ما الذي يدفعك للنجاح في الحياة ومواصلة التقدم؟

ما الذي يُحفزك للنجاح في الحياة؟ إذا كنت تسأل نفسك هذا السؤال، وتشعر بالحيرة لعدم معرفة الجواب، فواصِل القراءة.



لقد مررنا جميعاً بلحظاتٍ، كانت دوافعنا فيها في أدنى مستوياتها على الإطلاق، فقد يشعر الأشخاص الأكثر حماساً بعدم التحفيز بين الحين والآخر، ولكن إذا سمحت للكسل بالتسلُّل إلى حياتك اليومية، فسيكون من المستحيل تقريباً تحقيق أي شيء في هذه الحياة.

يكمُن الفرق بين الناجحين وبين أي شخص آخر، في أنَّ الناجحين دائماً ما يجدون الدافع للاستمرار بغضِّ النظر عما يجري حولهم، قد تتساءل الآن: "إذا كان الدافع بهذه الأهمية، فلماذا يصعب على الكثير من الناس إيجاده، خاصةً بعد أن يعانوا من الإخفاق؟".

لذا، إليك الحقيقة القاسية: إذا كنت تفتقر إلى الدافع لدرجة تجعلك لا تتقدَّم في الحياة، فهذا يعني أنَّ الشخص الوحيد الذي يعترض طريقك هو أنت.

ما هو الدافع؟

الدافع في جوهره هو السبب في تصرُّفك بطريقةٍ معينة، إنَّه القوة الدافعة التي تدفعك إلى اتِّخاذ إجراء معيَّن، بغضِّ النظر عن خوفك أو عدم خوفك من اتِّخاذ هذا الإجراء.

ويعرِّف علماء النفس الدافع على أنَّه العملية التي تبدأ من خلالها الأنشطة، وتُوجَّه وتستمر من أجل تلبية احتياجات معينة؛ والتي قد تكون نفسية أو جسدية، ومن الجدير بالذكر أنَّ قوة وقيمة الدافع تختلف باختلاف الشخص، اعتماداً على حاجاته وقيمه، علاوة على ذلك قد تتغير مستويات التحفيز في مراحل مختلفة من حياتك.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

أهمية الدافع:

وفقاً لبحث أجراه الدكتور "أندرس إريكسون" (Anders Ericsson)، يُعدُّ الدافع أهم مؤشر على النجاح، وهو الخلطة السريَّة التي تسمح لك بتحديد مصيرك، ومن خلال فهم سبب أهمية الدافع للنجاح في الحياة، ستشعر بمزيدٍ من القوَّة لاتِّخاذ الإجراءات التي تجدها مناسبة؛ فإليك أهمية الدافع بمزيدٍ من التفصيل:

1. يمنحك إحساساً بالوجهة:

إذا أخذت تسير في الحياة بلا هدف ووجهة، فلن تشعرَ بالتحفيز لفعل الكثير من الأمور؛ لذا من الهام للغاية أن تفهم ما تريد ولمَ تريده فهماً واضحاً؛ فإن لم تعرف سبب وجوب القيام بشيءٍ ما، فسيكون احتمال أن تتخذ إجراءً فعلياً احتمالاً ضئيلاً؛ لذا ينشئ الأشخاص الناجحون رؤية ويعرفون هدفهم؛ ممَّا يضمن انجذابهم نحو تحقيق أهدافهم؛ وبالتالي لا يتطلب التحفيز أي مجهود يذكر.

وكما تقول "مارجي واريل" (Margie Warrell)، مؤلفة كتاب "الشجاعة" (Brave): "تعدُّ معرفة الدافع وراء هدفك بمثابة خطوة أولى هامَّة نحو معرفة كيفية تحقيق الأهداف التي تثيرك وتخلق لك حياة مُمتعة؛ فعندما تعرف السبب، تجد الشجاعة لخوض المجازفات اللازمة للتقدُّم، وتظل متحفزاً حتى عند مواجهة الأزمات، وتتمكَّن من تحويل حياتك إلى مسار جديد تماماً، أكثر تحدياً، ومُجزٍ أكثر".

