لا تمارس تعدد المهام، بل أتقن التبديل فيما بينها

قد تعتقد أنَّك تنجح في تعدُّد المهام، لكنَّك في الواقع تتنقل فيما بينها؛ لذلك تعرَّف إلى كيفية إجراء هذا التبديل بين المهام بصورة أكثر كفاءةً وإنتاجية.



لقد قِيل لنا إنَّ تعدُّد المهام مفيد لتعزيز إنتاجية العمل، لكنَّنا نعلم بشكل بديهي أنَّ تعدُّد المهام المستمر يرهقنا، هذا لأنَّ كلمتَي "تعدُّد المهام" نفسهما تتعارضان مع ما نقوم به، فبعد كل شيء، نحن لا نقوم بمهام متعددة؛ بل أجهزة الكمبيوتر تفعل ذلك، لكنَّ البشر لا ينجحون فيه؛ فنحن نبدل بين المهام فحسب.

تشير كلمة "تعدُّد المهام" إلى أنَّه يمكِنك القيام بأمرين أو أكثر في وقت واحد، لكنَّ أدمغتنا تسمح لنا فقط بعمل شيء واحد في كل مرة، ويجب أن ننتقل ذهاباً وإياباً بين المهام المتعددة؛ إذ إنَّ الدماغ البشري غير قادر على التبديل بين "سياق الموضوعات" عند تبديل المهام، فهذا يؤثر في الأداء ويزيد من التوتر.

تبديل المهام ليس شيئاً جديداً، لكنَّه يشكل تحدياً جديداً مع وجود العديد من مصادر المعلومات، حيث يفرض التدفق المستمر للمعلومات من رسائل البريد الإلكتروني، والمحادثات، والمكالمات الهاتفية، والمستندات، أعباءً جديدة على الذاكرة، كما يتطلب تذكُّر التفاصيل في أثناء التبديل من موضوع إلى آخر مرونةً عقلية، فكيف يمكِنك التبديل بين المهام دون أن تفقد تدفُّق أفكارك إذاً؟

أدوات الإنتاجية تُصعِّب من التبديل بين المهام:

أطلقَ نوع جديد من البرامج - ضمن إطار "الدردشة في مكان العمل" - فصلاً جديداً في أدوات الإنتاجية التي من المفترض أن تزيد من إنتاجية الموظف وتجعل العمل ممتعاً، لكنَّ هذا ليس صحيحاً.

بدأَت هذه الأدوات بهدف استبدال البريد الإلكتروني بالدردشة من أجل التواصل في مكان العمل، وكان هذا ناجحاً إذا نظرنا إلى هذا الأمر بناءً على درجة تطوُّر هذه الأدوات، ثمَّ أصبح مطوِّروها طموحين، وبدؤوا في دمج العديد من التطبيقات المتباينة مع أنظمتهم، وأرادوا توفير متجر شامل للوصول إلى معلومات العمل جميعها في مكان واحد، ومن المفارَقات أنَّ هذه الأدوات تسبَّبَت في عواقب غير مقصودة؛ حيث أنشأَت عبئاً معلوماتياً يضغط على المستخدم، ويؤثر في الإنتاجية بدلاً من تبسيط العمل، واضطرَّ المستخدم إلى التبديل بين المهام ذهنياً، بدون مرجع أو سياق مناسب من أجل فهم المعلومات التي أُلقِيَت عليهم.

ثمَّ ظهر نوع آخر من الأدوات يهدف إلى وضع تطبيقات الويب شائعة الاستخدام جميعها معاً عبر تسجيل الدخول مرة واحدة، ومع ذلك ظلَّ كل تطبيق يعمل بمفرده في مساحته الخاصة، وأصبح التبديل بين التطبيقات أمراً سهلاً بكل تأكيد، ولكنَّ كل تطبيق تضمَّن معلومات مختلفة، وانعدمَ الرابط بين هذه التطبيقات، فيجب على المستخدم الاحتفاظ بالتواصلات وذلك إن وُجِدَت في الذاكرة، حتى في أثناء التبديل بين التطبيقات التي تتمحور حول الموضوع ذاته.

