كيف يساعدك الحدس على اتخاذ القرارات المعقدة في عالم الأعمال؟

يقول ستيف جوبز: "لا بُدَّ من أن تؤمن بشيءٍ ما، سواء بشعورك الغريزي أم قدرك أم حياتك أم نصيبك أم أي أمر آخر، فلم تخذلني هذه الطريقة في التفكير أبداً؛ بل كان لها أثر كبير في حياتي". أهميَّة القرارات في عالم الأعمال هي حقيقةٌ متَّفقٌ عليها، فهي تلعب دوراً جوهرياً في تحديد نجاح أو فشل شركة ما على الأمد الطويل، ولا مهرب من اتخاذ القرارات سواء كنت المدير التنفيذي في شركة ضخمة، أم تمتلك شركةً ناشئةً تسعى إلى توسيع نطاقها، أم كنت مديراً مبتدئاً يعمل ليلَ نهار.



يعتقد العديد من رجال الأعمال خطأً أنَّ اتِّخاذ القرارات الحازمة عمليةٌ قائمة على التفكير المنطقي البحت وبعيدة كل البعد عن العواطف أو الحدس، لكنَّ ذلك ليس صحيحاً، فالقرارات التي تَُجمَع في أثناء اتِّخاذها بين القدرات الفكرية والحدس والخبرة، هي في الحقيقة أكثرها فاعليَّة. يمكنك الوصول إلى قرارات أفضل ومدروسة حين تستبدل طريقة التفكير التي تستند إلى البيانات والأرقام البحتة بِتحسين جودة البيانات مستعيناً بمتغيرات مثل المشاعر والتجارب السابقة والأحكام والسياق، فأنت تتعامل مع بشر وستحتاج إلى توظيف كلِّ جوانب التعلُّم لتثق بحدسك، حتَّى لو لم تدعمه البيانات.

إن كنت أحد رجال الأعمال الذين يتَّخذون القرارات معتمدين على البيانات بدلاً من حدسهم، سيغيِّر هذا المقال رأيك.

تعريف الحدس:

وفقاً لدراسةٍ نُشِرت في التقارير العلمية على موقع مجلة "نيتشر" (Nature.com)، يتَّخذ الإنسان قراراتٍ أكثر دِقَّة في العمل حين يعتمد على حدسه، ومصطلح الحدس ما  هو إلا مُفردة عاميَّة تشير إلى الأحاسيس الداخلية التي توجِّه تصرفات البشر؛ حيث تحمل هذه المشاعر معلوماتٍ غريزية تصدر عن جميع أجزاء الجسم، ويستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بحساسية عالية لتلك الإشارات الحسيَّة اتخاذ القرارات المعقَّدة بسهولة.

إقرأ أيضاً: كيف تتعلَّم فن اتخاذ القرارات الصحيحة

يتمتع قادة الأعمال المحنَّكون بمهارات عالية في اتخاذ القرارات:

دماغ الإنسان مصمَّمٌ بطريقةٍ تسمح له بتقييم خياراته بصورة منطقية، لكن إن تعلَّمَ قلبك الإصغاء فقد يُحسِّن مهارتك في اتِّخاذ القرار، حيث يُطلب من رجال الأعمال أخذ قراراتٍ معقَّدةٍ طوال الوقت، وعلى الرغم من كمية المعلومات والبيانات والتحليلات والتقنيات الحديثة المتوافرة لهم، لكنَّهم يعتمدون على غرائزهم في اتِّخاذ القرارات المصيرية بدلاً من الحقائق والتحليلات المفصَّلة.

ينبغي أن يتخذ مديرو المشاريع ورجال الأعمال والمسوِّقون قرارات حازمة كلَّ يوم في أثناء إدارة مشاريعهم وتنمية أعمالهم، وفي حين يتمتع العديد من رجال الأعمال الناجحين بقدرة عالية على معالجة المعلومات لكنَّهم يفضِّلون اتِّباع حدسهم. سَيرسل جسدك مع مرور الوقت إشارات سلبية أو إيجابية في مواقف معيَّنة، ويحصل ذلك لأنَّ حدسك اللاواعي مرتبطٌ بالتجارب السابقة وهكذا يؤثر في قراراتك.

