كيف يمكن للامتنان أن يساعد في تخفيف قلق الطلاب؟

مارسَ العديد من المعلمين الامتنان للتخفيف عن الطلاب في السنوات الأخيرة الماضية؛ وذلك من خلال برامج "التعلم الاجتماعي العاطفي" (SEL) الذي يركز على بناء مهارات الطلاب في فهم وإدارة العواطف، والتواصل الإيجابي مع الآخرين، والتصرف تصرفات مسؤولة شخصياً واجتماعياً.



والآن، تشير دراسة جديدة إلى أنَّ مجالاً من مجالات التعلم الذاتي الذي غالباً ما تم تجاهله في الماضي، يمكن أن يكون مفتاحاً لبناء المجتمع والمرونة لدى الطلاب: الامتنان.

وجد الكاتب "جياكومو بونو" (Giacomo Bono) وزملاؤه في دراسة نُشِرَت في مجلة علم النفس الإيجابي "جورنال بوزيتيف سايكولوجي" (The Journal of Positive Psychology)، أنَّه عندما يُعلَّم طلاب المدارس الثانوية الامتنان وتُتاح لهم الفرص لممارسته، فإنَّهم يظهرون تحسُّناً في الصحة العقلية والعافية. بناءً على هذه النتائج، يجادل المؤلفون بأنَّ إضافة الامتنان إلى المنهج الدراسي يمكن أن تكون استراتيجية سهلة ومنخفضة التكلفة نسبياً لمساعدة الطلاب على النجاح.

شاركت 6 فصول دراسية، 152 طالباً، من مدرستين ثانويتين حضريتين، في الدروس والنشاطات لتعرُّف علم الامتنان - ما يعنيه، وكيفية ممارسته، وفوائده - لمدة 6 أسابيع.

بالإضافة إلى ذلك، مُنِحَ الطلاب إمكانية الوصول إلى التطبيق الإلكتروني الخاص بالامتنان ويسمى (Give Thx) يعمل إلى حد ما كشبكة وسائط اجتماعية خاصة. سمح التطبيق للطلاب بالتعبير عن الشكر لزملائهم في الفصل والمعلمين شكراً لطيفاً وحقيقياً، في الوقت والأسلوب الذي يختارونه.

كان الأمل في أن يكون هذا المزيج ممتعاً للطلاب ويجعل التعبير عن الامتنان وتلقيه جزءاً طبيعياً ومفيداً من تجربتهم المدرسية.

لم تحصل المجموعة الضابطة (control  group) المكونة من 9 فصول دراسية متشابهة، 175 طالباً على برنامج الامتنان. 6 فصول دراسية أخرى، 82 طالباً، استعملوا التطبيق فقط خلال الفترة نفسها. في بداية ونهاية الأسابيع الـ 6، ملأ الطلاب جميعهم استبانات السلامة.

ما وجده الباحثون كان مذهلاً. بعد ستة أسابيع، مقارنةً بالمجموعة الضابطة فالطلاب الذين تلقوا البرنامج الكامل لم يبلغوا فقط عن شعور أقوى بالامتنان؛ بل أبلغوا أيضاً عن زيادة المشاعر الإيجابية، وانخفاض القلق والمشاعر السلبية، وزيادة الرضى عن صداقاتهم وحياتهم عموماً.

بعبارة أخرى، ارتبط تعرُّف الامتنان وممارسته مع التحسينات الهامة في الرفاه الاجتماعي والعاطفي لهؤلاء الطلاب.

أظهرت التحليلات الإضافية أنَّ الطلاب الذين تلقوا المكونين كليهما من البرنامج، قدَّموا الشكر في كثير من الأحيان بكثافة ولأشخاص أكثر مقارنةً بالطلاب الذين استعملوا التطبيق فقط؛ وهذا يشير إلى فائدة إضافة الامتنان إلى المنهاج الدراسي.

شاهد: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

 

يبدو أنَّ مشاركة الامتنان هي المفتاح؛ فكلما زاد تعبير الطلاب عن شكرهم للآخرين، أظهروا تحسينات في مجموعة من كفاءات "التعليم الاجتماعي العاطفي" (SEL)، ومن ذلك تنظيم العاطفة، والتحفيز على الإنجاز، والسلوك اللطيف والمفيد، والعلاقات بين المعلم والأقران، والشعور بالمعنى في الحياة.

تقدِّم هذه الدراسة إجمالاً، أدلة دامغة على أنَّ تعليم طلاب المدارس الثانوية الامتنان وتشجيعهم على الممارسة والتعبير عنه بطريقتهم الخاصة، وبطرائق مريحة لهم مثل وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يساعدهم على أن يصبحوا أكثر سعادة ويحسِّن صحتهم العقلية.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تعلمك الامتنان وتساعدك على النمو

عالجت هذه الدراسة بعض أوجه القصور في الدراسات السابقة في هذا المجال، من خلال تصميم برنامج امتنان جديد تماماً خصيصاً لطلاب المدارس الثانوية، درَّسه المعلمون، ودمج التكنولوجيا، وهذا يمنح المراهقين الكثير من الحرية في كيفية التعبير عن أنفسهم.

لم تُصمَّم العديد من برامج الامتنان السابقة للمراهقين بهذه الطرائق، ومن ثَمَّ قد لا تكون محفزة أو ذات مغزى للشباب. بالإضافة إلى ذلك، مع أنَّ الأبحاث أظهرت أنَّ التعبير عن الامتنان للآخرين - بخلاف مجرد الشعور به - يمكن أن يكون ذا تأثير إضافي، إلا أنَّ القليل من برامج الامتنان للشباب تضمَّنت هذه الخطوة أو تعاملت مع الإحراج الذي قد يشعر به المراهقون للتعبير عن الشكر.

مع أنَّ هذه الدراسة أُجريت قبل جائحة "كوفيد-19" (COVID-19) ولم تتضمن التعلم عن بُعد، فمن السهل تخيُّل كيف - وحتى عندما لا يكون الطلاب معاً - أنَّ عادة التعبير عن الشكر يمكن أن تساعد على بناء مجتمع سليم ومعافى. نظراً لأنَّ الامتنان يمكن أن يساعد أيضاً على تقليل المشاعر السلبية، فقد يكون ذا قيمة خاصة في أوقات الخوف وعدم اليقين هذه.

في الواقع، وجدت دراسة حديثة أخرى في الصين أنَّ جزءاً من السبب الذي يجعل المراهقين الممتنين يميلون إلى أن يكونوا أقل قلقاً واكتئاباً هو أنَّهم يتمتعون بقدر أكبر من المرونة في التأقلم، وبقدرة أقوى على التفكير في استراتيجيات التأقلم المختلفة واستعمالها لتناسب أيَّة مشكلات يواجهونها. من الصعب تخيُّل وقت أنسب من الآن للشباب لتطوير التكيف المرن والمرونة العاطفية.

عندما تشعر أنَّ العالم ينهار من حول الشباب، فإنَّ إعطاءهم لحظة للشعور والتعبير وتلقِّي الامتنان يمكن أن يساعد، وهذا في حد ذاته شيء يجب أن نكون ممتنين له.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة