كيف نحقق التنوع في التوظيف؟

يتخذ المسؤولون عن التوظيف قبل تعيين مرشح للوظيفة قرارات أساسية، ولكنَّها هامة بشأن كيفية إجراء البحث عن وظيفة، مثل القرارات التي يمكن أن تساعد على جذب المتقدمين من الفئات الأقل تمثيلاً في مكان العمل.



يتعلق أحد هذه الخيارات الحاسمة بالشخص الذي يُعيَّن لقيادة لجنة البحث لملء منصب شاغر؛ حيث وجدت دراسة جديدة نُشِرَت في مجلة "جورنال أوف أبلايد سايكولوجي" (Journal of Applied Psychology) أنَّه إذا ترأس هذه اللجنة امرأة أو شخص من ذوي البشرة السمراء، فقد يكون لها تأثير إيجابي كبير في تنوع المتقدمين للوظيفة.

يلاحظ المرشحون مَن المسؤول عن عملية التوظيف ومَن يقودها:

حلَّل باحثون من "جامعة هيوستن" (University of Houston) و"جامعة ولاية لويزيانا" (Louisiana State University) و"جامعة شيفيلد" (University of Sheffield) البيانات من 13750 طلب توظيف لـ 156 منصباً في هيئة التدريس كانت متاحة من 2015 إلى 2018 في جامعة أبحاث أمريكية كبيرة.

ووجدوا أنَّه عندما ترأست امرأة لجنة البحث، ازداد عدد النساء المتقدمات للوظيفة بنسبة 23% مقارنة بعدد النساء المتقدمات للوظيفة عندما كان رئيس اللجنة رجلاً.

من المرجح جداً أن يتقدم للوظيفة ذوو البشرة السمراء عندما يكون القائمون على عملية التوظيف من ذوي البشرة السمراء، فقد أظهرت البيانات أنَّ طلبات التوظيف من الفئات الأقل تمثيلاً في مكان العمل - التي حدد الباحثون أنَّها تشمل المرشحين من ذوي البشرة السمراء واللاتينيين ومواطني جزر المحيط الهادئ ومواطني ألاسكا الأصليين والأمريكيين الأصليين - ارتفعت بنسبة 118% عندما كان القائم على عملية التوظيف ينتمي أيضاً إلى الفئات الأقل تمثيلاً في مكان العمل.

تقول "كريستيان سبيتزمولر" (Christiane Spitzmueller) أستاذة علم النفس الصناعي والتنظيمي "بجامعة هيوستن" (University of Houston): "قد يكون الرجال البيض أكثر ميلاً للمحافظة على الوضع الراهن ويفشلون في الترويج لوظيفة خارج شبكات علاقاتهم الخاصة؛ وذلك لأنَّ هذا النهج يخدمهم".

يقول الكثير من الرجال البيض الأكبر سناً: "لقد وَظَّفنا دائماً من خلال وضع إعلان ومراقبة مَن يتقدم، وقد توظَّفنا جميعنا من خلال هذا النهج، فلماذا نغيره الآن"، أما النساء وذوو البشرة السمراء فلديهم مقاربات مختلفة في قيادة عملية البحث عن وظيفة.

تؤكد الدراسة على أهمية شبكة علاقات مديري التوظيف؛ حيث وجد الباحثون أنَّ استخدام لغة في قائمة الوظائف تتجاوز المتطلبات القانونية للترحيب بالمرشحين من خلفيات متنوعة لم يكن لها تأثير كبير في عدد المرشحين، ومع ذلك، كان للتواصل مع المرشحين الأقل تمثيلاً واستهدافهم في لوائح التوظيف ومن خلال القنوات الرسمية الأخرى التأثير الأكبر في زيادة تنوع مجموعات المتقدمين.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لضمان التنوع في العمل

ذكرت الدراسة: "إذا لم يُبلَّغ المتقدمون من الأقليات بوجود وظيفة شاغرة، فلن يتقدموا بطلب توظيف، وإذا تقدَّم عدد قليل منهم، فهناك فرصة ضعيفة لاختيارهم حتى لو كانت المراحل اللاحقة من دورة التوظيف والاختيار تتبع ممارسات داعمة للتنوع".

أدَّى العِرق ونوع الجنس دوراً في استراتيجيات التوظيف التي اختارها المهنيون عندما كانوا مسؤولين عن التوظيف؛ حيث اعتمدت النساء ذوات البشرة البيضاء وذوات البشرة السمراء في الدراسة على شبكة علاقاتهن الشخصية وعيَّنَّ نساء أُخريات للعمل في اللجنة معهن، بينما نشر ذوو البشرة السمراء - ذكوراً وإناثاً - إعلانات وظائف على مواقع الويب الخاصة بالنساء والأقليات، وتعاونوا مع مكتب التوظيف والاحتفاظ والإنصاف والتنوع بالجامعة؛ مما أدى إلى تفوقهم على المجموعات الأخرى في تجميع مجموعة متقدمين أكثر ثراءً وأكثر تنوعاً، على حد قول "سبيتزمولر".

ونسبَت "سبيتزمولر" السبب إلى أنَّ أعضاء هيئة التدريس من ذوي البشرة السمراء يعرفون أنَّهم بحاجة إلى المثابرة وإيجاد آليات إبداعية للتغلب على العوائق الهيكلية في التوظيف، وأشارت الدراسة أيضاً إلى أنَّ أعضاء هيئة التدريس من ذوي البشرة السمراء لم يعينوا المزيد من الأقران من ذوي البشرة السمراء ليكونوا معهم في لجان التوظيف؛ نظراً لوجود عدد قليل من أعضاء هيئة التدريس من ذوي البشرة السمراء للاختيار من بينهم.

قالت "ليزا أوربي أوستن" (Lisa Orbé-Austin)، الكوتش التنفيذية والمستشارة التنظيمية إنَّ النتائج لم تصدمها، وأشارت إلى أنَّه يمكن للأشخاص من ذوي البشرة السمراء أن يمروا عبر القنوات الرسمية من خلال الشبكات الشخصية كطريقة لإضفاء الشرعية على اختياراتهم، فقد يعتقدون أنَّه يتعين عليهم الاعتماد على المقاييس والمصادر الموضوعية؛ وذلك لأنَّهم عندما يقومون شخصياً بإحالة المرشحين، يكونون هم والمرشحون أكثر عرضة للتمحيص.

تقول "أوستن" قد يحاول الأشخاص من ذوي البشرة السمراء الذين يقودون عمليات التوظيف إضفاء الطابع المؤسسي على التغيير من خلال لوحات الوظائف، بحيث تستمر مبادرات التنوع في المنظمة لفترة أطول من فترة ولاية شخص واحد، فهناك من يقول: "ما دمتُ هنا سأكون قادراً على توظيف المواهب، لكن في اللحظة التي أذهب فيها، لن يستطيعوا توظيف المواهب".

شاهد بالفديو: 9 طرق تجعلك متألقًا في مقابلات التوظيف

يمكن لشخص واحد أن يحدث فارقاً، لكنَّ الأمر متروك للجميع لجعل البحث عن وظيفة أكثر شمولاً:

يجب ألا يقع عبء التأكد من أنَّ المرشحين للوظائف يتماشون مع ثقافة المؤسسة على النساء وذوي البشرة السمراء وحدهم.

تقول "نادية دي ألا" (Nadia de Ala) مؤسِّسة "ريل يو ليدرشيب" (Real You Leadership) وهو برنامج كوتشينغ جماعي للنساء وذوي البشرة السمراء: "اعلم أنَّ ذوي البشرة السمراء والنساء في الكثير من الأحيان ليس لديهم خيار سوى أن يكونوا جزءاً من التغيير الذي نريد رؤيته في التنوع والانتماء والاندماج، ولكن غالباً ما يكون لدى الأشخاص البيض والرجال هذا الخيار".

توصي "دي ألا" أن يُثقِّف الموظفون الذين لا ينتمون إلى فئات غير ممثلة أنفسهم حول كيفية دعم المرشحين المتنوعين على نحو أفضل، وتقول: "اقرأ المقالات والكتب والدراسات، فاقرأ كثيراً، وكن منفتحاً على الشعور بعدم الارتياح في إحداث تغيير داخلي فيك والتغيير الخارجي في أفعالك من خلال توظيف أي شيء تتعلَّمه لزيادة تأثيرك في التوظيف المتنوع والانتماء والاحتفاظ به".

من الطرائق الأخرى لجعل هذا العمل عادلاً هو أن يدرك أرباب العمل أنَّه عملٌ شاقٌّ؛ لذا توصي "سبيتزمولر" المنظمات بتعويض النساء وذوي البشرة السمراء عن وقتهم في قيادة لجان البحث والعمل فيها ومعرفة تأثيرهم في تقييمات الأداء، وتقول: "هناك الكثير من الطلبات، لا سيما من النساء ذوات البشرة السمراء، مثل المنتورينغ، وقيادة اللجان، ومجموعة كاملة من متطلبات الخدمة".

المصدر




مقالات مرتبطة