لماذا يُعَدّ التطلّع نحو المستقبل الجزء الأهم في التفكير الريادي

تُعَدّ العقلية الريادية واحدةً من أهم مكونات ريادة الأعمال – إن لم تكن الأهم، فهي الطريقة الفريدة التي تمنح رواد الأعمال والمبتكرين القوة للتفكير في الأشياء.

لقد كتبْتُ عن هذه العقلية وحاضرْتُ عنها طوال عدة سنوات وما زلت أقوم بذلك حتى الآن، وسلَّطتُ الضوء على مدى أهميتها في الحياة وفي النجاح على مستوى العمل. وكتبت عن الأجزاء المتعددة لهذه العقلية بما في ذلك أهمية تقويم الخطر، واغتنام الفرص، والتعاون، والإصرار، ولكن التطلُّع نحو المستقبل يُعَدّ حتى الآن الجزء الأهم من بين جميع الأجزاء العقلية الريادية.

فإذا لم تكن الفكرة مألوفةً بالنسبة لك فإنَّ التطلُّع نحو المستقبل هو النظر بعيداً نحو المستقبل وإدراك أنَّ هذا المستقبل غير مُدوَّن، والأهم من ذلك أنَّ أولئك الذين لديهم تطلُّعٌ نحو المستقبل يعون بوضوح أنَّه رغم أنَّ هذا المستقبل غير مدوَّن إلَّا أنَّهم يستطيعون تدوينه بأيديهم، ولا سيما حينما يكون مستقبلهم الخاص بهم.



قد يبدو هذا بالنسبة إلى بعض الأشخاص أمراً جليَّاً وواضحاً، إذ يفترض أولئك الذين يكتبون عن ريادة الأعمال ويعملون فيها أنَّ التطلُّع نحو المستقبل يُعَدّ من الحقائق الأساسية التي يعرفها الجميع. وقد بنَيْنا هذا الافتراض لأنَّه يُعَدّ بمنزلة المفتاح الذي يفتح جميع الأبواب تقريباً في العقلية الريادية الناجحة.

فقد تكلّم رواد الأعمال كثيراً عن وضع الأهداف، على سبيل المثال، لأنَّ امتلاك الأهداف يُعَدّ أمراً مهماً، وشبَّهنا الأهداف بخرائط الطريق، ولكن في حين يُعَدُّ وضع الأهداف دون أن تدرك قدرتك على التحكم بمستقبلك أمراً ممكناً، يُعَدُّ تحقيق هذه الأهداف أمراً غير مرجحٍ أبداً.

فمجرد امتلاك خريطة لا يعني بأنَّك ستبدأ برحلة، وقد يقول أولئك الذين يفقرون إلى التطلع نحو المستقبل: "هدفي هو أن أصبح رائد فضاء، ولكن الأمر ليس بيدي". أمَّا أولئك الذين يمتلكونه فقد يقولون بدلاً من ذلك: "ما الذي يجب عليَّ القيام به لكي أصبح رائد فضاء؟". فالتطلُّع نحو المستقبل هو ربط تصرّفات الشخص بالنتائج التي يرغب في بلوغها.

وكمثالٍ آخر، يُركّز رواد الأعمال اهتمامهم كذلك على مهارات اغتنام الفرص، ولكنَّك حينما لا تؤمن بأنَّ في إمكانك القيام بأمرٍ ما حيال تلك الفرصة المُغتنَمة فإنَّ اغتنام الفرص يتحول إلى مجرد حبٍّ للاستطلاع.

كما أنَّ المثابرة والإصرار، اللذَيْن يتحدث عنهما رواد الأعمال في أغلب الأحيان، سيختفيان كذلك بأسلوب كاملٍ على الأرجح إذا لم تفكر بعقلية التطلُّع نحو المستقبل.


اقرأ أيضاً:
5 خرافات متداولة حول ريادة الأعمال


فما العبرة من التمسك بأمرٍ ما إذا لم تكن تؤمن بأنَّ في إمكانك تغييره؟

بالنظر إلى الدور المركزي الذي يؤديه التطلُّع نحو المستقبل في العقلية الريادية يُعَدُّ عدم حصوله على قدرٍ أكبر من الاهتمام أمراً مفاجئاً، إذ إنَّنا نتجاهل بوجه أو بآخر فكرة أنَّك تستطيع صياغة مستقبلك وتركيز الاهتمام على الأدوات التي تستطيع استخدامها، وهو ما قد يكون خطئاً مُكلِفاً.

وبينما يعرف العديد من الناس أنَّهم يبنون المستقبل، يجهل العديد من الشباب – الذين يتطلعون إلى أن يصبحوا رواد أعمال – ذلك، في حين أنَّه يجب عليهم تعلم ذلك، ويروه، ويؤمنوا به. وينطبق هذا بوجه خاص على الشباب الذين يعيشون ضمن بيئاتٍ وظروفٍ قاسية ممتلئة بالتحديات.

تتأثر فرص جميع الناس وخياراتهم بعوامل ديموغرافية واقتصادية معينة، لهذا السبب من الضروري أن نحمل الشباب على التفكير مثلما يفكر رواد الأعمال، أي أن نوجه تفكيرهم وتصرفاتهم نحو المستقبل. وحينما يرى الشخص أنَّ اتخاذ القرارات بشكلٍ جيد واستغلال الموارد يمكن أن يغير الأمور فإنَّ النتائج يمكن أن تكون رائعة.

الجزء الأفضل فيما يتعلق ببناء عقلية تتطلع نحو المستقبل هو أنَّه يمكن لهذه العقلية أن تتخطى ريادة الأعمال وإنشاء المشاريع بصورتيهما التقليدية، إذ إنَّ الأشخاص الذين يؤمنون بأنَّهم يتحكمون بالمستقبل ويتعلمون كيف يفكرون كروادٍ للأعمال يكونون موظفين أفضل، فهُم يغيرون أنماط الحياة، والتكنولوجيا، والمجتمعات، والشركات، والسياسات. ويصبح الأشخاص الذين يتطلعون إلى المستقبل حيثما حلُّوا وأيَّاً كان ما يسعون إلى خلفه أصحاب ابتكاراتٍ وإنجازات.


اقرأ أيضاً:
10 مواقع رائعة تقدم دروساً مجانية في مهارات ريادة الأعمال


تُعَدُّ هذه النتائج نتائجَ رائعةً ومهمة لأمرٍ يفترض العديدون منا بأنَّ جميع الأشخاص يعلمونه، ولهذا السبب يجب على رواد الأعمال، والمعلمين، والخبراء، والقادة في كل مكان أن يركزوا الاهتمام على مفهوم التطلع إلى المستقبل وعلى أنَّه لا ينطبق على عالم الأعمال فقط. ولأنَّ رواد الأعمال تحديداً هم بُناة المستقبل فإنَّنا مُلزمون بالتحقق من أنَّ جميعهم يعلمون أنَّ المستقبل دائماً قيد التنفيذ وأنَّهم يستطيعون بنائه أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة