كيف نبني عالماً أكثر تعاطفاً؟

يبدو أنَّ العالم في الوقت الحالي يفتقر إلى الرحمة، فعندما تكون هناك جرائم قتل بدوافع عنصريَّة، وعنف في الشوارع بين أشخاص مختلفين سياسيَّاً، وعندما تنشر ثقافة وسائل التواصل الاجتماعي رسائل تثير الانقسام، يبدو من الواضح أنَّنا نفتقر إلى التَّعاطف مع بعضنا بعضاً في كثيرٍ من الحالات.



كيف نبني عالماً أكثر تعاطفاً؟ هذا السؤال هام بالنِّسبة إلى علماء علم النفس الاجتماعي؛ إذ ربَّما من المتوقَّع أن يبدأ التعاطف مع الآخرين بالتَّعاطف مع أنفسنا.

تطرَّقت إلى هذه الفكرة دراسة حديثة أجرتها الباحثة في جامعة نوتنغهام (University of Nottingham) آيدن بايير توبير (Aydan Bayır-Toper)، والتي اختبرت العلاقة بين التعاطف الذاتي والتعاطف مع الآخرين لدى 530 مشاركاً، بينما وُجد أنَّ هناك ارتباطاً بين التعاطف الذَّاتي والتعاطف مع الآخرين، لم يكن التأثير قوياً، وليس هناك ما يضمن أنَّ الأشخاص الذين يتعاطفون مع أنفسهم هم أكثر تعاطفاً مع الآخرين.

يتعارض هذا الأمر مع ما يمكن توقعه؛ لا سيما بالنظر إلى مدى شعبية موضوع التعاطف في السنوات الأخيرة، ومدى التَّرويج له كوسيلة للعلاج.

ومع ذلك، في حين وجد العديد من الباحثين فوائد شخصيَّة للتعاطف مع الذات، فقد انتُقِدت أيضاً على أنَّها نوع من التَّرف أو الأنانية أو التركيز على الذات، ويبدو أنَّ هذه الدراسة الجديدة تقدِّم بعض الدعم لهذه الانتقادات.

كان التحول المثير للاهتمام في هذه الدراسة التكهُّن أنَّ الارتباط بين التعاطف مع الذات والتعاطف مع الآخرين، سيكون أقوى بالنسبة إلى الأشخاص الأكثر صدقاً.

إقرأ أيضاً: 15 طريقة لتكون لطيفاً مع نفسك

يبدو أنَّ الصدق مع النفس أمر هام للغاية؛ فمن الهام أن تكون قادراً على معرفة مَن تكون، وتحمل مسؤولية اختياراتك في الحياة، وأن تدافع عن الأفكار التي تؤمن بها، لكنَّ الصدق لا يقتصر على فعل الأشياء التي تنفعك وحدك فقط.

لقد فهم علماء النفس الإنسانيِّون مثل كارل روجرز (Carl Rogers) منذ فترة طويلة أنَّ الصدق كعامل داخلي، يكشف عن الجوانب الاجتماعية البنَّاءة للطبيعة البشرية؛ أي أنَّه كلَّما كان الشخص أكثر صدقاً، أظهر الخصائص النَّفسية والاجتماعية والإيجابية الأساسية عند البشر كما يعتقد روجرز (Rogers)، على عكس الميول الملتوية والمدمرة والأنانية التي غالباً ما يُظهِرها الأشخاص الذين يُعَدُّون متصنعين.

استمر هذا البحث في إثبات أنَّ وجود الصدق لدى أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من التعاطف مع الذات هو الذي أحدث الفارق، أظهر الأفراد الصادقون الذين كانوا أيضاً أكثر تعاطفاً مع أنفسهم لطفاً كبيراً تجاه الآخرين، وكانوا أكثر حرصاً بالتعامل معهم، وإدراكاً لمعاناتهم.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين

يبدو أنَّ النتائج تفسِّر ما يحير علماء علم النفس الاجتماعي، قد يكون الأمر أنَّه في محاولتنا لتنمية عالم أكثر رحمة، نحتاج إلى أن نبدأ بأنفسنا ونبحث عن حقيقتنا الداخلية.

يبدو أنَّ إظهار الافتقار إلى التعاطف مع الآخرين، يشير إلى عدم صدق الشخص، وانفصام شخصيته، وعجزه عن أن يكون إنساناً فعالاً ناضجاً نفسياً، من ناحية أخرى، عندما نكون صادقين، يبدو أنَّنا نكون في أفضل حالاتنا كبشر، وهذا ليس من مصلحتنا فحسب؛ وإنَّما من مصلحة كل الناس.

المصدر




مقالات مرتبطة