كيف تنال قسطاً من الراحة وتستعيد قدرتك على الإنتاج؟

فكر في نفسك، حيث تستيقظ كل يوم نشيطاً؛ ولكن مع مواصلة يومك وإنجاز المهمات والتفاعل مع الناس، تنخفض طاقتك، وتصبح أقل فاعلية في أي مَهمَّة يُفترَض أن تؤديها، وتنفد طاقتك؛ والحل لذلك واضح: إذا نفدت طاقتك، فأنت بحاجة إلى إيجاد طريقة لاستعادة نشاطك؛ إذ يجب عليك أخذ قسط من الراحة، وهو أمر أساسي لتحفيزك وزيادة تركيزك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن إيتكين تانك (Aytekin Tank)، والذي يحدثنا فيه عن تجربته الشخصية في أخذ قسط من الراحة.

قد يكون نَيل قسط من الراحة أمراً مستهجناً في ثقافة اليوم التي تميزها العجلة، لكنَّها طريقة أساسية قائمة على العلم لضمان امتلاكك القدرة على عيش حياتك بالطريقة التي تريدها؛ فعندما بدأ العلماء في الثمانينيات بإجراء البحوث عن الإرهاق، وصفوا هذه القدرة الداخلية بأنَّها عبارة عن موارد، حيث نحتاج جميعاً إلى تجديد مواردنا للتعامل مع التوتر والعمل بفاعلية وتجنب الإرهاق.

عندما يكون الهدف هو إنجاز الأشياء فحسب، فقد يبدو من غير المجدي أن تتوقف عمَّا تقوم به؛ ولكن إذا تبنَّيت فن الاستراحة، فيمكنك أن تكون أكثر كفاءة وفاعلية في العمل؛ لذا نقدم لك فيما يأتي خمس طرائق تبيِّن لك كيف تأخذ قسطاً من الراحة وتزيد إنتاجيتك:

1. نَيل قسط كافٍ من الراحة في الوقت المناسب:

عندما بدأت وظيفتي الأولى بعد التخرج من الجامعة، كنت عازماً على إرضاء رئيسي كما يفعل معظم الموظفين المبتدئين؛ لذلك كنت أستخدام كل يوم ساعة خاصة لتسجيل وقت بدء العمل، حيث أبدأ العمل في الساعة التاسعة صباحاً، وآخذ استراحة لمدة 60 دقيقة عند الظهر، ولا أغادر قبل الساعة الخامسة مساءً؛ ومع قضاء مزيد من الساعات في ممارسة العمل، أدركت فيما بعد أنَّ متوسط يوم العمل الذي يبلغ ثماني ساعات مع استراحة غداء لمدة ساعة ليس أمراً واقعياً، لاسيما إذا كان هدفك هو تقديم أفضل ما لديك في العمل.

هذا هو السبب في أنَّ تقنيات الإنتاجية الشائعة مثل تقنية بومودورو (تقنية الطماطم) (The Pomodoro) تؤيد مبدأ "العَدْوَ السريع"، حيث تعمل لفترة قصيرة ثم تستريح لمدة خمس دقائق؛ ومع أنَّ تقنية بومودورو خطوة تساعدك في التقدم إلى الأمام، إلَّا أنَّ الأبحاث الحديثة تُظهِر أنَّ العمل لفترة زمنية قصيرة ثم التوقف لفترة أطول عن العمل قد تكون في الواقع طريقة أكثر فاعلية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة للابتعاد عن العمل.

حلَّل فريق في موقع ديسك تايم (DeskTime) أكثر من 5 ملايين سجل لطريقة استخدام العاملين لأجهزة الكمبيوتر خاصتهم في العمل، فوجدوا أنَّ الأشخاص الأكثر إنتاجية عملوا بمعدل 52 دقيقة كحد وسطي، ثم أخذوا استراحة لمدة 17 دقيقة بعد ذلك؛ لكن ما الذي يميز هذه الأرقام؟ بحسب علم الأعصاب، ووفقاً للباحثين، يعمل الدماغ البشري بصورة طبيعية في فورة من النشاط تستمر لمدة ساعة، ثمَّ يُبدَّل بعد ذلك إلى "وضع النشاط المنخفض"؛ ومع ذلك، ضع في اعتبارك أنَّ كل ما يُحفزك هو الطريقة الأكثر فاعلية، ويتعلق ذلك أكثر بالفرضية القائلة: "عندما تقترب من خط النهاية، يمكنك الاستمرار في التركيز على المَهمَّة أو المشروع الذي تعمل عليه.

توجد العديد من التطبيقات والأدوات التي يمكن أن تساعدك في حجب مواقع الويب والتطبيقات التي تشتت الانتباه لفترات محددة من اليوم، كما يمكنك أيضاً استخدام بعض التطبيقات التي تساعدك في تلقي كل محتويات الوسائط الاجتماعية أو الرسائل الإخبارية التي تهمك ولا تريد أن تفوتها في بريدك الوارد في الوقت الذي تقرره؛ لذلك، بغض النظر عن المدة التي تعمل فيها، خذ قسطاً من الراحة عندما تشعر أنَّك تفقد قوتك وطاقتك أو تشعر بالملل من المَهمَّة، إذ يجب أن تساعدك استراحة لمدة (10-15) دقيقة على استعادة نشاطك والتركيز على كل ما هو قادم.

شاهد بالفيديو: 9 تقنيات لزيادة الإنتاجية الشخصية

2. تغيير المكان والخروج إلى الهواء الطلق:

عندما يتعلق الأمر بزيادة الصحة العقلية العامة للشخص، فلا يوجد دواء أفضل من الطبيعة، ولقد توصلت الأبحاث إلى أنَّ مجرد التواجد في الهواء الطلق يمكن أن يساعد الشخص في التخلص من التعب الذهني المرتبط بالعمل أو الدراسة؛ ممَّا يسهم في النهاية في تحسين أداء العمل والرضا عنه.

إذ لم تكن توجد غابة نضرة وخصبة حولك، فلا بأس، إذ يمكن للمساحات الطبيعية الموجودة بين الأبنية السكنية أن تساعدك في الاستفادة من الاستراحة؛ فقد ذكر العالمان ستيفن آر كيلرت (Stephen R. Kellert) وإدوارد أو.ويلسون (Edward O. Wilson) في كتابهما "نظرية البيوفيليا" (The Biophilia Hypothesis) أنَّه حتى الحدائق والممرات الخارجية وتصميمات المباني التي تحتضن مساحات خضراء يمكن أن تمنحنا إحساساً بالهدوء والإلهام، وتشجع العمال على التعلم والوعي.

3. ممارسة الرياضة:

يمكن لتغيير المكان أن يؤثر كثيراً في مدى انتباهك وقدرتك على التركيز، ولكن سيكون ذلك أكثر فائدة إذا ربطته بالحركة الجسدية لزيادة مستوى الأدرينالين لديك؛ فلم يُصمَّم جسمك للجلوس طوال اليوم، حيث يعتقد العلماء أنَّ فترات الجلوس الطويلة تشكل خطورة على الصحة، كما وليس من الممكن دوماً الاستمتاع بمزايا المشي السريع لمدة 30 دقيقة خلال يوم عملك، لاسيما وأنَّك ستحصل على طاقة أقل خلال أيام العمل؛ ولكنَّ الخبر السار هو أنَّه لأغراض الإنتاجية، لست مضطراً إلى القيام بذلك، حيث وجد الباحثون أنَّ 10 دقائق فقط من التمرينات يمكن أن تعزز ذاكرتك ومدى انتباهك طوال اليوم.

لذا بدلاً من استخدام استراحتك للجلوس وقراءة الأخبار أو تصفح حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي، غادر مكانك، وحرك جسمك، وخذ جولة سريعة حول مكان عملك، أو اقفز داخل المكتب؛ ومهما كان خيارك، سيزداد تركيزك وتمتلك دافعاً أكبر لإنجاز المهمات.

إقرأ أيضاً: 6 فوائد صحيّة تمنحها الرياضة للعقل

4. التواصل مع الآخرين:

التواصل الاجتماعي هو أحد أهم عوامل المرونة؛ فعندما نكون على تواصل مع أشخاص آخرين، يكون من الأسهل التعامل مع التوتر؛ كما يمكن أن يساعد التواصل الاجتماعي أيضاً في تحسين التركيز بعد استراحة العمل، وإحدى أفضل طرائق نيل قسط من الراحة بعد ممارسة الرياضة التواصل مع أفراد العائلة، وتخصيص وقت للاتصال بالأقارب؛ إذ إنَّه لأمر مدهش كيف يمكن للقليل من البساطة والخفة والتواصل العاطفي أن يحفزنا على إنجاز أعمالنا القادمة؛ وبما أنَّ معظمنا الآن يعمل من المنزل، لم يعد قضاء بعض الوقت وجهاً لوجه مع أحد أفراد الأسرة أمراً صعباً كما كان من قبل؛ لذا خذ الوقت الكافي للدردشة مع شريك حياتك، واصطحب أطفالك إلى الخارج للتجول؛ وإذا كنت تعيش بمفردك، فاتصل بصديق أو قريب.

5. إطلاق العنان للخيال:

عندما توجِِّه كل جهودك نحو مهمات محددة، يمتلك عقلك أجندة مستمرة تتضمن إنجازها والقيام بها على نحو جيد؛ ويمكن أن تكون هذه الطريقة فعالة للإنتاجية، لكنَّها لا تستمر لفترة طويلة، خاصة وأنَّ التحقق من الأمور التي تقوم بها من قائمة مهماتك فحسب ليس العنصر الوحيد للنجاح في العمل؛ فأنت تحتاج إلى الابتكار؛ لهذا السبب أعطي الأولوية لإراحة دماغك كل يوم؛ فعندما تشعر أنَّ طاقتك منخفضة، اختر نشاطاً إبداعياً آخر لتدريب عقلك كالكلمات المتقاطعة أو لعبة سودوكو (Sudoku)، أو أنجز مشروعاً إبداعياً منفصلاً عن عملك في منزلك؛ وعندما تجد صعوبة في التركيز، لا تفعل أيَّ شيء، وإنَّما اترك عقلك يتجول بحرية قليلاً، وتابع أفكارك إلى أين ستذهب.

إنَّه لمن الواضح أنَّ هناك فائدة علمية لأحلام اليقظة، فهي تعزز الإبداع وتساعدك على الشعور بمزيد من الانخراط مع العالم من حولك، ممَّا يفيدك في عملك تحديداً؛ فسواء كنت تساعد أطفالك في أداء واجباتهم المدرسية للتعلم عن بعد، أم تقرأ كتاباً ملهماً، أم تجلس فقط بهدوء وتستمتع ببعض الهواء النقي، يستفيد عقلك من فرصة التفكير والشعور بالراحة دون وجود جدول أعمال لإنجازه.

أفكار أخيرة:

يتعين على معظمنا العمل بجد من أجل عائلاتنا وأنفسنا، ويتطلب العالم في الوقت الراهن أعلى مستوى من الإنتاجية يمكننا تقديمه؛ ومع ذلك، علينا أن نأخذ استراحة من حين إلى آخر، فنحن بشر رغم كل شيء.

المصدر




مقالات مرتبطة