كيف توظِّف الأتمتة لتحسين أعمالك؟

لماذا نحاول الاستيقاظ باكراً اعتماداً على ساعاتنا البيولوجية، وضبط المنبه على الوقت الذي نريده بالدقيقة والثانية؟ لماذا نكتب ملاحظاتنا في دفتر جانبي قد ننساه في أي مكان، أو نضيِّع قلمه مراراً، بينما نستطيع تدوين أي شيء على تطبيق الملاحظات المُثبَّت على هواتفنا المحمولة، وضبط تذكير به في الوقت الذي نحتاج إليه؟



لماذا ندعو الموظفين إلى اجتماع عمل وكل منهم يقطن في مدينة مختلفة، بينما نستطيع إنشاء اجتماع افتراضي بالصوت والصورة؟ بهذه الطريقة غيرت التكنولوجيا حياتنا، وأضافت إليها كثيراً من المرونة والسهولة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على وقتنا وعلاقاتنا وإنتاجيتنا، فكيف تستثمر التقانة في تسيير أشغالك؟ وكيف توظف الأتمتة لتحسين أعمالك؟ هذا ما سنخبرك به في هذا المقال.

أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال:

كثيرة هي التفاصيل التي توضح أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال، ونلمس هذا الأمر من دخول الأتمتة في المشاريع وتأديتها دوراً رئيساً، فضلاً عن المشاريع التي تكون في أساسها مُعدَّة لتقديم خدمات الأتمتة للأعمال الأخرى.

إنَّ أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال تبرز من خلال اختصارها الوقت والجهد، عدا عن تسهيلها أداء المهام وجدولتها، وإضافة تفاصيل أصبحت ضرورية جداً في عصرنا الراهن، على سبيل المثال فلنفترض أنَّ شركة هندسية استلمت مشروعاً لإعداد تصميم معماري لفندق جديد، هنا ستدخل الأتمتة في مجال تصميم المخطط الرئيسي للبناء واحتساب كميات المواد وتكاليفها الدقيقة، فضلاً عن دخولها عن طريق برامج تصميم الديكور ثلاثية الأبعاد في وضع مخطط شبه واقعي للشكل النهائي للبناء، ماذا لو أردنا الحصول على أكثر من نسخة من المخطط؟

إذا ما أردنا أن نتخيل حجم أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال، فلنتخيل حال سير العمل في المثال السابق دون وجود الأتمتة سيكون مجرد خطوط متشابكة بأقلام الحبر والرصاص على ورقة كبيرة، بمقاربة بسيطة نجد أنَّ الأتمتة أصبحت عماد معظم الأعمال في أيامنا الحالية، وسوف نستفيض قليلاً في شرح أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال عبر النقاط الآتية:

1. خفض التكاليف:

إنَّ خفض التكاليف يُعدُّ من أبرز النقاط التي توضح أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال، فجميع الشركات تسعى إلى زيادة المبيعات أو تقليل نفقات التشغيل من أجل تحصيل مزيد من الأرباح، وتقليل تكاليف التشغيل هو ما تفعله الأتمتة في وقتنا الحالي؛ فالآلة أصبحت بديلاً متاحاً للموظف البشري في مهام كثيرة، وهذا أكثر جدوى بالنسبة إلى الشركات.

لذا كي لا تعيِّن موظفين على خط إنتاج للتغليف مثلاً، وتدفع لهم أجورهم شهرياً، تستبدلهم الشركة بآلة مؤتمتة تقوم بالمهمة ولا تحتاج إلى راتب شهري؛ إنَّما صيانة دورية قد تكون مكلفة؛ لكنَّها بالتأكيد أقل من رواتب الموظفين الشهرية المستمرة.

2. توفير الوقت والجهد:

تبرز أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال عبر توفيرها وقت الموظف وجهده المبذول في أداء مهام روتينية مملة، وهي بذلك تدخر طاقاتهم للاستفادة منها في مجالات أخرى أكثر تخصصية وتعقيداً، ونأخذ مثالاً على ذلك المجيب الآلي للهاتف، الذي يستقبل اتصالات الزبائن لشركة ما، ويوضح لهم الأرقام التي يجب ضغطها للوصول إلى القسم الذي يرغبون في التواصل معه.

هل لنا أن نتخيل لو أنَّ موظفاً يقوم بهذه المهمة، يضيِّع وقته في سماع مشكلات العملاء والترحيب بهم ليقوم بعد ذلك بتوجيههم إلى الرقم المطلوب، كم سيستنزف هذا من وقته وجهده؟ أليس وجود الآلة اختصاراً لكل هذه المتاهة؟ الأمر ذاته ينطبق على الإيميلات الترحيبية التي ترسلها بعض المواقع للترحيب بزوارها الجدد، كم من الصبر والوقت سيحتاج الموظف إلى إرسال إيميل ترحيبي لكل عضو جديد ينضم؟

لا أحد يستطيع إنكار أهمية هذه المهام؛ لذا فإنَّه من غير المنطقي إلغاؤها، كما أنَّه من غير المنطقي أيضاً توظيف شخص وتضييع قدراته في مهام روتينية كهذه، وهنا برز دور الأتمتة في حل هذه المسألة.

إقرأ أيضاً: الإدارة الإلكترونية وتأثيرها على العمل الإداري

3. تسهيل عمليات توسيع الأعمال:

إنَّ أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال تبرز في تسهيلها عمليات التوسع التي تسعى الشركات إلى القيام بها؛ فالتطور والنمو جزء من أهداف الشركات ومخططاتها؛ لكنَّها ينطوي على تكاليف مادية باهظة، فضلاً عن الوقت والجهد اللازمين لإتمام هذه المهام؛ لكنَّ الأمر مختلف بوجود الأتمتة؛ لأنَّها سهَّلت وبشكل لا يوصف عمليات التواصل بين الشركات والعملاء، وجعلت الوصول إلى شرائح عملاء جديدة هامة أكثر سهولة ويسر، وهذا ما سنوضحه في المثال الآتي:

لنفترض أنَّ شركة أضافت خدمة جديدة إلى قائمة خدماتها التي تقدمها للزبائن، كيف ستعرِّف الناس بهذه الخدمة الجديدة؟ تستطيع ببساطة أن تقوم بإرسال بريد إلكتروني لجميع عملائها تخبرهم بالخدمة الجديدة، أو ترسل رسائل دعائية إلى الهواتف المحمولة، وبهذه الخطوات تجعل عملية التوسع والنمو أكثر ديناميكية ومرونة.

4. تعزيز التعاون بين فرق العمل:

تبرز أهمية الأتمتة في هذه النقطة بالذات في تحسين الأعمال تحسيناً واضحاً، وخاصة في الشركات التي تشتمل أنظمة العمل عن بعد، أو تلك التي تحتوي فروعاً عديدة تتطلب تعاوناً بين موظفين عديدين لإتمام مهمة محددة، فلنفترض أنَّ إحدى الشركات ترغب في تفصيل لباس رسمي خاص بموظفيها في الفروع جميعها، هذا الأمر يتطلب من المركز الرئيس التواصل مع شخص محدَّد في كل فرع يزوده بعدد العاملين وتصنيفهم بين ذكور وإناث ومقاساتهم، ثم التواصل مع المعمل الذي سيقوم بإنتاج الملابس، كيف ستتم المهمة بغير الأتمتة لإتمام عمليات التواصل بين المكلفين في كل فرع والمسؤول في المركز الرئيس؟ لا بدَّ أنَّ الأمر سيكون صعباً ومُربكاً جداً.

شاهد بالفيديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

كيف توظِّف الأتمتة لتحسين أعمالك؟

إذا ما أردت توظيف الأتمتة لتحسين أعمالك بعد اطلاعك على أهمية الأتمتة في تحسين الأعمال، لا بد لك من اتباع الخطوات الآتية:

1. تحليل مهام شركتك:

إنَّ تحليل مهام شركتك وتقسيم الأعمال الكبيرة إلى جزيئات أصغر هو أول خطوات توظيف الأتمتة في تحسين أعمالك، فعن طريق هذه الخطوة تستطيع تحديد المهام التي تستطيع الاستغناء فيها عن الكادر البشري والاستعانة بالآلة بدلاً منه، وفي هذه الخطوة لا بد لك من طرح التساؤلات الآتية على نفسك:

  • ما هي المهام التي يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً؟
  • ما هي المهام التي لا يُحدِث وجود الموظفين فيها أي فرق؟ أي إنَّ الاستعانة بالآلة لأدائها لا يؤثِّر في جودة العمل، وهنا نتذكر مثال البريد الإلكتروني الترحيبي، هل يضيف وجود موظف مخصص لإرسال الإيميل أي قيمة عن البرمجية؟
  • ما هي الأقسام التي تستنزف تكاليفها ميزانية الشركة أكثر من غيرها؟
  • أتمتة المهام المناسبة

تأتي هذه الخطوة بصفتها خطوة ثانية في توظيف الأتمتة لتحسين أعمالك، وهي تستند إلى سابقتها التي اخترت فيها الأقسام الأنسب للأتمتة، لتتخذ قرار أتمتتها، وتستطيع استخدام الأتمتة في أداء المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً، أو تستنزف أداء مجهود روتيني.

على سبيل المثال يستطيع استخدام الرد التلقائي في الإجابة عن التعليقات على منصة فيسبوك أن يختصر كثيراً من الوقت والجهد اللازمين لكتابة التعليق ذاته مئات المرات، أو لإرسال التفاصيل إلى بريد الشخص المستهدف بإجراءات بسيطة، كما أنَّ استخدام ميزة جدولة النشر على المنصة ذاتها يزيح عنك عناء تذكر وقت الذروة في النشر، وإشغال تفكيرك في انتظاره لبدء القيام بمهمتك، فضلاً عن توليه المسؤولية عنك بالنشر على منصات عدة.

2. إدارة المشاريع:

تستطيع توظيف الأتمتة في تحسين أعمالك عن طريق تطبيقات إدارة المشاريع، والتي يُعدُّ تريللو واحداً من أشهرها، وتحدِّد هذه التطبيقات تسلسل المهام، وتسند كل مهمة إلى مسؤول عن تنفيذها، لتنتقل بعد انتهائه إلى شخص آخر يضيف لمسته، مع تحديد المهلة الزمنية اللازمة لكل مرحلة، فإذا ما حدث تأخير في أداء المهمة، تستطيع عن طريق التطبيق معرفة الشخص الذي تأخر في أداء جزئيته وتسبب بذلك بتأخر النتيجة، لتتخذ بحقه الإجراءات اللازمة من تنبيه أو مواءمة للخطة.

عند نشر منشور على منصة مثلاً، يجب على المصور أن يصور المنتجات ويرسلها إلى المصمم الذي يقوم بالتعديل عليها وإرسالها إلى كاتب المحتوى التسويقي، الذي يؤدي بدوره مهمته ليسندها إلى مسؤول النشر وهكذا، وعند حدوث تأخير في أي مرحلة، فإنَّ ذلك سوف يظهر للمسؤول عنهم ويتخذ القرار المناسب.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 أدوات لإدارة المشاريع عن طريق الويب

3. تصميم مخطط استخدام الأدوات:

تتيح لك هذه الخطوة من خطوات توظيف الأتمتة في تحسين أعمالك وضع تصور شامل لاستخدام الأتمتة في المشروع وكيفية سير الأمور؛ وذلك عن طريق استخدام مخطط تدفقي يوضح السيناريوهات المحتملة من أجل الحصول على أفضل النتائج.

على سبيل المثال لنفترض أنَّ مخبزاً جديداً افتُتح، ويعمل فيه شخص لتحضير العجين، إنَّ شراء عجَّانة أو آلة للعجن في طور الافتتاح ليست خطوة سديدة، فهي باهظة الثمن، ومع أنَّ المخبوزات من المفضل أن تكون طازجة، فإنَّ استخدام الآلة في تحضير كمية قليلة لن يكون مجدياً.

لكن عندما يكتسب المخبز شهرة ويزداد حجم الطلب على المخبوزات، فإنَّ وجود شخص ليعد العجين سيكون غير كافٍ، وتوظيف شخص آخر يعني تكلفة مضاعفة، وهنا يكون استخدام الآلة في وقته المناسب، والمخطط التدفقي يتيح رسم الاحتمالين فإذا كانت الكمية المطلوبة أقل من حد معين يُستعان بموظف، وإذا كانت أكبر تُستخدم الآلة.

4. اختيار أفضل الأدوات:

هي المرحلة الأخيرة من مراحل توظيف الأتمتة في تحسين أعمالك، وفيها تحدِّد الخيار الأنسب لك من الأدوات بين الخيارات الموجودة، وفيه تضع مجموعة احتمالات للتفاضل بينها تتضمن:

  • مميزات كل أداة.
  • سعر كل أداة.
  • سهولة استخدام كل أداة.

في الختام:

يُعدُّ توظيف الأتمتة في الأعمال من الخيارات الصائبة في أغلب الأحيان، وخاصة عندما يأتي في وقته المناسب؛ لكنَّه بالتأكيد لا يغني عن وجود الكائن البشري ولا يحل مكانه نهائياً؛ إنَّما هو استثمار للآلة في أداء المهام التي تستنزف وقت الإنسان وجهده، وتوظيف الأخير فيما هو أكثر قيمة وأهمية.




مقالات مرتبطة