كيف يختلف تفكير رواد الأعمال عن غيرهم من الناس؟

إذا كنتَ رائد أعمال أو تطمح إلى أن تكون واحداً منهم، فمن المؤكد أنَّ دماغك يفرز هرمون الدوبامين بنشاط، مما يعني أنَّ لديك موهبة وراثية تجعلك أكثر إبداعاً من الآخرين، وتمنحك القدرة لتوجيه طاقاتك نحو أهدافك، وإليك الطريقة.



الدوبامين هو مادة كيميائية تفرز في أجزاء مختلفة من الدماغ، فعندما ترى شيئاً جديداً أو غير عادي أو قد يكون مفيداً، فإنَّك تشعر باهتمام كبير، فقد تشعر بذلك عندما ترى مقهى جديداً بالقرب من منزلك، أو عندما تصلك رسالة من صديق قديم أو تصادف شخصاً لطيفاً، أو قد يُفرَز الدوبامين في دماغك لأنَّك حصلتَ على عمل جديدٍ من شأنه أن يجعل مستقبلك أفضل أو أكثر ثراءً أو أماناً.

قد تكون بعض هذه الأمور الجديدة واضحةً للجميع، مثل تجربة مقهى جديد أو العثور على كتاب رائع، وبعضها الآخر ليس واضحاً، مثل التعثر في حل مشكلة مستعصية؛ فأساس الإبداع هو إنشاء روابط جديدة بين الأشياء التي كان يُعتَقد سابقاً أنَّها ليست ذات صلة، وقد تؤدي هذه الروابط أحياناً إلى فرص عمل جديدة، وفي بعض الأحيان قد تُغيِّر حياتك، فالأشخاص الذين يفرز دماغهم الدوبامين بانتظام - مثل رواد الأعمال - جيدون بشكل خاص في التعرُّف إلى هذه الروابط التي يغفل عنها شخص آخر.

ويمنحك الدوبامين أيضاً القدرة على التخطيط والحساب؛ فيصبح بذلك نظاماً كيميائياً عصبياً كاملاً لاكتشاف كل ما هو جديد، ثمَّ تحقيق ما نريد، وإنَّه يعمل في كل موقف، سواء كان صعباً أم عادياً، ويقودنا نحو تحقيق المزيد من النجاح، فهذه العملية البيوكيميائية تدفعنا نحو التقدم، وهي نتاج التفكير والإبداع وابتكار أشياء جديدة، لذلك من المنطقي أن يكون لدى رواد الأعمال المزيد من الدوبامين مقارنة بالآخرين، وكلما فهمتَ كيف يعمل الدوبامين أكثر، كان بإمكانك الاستفادة منه بشكل أفضل.

1. عدم محاولة (إصلاح نفسك):

الدوبامين هو السبب الذي يجعل رواد الأعمال يميلون إلى أن يكونوا مُفكِّرين ومبدعين وأكثر قدرةً لحل المشكلات، وإنَّه أيضاً السبب وراء تفكير العديد من رواد الأعمال بأدق التفاصيل الخاصة بالعمل، فهم يعيشون في عالم مليء بالإمكانات، بدلاً من العالم العادي الذي نعيش فيه.

زار رائد أعمال ناجح طبيباً نفسياً ذات مرة، لأنَّه لا يتمتع بمهارة التنظيم، فانعدام اهتمامه بفرض نظام يسيطر فيه على فوضى حياته جعل أمر تسيير عمله عليه أمراً صعباً، وعندما حدَّدَ المشكلة، شرع في حلها، مثل معظم رواد الأعمال، ولكن بعد التحدث معه، قرَّرَ الاثنان أنَّ الحل لا يكمن في العلاج النفسي أو أخذ الأدوية؛ فرغم أنَّ ذلك قد ساعده في تقليل الاضطراب، إلا أنَّه كان سيقلل أيضاً من أحد الأشياء التي جعلَت منه رائد أعمال ناجح، ألا وهي أفكاره الإبداعية التي تنبثق من خياله.

وبذلك توصَّلا إلى حل للمشكلة، فبدلاً من تغيير سلوك رائد الأعمال، غيَّرا وضعه، ونصحه الطبيب بتعيين مساعد، فتوظيف شخص مسؤول عن تنظيم الأمور حلَّ مشكلته، وحافظَ على إبداعه ودافِعه.

شاهد بالفديو: 10 نصائح من رواد الأعمال لجني الأموال

2. السماح لذهنك بأن يسرح بعيداً:

أحد جوانب التفكير الإبداعي هو ارتباط الأشياء التي لا نربطها عادة ببعضها، حيث استخدمَ "بريان ويلسون" (Brian Wilson)، من فرقة الروك "ذا بيتش بويز" (The Beach Boys)، أشياء عادية كأدوات موسيقية، وكان "ستيف جوبز" (Steve Jobs) يهتم بجمال آلات الأعمال، ولقد غيَّرَت الشركات الناشئة التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى حياتنا من خلال ربط التكنولوجيا بعناصر الحياة اليومية العادية، وهذه التحسينات الجذرية ليست نتاجاً لأجندات صارمة وغرف اجتماعات عقيمة؛ بل تأتي من قدرة رائد الأعمال على إيجاد روابط بين أمور عشوائية لا علاقة لها ببعضها؛ ولكن كي يحدث ذلك، يجب على رائد الأعمال أن يسمح لنفسه بفعل شيء يبدو وكأنَّه مضيعة للوقت كمجرد التحديق من النافذة.

تأتي القدرة على إجراء روابط غير عادية من ترك أذهاننا تسرح في الأمور المجردة والتي لم تتحقق على أرض الواقع بعد، فعندما تترك عقلك يسرح، فأنت تطلق العنان للدوبامين، ولحسن الحظ، من السهل القيام بذلك؛ كالذهاب إلى متحف، أو أخذ حمامٍ ساخنٍ، أو الرقص، أو العزف على آلة موسيقية؛ فافعل كل ما يُبعِد تركيزك عن الوقت الراهن، ففي تلك المساحة الذهنية يُعيد الدوبامين مزج العديد من الذكريات والأفكار والتجريدات في خيالنا.

3. التعرُّف إلى الفرق بين الرغبة والاستمتاع:

الدوبامين هو المحرك الذي يقود عملية بناء الثروات في عصرنا الحديث، ولكن له أيضاً جانب مظلم، فهو يجعلنا غير راضين عن الوضع الراهن، وبالنسبة إلى الكثيرين، فإنَّ هذه الحاجة إلى تحسين الأمور هي القوة الدافعة وراء ريادة الأعمال، لكنَّ معظمهم يكتشفون أنَّها مجرد نصف الطريق نحو تحقيق حياة مُرضِية، إنَّها التجربة الموجودة هنا والآن هي التي تُوفِّر بقية الرضا البشري، وتقدير الأشياء التي اكتسبناها ورفقة مَن نحبهم.

إقرأ أيضاً: 8 مهارات أساسية يحتاجها رواد الأعمال لتحقيق النجاح

نعلم جميعاً حال المسؤول التنفيذي رفيع المستوى الذي يمكِنه تحمُّل تكلفة شراء منزل جميل على الشاطئ، ولكنَّه مشغول جداً بحيث لا يمكِنه الجلوس فعلياً على الرمال، ويحفز الدوبامين هذا النجاح، لكنَّ النواقل العصبية الأخرى في دماغنا مكرَّسة لشيء آخر تماماً، وهو القدرة على تقدير ما نمتلكه الآن أو ببساطة الاستمتاع بالأشياء.

يكون رواد الأعمال بطبيعة الحال، وبفضل عقولهم التي تذخر بالدوبامين أكثر انجذاباً للسعي والتقدم من الاستمتاع، ومع ذلك سيجدون نوعاً جديداً من المتعة عندما يعايشون مختلف المشاعر، لكنَّها لن تأتي بشكل طبيعي؛ بل يجب أن يختاروا هم القيام بذلك.

يمكِنك أن تُحقِّق ذلك كرائد أعمال، فنحن لسنا عبيداً لهرمون الدوبامين، ورغم أنَّه يوجهنا نحو تحقيق رغباتنا، إلا أنَّ الحياة مليئة بالأمور الممتعة والفريدة التي تستحق اهتمامنا أيضاً.

إنَّ التقدير الواعي لكل ما حقَّقه الشخص الناجح هو متعة حقيقية، وبالنسبة إلى العديد من رواد الأعمال، فهي فرحة جديدة؛ لأنَّ قوة الدوبامين التي تتوازن مع المواد الكيميائية الخاصة بالحواس والاستمتاع تكوِّن حياةً مُرضِية، وبهذه الطريقة نُقدِّر بشكل أفضل سبب قيام رواد الأعمال بما يقومون به، وتوسيع نطاق ما يمكِن للناس المبدعين والمغامرين تحقيقه.

 

المصدر




مقالات مرتبطة