لا ترفع سقف توقعاتك

كم مرة في حياتك تعرضت إلى الأذى أو الإحباط أو الغضب أو التوتر بسبب ذلك الاختلاف بين ما تبنيه في خيالك من توقعات وبين الواقع؟ فنحن مخلوقات مبدعة للغاية، وعندما نبدأ في تنفيذ الأشياء، نتوقع دائماً أن يسير كلُّ شيء بالطريقة التي نريدها ونخطط لها بالضبط، فهل تبدو هذه السيناريوهات مألوفة بالنسبة إليك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن تجربته في العيش والعمل وتحقيق الأهداف دون رفع سقف التوقعات.

  1. "سوف أتخرج في الجامعة، وبعد ذلك ستنهال عليَّ عروض التوظيف من كلِّ حدب وصوب، وسأختار الشركة التي تمنحني أفضل راتب، وسأصبح ثرياً".
  2. "سأتعرف عليها، أنا حقاً أحبها، ثم نتزوج، وننجب أربعة أطفال، ونشتري منزلاً لقضاء الإجازات الصيفية على الشاطئ، ونحظى بحياةٍ سعيدة".
  3. "فكرة عملي رائعة، سأجمع بعض النقود، وأقوم بتوظيف القليل من الناس لبناء المنتج؛ ومن ثَمَّ سنطرحه في السوق، وستكتب وسائل الإعلام عن ذلك، وسأشاهد ذلك على التلفاز، وبعد ذلك سأبيع الشركة".
  4. "سأصنع بعض مقاطع الفيديو، وأرفعها على موقع يوتيوب، وسوف يشاركها الناس، وسينتشر أحد هذه المقاطع انتشاراً واسعاً".

لا أعرف بالضبط ما هي فرص تحقُّق السيناريوهات السابقة؛ لكنَّني أعتقد أنَّها ضئيلة جداً، وأنا لا أحاول هنا تحطيم أحلامك، لكنَّ القليل من البراغماتية (أو القليل من التفكير العملي المبني على النتائج) أمر مطلوب؛ إذ ليس من المنطقي أن تبني توقعاتٍ عالية؛ لأنَّها بالكاد تتحقق، فلماذا تمنحها هذه الأولوية؟

إنَّها تضر أكثر ممَّا تنفع؛ عندما كنت أدرس للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، كنت متحمساً طوال الوقت، وقد اعتقدت حينها أنَّ جميع الشركات متعددة الجنسيات سوف تتسابق لتوظيفي، ولأنَّني تخصصت في التسويق، فقد اعتقدت أنَّني أستطيع تأسيس شركة وتحقيق النجاح.

لكن عندما حصلت على شهادتي قبل أكثر من ست سنوات، كانت لدي أزمة مالية مستمرة، وقد عُينَّ واحد أو اثنين فقط من أصدقائي وزملائي والأشخاص الذين أعرفهم من قبل الشركات الكبيرة، وعمل البقية في شركات ذات مستوى متدني؛ إذ لم يتبق خياراتٍ كافية للانتقاء منها.

لقد بدأت عملاً تجارياً، لكن هذا لم يكن جيداً أيضاً، فقد بدأت بمدخراتٍ بسيطة وشخصية أولاً، وكسبت ما يكفي من المال لسداد نفقات المعيشة الخاصة بي للسنوات الثلاث الأولى.

شاهد بالفديو: 7 حقائق عليك أن تفهمها عن الحياة

كان هذا وداعاً للتوقعات الكبيرة:

أنا لا أقول أنَّه يجب ألا يكون لديك معايير عالية أو ألا تسعى إلى تحقيق أهداف عالية في الحياة؛ فهذه الأشياء جيدة، لكن لا تعتمد على خيالك في تحديد برامجك والنتائج التي تريد تحقيقها، فذلك يؤدي إلى نتائج عكسية.

  • عندما تكون لديك توقعات كبيرة وتحقق نتائج سيئة: ستصاب بالإحباط.
  • عندما تكون لديك توقعات منخفضة أو معتدلة وتحقق نتائج جيدة: ستكون ممتناً.

يقول باري شوارتز (Barry Schwartz)، عالم النفس ومؤلف كتاب "مفارقة الاختيار" (The Paradox of Choice): "يكمن سر السعادة في التوقعات المنخفضة".

الآن، هذه ليست معلومات جديدة؛ إذ يعرف معظمنا أنَّ التوقعات العالية ليست مفيدة، لكن لماذا ما زلنا نرفع سقف توقعاتنا. ما زلنا نرغب في المزيد والمزيد والمزيد، وعندما تريد المزيد، تتوقع أيضاً المزيد، إذاً لا يمكنك إصلاح توقعاتك دون تحديد رغباتك.

إقرأ أيضاً: 8 توقعات غير واقعية يمكن أن تؤذيك

لكن كيف يمكنك تحقيق أقصى استفادة من الحياة وعدم السعي إلى تحقيق المزيد؟ فهذا غير منطقي:

حسناً، الكثير من الأشياء في الحياة لا معنى لها، لكن تذكَّر: عندما ترغب في المزيد، يكون لديك أيضاً المزيد من الخيارات.

"ماذا عليَّ أن أفعل؟ هل أعمل أكثر؟ أربح المزيد من المال؟ أساعد المزيد من الناس؟ أقضي المزيد من الوقت مع عائلتي؟"، بشكل عام، وجود المزيد من الخيارات أمرٌ سيئ، فالمزيد يعني الارتباك، وغالباً ما يؤدي الارتباك إلى القلق والندم، والخوف من اتخاذ الخيار الخاطئ.

لذا، امتلاك كثير من الرغبات والطلبات ليس أمراً جيداً، فما الخطأ في النمو البطيء؟ أو بجني أموال أقل وامتلاك المزيد من الوقت لحياتك الشخصية؟

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات لتحقيق أقصى إمكاناتك كل يوم

في الختام، "لكنَّني أريد كلَّ شيء":

نصل في مرحلةٍ ما إلى مكانٍ في حياتنا نرغب فيه بامتلاك كلِّ شيء، وهذا ليس مستحيلاً، لكن فقط لا تتوقع ذلك؛ بل اسعَ إليه، ولا تعدُّه واجباً أو التزاماً، والأهم من ذلك لا تتوقع كثيراً من الآخرين، فلا أحد مثالي، وسيخيب ظنك بالناس في بعض الأحيان، وخلاف ذلك صحيح؛ لذا تقبَّل أنَّها ليست نهاية العالم؛ فعندما تعيش حياة خالية من التوقعات، ترى الأشياء على حقيقتها؛ لذا لا تتمنَّ لو كانت الأمور أفضل؛ بل اجعلها أفضل.




مقالات مرتبطة