ما الذي يريده موظفوك؟ وكيف يمكنك تقديمه لهم؟

مع كل الأبحاث المتعلقة باندماج الموظفين، من المدهش أنَّ العديد من الشركات ما تزال تخطئ في فهمها، فلا يمكن أن تكون مشاركة الموظف موضوعاً ثانوياً بعد الآن، فلها تأثيرات واضحة وقابلة للقياس في المحصلة النهائية لشركتك؛ إذ تنفق الشركات مبالغ فاحشة من المال في محاولة قياس الاندماج ودعمه، دون أي نتائج حقيقية على الأمد الطويل؛ وهذا ببساطة لأنَّهم يفعلون ذلك بشكل خاطئ.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن مدير قسم إسعاد العملاء في شركة "أوفيس فايب" (Officevibe) "جيكوب شراير" (Jacob Shriar)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية معرفة ماذا يريد موظفوك وكيف يمكنك تقديمه لهم.

ما الذي يبحث عنه الموظفون؟

لن يُحدِث شيك إضافي أو حفلة بيتزا فرقاً كبيراً إذا لم تتم معالجة المشكلات الأساسية بالكامل، وسيكون من الحكمة أن تركز الشركات على هذه المحفزات الجوهرية والمجانية، فالاندماج ليس شيئاً تصلحه؛ بل التزام طويل الأمد يجب أن يؤخذ على محمل الجد من قِبل كل فرد في الشركة.

التشبيه الذي أستخدمه دائماً هو أنَّه إذا استيقظت يوماً ما وأدركت أنَّك اكتسبت وزناً، فلن تحدد موعداً في صالة الألعاب الرياضية بعد عام؛ بل ستعمل على تحسين نفسك كل يوم وتناوُل طعام صحي وممارسة الرياضة بانتظام، وقياس تقدمك على نحو دائم، وقرار مثل الاستطلاع السنوي أو مراجعة الأداء السنوية لم يعد له معنى بعد الآن؛ إذ يحدث الكثير بين العامين ولا يتم النظر في المستجدات إلا مرة واحدة خلال العام؛ إذاً، يصبح السؤال، ما الذي يريده الموظفون؟ وما الذي يبحثون عنه؟

1. النمو الشخصي:

يقول الكاتب "دان بينك" (Dan Pink): "أفضل استخدام للمال بوصفه حافزاً، هو دفع ما يكفي من المال للناس لإخراج مسألة المال من النقاش، فادفع للناس ما يكفي حتى لا يفكروا في المال، ويركزوا تفكيرهم في العمل، وبمجرد القيام بذلك، اتضح وجود ثلاثة عوامل يُظهِرها العلم تؤدي إلى أداء أفضل، ناهيك عن الرضى الشخصي: الاستقلالية والإتقان والغرض".

اشتهر الكاتب "دان بينك" بكتابه "القيادة" (Drive) وحديثه في منصة "تيد توك" (TED talk) عن لغز التحفيز (The Puzzle of Motivation) والاستقلالية والإتقان والغرض، كلها عوامل هامة للنمو الشخصي؛ لذا دعنا نحدد ما تعنيه هذه الأشياء الثلاثة:

الاستقلالية:الرغبة في إدارة حياتنا

لتلبية حاجتهم إلى الاستقلالية، يمكنك السماح للموظفين باختيار مشروعهم التالي أو السماح لهم بتوجيه موظف جديد.

الإتقان: الرغبة في أن تصبح أفضل في شيء ما

لتلبية حاجتهم إلى الإتقان، يمكنك تشجيعهم على أخذ دورات عبر الإنترنت أو يمكن أن يقضي المزيد من كبار الموظفين بعض الوقت في توجيههم.

الغرض: الشعور كأنَّك جزء من شيء أكبر

لتلبية حاجتهم إلى الغرض، يجب أن تذكِّر الموظفين باستمرار بالرؤية الأكبر للشركة، والأهم من ذلك، ما هو الدور الذي يؤدونه في تحقيق هذه الرؤية؟

2. علاقات جيدة مع زملاء العمل:

وجدت دراسة عن آثار التجاهل في العمل أنَّ الأمر سيئ - إن لم يكن أسوأ - من التعرض للتنمر، ووجدت الدراسة أنَّ: "عدم وجود دور للموظف في ثقافة العمل كان أكثر ضرراً لصحة الفرد من وجود دور سلبي يؤديه".

فالأشياء الصغيرة، مثل قول صباح الخير لزملائك في العمل أو دعوتهم لتناول الغداء معك يمكن أن يؤثر كثيراً، فالكل يريد فقط أن يشعر بأنَّه جزء من الجماعة، وهذا هام بشكل خاص للموظفين الجدد، الذين يشعرون بالتوتر الشديد بشأن هذه البيئة الجديدة، ويريدون فقط التكيف معها، ويجب على الشركات تغيير عمليات إعداد الموظفين الجدد وتثقيف كل موظف في الشركة عن مدى أهمية هذه المسألة، وكيف يحتاج الجميع إلى أن يكونوا ودودين مع بعضهم بعضاً.

وجدت أطروحة دكتوراه للباحثة "هيلين ستوكهولت" (Helen Stockhult) بعنوان "الموظفون في الحوار: دراسة عن الاستعداد للقيام بأكثر مما هو متوقع رسمياً" (Employees in Dialogue: A Study on the Willingness to do More than Formally Expected)، أنَّ:

"العلاقات الاجتماعية بين الزملاء هي أساس استعداد الموظف لتحمُّل مسؤوليات أكثر من المطلوب منه في التوصيف الوظيفي الرسمي"، وبالمثل، وجدت مؤسسة "غالوب" (Gallup) للاستطلاعات أنَّه إذا كان لديك صديق مقرب في عملك، فأنت أكثر حماسة وإنتاجية، وأصدرت شركة "أوفيس فايب" (Officevibe) رسماً بيانياً عن الصداقات في العمل، وكانت بعض البيانات الموجودة فيه مثيرة جداً للاهتمام؛ فعلى سبيل المثال:

  • %70 من الموظفين يقولون إنَّ الأصدقاء في العمل هم العنصر الأكثر أهمية لحياة عمل سعيدة.
  • %74 من النساء سيرفضن وظيفة ذات أجر أعلى إذا كان ذلك يعني عدم التوافق مع زملاء العمل، وقال 58% من الرجال نفس الشيء.
  • توجد زيادة بنسبة 25% في معنويات الموظفين وإنتاجيتهم لأشياء بسيطة مثل طاولات الغداء الكبيرة.
  • أفاد 50% من الموظفين الذين لديهم صديق مقرب في العمل أنَّهم يشعرون بعلاقة قوية مع شركتهم.

3. التقدير والثناء:

في كتاب "كم لديك من المال؟" (?How Full Is Your Bucket) للكاتب "دونالد كليفتون" (Donald Clifton)، بالنظر إلى 40 عاماً من البحث عن التقدير والثناء، وجد أنَّ السبب الأول الذي يجعل الناس يتركون وظائفهم هو عدم الشعور بالتقدير، وهذا هو أبسط شيء يمكنك القيام به لزيادة الاندماج، ومع ذلك، لم يتلقَّ 65% من الموظفين أي تقدير في مكان العمل العام الماضي، ووفقاً لبحث لشركة "ديلويت" (Deloitte):

  • المنظمات التي تتبع نهجاً قوياً في تقدير الموظفين تزيد احتمالية حصولها على نتائج أعمال قوية بمقدار 12 مرة.
  • المنظمات التي لديها برامج تقدير فعالة لديها معدل دوران قوى عاملة طوعي أقل بنسبة 31% من المنظمات التي لديها برامج تقدير غير فعالة.

شاهد بالفيديو: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

4. تغذية راجعة دائمة:

أولاً، دعنا نلقي نظرة على بعض البيانات من شركة "ديلويت":

  • معدلات دوران القوى العاملة أقل بنسبة 15% تقريباً في الشركات التي تقدم التغذية الراجعة المنتظمة للموظفين.
  • يصبح أربعة من كل 10 موظفين غير مندمجين بمعدل مستمر عندما يتلقون القليل من التغذية الراجعة أو لا يحصلون عليها من الأساس.
  • قال نحو 65% من الموظفين إنَّهم يريدون المزيد من التغذية الراجعة.

