كيف نفهم مشاعر الآخرين وتفكيرهم؟

هل حاولت أن تضع نفسك في يوم ما مكان شخص آخر في موقف معين، وحاولت أن تشعر بما يشعر به أو تفكر في الموقف من وجهة نظره؟



لدى جميع الناس الرغبة الملحة لامتلاك موهبة أو قدرة خارقة تمكنهم من قراءة ما يدور في أذهان الآخرين، ولكنَّ العلم تطوَّر لدرجة أنَّه يمكنك المضي في امتلاك هذه القدرة.

إنَّ القدرة على فهم مشاعر الآخرين وقراءة طريقة تفكيرهم هي من أبرز مهارات الذكاء العاطفي الذي شغل بال الكثيرين من علماء النفس والأطباء وأرباب العمل ومدربي الموارد البشرية في كل مكان وغيرهم، فالذكاء الاجتماعي هو نوع من الذكاء العاطفي الذي يتضمن القدرة على مراقبة وقراءة لغة الجسد التي تعكس انفعالات الآخرين، بالإضافة إلى التمييز بينها، فالانفعال هو مرآة المشاعر الداخلية للفرد، فإذا أردت أن تعرف كيف يمكنك اكتساب هذه المهارة وتطورها، فتابعنا في هذا المقال.

ما هي أهمية امتلاك القدرة على قراءة مشاعر وتفكير الآخرين؟

من الهام أن تعرف أنَّ حركات الجسد تُظهر ما يفكر فيه العقل ويعجز اللسان عن النطق به، فهذه الحركات هي العلامات المرئية لما يريد الفرد إخفاءه؛ لذا فإنَّ امتلاكك لموهبة قراءة مشاعر وانفعالات الآخرين وتفسير طريقة تفكيرهم بناءً على تفسير لغة جسدهم يعني امتلاكك ما يلي:

  1. إحدى أهم مهارات النجاح الاجتماعي والمهني والأكاديمي.
  2. التكيف مع المحيط الاجتماعي والعملي والتعامل بمرونة.
  3. الصحة النفسية فهذه المهارات تبقى مع الفرد ويتبناها في سلوكه وممارساته.
  4. التعاطف الوجداني والإحساس بالآخر ومساعدته عندما يحتاج.

كيف تفهم تفكير الآخرين ومشاعرهم؟

1. لماذا تريد فهم تفكير الآخر؟

الخطوة الأولى في سبيل فهم مشاعر وتفكير الآخرين هي تحديد هدفك من الشخص الآخر وتحديد ماهية العلاقة التي تربطكما، فكلما كان الرابط الذي يجمعكما هاماً وعميقاً، ازدادت الرغبة في فهمه، وكلما كنا أقرب إليه وتعرفنا إليه أكثر، فهمناه فهماً صحيحاً أكثر، كما أنَّ عقلنا هنا يكون أكثر انتقائية في التفسير والتحليل؛ فالمدير مثلاً يسعى إلى تفسير وفهم ما يفكر فيه الزبون أكثر من سعيه إلى تفسير سلوك مدير مكتبه، والمرأة تهتم بتفسير تفكير زوجها أكثر من اهتمامها بتفكير طبيبها الخاص.

من الممكن لقدرتنا أيضاً أن تكون أقل عملاً مع أشخاص استثنائيين مثل رجال الدين أو مالكي الكاريزما المرتفعة الذين نتأثر بحضورهم، لكن على الرغم من كل ذلك، يبقى الهدف الرئيس من كل محاولاتنا لفهم الآخرين هو تسهيل تعاملنا معهم وبلوغ أهدافنا التي نريد، والحصول على حياة أفضل وناجحة.

2. البحث في اهتمامات الشخص الآخر:

تمثل اهتمامات الفرد نافذة حياته التي يمكن من خلالها الوصول إلى عمق روحه؛ لذا احرص على مناقشته في الأمور التي يحبها ويميل إليها من خلال البحث والعثور على ما يفضل من مجالات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو فنية وسواها.

3. وضع نفسك في مكان الآخر:

من الهام تخيل نفسك مكان الآخر لتحليل سبب سلوكه، فمعرفتك بمؤثرات الموقف وأبعاده دليل نجاحك في فهم الآخر.

