراتٌ مبسطةٌ من النماذج الرياضية تسمَّى: النماذج المجزأة، والتي قد يستخدمها الباحثون في مثل هذه الحالة. يشرح شامان أنَّ أحد الأنواع الشائعة جداً هو نموذج "سي" (SI) أو "سير" (SIR)، الذي يقدِّر عدد الأفراد المعرَّضين إلى الإصابة والمصابين وحالات الشفاء بمرور الوقت.

يقول "آميش أدالجا" (Amesh A. Adalja)، الحائز على دكتوراه في الطب، وأحد كبار الباحثين في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي: "نحن وباستخدامنا هذا النوع من النماذج، نحاول قياس المعدل الذي ينتقل فيه الأشخاص بين مراحل المرض المختلفة، بدءاً من التعرُّض إلى المرض، وصولاً إلى الإصابة به، وإلى عزل السكان؛ ذلك لأنَّهم يتعافون أو يموتون".

على سبيل المثال: يتبع نموذجٌ منشورٌ في "المجلة الدولية للأمراض المعدية" (the International Journal of Infectious Diseases) من قبل العلماء في الولايات المتحدة والصين نهج "سيير" SEIR، والذي يقوم على:

  • أولاً: ملاحظة الأعراض.
  • وثانياً: الكشف عن المرض.
  • ثمَّ: الإصابة.
  • وأخيراً: الشفاء.

وذلك لتحديد نموذج تفشِّي المرض في ووهان.

في دراسةٍ أوليةٍ أُجرِيت مؤخراً استخدم شامان ومؤلِّفو الدراسة المشاركون نموذجاً ديناميكياً لتأقلم المرض، والذي يعمل نوعاً ما كشبكةٍ من النماذج المجزأة، وذلك لتحديد دور الذين يعانون من عدوى خفيفةٍ أو عديمة الأعراض في نشر التفشي في الصين.

النوع الرئيس الآخر للنماذج هو "النموذج الإحصائي"، والذي يخلق توقعاتٍ لما قد يبدو عليه الموقف في مرحلةٍ ما في المستقبل، وذلك بناءً على البيانات التي قمنا بجمعها بالفعل حول ما حدث في الماضي. إنَّ نموذج فيروس كورونا الذي يُستشهَد به كثيراً، والذي أُنشِئ بواسطة معهد القياسات الصحية والتقييم "IHME"، وهو أحد النماذج الإحصائية المستخدمة للتنبؤ بالحاجة إلى معدات المستشفيات، بالإضافة إلى معدل الوفيات بسبب فيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة وحول العالم.

يجب أن تأخذ جميع هذه النماذج في عين الاعتبار العوامل المختلفة حول الفيروس والأشخاص المصابين به، مثل: مدى سرعة انتشار المرض، وعدد الأشخاص المصابين، ومدة فترة الحضانة.

يقول د. أدالجا، والذي يتضمَّن عمله تقييم الاستعداد للوباء: "في البداية، قد تكون هذه النماذج مجرد افتراضات، وقد لا نعرف مدى دقة هذه الافتراضات لفترةٍ طويلة. تستند جميع هذه النماذج على توقعاتٍ وفرضياتٍ معينةٍ يجب تنقيحها مع بدء تفشِّي الجائحة".

إقرأ أيضاً: الإجراءات الصحية ضد الأوبئة: وباء كورونا مثالاً

من الصعب حقاً إنشاء نموذجٍ لفيروسٍ جديد ينتشر في الوقت الحالي:

دائماً ما يستغرق إنشاء نموذجٍ لانتشار وتأثير الأمراض المعدية الكثير من الوقت، وينطوي على تخمينات معقدة، لكن تحدث في حالاتٍ مثل فيروس كورونا المستجد بعض التحديات الفريدة للغاية التي تُصعِّب وضعَ توقعاتٍ دقيقةٍ حول ما يمكن أن يحدث.

يقول شامان: "لنأخذ الإنفلونزا الموسمية على سبيل المثال. فعلى الرغم من أنَّ هذا المرض معدٍ ويحدث في الوقت نفسه الذي يحاول فيه الباحثون إنشاء توقعاتٍ إحصائيةً حول مدى شدة موسم الإنفلونزا في هذا العام، إلَّا أنَّ علاجاتنا وممارسات الوقاية لا تتغيَّر كثيراً من عامٍ إلى آخر. وهذا يجعل من السهل إنشاء نموذجٍ أكثر دقةً لكيفية سير موسم الإنفلونزا".

ويتابع: "ولكن في حالة فيروس كورونا، علينا أن نفترض ما الذي سيفعله المجتمع، بما في ذلك عندما تُصدَر أوامر التباعد الاجتماعي، ومدى اتباع الناس لها، ومتى يعود الناس إلى العمل".