2. يحوِّل الدافع الخوف إلى خطة عمل فعالة:

يُعدُّ الخوف العامل الأول الذي يمنع الناس من اتِّخاذ إجراءات في الحياة، سواء كان خوفاً من الفشل أم خوفاً من النجاح أم خوفاً من أنَّك لست جيداً بما فيه الكفاية. ولكنَّ ما لا يدركه الكثير من الناس هو أنَّ الخوف شيء يخلقه العقل؛ أي مجرَّد وهم، فعندما تحافظ على دافعك وحماسك، تستطيع التغلُّب على الخوف، كما لو أنَّك تقول: "حتى لو كنت أشعر بالخوف، سأقوم بذلك على أي حال" ومن هنا، يمكنك إمَّا أن تدع الخوف يمنعك من التقدُّم نحو أهدافك، أو استخدامه كوسيلة للتحفيز؛ إنَّه اختيارك.

3. يساعدك على التعافي من النكسات:

عندما تُحبطك الحياة (وستفعل ذلك بالتأكيد)، يكون الدافع هو ما يسمح لك بالتقاط أنفاسك، ثم المواصلة مرَّة أخرى، وعندما تحاول الحياة إقناعك بأنَّ اللعبة قد انتهت، سيكون الدافع هو ما يشجِّعك ويذكِّرك بعدم الاستسلام.

تُشبه الحياة قطار الملاهي؛ إذ بوسعك الصراخ والخوف من كل ما يظهر في طريقك، أو ربط نفسك بحزام أمان والاستمتاع بالرحلة؛ لذا فعندما تواجه لحظة سيئة، عُدَّها فرصة لإطلاق العنان لقوتك الداخلية.

إحدى التمرينات الرائعة التي تساعدك على تذكُّر أنَّ الاستمرار في الأوقات الصعبة أمر يستحق الجُهد، أن تتخيَّل كيف ستكون الحياة بعد خمس سنوات من الآن إذا توقفت عن السعي وراء حلمك، وسيكون هذا في حد ذاته دافعاً للاستمرار.

إقرأ أيضاً: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

ما نوع الدافع الذي تحتاجه؟

هل سبق وفكَّرت في القوة الدافعة وراء تحفيزك؟ للإجابة عن هذا السؤال، يمكنك إلقاء نظرة على استراتيجية الدفع والجذب؛ حيث يكون دافعك لفعل أي شيء في شكلين مختلفين: هما الدفع أو الجذب.

في حالة الدفع: تكون مدفوعاً بالحاجة إلى الهروب من الواقع غير المرغوب فيه، بينما في حالة الجذب: يكون دافعك هو القوة التي تلهمك لتحقيق نتائج ناجحة.

عندما تدفع نفسك للقيام بشيء ما، ستشعر تلقائياً وكأنَّك تجر نفسك بثقل، ولن تتمكَّن من العمل في هذا الوضع لفترة طويلة قبل أن ينفذ تحفيزك؛ لذا يتعيَّن عليك امتلاك دافع الجذب، والذي ينشأ من رغبة متأصلة في فعل شيء تحبه؛ إذ إنَّ دافع الجذب هذا هو ما تريد السعي لاكتسابه، فهو نتاج اتِّخاذ إجراء بغية تقريب نفسك من وجهتك المرجوَّة.