شاهد بالفيديو: 8 خطوات لتكون حازماً في اتخاذ القرارات

البيانات والأرقام ليست دوماً على صواب:

من السهل الوثوق بالبيانات الموضوعية الواقعية، لكن لا تنسَ أنَّه يمكن التلاعب بها وأنَّها لا تعرض الصورة الكاملة.

أجرى مدير إحدى وكالات تصميم الويب تحليلاً لبيانات تسويق زبائنه بتعمُّق، ولاحظ أموراً مثيرة للاهتمام في سلوك الزبائن الشرائي، وبعدها عدَّلت الوكالة أسلوبها تبعاً لتلك المعلومات، لكنَّ نتائج التغييرات لم تتوافق مع توقعاتهم، واكتشفوا لاحقاً أنَّ المحلل ارتكب خطأً تغيَّرت بسببه كافة الأرقام والتوصيات التي بُنِيَت عليها، وبعد دراسة الحادثة، تمت مراجعة استراتيجية تسويق الوكالة للعودة بها إلى المسار الصحيح. ولذلك عليك ألَّا تسمح للبيانات بالتأثير في القرارات التي تتضمَّن المشاعر والعلاقات البشرية، وحاول تخيُّل نفسك في الموقف وفكِّر فيما ستكون ردَّة فعلك بصفتك إنساناً، ثمَّ خذ قرارك بعد ذلك.

اسمح لفريقك باتِّباع حدسهم وتجريب أمورٍ مختلفة:

يُقال إنَّ الإبداع يزدهر حينما يكون حراً ولا تحكمه أي قيود؛ لذا عليك كمدير لشركة حديثة أن تمنح فريقك الحريَّة ليخاطروا مخاطرة مدروسة ويطلقو العنان لإبداعهم، فحين يقدِّم فريقك فكرة ثورية تعارض البيانات، لا تخشَ من المخاطرة؛ بل امنحهم الفرصة ليثبتوا أنفسهم، قد تكون فكرتهم وصفة للنجاح، ولا تدري متى ستأخذ فكرة صغيرة بشركتك إلى آفاق جديدة من النجاح، لا تكن جريئاً لوحدك؛ بل كُن قائداً لفريقٍ من الشجعان.

إقرأ أيضاً: تقنيات لجعل التفويض أكثر كفاءة وسهولة في القرار

يساعدك الحدس على حلِّ مشكلات الزبائن:

إذا أردت أن تحظى المنتجات أو الخدمات التي تقدِّمها باستحسان الزبائن، عليك التفكير بحذر بكل الطرائق التي تستطيع بها أن تسعدهم وترضيهم، فإضافةُ اللمسة الإنسانية لِعلامتك التجارية يصنع المعجزات. تصبح العلامات التجارية التي تعتمد في عملها على البيانات فحسب شبيهةً بالآلات، وزبائن اليوم لا يحبِّذون هكذا تعاملات؛ بل يرغبون في الإحساس بالجانب الإنساني من العلامة التجارية.

يتَّخذ أولئلك الذين يستثمرون وقتهم وطاقتهم في فَهْم الأمور التي تُناسب المستهلكين ونقاط الضعف التي يعانون منها قراراتٍ مدروسة ذات صلة بالمنتجات كما أنَّ حدسهم صادق حين يتعلَّق الأمر بحاجات المستخدمين، فقد تخشى اتِّباع حدسك في بعض الأوقات، لكنَّ التمرَّن يساعدك على الوصول إلى قراراتٍ أفضل مع الوقت.

في الختام "حان دورك لتتواصل مع حدسك":

يتأثر كل قرار نتخذه بخليط من الدوافع المختلفة والمشاعر والمعلومات المتوفِّرة، ويُفضِّل العديد من مديري الشركات الاستناد إلى البيانات والمعلومات عند اتخاذ قراراتهم، لكن تأكد من أنَّك ستواجه حالات لن تفيدك فيها الأرقام لاتخاذ قرارات مدروسة تدرُّ عليك الأرباح، وحينها ستحتاج إلى حدسك ليقودك إلى أفضل خيار؛ حيث يأخذ مديرو الأعمال المتمرِّسون قراراتهم في العمل مستعينين بعواطفهم وحدسهم وعقلهم. عسى أن يكون هذا المقال قد قدَّم لك أسباباً كافية لتثق بغرائزك في المرَّة المقبلة التي تواجه فيها تحدِّياً صعباً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة