كيف تكون مُدرِكاً لذاتك في عالم مضطرب؟

في الوقت الحالي من الصعب أن تبقى على تواصل مع الآخرين وتصغي إليهم وتحبهم، وأن يكون لديك قلب متسامح وذكاء مُتَّقد، قد تنهال علينا المشكلات من جميع الجهات، سواء على المستوى العالمي أم على المستوى الشخصي؛ لذا يجب أن تعترف لنفسك أنَّه في بعض الأحيان - بصرف النظر عمَّا تفعله - يكون كل شيءٍ بلا طائل، وهذا بحد ذاته يمكن أن يجعلك تشعر بالعجز والدمار إلى حدٍّ ما.



لكن يمكننا أن نتذكر أنَّنا نمتلك قوةً حقيقيةً أعمق تحت تصرفنا، وهذه القوة لا تأتي من أفعالنا؛ وإنَّما من وعينا وإدراكنا لأحلامنا.

قوة الإدراك:

فكر في الأحلام التي نشاهدها كل ليلة، نحن نتعلق عاطفياً بأحلامنا عندما نكون نائمين وغير مدركين أنَّنا نحلم، لكن إذا أدركت أنَّك في الواقع كل شيء سيتغير في لحظة؛ إذ يمنعك إدراك أنَّك تحلم من البقاء تحت رحمة عقلك اللاواعي، ولن يكون للخوف والقلق والإحباط دور، فحينما تكون الأحلام بهذه الوضوح ستسيطر أنت على المشهد.

تظهر قوتك الحقيقية هنا عندما تدرك أنَّك تحلم، فإذا حدثت لك هذه المعجزة الصغيرة تصبح أحلامك واعية ومرتبطة بقلبك بدلاً من عقلك اللاواعي.

ما لا ندركه هو أنَّ معظم الناس يعيشون حياتهم يحلمون، ففي الكوابيس تغزو القصص والعواطف رأسك، وتكون غير مدرك لمدى سلامتك وصحتك في السرير، وبالمثل فإنَّ الأسى الذي تحس به يتداخل مع العنف والألم المتفشيَين في العالم؛ فتشعر أنَّ الخير والسلام بعيدان كل البعد عنك.

كيف تصبح واعياً؟

يمكنك أن تدرك أنَّك تحلم، ليس في أثناء النوم فقط؛ بل في أثناء اليقظة أيضاً، إنَّ الأمر في الواقع بسيط حقاً؛ فمن طبيعتك أن تكون يقظاً.

إقرأ أيضاً: أهمية الوعي الذاتي في ترتيب حياتك

إليك بعض النصائح لتصبح واعياً:

  • حرِّك وعيك: أخرجه من الشعور بالرعب المرتبط بما يحدث حولك في العالم، ووجهه إلى عقلك وجسمك، وكن واعياً لتكرر حوادث الظلم والخيانة في حياتك التي تحفزها أحداث خارجية.
  • انتبه إلى مشاعر الضيق التي في داخلك.
  • أدرك أنَّ هذه هي مشاعر التخلي: إنَّها جوانب في شخصياتنا لا تعرف أنَّها لطالما حظيت بالدعم والحب والأمان، وهي موارد حاضرةٌ في كل لحظةٍ من لحظات الحاضر، ويمكننا أن ندرك هذه القصص والأفكار والعواطف، وأن نعي في الوقت نفسه أنَّنا لسنا بمنأى عن الدعم والأمان والحب، فالتخلي هو وهمٌ وحلم.

عندما تدرك أنَّك تحلم ستحصل على القوة لإعادة جمع الأجزاء المبعثرة من شخصيتك، هذه هي القوة التي يمنحك إياها حضور الذهن في لحظات الحاضر.

حينما تروي قصَّة رواية نابعة من تفسيرك النفسي لها، يمكن أن تعي الأجزاء التي تشعر باليأس والقنوط وانعدام الحيلة في شخصياتنا حقيقة أنَّ لحظات الحاضر في أعماقها أكثر تناغماً وحضوراً وحيويَّةً حينما تجتمع تلك الأجزاء.

السر هنا هو أن تعي كل ذلك فقط؛ وعليه فإنَّ أولئك اليائسين تماماً من العثور على حل أو دعم - وهي الأوهام المتكررة التي تُلِحُّ على المرء وتأسره وتثبط عزيمته - يمكن أن يعود إليهم الحب بتصرفٍ بسيطٍ واحد، ومن المثير للسخرية أنَّ هذا لا يعني تصرفاً يُقدِم عليه المرء؛ إنَّها فقط القوة التي يمنحها له الحضور الذهني التام.

شاهد بالفيديو: 12 حقيقة عن حب الذات يجب على الجميع أن يتذكرها

ماذا يحدث عندما تصبح واعياً؟

عندما لا نمضي يومنا مع مشاعر الخوف والقلق والظلم، وحينما نتوقف عن الحلم والانشغال بلحظات الحاضر والسيطرة عليها نزداد قوة، وعندما نتوقف عن عادة التفكير المستمر في الظلم والخيانة نستطيع السيطرة على أوهامنا، ومع ذلك يوجد أمان ومحبة أبدية عميقة تعيش في هذه اللحظة، ويمكنك أن تشعر بذلك مباشرةً، ولا يوجد أبداً ما يمكن أن يحرمك من هذا الدعم و ذلك الحل.

لكن قد تسأل: "ماذا عن الأطفال؟ ماذا عن الحرب؟ ماذا عن…؟".

انظر إلى نفسك ولاحظ: هل ما يحدث هو ظلمك الشخصي؟ هل يمكنك مراقبة الواقع الداخلي بدلاً من التركيز على الواقع الخارجي؟ وهل يمكنك أن ترى ما أعطاك إياه الإصرار على الخوف والخيانة والظلم؟ هل تعرف ما الذي قدمه لك نظامك الغارق بالحب والدعم؟

فقط عندما تكون غارقاً في هذا الحب يمكن أن تمتلك أحلام يقظة مرتبطة بالعدالة والانسجام، فقط العدالة التي تقبع عميقاً في داخلك يمكن أن تعكس العدالة الخارجية، فقط التماسك الداخلي هو الذي يُظهر التماسك الخارجي.

لا يعد التخلي قوة، فقط تماسكنا يمكن أن يعكس لنا أنَّ حياة الآخرين هامة، وأنَّ الأطفال آمنون، وأنَّ التعليم ضروري، والرعاية الصحية رخيصة ومتاحة وممتازة، وأنَّ لدينا موارد لا حصر لها، ويمكننا إطعام العالم بأكمله وتعزيزه، وأنَّه لا يوجد أحد أفضل من الآخر، وأنَّه لكل البشر انتماء.

عندما تؤمن إيماناً عميقاً بحقك في الحب الأبدي والموارد والحضور فإنَّك تصبح شخصاً حالماً قوياً للغاية، ويمكنك تحويل الظلم الذي تشعر بسببه بأنَّك مدمر إلى رضى وأمان وحب، فالقوة الحقيقية للقيام بذلك هي داخل أنفسنا وليس في الخارج، فالعالم عبارة عن حلم ومرآة تعكس لنا إحساسنا المزمن بالظلم.

يمكنك الإصرار على ظلمك والحفاظ على حلمك كما هو، أو يمكنك جذب الحب والشفاء لتعرف مواردك الداخلية الهائلة.

إقرأ أيضاً: مهارة الاعتماد على الذات: أهميتها وكيفية تطويرها

في الختام:

يمكنك أن تكون قوياً، عندما يمكنك التواصل مع الحب والموارد في الداخل فإنَّ هذا بحد ذاته يمثل حلماً جديداً، وهذا وحده يمكن أن يحقق السلام، فإنَّ حقيقة هذه الحياة مليئة كثيراً بالحلول، ويمكن أن تجعل المعجزات تحدث معك يومياً.

لذلك فإنَّ السؤال الوحيد هو: "أين تصر على ظلمك وحزنك؟ هل أنت على استعداد لملاحظة حلمك ووعيك؟".

إنَّ العثور على قوتك في الوقت الحاضر يحقق لك أموراً كثيرة، ليس فقط من خلال نموك؛ وإنَّما أيضاً في الوعي الذي يجعل العالم الخارجي واعياً ورحيماً.




مقالات مرتبطة