كيف تنبع السعادة من جعل الآخرين يشعرون بالرضا

لقد قال "مارتن لوثر كينغ الابن" (Martin Luther King Jr): "إنَّ أضمن طريقة لتكون سعيداً هي البحث عن سعادة الآخرين".



يشير بحث جديد نشره فريق من علماء النفس في "جامعة ميسوري" (University of Missouri) إلى أنَّ ما قاله "كينغ" صحيح تماماً؛ إذ تتأثر سعادتنا جزئياً باللطف والكرم اللَّذَين نظهرهما للآخرين.

يقول فريق الباحثين الذي يقوده كلٌّ من "ليودميلا تيتوفا" (Liudmila Titova) و"كينون شيلدون" (Kennon Sheldon): "يسعى الأمريكيون دائماً وراء تحقيق السعادة لأنفسهم. ولكن هل سيكونون أسعد إذا سعوا وراء سعادة الآخرين؟ في الواقع، بعد مقارنة الاستراتيجيتين، تبيَّن أنَّه من المفارقات أنَّ السعي لإسعاد الآخرين يساعد على تعزيز الشعور بالسعادة".

شاهد بالفيديو: 19 نصيحة للعثور على السعادة في الأوقات العصيبة

تعزز مساعدة الآخرين السعادة الشخصية:

للوصول إلى هذا الاستنتاج، طلب مُعِدُّو البحث من مجموعة من المشاركين في البحث المشاركة في مجموعة من السلوكات والتجارب الفكرية، التي تضع أفعال السعادة الذاتية، مقابل تلك التي تهدف إلى تحسين سعادة الآخرين. وفي إحدى الدراسات، منح أحد الباحثين للمشاركين في الشارع - بعد إيقاف سياراتهم - بعض العملات المعدنية وطلب منهم إما وضعها لعدادات وقوف سياراتهم أو عدادات السيارة المجاورة. بعد ذلك، سأل الباحث المشاركين عن مدى سعادتهم، ومن المثير للاهتمام، أنَّ الأشخاص الذين وضعوها في عدادات الآخرين، كانوا أسعد من أولئك الذين وضعوها في عداداتهم، على الرغم من عدم معرفة الأشخاص الذين ساعدوهم.

في تجربة أخرى، طلب الباحثون من المشاركين إمَّا أن يتذكروا الوقت الذي حاولوا فيه إسعاد شخص آخر، أو يتذكروا وقتاً حاولوا فيه تعزيز سعادتهم، وطُلب منهم كتابة بضع جُمَل تصف الحدث، وتقييم مدى السعادة التي شعروا بها، فالمشاركون الذين طُلب منهم تذكُّر الوقت الذي حاولوا فيه تعزيز سعادة شخص آخر، أفادوا بمستويات أعلى من السعادة، مقارنةً بأولئك الذين كتبوا عن وقت حاولوا فيه تعزيز سعادتهم.

وقد صرَّح الباحثون بالآتي: "تمتد نتائج هذه الدراسات إلى نتائج الأبحاث السابقة، من خلال إظهار أنَّ الناس يستمدون السعادة الشخصية من محاولات إسعاد الآخرين، وهو النهج الذي قد يبدو غير بديهي للعديد من الناس في البداية".

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتكون مصدر سعادة للآخرين

إثارة مشاعر التقارب:

لقد أظهرت الأبحاث والدراسات بأنَّ إنفاق المال على الآخرين يزيد من سعادة الفرد، أكثر من إنفاقه على نفسه، وليس الكرم المادي وحده الذي يعزِّز سعادتنا؛ إذ إنَّ التبرع بوقتنا إلى شخصٍ بحاجةٍ إلينا، أو إيثار سعادة الآخرين على سعادتنا، عموماً سيؤثِّر تأثيراً إيجابياً على سلامتنا النفسية.

يقدِّم الباحثون تفسيراً جيداً لسبب رؤيتهم للنتائج التي توصلوا إليها؛ فهم يقترحون أنَّ الأمر يتعلق بحاجتنا النفسية الأساسية إلى الشعور بـ"الترابط" أو القرب من الآخرين؛ فوفقاً للباحثين، تلهم محاولة جعل شخص آخر سعيداً مشاعر التقارب؛ ممَّا يفسر سبب شعور الناس بالسعادة، التي قد لا نشعر بها عندما تكون محاولات السعادة أو تحسين المزاج موجهة ذاتياً.

بالإضافة إلى ذلك، يضيف هذا البحث نقطة أخرى إلى قائمة متزايدة من التقنيات المُجرَّبة علمياً، والتي تهدف إلى تحسين السعادة؛ على سبيل المثال: خلصت أبحاث جديدة إلى أنَّ زيادة إحساسنا بالكفاءة والاستقلالية، بالإضافة إلى بذل جهد لإحاطة أنفسنا بأشخاص متفائلين، والعيش في مجتمع أكثر سعادة، تشكِّل أيضاً طريقةً قابلةً للتطبيق لتحسين سلامتنا النفسية.

المصدر




مقالات مرتبطة