هل سمعت يوماً عن "بروجيكت أوكسجين" (Project Oxygen) من قِبل شركة "غوغل" (Google)؟ ودون التعمق في الكثير من التفاصيل، جمعوا مئات الاستطلاعات ومراجعات الأداء وما إلى ذلك لمحاولة العثور على الصفات التي تشكل مديراً جيداً؛ والصفة الأولى في القائمة، كن كوتشاً جيداً؛ إذ يريد الموظفون من المديرين تقديم تغذية راجعة محددة وعقد اجتماعات فردية معهم.

كيف تعطي الموظفين ما يريدون؟

الحقيقة هي أنَّ تنفيذ هذه الأشياء والتركيز عليها لا يتطلب مجهوداً هائلاً ولا يكلف شيئاً، والتحدي الأكبر هو ببساطة أن تضع في حسبانك كل هذا وتتأكد من أنَّك تحافظ على ثباتك في نهجك، والخطوة الأولى لتحسين أي شيء هي قياسه، وأفضل مثال عن شركة تعرف كيفية قياس مشاركة الموظفين من أجل تحسينها هي شركة "غوغل"؛ إذ إنَّهم متقدمون كثيراً على أي قسم من أقسام الموارد البشرية بسبب تطور تحليلات موظفيهم.

1. صافي نقاط الترويج (The Net Promoter Score):

صافي نقاط الترويج (NPS) هي في الأساس أداة لقياس خدمة العملاء، والطريقة التي تعمل بها؛ تسأل أحد العملاء سؤالاً بسيطاً: "على مقياس من 0 إلى 10، ما هو مدى احتمالية أن توصي صديقاً بمنتجنا أو خدمتنا؟"؛ إذ تُعرَف الدرجات 6 أو أقل بالمنتقدين، والدرجات من 6 إلى 8 تُعرَف باسم المحايدين، وتُعرَف تلك الموجودة في النطاق 8-10 باسم المروجين.

للحصول على درجاتك، تأخذ عدد المروجين مطروحاً منه عدد المنتقدين، وتقسم على إجمالي عدد الإجابات، وفي قسم إدارة المنتج، إنَّها أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كان منتجك جيداً؛ لأنَّ النظرية هي أنَّه إذا كان شخص ما على استعداد للتوصية بمنتجك لصديق، فإنَّهم يحبونه، وبدلاً من استخدامه لخدمة العملاء، استخدمه لقياس شعور الموظفين تجاه شركتك.

2. التركيز على القيم الأساسية:

قيمك الأساسية هي التي ستوجهك خلال كل شيء، وأحد أكبر الأشياء التي لاحظتها بصفتي موظفاً يعمل في شركات ذات ثقافات رائعة وشركات أخرى ليس لديها ثقافة جيدة هو تركيزهم على القيم؛ إذ إنَّه لأمر محبط بشكل لا يصدق ألا يكون لديك رسالة، وتبديل الأولويات لمجرد نزوة.

إقرأ أيضاً: كيفية إنشاء قيم جوهرية أصيلة للشركة تحظى بالثقة

3. تعزيز الصداقات في العمل:

يوجد شيء آخر لاحظته يفصل بين الشركات ذات التفكير المستقبلي والشركات قديمة الطراز وذات التفكير العكسي، وهو التركيز على تكوين صداقات هادفة بين زملاء العمل، وحتى دون النظر إلى البيانات التي ذكرتها آنفاً، فمن المنطقي أنَّه إذا كان كل فرد في الفريق مقرباً من الآخرين ويتعاون بشكل جيد، فسيعملون معاً بشكل أفضل.

إقرأ أيضاً: هل بناء الفريق هو سر تحسين مشاركة الموظفين؟

في الختام:

يُعَدُّ تنظيم أحداث بسيطة لبناء الفريق مثل ساعة المرح أو الخروج لتناول الغداء طرائق رائعة للسماح للفريق بالترابط، وأكثر من أي شيء آخر، شجع الأحاديث في المكتب؛ فأنا أتذكر في وظيفة قديمة كنت أقع في المشكلات بسبب "إزعاج" زملائي في العمل إذا ذهبت إلى مكاتبهم وسألتهم كانت عطلة نهاية الأسبوع، وهذه طريقة خاطئة في التفكير؛ لأنَّ المناقشة تؤدي إلى الابتكار.

المصدر




مقالات مرتبطة