شاهد بالفديو: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

4. تحليل لغة الجسد:

لغة الجسد هي عبارة عن الحركات التي يقوم بها الأفراد مستخدمين أعضاء أجسامهم الظاهرة "أيديهم، وأقدامهم، وتعابير وجههم، ونبرات صوتهم" وسواها من الحركات التي تُعَدُّ شكلاً دلالياً لحقيقة الأشخاص؛ إذ يسمح علم تحليل لغة الجسد بتفسير المشاعر الصادرة من الآخر، فهو يعتمد على التفسير الآني للحركات اللاشعورية واللاإرادية الصغير على مستوى أعضاء الجسم، فشعاره "الجسم يتكلم" ولكل عضو إشاراته الخاصة به، فهو علم قائم بحد ذاته، وعلى سبيل المثال يمكنك التركيز على:

العيون:

العيون لا تكذب، فالإشارات التي تأتيك منها غالباً تكون صادقة وتعكس حقيقة الآخر، وعند شعور الفرد بالسعادة، سوف تلاحظ اتساع بؤبؤ العين، وعندما يكذب ويقول عكس ما يضمر، فيتجه بنظره إلى اليسار، وعندما يخبر بالحقيقة، سوف يتجه بنظره إلى اليمين، أما الفرد الذي ينظر إلى الجانبين معاً، فهو دليل على أنَّه شخص تائه وضائع ولا يدرك ما يريده بالضبط، أما إذا اتجه بنظره بعيداً عنك، فهو يحاول التركيز لإعطاء أفضل ما لديه.

بالنسبة إلى حركات الرأس:

فثباته وهو يكلمك دليل على قوَّته، أما إذا انخفض به مبعداً نظره عنك، فهو شخص خجول وتنقصه الثقة بالنفس، أما إذا أكثر من ميلانه بكافة الاتجاهات والهز بحركات الموافقة، فهو دليل على أنَّه شخص مرح وعاطفي، ووضع اليد على الجبين هو دليل إيهامك برغبته في البحث عما تريد منه، أما حكه فهو يعكس الرغبة في الاسترخاء والشعور بالهدوء، والإمساك بالأنف بكلتا اليدين، هو دليل الشعور بأنَّه مركز ومحور الاهتمام.

حركات الفم:

عند الخوف من عدم الشعور بالراحة، سوف يعض الفرد على شفته السفلى، وتغطية الفم عند التثاؤب أو العطاس هو دليل على أنَّ الشخص مهذب، كما أنَّ تغطية الفم عند سماع كلام الآخرين دليل على خوف الشخص مما يقال، ووضع أصابع اليد مناصفة بين الفم والخد دليل على عدم موافقة على الكلام لكن يريد الاستماع لنهاية الكلام، أما طي أصابع اليد ووضعها في الفم دليل على الخوف، والابتسامة تعكس السعادة والفرح بما يجري لكن يجب التركيز، فمنها ما يكون تمثيلاً ومنها ما يكون حقيقياً.

حركات الأصابع:

طقطقة الأصابع أو فركها دليل على التوتر والقلق الذي يتملك الفرد ويحاول أن يخفيه، بينما تشابك اليدين دليل على التركيز في شيء ما يحبه، كما يشير فرد السبابة على الخد بالاهتمام بالآخر، ووضع إصبع السبابة في الفم دليل على رغبة الفرد في قول رأي ما ولكنَّه متردد، بينما وضع الإبهام دليل على نية في الاعتراض على أمر ما، أما طي السبابة ووضعها أسفل الذقن فهناك رغبة بالاستفادة من الوضع الراهن واقتناص فرصة ما، بينما يشير وضع السبابة بين الأنف والفم فهو دليل الانزعاج من معاملتك معه، كما يعني وضع اليد على الصدر بأنَّ شيئاً ما بدأ يقلقه، وحك الرقبة باستمرار يعني الانزعاج من الموقف والرغبة في الانسحاب.

وضعيات الجلوس:

كالانحناء للأمام أو ثني الظهر أو التراجع إلى الخلف؛ فمثلاً الجلوس بشكل مستقيم على الكرسي وشبك اليدين مع فتح الرجلين قليلاً دليل على الاتزان، بينما توجد جلسة أنثوية بضم الرجلين ووضع اليدين متشابكتين جانباً وهو دليل التهذيب والأنوثة.

إقرأ أيضاً: كيف تستثمر لغة الجسد لتكسب كاريزما قوية تسحر من حولك

5. المظهر المادي للفرد:

أي الشكل الخارجي الذي يشمل "اللباس، والشعر، والمكياج ، والألوان" وغيرها، فغالباً تتخذ من الشكل الخارجي دليلاً لإعطاء رأيك بالآخر، فالشخص الأنيق في مكان ما دليل على اهتمامه الكبير ورغبته في إثبات حضوره ولفت الأنظار إليه، والملابس الكلاسيكية دليل على أنَّ الشخص من محبي الروتين ومن مقاومي التغيير وسوى ذلك.

6. مهارة الاستماع:

هي أهم مهارة من مهارات التواصل؛ إذ يجب عليك أن تكون مستمعاً جيداً لكل كلمة ترد من الطرف الآخر مهما كان نوع الحديث إذا أردت أن تفهم الآخر ومعرفة الأسلوب الذي يسلكه في التعبير عن نفسه، بالإضافة إلى توضيح المفاهيم الخاطئة.

7. امتلاك مهارات الحوار:

 وجِّه أسئلتك بحيث لا تركز على القصة بقدر تركيزك على مشاعره فيها، واستخدم العبارات التي تدل على وحدتك مع الآخر، وأنَّ ما يتأثر به يؤثر فيك تماماً، فباتباعك لهذه الطريقة سوف تستطيع رصد حقيقة الآخر وتوقع سلوكه في مواقف أخرى.

8. تثقيف نفسك عن الموضوع:

اختر الكتب التي تشرح لك ماهية المشاعر والانفعالات وطرائق التفكير وكيف نميز بينها، والتحق بدورات تعليمية عن لغة الجسد، ولاحظ الأعمال التلفزيونية وكيف يعبر الممثل عن شخصيته من خلال حركات معينة، وحاول رصد تلك الحركات والانفعالات لاكتساب مهارة التحليل.

9. التعاطف مع الآخرين:

حوِّل فهمك لمشاعر الآخرين إلى عاطفة تصدر منك لمساعدتهم، واسألهم فيما إذا كانوا يحتاجون إلى شيء ما، أو ما هي الطريقة التي يمكنك تقديم المساعدة لهم من خلالها، وربما كان الطرف الآخر خجولاً من طلب المساعدة، ففكر لو كنت أنت في مكانه؛ ماذا تريد من الآخرين فعله لتكون بحالة أفضل؟ وبادر أنت في الاقتراح.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين

10. ممارسة الألعاب التي تزيد من قدرتك على تحليل الوجوه وتفسيرها مع أصدقائك مثل:

  • اختبار قراءة العقل من خلال العيون: طوَّرَ هذه الطريقة العالِم البريطاني "سايمون بارون كوين"؛ إذ يقوم المشاركون فيه بقراءة الصور التي تظهر العيون فقط دون رؤية الوجه كاملاً.
  • لعبة صناعة الوجوه: عن طريق صنع بطاقات تعبر عن مشاعر مختلفة وقيام كل مشارك بمحاولة التعرف إلى المشاعر الواردة في تلك البطاقة.

11. الاطلاع على اختبارات ومقاييس تحليل الشخصية وطريقة عملها وأشهر هذه المقاييس:

  1. اختبار ديسك: لقياس مدى الثبات والضمير والتحكم.
  2. مصفوفة "مايرز بريجز" لأنماط الشخصية: يقيس الاختبار التناقضات الإنسانية، مثل هل الفرد منفتح أم منطوٍ؟ وهل يتخذ القرارات وفقاً لمشاعره أم وفقاً لعقله؟
  3. منهج "روجر بريكمان" لدراسة الدوافع وراء سلوك الأفراد.
  4. لائحة كاليفورنيا النفسية: التي تُستخدَم في بيئات الأعمال.
إقرأ أيضاً: علم الفراسة: تحليل الشخصية من ملامح الوجه

الخلاصة:

قراءة مشاعر الآخرين وتفسير طريقة تفكيرهم هي من أهم المهارات التي يمكن للإنسان امتلاكها، فتعبيرات الوجه التي يصدرها البشر هي نفسها في جميع الثقافات "السعادة، والحزن، والقلق، والتوتر، والخوف، والغضب وسواها"؛ لذا تستطيع التعرف إلى مشاعر الآخر بمجرد النظر إلى وجههم، فالعين مرآة الروح.

المصادر:

  • دليل علم لغة الجسد، ترجمة: محمد عبد الرحمن.
  • 1، 2، 3



مقالات مرتبطة