شاهد بالفيديو: 6 أنشطة غير مرتبطة بالعمل تعزز الإنتاجية

تطبيق لربط المعلومات وجعل التبديل بين المهام أمراً طبيعياً:

ماذا لو كان هناك تطبيق يسخِّر العديد من وسائل التواصل في مكان العمل اليوم لتعزيز الإنتاجية؟ حيث يحرر المستخدمين من عبء المعلومات على ذاكرتهم، ويحافظ على سياق "المهمة" أو "الموضوع"، ويضع التواصلات ذات الصلة بالموضوع كلها في سلسلة واحدة؛ إذ تزيح سلاسل المعلومات الثقل عن كاهل المستخدم.

فلنتخيَّل ممثلاً لخدمة العملاء يُقدِّم الخدمات إلى العديد من العملاء؛ فقد يبدأ المحادثة برسائل البريد الإلكتروني الواردة أو المكالمات الهاتفية من العملاء، ثمَّ قد يحتاج بعد ذلك إلى مساعدة أشخاص آخرين في فريقه للرد على كل عميل، ويمكِن إجراء التواصل الداخلي باستخدام نظام الدردشة، حيث تشكل التواصلات مع كل عميل موضوعاً محدداً، فتبديل الموضوعات مرهق للممثل؛ إذ يجب أن يتذكر الاتصالات جميعها التي أجراها مع كل عميل باستخدام رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات والمكالمات الهاتفية، كما يجب عليه أيضاً ربطها بالتواصلات التي أجراها مع فريقه الداخلي، وللتخفيف عن نفسه، قد يفتح العديد من النوافذ على شاشته؛ واحدة للدردشة والأخرى للبريد الإلكتروني، وهكذا. ويمكِنك أن ترى كيف يمكِن أن يخرج هذا عن السيطرة، ومع ذلك، فإنَّه أمر شائع الحدوث.

تخيَّل الآن تطبيقاً يدعم البريد الإلكتروني والمحادثات والمكالمات الهاتفية؛ فعندما يتواصل كل عميل بممثله، تبدأ سلسلة موضوع جديد، تربط الاتصالات اللاحقة جميعها مع هذا العميل، حيث يمكِن للممثل التبديل بين العملاء بسهولة من خلال النقر على سلسلة موضوع مختلفة، ويؤدي إلى استجابة سريعة ومناسبة، مما يزيد من رضا العملاء.

أصبح التبديل بين الموضوعات الآن في غاية السهولة، ويتحقق كل هذا دون تغيير طريقة عمل الممثل.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لمعادلة الإنتاجية أن تحفز الموظفين على العمل بكفاءة؟

السياق هو الحلقة المفقودة:

على الرغم من أنَّنا نعتقد أنَّنا نُعدِّد المهام، إلا أنَّنا لا نفعل ذلك حقاً؛ بل نُبدِّل ما بين المهام فحسب. ولسوء الحظ، فإنَّ التطبيقات التي كانت من المفترض أن تجعل حياتنا أسهل، وأن تزيد المتعة في العمل تقف في الواقع عائقاً في طريقنا، وبدلاً من مساعدتنا على التبديل بين المهام بسهولة، فإنَّها تزيد العبء على ذاكرتنا وتضغط علينا، وما تفتقده هذه التطبيقات هو "السياق"، فهي لا تسمح للمستخدم بالاحتفاظ بسياق المهام في أثناء التبديل بينها، فالسياق هو الحلقة التي تجمع كل ذلك معاً، ويجعل التبديل بين المهام أمراً طبيعياً ومثمراً.

بينما تُسهِّل الأتمتة للغاية من الحفاظ على السياق عند التبديل بين المهام، ويمكِننا أيضاً القيام بذلك بطريقة منظَّمة؛ حيث يمكِنك إنشاء مجلدات لكل موضوع تريد تتبُّعه، وحفظ التواصلات ذات الصلة جميعها من (رسائل البريد الإلكتروني، والمحادثات، والمستندات المشتركة، وغيرها) كملفات بصيغة "بي دي إف" أو صور، وعلى الرغم من أنَّه أمر مرهق، إلا أنَّه يُقلِّل إلى حد ما ضغط تتبُّع كل هذا في ذاكرتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة