كيف يساعدك الذكاء العاطفي على تجاوز الفشل؟

يهتم رجال الأعمال دائماً بتحقيق أفضل أداء، كما لا يقتصر الأمر بالنسبةِ إليهم على النجاح وجني الأموال وتلقِّي الدعم فحسب؛ بل يفكرون أيضاً في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية والحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، ويرتبط جزء من هذا الترابط بين العقل والجسم بالذكاء العاطفي.



ما هو الذكاء العاطفي؟

إنَّه القدرة على تحديد مشاعرك ومراقبتها بموضوعية والتصرف وفقاً لذلك؛ بمعنى آخر، إنَّه موقف ذهني مبنيٌّ على المبادرة بدلاً من رد الفعل المفاجئ أو المكبوت الذي قد يؤدي بك إلى الانفعال في أثناء اجتماع مع عميل هام على سبيل المثال، وقد تتسبَّب المشاعر المبنية على ردود الفعل في زيادة شعورك بالذنب وجلد ذاتك، وقد تتسبَّب المشاعر المكبوتة في دفن مشاعرك المحبَطة؛ ممَّا يؤدي إلى الكثير من التوتر والقلق؛ لذا لن يجعلك تجاهُل المشاعر تشعر بأنَّك على ما يرام أبداً.

يُعَدُّ التعامل مع المشاعر تعاملاً صحيَّاً وعقلانيَّاً يحقِّق التوازن الصحيح بين رفض إنكارها من جهة والانهماك في الحديث مع النفس بعباراتٍ سلبيَّةٍ تعكس الندم من جهةٍ أخرى مهمَّةً عسيرة؛ لذا يركِّز العديد من الكوتشز والمعالجين اليوم على تطوير ذكائك العاطفي؛ إذ يساعد هذا التطور على تزويدك بالوسائل اللازمة لتجربة عواطفك، ثم توجيهها بعد ذلك إلى أفكار ومواقف عقلية مثمرة.

لقد أشادت مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review) بالذكاء العاطفي في الأيام الأولى من تقديمها للوعي الثقافي على أنَّه "فكرة رائدة ومختلفة، وإحدى أكثر الأفكار العملية تأثيراً في هذا العقد"، ولكن لا يُعدُّ التحلي بالذكاء العاطفي أمراً سهلاً.

شاهد بالفيديو: 10 علامات تدل على الذكاء العاطفي العالي

فيما يلي عاملان أساسيان للذكاء العاطفي يمكِّنانك من الوصول إلى أفضل أداء كرجل أعمال:

1. التسامح والتغاضي:

قد يفسد الناس حياتنا بشكلٍ أو بآخر؛ فجميعنا خضنا تجارب مؤلمة من هذا القبيل، سواء كان المدير الذي دفعك لترك وظيفتك، أم العميل الذي لم يجدِّد العقد معك، أم حتى علاقة سابقة فاشلة لا تستطيع تجاوزها، ولكن عندما تتمسك بالماضي، فإنَّك تسلب عقلك القدرة على التركيز على الحاضر والتخطيط للمستقبل؛ لذا فالتسامح هو الهدية التي تمنحها لنفسك، أمَّا التمسك بالأحقاد القديمة والتفكير في المشكلات التي تريد تسويتها هو موقف عقلي غير صحيح.

يقول "دانيال جولمان" (Daniel Goleman)، مؤلِّف كتاب "لماذا قد يكون الذكاء العاطفي أهم من معدل الذكاء؟" (Emotional Intelligence: Why It Can Matter More Than IQ): "إذا لم تستطِع التحكُّم بقدراتك العاطفية، وإذا لم تمتلك وعياً ذاتياً، وإذا لم تستطِع إدارة عواطفك المؤلمة، وإذا لم تتحلَّ بالتعاطف وتكوِّن علاقات فعَّالة، فبغضِّ النظر عن مدى ذكائك، لن تصل إلى حيث تريد"؛ لذا تعلَّم الغفران والنسيان، وتحلَّ بالذكاء العاطفي لكي تصل حيث تريد.

إقرأ أيضاً: ما هو مفهوم التسامح؟ وما فوائده وأهميته؟

2. إدراك أنَّ الفشل لا يجعلك فاشلاً:

قد تدرك ذلك بالفعل، ولكنَّك لا تشعر به عندما تتعرَّض للفشل ولا تستطيع النهوض والاستمرار مرَّة أخرى، وتعتقد أنَّ هذا الفشل هو النهاية، وفي الواقع، هذا رد فعل تلقائي من عقولنا؛ إذ يتفاعل الجانب العاطفي من الدماغ مع الأحداث أسرع ممَّا يتفاعل الجانب العقلاني؛ فهي وسيلة دفاعية موروثة، ولكن لا تدع هذه الحالة تخدعك.

لا بأس من الشعور بالضيق عندما تفشل في شيء ما، ولكن إذا كنت تجلد ذاتك أو تظل مكتئباً لفترة طويلة، فأنت تترك مشاعرك القائمة على ردود الفعل تتغلَّب عليك، ومن الجدير بالذكر أنَّ الذكاء العاطفي لا يدفعك إلى إنكار مشاعرك، فإذا كنت مستاءً، ستدرك ذلك، وبعد ذلك، ستسيطر على هذا الشعور حتى يقل تدريجياً؛ ومن ثمَّ، تمضي قُدُماً.

إنَّ القدرة على معالجة مشاعرك معالجةً سليمةً هي المفتاح للوصول إلى أفضل أداء، فأنت لن تنجح أبداً إذا لم تتمكَّن من التعافي في كل مرة تفشل فيها.

المصدر




مقالات مرتبطة