كيف تكون منتجاً عندما تعم حياتك الفوضى؟

كل شيء مستقر في العالم المثالي؛ إذ يمكنك وضع الخطط التي تتحقَّق دائماً بحذافيرها، ويمكنك توقع الأشياء مسبقاً، لكن نعلم أنا وأنت أنَّ الحياة لا تسير بهذا الشكل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في تحقيق الإنتاجية حتى في حالات الفوضى.

في الحياة الواقعية، يمكن لحدث عشوائي واحد (وغير متوقع) أن يفسد فجأةً جميع خططك وأهدافك ونواياك الحسنة في إجراء تغيير، مثل:

  • أن يموت أحد أفراد الأسرة.
  • أو انتظار مولود.
  • أو التعرض لحادث سير.
  • أو كارثة في العمل تؤدي إلى الإفلاس.
  • أو الوقوع في الحب.

إنَّ الأحداث غير المخطَّط لها يمكن أن تعطِّل كل شيء، ولقد واجهت ذلك عدة مرات في حياتي، وليس ثمة ما يمكنك فعله لمنع الأحداث غير المتوقعة.

لكي أكون واضحاً، عندما أتحدث عن الفوضى، فأنا لا أتحدث عن الأحداث السلبية، ففي بعض الأحيان، يمكن للأشياء الجيدة أيضاً أن تشتِّت تركيزنا، ويمكن أن تكون الحياة غير متوقعة، وعلى الرَّغم من عدم القدرة على التنبؤ، ما يزال يتعيَّن علينا العمل؛ إذ يجب أن ننهض للعمل في الصباح الباكر، وأن نعامل الناس في حياتنا باحترام، وأن نقوم بعملنا، ونجد الهدوء الداخلي، وبرأيي  لدينا خياران:

  1. إمَّا أن نقبل أنَّ الحياة فوضى ونجد طريقة للتكيُّف مع أنفسنا.
  2. أو أن نرفض التكيُّف ونصبح بائسين لأنَّ "الحياة صعبة".

فأنا قد اخترتُ الخيار الأول، لكن كيف تتكيَّف عندما تكون الحياة متقلِّبة؟ وكيف يمكنك الاستمرار في أن تكون منتجاً في حين لا يمكنك حتى التقاط أنفاسك قبل التعامل مع المهمة التالية؟

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب نظم حياتك وتخلّص من الفوضى إلى الأبد

لذلك؛ أقدِّم لك فيما يأتي 3 نصائح يمكن أن تساعدك على مواجهة تلك التحديات:

1. استمر في التركيز على مهامك:

عندما يقاطع حدث هام حياتك، فمن السهل النظر إلى الأمور نظرةً ضيقة، فقبل أن تُدرك ما يحدث، يمكن لشيء عشوائي أن يستهلك حياتك كلها، لنفترض مثلاً أنَّك وقعت في حب شخص ما، وفجأة لا يمكنك التفكير في أي شيء آخر غير ذلك الشخص، ولا يمكنك التركيز على عملك، فتنسى أصدقاءك، وتهمل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؛ إذ يصبح كل ما تريده هو قضاء الوقت مع هذا الشخص.

لكن، على الرَّغم من روعة أن تكون في حالة حب، إلا أنَّه يوجد مزيد من الأمور التي عليك الاهتمام بها في الحياة؛ إذ يعدُّ الاستمتاع في اللحظة الراهنة أمراً ضرورياً، لكن لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا أن ننسى إلى أين نحن ذاهبون في الحياة، ولا يمكننا إهمال عملنا وعائلتنا وأصدقائنا وصحتنا تحت أي ظرف من الظروف.

لكي أحافظ على تركيزي ولا أتخلى عن مُثُلي، أُذكِّر نفسي دائماً لماذا أفعل ما أفعله، وذلك من خلال تدوين اليوميات، فمهما كانت حياتك مليئة بالنشاطات والأعمال، يمكنك دائماً أن تجد 10 دقائق للجلوس والتفكير.

إضافة إلى ذلك، أواصل البحث عن أهدافي كل يوم تقريباً، فهذا يذكِّرني بالمكان الذي أرغب في الوصول إليه، فحين تدرك وجهتك، ستستمر في التقدُّم بكل سهولة.

2. قسِّم عملك إلى أجزاء صغيرة:

كن مستعداً دائماً لإنجاز العمل، وفي كل مرة يكون لديك فيها لحظة لنفسك، لا تتصفَّح هاتفك، بل قم ببعض الأعمال ولو مدة 8 دقائق فقط.

فأنا أحمل الكمبيوتر المحمول ودفتر الملاحظات معي أينما ذهبت، فعندما تفتقر حياتي إلى الترتيب والتنظيم، أعمل على جهازي المحمول في أي لحظة متاحة لدي، لا يهم ما هو الوقت، أو مكان تواجدي، أو المدة التي يمكنني خلالها العمل، فعندما تسنح لي الفرصة، أعمل.

لكنَّ العمل على دفعات قصيرة ليس بهذه السهولة، فالتركيز التام غير ممكنٍ في النهاية، فأنت لست في عالمٍ مثالي لديك فيه ساعات من الوقت مخصَّصة لمهمة واحدة هامَّة لكي تقوم بعمل عميق، فالعمل على دفعات قصيرة ينفع إذا كنت تعرف ما عليك القيام به (أي الخطوة 1).

لذا أحتفظُ دائماً بقائمة طويلة من الأشياء التي يجب أن أفعلها، فعندما أعمل على فترات قصيرة، أعلم أنَّني لا أستطيع أن أضيِّع وقتي في تصفُّح الإنترنت أو في التفكير فيما عليَّ أن أفعل بعد ذلك؛ إذ أفتح جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي، وأُلقي نظرة على قائمتي، وأختار شيئاً واحداً أرغب في القيام به في ذلك الوقت، فقائمتي تتكوَّن من المهام الأساسية؛ لذلك لا يهم أي مهمة تُنجز أولاً، على سبيل المثال، هذه هي المرة التاسعة تقريباً التي أعمل فيها على هذا المقال، فحياتي غير منظَّمة في الوقت الحالي، لكن لا مشكلة؛ لأنَّني أستمر في كتابة المقالات.

لكن تذكَّر: هدفك ليس العمل بهذه الطريقة إلى الأبد، فعندما تتخطَّى المشكلة، عد إلى روتينك المعتاد.

شاهد بالفديو: كيف تنظّم حياتك بالشكل الصحيح

3. اتبع حمية غذائية:

يمكن أن تكون الحياة صعبة، وأنت تحتاج إلى الطاقة للتعامل مع الضغط الجسدي والعقلي الذي تتحمله، فأنا لست خبيراً في النظام الغذائي، لكنَّني خبير في نظامي الغذائي الشخصي، وعادة لست من مُحبي التجريب، لكن عندما يتعلَّق الأمر باتباع نظام غذائي، فهذه هي استراتيجيتي المفضلة.

لقد جرَّبتُ عديدة أنظمة غذائية وأنماط أكل مختلفة، وحاليَّاً أتناول غالباً البروتينات والدهون غير المشبعة بوصفها وجبة أولى عند الساعة 11:30 صباحاً؛ بعبارة أخرى، أتخطَّى وجبة الإفطار، وهذا ما يسمونه الصيام المتقطع هذه الأيام، ولا جديد في ذلك؛ إذ يتجاهل الناس وجبة الإفطار منذ زمن طويل.

فلا يمكنني تقديم توصيات لك بشأن النظام الغذائي؛ لأنَّ المسألة تختلف من شخص لآخر، لكن يمكنني مشاركتك بعض الأشياء التي يجب مراعاتها:

  • لا تصدِّق كل ما تقرأه في قطاع الصحة، فكل شخص لديه شيء للترويج له (لا أتحدث فقط عن المنتجات ولكن أيضاً عن الأفكار).
  • ميِّز الفرق بين أنماط الأكل (متى تأكل، وكم مرة، وما إلى ذلك)، والوجبات الغذائية (نوع الأطعمة التي تستهلكها مثل البروتين والدهون والكربوهيدرات).
  • كن حذراً في التجريب، جرِّب الأشياء التي لا تضر بجسمك (لا تجوع نفسك، ولا تحاول اتباع أنظمة غذائية غريبة مثل تناول اللحوم الحمراء فقط).
  • احتفظ بملاحظات عن شعورك بعد الطعام الذي تتناوله، واستبعد الأطعمة التي لم تتلاءم مع جسمك.

هكذا وجدت الأطعمة المثالية وأنماط الأكل بالنسبة إليَّ، على سبيل المثال، أتناول الأرز كل مساء، فأنا أحبه ومن دون تناوله أشعر بالجوع بسرعة كبيرة وأفقد تركيزي، فهل يجب أن أتوقف عن تناول الأرز لأنَّ شخصاً ما عبر الإنترنت يقول ذلك؟ لا بالطبع لا.

إقرأ أيضاً: عقلية التنظيم: بعض النصائح لتكون أكثر تنظيماً

إيجاد النظام وسط الفوضى:

كنت أكره في الماضي عدم اليقين، وأظنُّ أنَّ هذا شيء تتعلَّمه عندما تكبر، "احصل على وظيفة آمنة"، هذا ما يقوله الناس، لكنَّهم لا يخبرونك أنَّ الوظيفة الآمنة ستجعلك في النهاية كسولاً وضعيفاً بسبب شعور الأمان الذي تمنحه لك.

لقد عبَّر عن ذلك الكاتب "جوردان بيترسون" (Jordan Peterson) بأفضل طريقة في كتابه "12 قاعدة للحياة: ترياق للفوضى" (12 Rules For Life: An Antidote to Chaos): "النظام لا يكفي؛ إذ لا يمكنك فقط أن تكون مستقراً وآمناً ولا تتغيَّر؛ لأنَّ ثمة أشياء جديدة حيوية وهامَّة يجب تعلمها".

من ناحية أخرى؛ فإنَّ عدم اليقين يرغمك على العمل؛ لذا كبرت على حب عدم اليقين، فهو يجبرني على إيجاد حلول لكل تحدٍّ أواجهه، وبمجرد أن تعيش حياتك بهذه الطريقة، لا يمكنك العمل بطريقة صحيحة دون تحديات، وعندما تصل إلى هذه المرحلة، اعلم أنَّك في أمانٍ.

How To Be Productive When Your Life Is In Chaos




مقالات مرتبطة