ما الذي قد يحفِّزك على النجاح؟

إنَّ الدافع أمر شخصي، بمعنى أنَّه يختلف باختلاف الأشخاص بناءً على أهداف كل شخص وقيمه، كما قد يختلف ما يحفزك في العمل عمَّا يحفزك في المنزل، ولكن دعنا نستكشف بعض العوامل المشتركة التي تحفِّز الناس على النجاح:

1. العيش لهدف ومغزىً أسمى:

غالباً ما يكون الحافز الدائم مدفوعاً بهدف أو مغزىً أسمى؛ فعندما تجد هدفاً يجعلك تنبض بالحياة في داخلك، يصبح الدافع سهل المنال، ويشار إلى ذلك على أنَّه دافع داخلي، أي أنَّ سلوكك يكون مدفوعاً بمكافآتٍ داخلية؛ فتسعى بالتالي وراء الأهداف التي تُشعِرك بالارتياح (بغضِّ النظر عمَّا يعتقده الآخرون).

2. الالتزام بضبط النفس:

يكرِّس بعض الناس حياتهم كلها لضبط ذواتهم والشعور بالإنجاز الذي يجلبه ضبط النفس هذا، في الواقع إنَّ ضبط النفس عملية تحوُّل؛ فهو ليس هدفاً نهائياً، بل مسار حياة تحرِّكه الرغبة في أن تصبح أفضل ما يمكن أن تكون عليه.

يتحدَّث "أبراهام ماسلو" (Abraham Maslow) في كتابه، "نحو سيكولوجية كينونة الإنسان" (Toward A Psychology of Being) عن قوة جبارة في الحالة البشرية، وهي الدافع للنمو، وأنَّ هذه القوة تدفع الناس إلى الأمام نحو تكامل الذات؛ إذ يتطلَّب النمو دائماً مستوى معيناً من المخاطرة؛ ذلك لأنَّه يحتِّم عليك الخروج من منطقة راحتك.

قد يكون الأمر مخيفاً، ولكنَّك لن تفشل أبداً عندما تلتزم بضبط النفس؛ فعندما تتحكَّم في عقلك، تتحكَّم في كل مجال من مجالات حياتك.

3. الرغبة في رد الجميل:

أحياناً ما يكون دافع بعض الناس هو رد الجميل للعالم ومساعدة الآخرين؛ إذ يمتلكون رغبة فطرية في إحداث تأثير في العالم، وفي الواقع لا يوجد شيء أكثر فائدة من مساعدة الناس على تحقيق أقصى إمكاناتهم في الحياة.

لقد أظهرت الأبحاث أنَّ العطاء يجعلنا أكثر سعادة من التلقِّي؛ وبالتالي فنحن في الواقع نكون أنانيين وغير أنانيين من خلال العطاء للآخرين؛ فنحن نعطي الآخرين لإسعادهم وإرضاء أنفسنا في نفس الوقت.

إقرأ أيضاً: 9 تصرفات لطيفة لمساعدة الآخرين والمحافظة على البيئة

كيف تجد المزيد من الدوافع للنجاح في الحياة؟

الآن بعد أن عرفت ما الذي يحفِّز الناس على تحقيق النجاح في الحياة، حان الوقت لتحديد ما يحفِّزك أنت.

1. كُن واضحاً بشأن دوافعك:

يكون بعض الناس واضحين تماماً بشأن دوافعهم في وقت مبكر من حياتهم، بينما يستغرق آخرون وقتاً أطول لتحديد ذلك؛ ولهذا السبب يتعثَّر بعضهم؛ ذلك لأنَّهم عندما لا يجدون دوافعهم بعد الكثير من البحث، يشعرون بالإحباط ويستسلمون.

ولكن عليك أن تفهم أنَّ دافعك ليس شيئاً تجده؛ بل هو الذي يجدك، فاسأل نفسك: "ما الذي أحب فعله؟" وستجد أنَّ هناك إجابة رائعة في انتظارك.

يقول "سيمون سينك" (Simon Sinek)، مؤلف كتاب "جِد دوافعك" (Find Your Why): "بمجرد أن تفهم "دوافعك"، ستتمكَّن من معرفة ما يجعلك تشعر بالرضا بوضوح، وعندما تكون في أفضل حالاتك الطبيعية، ستفهم ما يحرِّك سلوكك بصورة أفضل".

لذا فبمجرَّد أن تكون واضحاً بشأن "دوافعك"، يتعيَّن عليك اتِّخاذ إجراءات كبيرة، فافعل الأشياء التي تجعلك تنبض بالحياة في داخلك، وحاول، وافشل، وحاول مرة أخرى؛ فمن خلال الالتزام بحياة هادفة، ستشعُر بأنَّ كل شيء هيِّن.

2. ابحث عن شريك مساءلة:

شريك المساءلة، هو الشخص الذي يبقيك على المسار الصحيح حتى لا تفقد الزخم؛ لذا عليك أن تبحث عن شريك مساءلة، ذلك لأنَّ أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل الكثير من الناس يجدون صعوبة في الالتزام بأهدافهم هو أنَّهم غير مسؤولين أمام أي شخص آخر غير أنفسهم.

لقد وجدت الأبحاث أنَّ احتمال تحقيق الأشخاص لهدف ما يزيد بنسبة 65% بعد الالتزام أمام شخص آخر، وتزداد فرص نجاحهم إلى 95٪ عندما يعقدون اجتماعات منتظمة مع شركائهم للتحقُّق من تقدمهم.

يمكنك البحث عن شخص لديه أهداف مشابهة لأهدافك، ووضع خطة سوياً بحيث يلهِم كل منكما الآخر للالتزام بأعمالٍ مُحدَّدة.

إقرأ أيضاً: كيف تبني عادات جديدة مع شريك المساءلة؟

3. احتفِ بانتصاراتك الصغيرة:

كلما حقَّقت مكسباً ولو صغيراً، احرص على مكافأة نفسك بشيءٍ ذي معنى.

قد لا تبدو المكاسب الصغيرة هامَّة في الوقت الحالي، ولكن من خلال الاحتفاء بالتقدُّم الذي أحرزته، تمنح نفسك جرعات صغيرة من التحفيز الذي سيشجعك على الاستمرار؛ فعندما تنجز شيئاً ما، يُفرَز الدوبامين في الدماغ، فتشعر بالحيوية والسعادة، والتي تؤدِّي بدورها إلى شعورك بالفخر.

4. أَوجِد لنفسك طقوساً صباحية:

عندما تقضي وقتاً كل صباح لتغذية عقلك وجسدك وروحك، ستُجهِّز نفسك للفوز طوال اليوم؛ ذلك لأنَّك عندما تلتزم بطقوسٍ صباحية كل يوم، تبدأ في بناء قدر هائل من التحفيز بمرور الوقت؛ إذ يُعدُّ هذا بمثابة تمرين لقدراتك العقلية.

لقد أظهرت الأبحاث أنَّ من يستيقظون مبكراً هم أكثر نجاحاً، وأفضل تخطيطاً، وأكثر قدرة على توقُّع المشكلات؛ فلا تنسَ أن تبحث عن العادات التي تحفِّزك، سواء كانت قراءة كتب ملهمة، أم مشاهدة مقاطع فيديو، أم الإصغاء إلى عبارات إيجابية ومحفِّزة، أم ممارسة التمرينات الرياضية.

في الختام:

ليس هناك وقت أفضل من الآن لتحفيز نفسك؛ فاتِّخذ إجراءات كبيرة وابدأ في إنشاء الحياة التي تتمنَّاها في أحلامك.

وكما قال "زيج زيجلار" (Zig Ziglar): "التحفيز مثل الاستحمام، عليك القيام به كل يوم؛ فبدون التحفيز، لن تجد الدافع لاتِّخاذ أي إجراء، وبدون اتخاذ إجراءات، لا يمكنك بلوغ أهدافك وتحقيق أحلامك".

إذا تمكنت من امتلاك الدافع، فلن يكون هناك ما يعيقك عن النجاح في الحياة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة