كيفية التعامل مع سوء النظافة الشخصية عند الأطفال
إنَّه لأمر محبط للغاية أن تتعامل مع طفل يرفض الاعتناء بنفسه - طفل يعاني من سوء النظافة - فعندما يبدون أطفالنا غير نظيفين ورائحتهم كريهة، فإنَّنا نراهم غالباً على أنَّهم انعكاس لتربيتنا، وفي الواقع فإنَّ سوء النظافة لدى الطفل أمر محرج لوالديه.
نسمع العديد من الآباء يشتكون للمعالجين أنَّ أطفالهم لا يستحمون أو ينظفون أسنانهم أحياناً لأيام أو حتى أسابيع في كل مرة، وربما يرفضون وضع مزيل التعرق أو غسل وجههم، وربما يرتدون نفس الملابس كل يوم، ونادراً ما يمشطون شعرهم بالفرشاة أو يغسلونه بالشامبو، فنقول لأنفسنا: "لا يمكنني السماح لابني بمغادرة المنزل على هذا النحو وهذا الشكل".
هذه استجابة طبيعية، لكن من الطبيعي أيضاً أن يمر الأطفال بمراحل قد تمثل فيها النظافة تحدياً، وخاصةً خلال فترة البلوغ،
فإليك ما يمكنك فعله إذا كان طفلك يعاني من سوء النظافة الشخصية:
1. التحقق من سبب رفض طفلك لممارسة النظافة الجيدة:
فعادةً يرفض الأطفال الاستحمام، ويرفضون تنظيف أسنانهم بالفرشاة، ويرفضون الاعتناء بأنفسهم لسبب بسيط هو أنَّهم لا يريدون القيام بذلك ولا يهتمون به.
2. لا يرغب العديد من الأطفال في قضاء وقتهم في نشاطات الرعاية الذاتية:
فغالباً ما يكون أكثر متعة بالنسبة إليهم قضاء الوقت في ممارسة أشياء أخرى مثل لعب ألعاب الفيديو، ويمكن للأطفال أحياناً الانخراط في نشاط معين يجلب لهم المتعة، وهذا هو كل ما يريدون القيام به، وبالنسبة إلى الطفل يكون الاختيار بين شيء ممتع وشيء يبدو مملاً أمراً سهلاً، فسيختار دائماً ما هو ممتع.
3. من الهام أيضاً عَدُّ سن البلوغ فترة انتقال رئيسة للأطفال:
إذ تبدأ أجسادهم بطلب الحاجة فجأة إلى مزيد من العناية لتظل نظيفة، وهم بحاجة إلى الكثير من الوقت والممارسة لتعلم العادات الجديدة المطلوبة لمواكبة تغير أجسامهم.
هو وقت محير ويقاوم العديد من الأطفال التغيير في الروتين، كما يجب أن تفهم أنَّ المقاومة والرفض اللذين يبديهما الأطفال في هذه الحالة يرجعان ببساطة إلى نقص المعرفة والحاجة إلى وقت للتكيف.
4. في حالات أخرى وعلى الرغم من ذلك:
فإنَّ النظافة السيئة هي جزء من صراع أكبر ومستمر على السلطة، فقد يرفض طفلك الاغتسال أو تنظيف غرفته لمقاومتك واستفزازك، وعندما يحدث هذا التصرف، وكلما حاولت السيطرة على طفلك، ستزيد مقاومته.
شاهد بالفيديو: 8 علاجات سريعة للتخلص من قمل الشعر عند الأطفال
استبعاد مشكلات الصحة العقلية أو البدنية:
من أهم الأشياء التي يجب مراعاتها فيما يتعلق بالأطفال الذين يعانون من سوء النظافة هو أنَّ رفض الاستحمام أو العناية الشخصية أو تنظيف أسنانهم ربما يكون أحياناً من أعراض الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب أو الصدمة أو مشكلة أخرى تتعلق بالصحة العقلية، فإذا كان لدى طفلك عادات صحية سيئة مصحوبة بتغييرات في السلوك، أو تراجع في الأداء الأكاديمي، أو مشكلات مع أقرانه، أو إذا كنت تعتقد أنَّ سوء النظافة الشخصية لطفلك يشكل خطراً على الصحة، فنحن نوصيك بتحديد موعد مع طبيب الأطفال الخاص بطفلك، فيجب استبعاد أيَّة مشكلة تتعلق بالصحة الجسدية أو العقلية.
التحدث مع طفلك عن النظافة:
بصرف النظر عما تعتقد أنَّه قد يحدث، نوصيك دائماً بالتحدث مع طفلك والاستماع لوجهة نظره؛ إذ يُعَدُّ فهم منظور طفلك جزءاً من مفتاح العمل من خلال هذه المشكلة، فجرب الجلوس في وقت هادئ نسبياً واسأله: "ما هو سبب عدم رغبتك في الاستحمام؟ وما الذي لا يعجبك فيه؟"، ثم تحدَّث معه عن كيفية حل هذه المشكلة حتى يتمكن من الاعتناء بنفسه بطريقة صحية.
إذا كان طفلك يمر بمرحلة البلوغ، فمن المفيد التحدث عن التغييرات التي تحدث بجسمه والتي تجعل النظافة الشخصية هامة للغاية، مثل أن تصبح البشرة أكثر دهنية وتصبح الغدد العرقية أكثر نشاطاً في منطقة الإبط وكيفية تدبيرها وتنظيفها بشكل صحيح.
إذا لم تكن متأكداً من كيفية إجراء هذه المحادثة مع طفلك، فيجب أن يتمكن طبيب الأطفال أو ممرضة المدرسة من إعطائك بعض المعلومات والإرشادات، ولا يجب أن تفرض القوة والقمع في أثناء كلامك معه، فكن لطيفاً ومحباً عند التعامل مع القضايا الحساسة مثل النظافة، ومن المرجح أن يكون طفلك حساساً للغاية ومحرجاً.
التركيز على ما يمكنك التحكم به:
لا تحاول إجبار طفلك جسدياً على الاستحمام أو تنظيف أسنانه، ولا تجعله يستحم بتوبيخه أو مناداته بالأسماء السيئة، أو إخباره بأنَّ رائحته بشعة، أو إخباره أنَّك لا تريد الوجود بجانبه لأنَّه منفر وغيرها من التصرفات أو التلفظ بالألفاظ القاسية، فلا يمكنك أن تجعل شخصاً آخر يفعل شيئاً لا يريده، فمن الأكثر فاعلية التركيز على ما يحفز طفلك وتحميله المسؤولية لممارسة عادات صحية أفضل.
تُعَدُّ مخططات السلوك وأنظمة الحوافز والمكافأة طرائق رائعة للبدء، وخاصةً مع الأطفال الأصغر سناً؛ إذ يمكنك تطبيق مخطط يومي مثل مخطط السلوك المتعدد لتعزيز السلوكات المتعلقة بالنظافة، فامنح مكافأة يومية بمجرد الانتهاء من المهام المطلوبة، وبالنسبة إلى الأطفال الأكبر سناً، يمكنك أيضاً إنشاء مكافآت أسبوعية، على سبيل المثال، قد يكسب الاستحمام لمدة 5 أيام من أصل 7 أيام لطفلك وقتاً إضافياً في الليل قبل إطفاء الأنوار والذهاب إلى النوم.
إنَّ استخدام نظام المكافآت له نتيجة مدمجة، لذلك ليس من الضروري إعطاء نتيجة إضافية للفشل في الاستحمام، فإذا لم يكسب طفلك مكافأته عن اليوم أو الأسبوع، فإنَّ خسارة المكافأة هي النتيجة؛ لذا يمكنك إنشاء قائمة بالمكافآت التي يمكن لطفلك الاختيار من بينها لإبقائه مهتماً، فقد يسبب تقديم العديد من المكافآت الملل وفقدان الحافز الذي يحدث غالباً عندما تكون المكافأة هي نفسها دائماً.
ترك طفلك يواجه العواقب الطبيعية لسوء النظافة:
يقول الاختصاصيون دائماً: "لا تقلل أبداً من قيمة وقوة العواقب الطبيعية"، فما هي النتيجة الطبيعية لسوء النظافة؟ رد الفعل السلبي لأقرانهم على رائحة أجسامهم أو شعرهم الدهني أو بشرتهم غير السليمة، وفي الواقع الأطفال صريحون للغاية ولن يتردد الكثيرون في إخبار طفلك أنَّ أنفاسه كريهة أو رائحته بشعة أو أنَّ ثيابه غير نظيفة.
لقد قالت والدة أحد الأطفال ذات مرة إنَّ ابنها لم يستحم بالقدر الذي تريده، فبمجرد أن اقترب صديقه منه نفر على الفور وأخبره أنَّه نتن، وهذا ما أدى في النهاية إلى حل المشكلة وبدأ بالاهتمام بنظافته، ففي العديد من المدارس يقوم المعلمون بإرسال الأطفال إلى مستشار التوجيه النفسي للتحدث عن النظافة، وهذه هي العواقب الطبيعية لسوء نظافة طفلك، ويمكنها قطع شوط طويل في سبيل تحسين طفلك.
هل تريد حدوث أي من هذه الأشياء المحرجة لابنك؟ على الأغلب لا، وهل هو انعكاس عليك بصفتك والداً؟ يبدو الأمر كذلك بالتأكيد، ولكنَّه في الحقيقة ليس كذلك ما دمت تقوم بعملك وواجبك تجاهه، فإعطاء أطفالك الفرصة لممارسة النظافة الجيدة من خلال توفير كل المعرفة والأدوات اللازمة هو أفضل ما يمكنك القيام به.
ماذا تفعل عندما تكون النظافة السيئة فعلاً ناجماً عن تحدٍّ؟
يجب معرفة أنَّ مشكلة النظافة لدى طفلك قد تكون بمنزلة تحدٍ، وفي هذه الحالة تكمن المشكلة الحقيقية في الصراع على السلطة، إذاً كيف تعرف أنَّك في صراع على السلطة مع طفلك؟ إذا رفض طفلك الامتثال في أي وقت تطلب منه القيام بشيء ما - عندما تجده يتراجع باستمرار عن قواعدك وطلباتك - فأنت في صراع معه، وإنَّ مفتاح التعامل مع صراع القوة ليس الانغماس فيه؛ بل في تجنبه ومساعدته على تطوير مهارات حل المشكلات الأكثر ملاءمة.
شاهد بالفيديو: كيف يتم العناية بالطفل حديث الولادة؟
الأمراض المتعلقة بسوء النظافة:
- قدم الرياضي (سعفة القدم).
- قمل الجسم.
- الإسهال المزمن.
- تسوس الأسنان.
- قمل الرأس.
- التهاب الجلد الزائف/ التهاب الجريبات.
- داء الفيلاريات اللمفاوية.
- الديدان الدبوسية.
- قمل العانة.
- الجرب.
- أذن السباح (التهاب الأذن الخارجية).
- التراخوما.
- أمراض المياه الترفيهية (RWIs).
- التهاب القرنية "الشوكميبة" (AK).
- السعفة الفطرية.
النظافة في الإسلام:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِن وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بعَيْنَيْهِ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِن يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنَ الذُّنُوبِ).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ، قالَ زَكَرِيَّا: قالَ مُصْعَبٌ: ونَسِيتُ العاشِرَةَ إلَّا أنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ، زادَ قُتَيْبَةُ، قالَ وكِيعٌ: انْتِقاصُ الماءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجاءَ).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً).
في الختام:
تحلَّ بالصبر عند معالجة سوء النظافة، فسوف يتخذ الأطفال دائماً خياراتهم الخاصة بصرف النظر عن أي شيء، فإذا كنت تحل مشكلة مع أطفالك باستخدام المكافآت والعواقب وتزويدهم بالأدوات اللازمة لرعاية أنفسهم، فهذا أفضل ما يمكنك القيام به بصفتك والداً.