ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيها عن أهمية التفاؤل.
ماذا يعني أن تكون شخصاً متفائلاً أو شخصاً متشائماً؟ في الفلسفة، الشخص المتفائل هو ذاك الذي يؤمن بأنَّ الخير ينتصر في النهاية على الشر، وأنَّ عالمنا يسير في الاتجاه الصحيح، أمَّا الشخص المُتشائم هو عكس ذلك تماماً؛ إذ إنَّه الشخص الذي يعتقد أنَّ الشر يفوز في النهاية وأنَّ العالم محكوم عليه بالفناء، كما أنَّها مجرد مسألة وقت قبل أن ندمر أنفسنا.
لا أعتقد أنَّ الناس متفائلون أو متشائمون بالمُطلق؛ فمعظم الناس لديهم ميول إلى التفاؤل وإلى التشاؤم، على سبيل المثال لدى معظم الناس نظرة سلبية للغاية فيما يخص مستقبل التكنولوجيا أو المناخ، لكن في الوقت نفسه قد يكون هؤلاء الأشخاص أنفسهم متفائلين عندما يتعلق الأمر باستخدام الطاقة الصديقة للبيئة أو القدرة على تثقيف الآخرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
كان أحد الكتب والأفلام المُفضلة لدي عندما كنت في سن المراهقة هو نادي القتال (Fight Club)، وهو قصة عن الفوضى ومحاربة الوضع الراهن، وفي اللحظة التي شاهدت فيها الفيلم، توافقتُ على الفور مع وجهة نظر بطل الفيلم تشاك بالانيك (Chuck Palahniuk) عن الحياة؛ إذ تحدَّث عن عدم الاهتمام بما يقوله أو يفعله الآخرون، وعن وضع الخطط الخاصة بك وعدم الخوف من الدمار، وما إلى ذلك.
إنَّ سبب انجذاب معظم الناس إلى مشاهدة أفلام مثل نادي القتال والقصص المُروِّعة المماثلة له هو أنَّها قريبة من الواقع.
شاهد بالفيديو: 10 خطوات بسيطة لنشر التفاؤل والطاقة الإيجابية
إذا بحثت عن الشر ستجده:
إذا قرأت عن تاريخ البشرية، ستلاحظ العنف والحرب والظلم وعدم المساواة والمعاناة والتعذيب والمجاعات؛ أي كلُّ الأشياء السلبية؛ فهذه الأفعال جزء من الطبيعة البشرية، فأسلافنا فعلوا أشياء سيئة.
إذا كنت تعتقد أنَّ العالم سيئ؛ فالأدلة على ذلك كثيرة؛ فالعالم مليء بالمعاناة؛ لكنَّ الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل هو أنَّ نسبة المعاناة التي يتعرض لها الناس في هذا العالم أقل ممَّا كانت عليه قبل مئة عام.
إنَّ العالم الذي نعيش فيه لا يتسمُّ بالكمال بأيِّ شكل من الأشكال؛ لكنَّه أفضل قليلاً ممَّا كان عليه في الماضي؛ وهذا القدر الضئيل من التحسن هو ما يدعو إلى التفاؤل.
نحن لا نعرف بالضبط عدد الأشخاص الذين ولدوا متفائلين بالمقارنة مع عدد الأشخاص الذين ولدوا متشائمين، لكن أنا أفترض أنَّ الأشخاص المتشائمين هم الغالبية، وربما يتعلق الأمر بالبيئة التي نشأت فيها، مثلاً الطفل الذي نشأ في أسرة دون مال كثير، ليس من المُفاجِئ أن يكون أكثر ميلاً إلى التشاؤم.
عندما تكون الحياة صعبة، فإنَّك تقع في دوامة من السلبية، وعندما يبدو أنَّ أشياء سيئة تحدث لك وللناس في حياتك، فمن الصعب أن تتخيل أنَّ الأشياء يمكن أن تكون جيدة؛ أنت بحاجة فعلياً إلى سبب وجيه لتغيير نظرتك إلى الحياة بالكامل.
التفاؤل يجعل حياتك أفضل:
ذلك السبب هو التفاؤل بمستقبل أفضل، فإنَّ الدليل على ذلك هو عندما ترى أمثلة لأشخاص حققوا نجاحاً من لا شيء؛ إذ يمكنك بناء حياة جيدة، ويمكنك أن تتعلم، ويمكنك أن تصبح ثرياً، لكن عليك أن تؤمن أنَّ العالم يسير في الاتجاه الصحيح.
إنَّ أحد الأسباب الرئيسة لنجاح رائد الأعمال وارن بافيت (Warren Buffett) ليس لأنَّه أفضل مستثمر أسهم في العالم، لكن السبب الأكثر أهمية هو أنَّه شخص مُتفائل وصبور؛ أي مزيج من سمات الشخصية التي لا يمتلكها معظم الناس.
في حين أنَّ معظم المستثمرين العالميين الآخرين يساهمون في نشر الهلع ويحذرون العالم من الانهيارات الكبرى وهبوط الأسواق، كان بافيت متفائلاً بشأن حياته المهنية في الاستثمار والتي بلغت 80 عاماً.
في الاجتماع السنوي للمساهمين لعام 2020 لشركته بيركشاير هاثاواي (Berkshire Hathaway)، في ذروة الجائحة العالمية، كرر الرسالة نفسها؛ إذ أمضى بافيت الجزء الأول من الاجتماع يتحدث عن كلِّ الأشياء الجيدة التي حدثت قائلاً: "قبل 231 عاماً، لم يخطر في بال أحد أنَّه خلال ثلاثة أجيال، سيكون لدى الولايات المتحدة 280 مليون شخص، وستطير الطائرات على ارتفاع 40 ألف قدم، وسيكون لديها أنظمة مستشفيات رائعة؛ فكلُّ شيء تجاوز الأحلام".
المتفائلون يتصرفون تصرفات مختلفة
كلُّ مستثمر على الأمد الطويل متفائل، وإلا لماذا تضع أموالك في شراء الممتلكات؟ عندما تتبنى نظرة مُتفائلة عن العالم، فإنَّك تتصرف تصرفاً مختلفاً.
لديك إيمان بالمستقبل؛ لذا فأنت تستثمر في تعليمك وتحافظ على صحتك وتستثمر بثبات في ممتلكاتك، وأنت تدرك أنَّ العالم يتحسن باستمرار، وأنت تريد أن تواكب هذه الأمور.
في الختام
إنَّها طريقة مختلفة تماماً للعيش، ويجب أن أكون صادقاً، لقد بدأت ببطء في تغيير وجهة نظري طيلة السنوات الستة الماضية، لكن لم أبدأ بالتفاؤل حتى عام 2020، وقد شهدنا أزمات عديدة طيلة السنوات العشرين الماضية، من الحروب إلى الانهيار المالي، إلى الجائحة العالمية، وقد استمر البشر في التحسن خلال كلِّ هذه التحديات؛ إذ لا يتطلب الأمر كثيراً من الخيال لإدراك أنَّنا سنواصل التحسن.
أضف تعليقاً