ويضيف شامان: "تتعلَّق التحديات الرئيسة الأخرى  بعملية الاختبار. فنحن نعلم أنَّ هناك فترةً زمنيةً تصل إلى 14 يوماً -في الغالبية العظمى من الحالات- بين الوقت الذي يُصاب فيه الشخص بالعدوى، والوقت الذي يبدأ فيه المعاناةَ من أعراضٍ تودي به إلى إجراء الاختبار. ولذلك، عند النظر إلى نتائج الاختبار، نرى ما حدث قبل أسبوعين تقريباً؛ وليس نتيجة أي تغييرات أو قراراتٍ سياسيةٍ جديدةٍ جرى تنفيذها في الأيام القليلة الماضية، وبالتأكيد ليس بسبب ما يحدث حالياً".

يلعب مدى توافر الاختبارات، ومتى يقرِّر الأشخاص إجراء الاختبار؛ دوراً هامَّاً أيضاً. على سبيل المثال: قبل انتشار الجائحة قد لا يشعر شخصٌ مصابٌ بنزلة بردٍ خفيفةٍ أنَّه من الضروري إجراء اختبار فيروس كورونا. ولكن الآن، وبعد أن حاز هذا الفيروس على اهتمام الجميع، فمن المرجح أنَّ أيَّ شخصٍ يعاني حتَّى من أعراضٍ خفيفةٍ سوف يسعى جاهداً لإجراء الاختبار. أيضاً، إذا كان الطلب على الاختبارات مرتفعاً، ولم تكن هناك اختباراتٌ كافيةٌ للجميع؛ فهذا لا يمنحك بالضرورة صورةً كاملةً عن معدَّل الاختبارات الإيجابية. والأكثر من ذلك، لا تبلِّغ كلُّ المناطق عن مقدار نتائج الاختبارات السلبية.

تساعد هذه التغيرات جميعها في إعطاء الباحثين صورةً أفضل عن العدد الحقيقي للحالات الموجودة وكيفية انتشارها، وإنَّ كل ذلك يتغيَّر باستمرارٍ إلى حدٍّ كبير؛ ولهذا آثارٌ حقيقية في كيفية استعداد الحكومات والمستشفيات والأفراد للوباء.

يقول الدكتور أدالجا: "في النهاية، زادت مشكلات الاختبار من مصاعب تفسير البيانات التي لدينا بدقة، كما أنَّه من الصعب تقدير معدلات دخول الناس إلى المستشفى. ففي بداية انتشار المرض، أشارت البيانات الواردة من دولٍ (مثل إسبانيا) إلى أنَّ عدداً كبيراً جداً من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا يحتاجون إلى دخول المستشفى. ووفقاً لبيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، كان معدل دخول المستشفى مرتفعاً في البداية، ويصل إلى أكثر من 30 بالمئة لبعض الفئات العمرية؛ ولكن في الآونة الأخيرة، كان معدل الاستشفاء في الولايات المتحدة أقلَّ بكثير". إذاً، لماذا كانت التوقعات الأولية خاطئة؟

يفسر د. أدالجا ذلك: "نحن نعلم أنَّنا لا نحسب عدداً من الحالات بسبب صعوبة إجراء الاختبار. وإذا كان هذا هو الحال، فإنَّه يعني أنَّنا نبالغ في تقدير نسب حاملي المرض والوفيات. تعدُّ الدقة في هذا الرقم أمراً في غاية الأهمية في عدة جوانب؛ مثلاً: إذا كنت تنوي إنشاء مخطط مستشفى، فقد يخبرك هذا الرقم أنَّك ستحتاج إلى عددٍ كبيرٍ من أَسِرَّة المستشفيات، والعديد من أَسِرّة العناية المركزة، والعديد من أجهزة التنفس؛ وقد تخطئ إذا بالغت في تقدير معدل الاستشفاء".

إقرأ أيضاً: إلى أين وصل العالم في تطوير لقاح لفيروس كورونا؟

هذه النماذج مصممةٌ لتتغيَّر مع الوقت:

بينما نتعلَّم مزيداً عن المرض، ومع فرض سياسات التباعد الاجتماعي المحلية بالشكل الصحيح، وبينما نرى كيف يتصرَّف الناس بالفعل؛ فمن الطبيعي تماماً أن تتغيَّر التوقعات.

يقول د. أدالجا: "تذكَّر أنَّ النماذج ليست بديلاً للبيانات الواقعية، بل إنَّها أدوات يستخدمها صنَّاع السياسات للتفكير في سيناريوهاتٍ مختلفة؛ كما أنَّها ليست حتمية، ويجب أن تتوقع تغيير النماذج مع ظهور مزيدٍ من البيانات. في الواقع، تنتهي معظم النماذج بأن تكون خاطئةً لسببٍ أو لآخر، ومن الهامِّ أيضاً أن نتذكَّر أنَّ جميع النماذج لديها مجالٌ من "عدم اليقين"، أو مجموعةٌ من النتائج المحتملة، وليس مجرَّد نتيجةٍ واحدةٍ محددة. وكلَّما نظرنا إلى المستقبل، كانت النتائج المتوقعة غير مؤكَّدة".

ويكمل: "لسوء الحظ، عندما تصادف قصةً إخباريةً أو مجرَّد تغريدةٍ على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدَّث عن نموذجٍ لتأثير هذا الفيروس التاجي الجديد، فلن تكون ببساطة قادراً على استيعاب التعقيد الكامل لتفاصيل النموذج أو البيانات التي كان الباحثون يعملون عليها. وغالباً ما يحدث فقدانٌ للفروقات الدقيقة والافتراضات حول النموذج، بالإضافة إلى العديد من النتائج المحتملة في خضمّ عملية الترجمة".

أما د. شامان فيقول حول هذا الأمر: "في بعض الأحيان، وكما هو الحال في هذه الحالة، فإنَّ سبب تغيُّر النماذج مشجعٌ بالفعل، فعندما يتحدَّث الناس عن استقامة منحنى التغيُّرات، فهذا شيءٌ يحدث بسبب التدخل البشري من تدابير الوقاية وغيرها. إنَّه ليس علاجاً أو لقاحاً، بل هو شيءٌ يفعله الأشخاص مثلي ومثلك؛ ممَّا يؤدِّي إلى تأثيرٍ حقيقيٍ على مسار التفشي والتوقعات التي يضعها الباحثون لمستقبلنا".

أسهمت هذه النماذج المبكرة في اتخاذ تدابير التباعد الاجتماعي، ولكنَّ القيام بذلك ليس سهلاً مثل مجرَّد إضافة رقمٍ آخر إلى المعادلة. يجب أن تفكِّر في وقت تنفيذ القرارات، سواءً أكانت قراراً حقيقياً أم مجرد اقتراح، ومدى اتباع الأشخاص لهذه الأوامر حقاً.

في سلسلةٍ من مخططات المحاكاة التي أنشأتها صحيفة الواشنطن بوست "Washington Post" باستخدام بياناتٍ من باحثين في مركز جامعة جونز هوبكنز لعلوم وهندسة الأنظمة، يمكنك أن ترى أنَّ التباعد الاجتماعي الصارم له تأثيرٌ أكثر أهمية على المنحنى من المحاولات غير الجدية؛ لذلك كنَّا نعلم دائماً أنَّه سيكون أمراً مفيداً.

لكنَّ التقيد بالتباعد الاجتماعي وتقدير قوته الحقيقية على منحنى التغيرات كان دائماً نوعاً من التحدي، وحتَّى أنَّ نموذج معهد القياسات الصحية والتقويم "IHME" شهد تحديثاتٍ في وقتٍ مبكرٍ لمقاييس التباعد الاجتماعي التي جعلته مقياساً أكثر تعقيداً من أيِّ وقتٍ مضى. على سبيل المثال: لتحديد آثار التباعد الاجتماعي في نموذج معهد القياسات، يجمع الباحثون الآن نتائج العديد من النماذج الأخرى استناداً إلى تقديرات ثلاثة مقاييس للتباعد الاجتماعي، وهي: إغلاق المدارس، وأوامر البقاء في المنزل، وإغلاق الأعمال غير الضرورية. ثمَّ يستخدمون كلَّاً من هذه القيم لإنشاء نماذج معدل وفياتٍ قصيرةٍ وطويلة الأمد.

قد يرى بعض الناس الاختلافات في التوقعات بعد تلك التغييرات في النموذج، ويفسرونها وكأنَّها علامةٌ على كون التباعد الاجتماعي وإغلاق الأعمال غير الضرورية كان ردَّ فعلٍ مبالغٍ فيه؛ ولكن هذا هو الاستنتاج الخاطئ الذي يمكن استخلاصه.

إذا كان هناك أيُّ شيءٍ يمكننا استنتاجه، فهو أنَّ هذا دليلٌ على أنَّ التباعد الاجتماعي كان ناجحاً أكثر من النماذج الأصلية المتوقعة. في الواقع، وكما يقول شامان: "هذا ما يعنيه تسطيح المنحنى".

لذا، ما الذي يجب أن تفهمه من هذه النماذج؟ اعلم أنَّ الباحثين في جميع أنحاء البلاد وعبر العالم يعملون بجدٍّ للعثور على الحلول التي ستحافظ على سلامة أكبر عددٍ ممكنٍ منَّا.

يمكنهم استخدام النماذج لإبراز كيف سيكون المستقبل، ومعرفة الاستعدادات التي نحتاجها. ثمَّ، وبمجرد رؤينا  تلك النماذج، فإنَّ الطريقة التي نتصرَّف بها وفقاً لهذه المعلومات سيكون لها بالطبع تأثيرٌ في النتيجة المتوقعة. يا له من تذكيرٍ رائعٍ أنَّه حتَّى في حالة الوباء الذي يجعلنا نشعر بالعجز في معظم الأوقات، لا يزال الكثير منَّا قادراً على فعل شيءٍ ما، وهو: البقاء في المنزل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة