كيف تمارس الامتنان بطريقةٍ تغيِّر طريقة تفكيرك؟
أتذكَّر تلكَ الأمسية الصيفية المُمطرة بعد أن فقدنا أنا وزوجتي "آنجل" (Angel) اثنين من أحبائنا بسبب المرض، وفقدنا مصدر رزقنا بسبب التسريح، وفي النهاية لم نستطع رؤية الخير الذي بقي في حياتنا، وكنت أفكِّر وأنا مستلقٍ على الأرض، وحيد في الظلام.
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كيرنوف" (Mark Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن روتين امتنان يومي سيغيِّر طريقة تفكيرك.
كنَّا نادراً ما نتحدَّث أنا وآنجل عن أي شيء ذي معنى خلال تلك الفترة الزمنية؛ وذلك لأنَّني شعرت بالعجز والاكتئاب بسبب ما حدث، وغرقت في تفكيري السلبي، لكنَّ شيئاً ما تغيَّر داخلي عندما كنت مستلقياً على الأرض، ففي حين كنت أنظر إلى الأعلى وإلى الخارج من النافذة المفتوحة بجواري، اخترق القمر فجأة الغيوم وأضاء الغرفة المظلمة التي كنت فيها، ثمَّ في غضون ثوان، بدأ نسيم خفيف يحرِّك ستائر النوافذ البيضاء فوقي، في حين كانت الستائر ترفرف في الهواء على ارتفاع أربعة أقدام فوق جسدي، ابتسمت، وكانت لحظة جميلة، ودون تردُّد، همست بصوت عالٍ: "الحياة ما زالت معجزة يجب أن نكون ممتنِّين لها".
دخلت آنجل الغرفة في تلك اللحظة بالضبط وهمست: "أوافقك الرأي"، استلقت بجانبي، وبعد بضع لحظات من الصمت، قرَّرنا ذكر بعض الأشياء التي كنَّا ممتنِّين لها على الرَّغم من الصعاب التي كنَّا نواجهها، وكانت قائمة الأمور التي شعرنا بالامتنان لها:
- كنَّا نتبادل أطراف الحديث.
- كان لدينا آباء وعائلة كبيرة وبعض الأصدقاء الذين أحبونا.
- كنَّا بصحة جيدة.
- كان معظم أفراد عائلتنا وأصدقائنا يتمتَّعون بصحة جيدة.
- كان لدينا بعض المُدَّخرات.
- كان لدينا مأوى وماء وطعام.
- يمكننا تجربة وتقدير جمال ضوء القمر الذي يضيء هذه الغرفة المظلمة، والنسيم الذي يجعل الستائر تتمايل، والقائمة تطول حتى عندما بدا أنَّ كل شيء مُدمَّراً، كان لدينا أموراً كثيرة تسير على ما يرام، فثمَّة الكثير لنكون مُمتنَّين له، وفي تلك الليلة قرَّرت تغيير تفكيري وجعل الامتنان روتيناً يومياً في حياتي.
شاهد بالفيديو: 5 طرق للعيش بحالة من الامتنان كل يوم
تغير نظرتك إلى الحياة من خلال روتين الامتنان:
أقضي حالياً 20 دقيقة كلَّ مساء أركِّز أفكاري حصراً على ما أنا ممتنٌّ له وسبب امتناني له، وأُسمِّي هذا التمرين: تأمُّل الامتنان، قد يبدو هذا كأنَّه ممارسة مبتذلة لبعض الناس؛ لكنَّني هنا لأخبرك أنَّها ليست تافهة، في حين قد تبدو مبتذلة للوهلة الأولى، فإنَّ روتين كهذا يغيِّر الحياة، وإليكم ما تغيَّر في حياتي تدريجياً عندما مارست روتين الامتنان الخاص بي:
- أنا أقدِّر زوجتي آنجل أكثر، وأخبرها بذلك، الأمر الذي أدى في النهاية إلى تعميق علاقتنا من خلال تحسين تواصلنا.
- أنا أقدِّر عائلتي وأصدقائي المقربين أكثر؛ لأنَّني أعير اهتماماً أكبر لصفاتهم الإيجابية.
- لقد أصبحت أكثر لطفاً مع كلِّ مَن حولي، وأكثر لطفاً مع نفسي أيضاً؛ لأنَّني استبدلت عديداً من أحكامي القديمة التي لا داعي لها بالتقدير.
- قَلَّ انزعاجي من المواقف المحبطة لأنَّ تذمري قَل.
- أنا أحتاج إلى القليل فقط لأكون سعيداً؛ لأنَّني حاضر الذهن، وأقدِّر بصدق ما لدي بالفعل.
- أُلاحظ ملذَّات الحياة البسيطة واللحظات الصغيرة أكثر من أيِّ وقت مضى.
- أصبح العمل، خلال محن الحياة التي لا مفرَّ منها أسهل؛ لأنَّه بدلاً من التركيز على الألم الذي يسبِّبه كل شيء، أجد الامتنان والسعادة في الخطوات الصغيرة التي أحقِّقها كلَّ يوم.
هذا مجرد جزءٍ بسيطٍ فقط من الأشياء التي تغيَّرت في حياتي؛ لكنَّ الشيء الهام الذي يجب إدراكه هو أنَّ كلَّ هذه التغييرات إيجابية وقوية بصورة لا تُصدَّق، فإنَّها ليست مبتذلة، وهي بعيدة كلَّ البعد عن التكرار المُمل، فلقد غيَّر تركيزي على الامتنان تغييراً جذرياً الطريقة التي أفكِّر بها وأعيش بها؛ إذاً ما هي أسهل طريقة لإنشاء روتين يومي للامتنان في حياتك؟
إليك روتين امتنان يومي بسيط جداً مدَّته خمس دقائق نجح في تحسين حياة مئات من المتدرِّبين لدينا طيلة العقد الماضي:
كلُّ مساء قبل الذهاب إلى الفراش، اكتب ثلاثة أشياء سارت على ما يرام خلال النهار وأسبابها، وما عليك سوى تقديم شرح قصير لكلِّ شيء جيد؛ إذ ننفق عشرات الآلاف من الدولارات على الإلكترونيات باهظة الثمن، والمنازل الكبيرة، والسيارات الفاخرة، والإجازات الفخمة، على أمل زيادة السعادة والإيجابية، وهذا بديل بسيط ومجاني وناجح، إذا بدأت بهذا الروتين اليوم، فقد تنظر إلى اليوم بعد سنوات عديدة من الآن بوصفه اليوم الذي تغيَّرت فيه حياتك كلُّها، وإذا كنت تحتاج إلى مزيد من الإلهام، جرِّب:
عبارات الامتنان الفعَّالة:
ما زلت أجد في بعض الأحيان، وفي أصعب الأيام، صعوبة في حشد ما يكفي من الطاقة الإيجابية للتركيز على الأشياء التي أنا ممتنٌّ لها، فعندما يحدث هذا، أُراجع ملاحظاتي عن الامتنان، ووجهات النظر والدروس التي تعلَّمتها طيلة السنوات التي وثَّقتُها في عديد من المنشورات، وأسمِّي هذه الملاحظات عبارات الامتنان الخاصة بي، وفي تلك الأيام التي يبدو فيها أنَّ كلَّ شيء لا يسير على ما يرام، أقرؤها وأفكِّر فيها إلى أن أجد مصدراً للامتنان.
إليك هذه العبارات على أمل أن تجد فيها ضالَّتك أيضاً، كرِّرها لنفسك، وفكِّر فيها، في تلك اللحظات المظلمة عندما تغيب عن ذهنك الأشياء التي يجب أن تكون ممتناً لها:
- عندما ترى في الحياة ما يُبرِّر أن تكون سلبياً، فكِّر في سبب وجيه لتكون إيجابياً، فثمَّة دائماً شيء يجب أن نكون ممتنِّين له.
- إنَّ أعظم سر للسعادة والسلام هو ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي، ثمَّ تحقيق أقصى استفادة منها.
- اختيار الابتسام من خلال عيش الحياة لحظة بلحظة، وتقليل التذمر، وشكر الله على الأشياء الصغيرة التي تعني الكثير.
- لن تحصل على ما تريد دائماً، لكن تذكَّر هذا: يوجد كثير من الأشخاص الذين لن يحصلوا على ما لديك الآن أبداً.
- تصبح السعادة أسهل كثيراً عندما تتوقف عن الشكوى من مشكلاتك وتبدأ في الشعور بالامتنان لكلِّ المشكلات التي لا تعانيها.
- عدم السماح لرغباتك أن تُنسيك كلَّ الأشياء التي لديك، والتركيز على ما تملكه، وليس على ما لا تملكه.
الشعور بالامتنان تجاه حياتك وصحتك وعائلتك وأصدقائك ومنزلك، فكثير من الناس لا يملكون هذه الأشياء.