كيف تكون متكافئ الشخصية؟

في عالم من المنفتحين والانطوائيين، نغفل وجود أصحاب الشخصيات المتكافئة؛ أي الأشخاص الذين يوازنون بين الانطوائية والانفتاح، ويجدِّدون نشاطهم بارتياد الحفلات وقضاء وقت هادئ، وقد يبدو أنَّ العيش في العالم كشخص ذي شخصية متكافئة مفيدٌ للغاية، فمن ذا الذي لا يفضل الشعور بالراحة في كل من العزلة والرفقة؟



توصل البحث الذي أُجري على أكثر من 300 مسؤول تنفيذي إلى أنَّ ثلثهم أصحاب شخصيات متكافئة بطبيعتهم؛ حيث وجد آدم غرانت (Adam Grant)، عالم النفس والأستاذ في كلية وارتون لإدارة الأعمال (Wharton School)، أنَّه نظراً لقدرة أصحاب الشخصية المتكافئة على التحدث والإصغاء دون عناء، فإنَّهم يُعَدُّون أفضل مندوبي مبيعات، ويسلط بحث غرانت (Grant) الضوء على إحدى أعظم مزايا الشخصية المتكافئة وهي قدرة المرء على إظهار مَواطن القوة التي يتمتع بها الانطوائي والمنفتح، كل في وقته المناسب، وصحيح أنَّ هذه نقطة لمصلحتهم؛ لكنَّ لها جانباً سلبياً أيضاً.

أحد أكبر الفخاخ التي يقع فيها أصحاب الشخصية المتكافئة هي اعتقادهم أنَّهم لن يختبروا الاحتراق الوظيفي، وإن لم يأخذوا حذرهم فسينهكون بسرعة أكبر؛ حيث إنَّ التوازن هو مفتاح عيش حياة صحية، وهذه الشخصية ليست استثناء، وتشمل الجوانب السلبية للاختلاط الاجتماعي: سرعة تعكر المزاج والتوتر والعلاقات المشحونة، ومن جهة أخرى، يمكن أن يؤدي قضاء الكثير من الوقت بمفردك إلى الشعور بالعزلة والإحباط والوحدة.

يمكن أن يكون للعلاقات الاجتماعية الكثيرة تداعيات خطيرة على كل من الحياة الشخصية والمهنية، وكثيراً ما ننجر إلى التركيز على جانب من شخصيتنا وتجاهل الآخر، فأحياناً قد تشعر بالارتياح بعد التحدث لأحدهم لبعض الوقت، وأحياناً أخرى لا تريد إلا أن تنعم بليلة هادئة وحدك.

استناداً إلى المقابلات التي أُجريت مع أكثر من خمسين شخصاً من ذوي الشخصية المتكافئة، تبيَّن أنَّ لدى الانطوائيين والمنفتحين مَواطن قوة واضحة، وأنَّ لدى ذوي الشخصية المتكافئة القوة نفسها ولكن بدرجة مغايرة، فلكي يشعر هؤلاء بالاسترخاء عند التحدث أمام الجمهور، عليهم الضغط على أنفسهم أكثر قليلاً مما يفعل المنفتحين، ولكي يفكروا تفكيراً صحيحاً قبل الإقدام على أيِّ شيء، عليهم تذكير أنفسهم بأخذ الأمور بروية؛ حيث يميل المنفتحون والانطوائيون - ميلاً طبيعياً - إلى القيام بهذه الأشياء، في حين قد يحتاج ذوي الشخصية المتكافئة إلى تكثيف جهودهم.

يعرف المنفتحون والانطوائيون عموماً هوياتهم تماماً مقارنة بذوي الشخصية المتكافئة؛ حيث يعلم المنفتحون أنَّهم منفتحون ويعلم الانطوائيون أنَّهم انطوائيون؛ لذا فهم يعرفون أنواع التفاعلات التي يحتاجون إليها، فمثلاً من المعروف عن الانطوائيين حاجتهم إلى الوقت لإعادة شحن طاقتهم، أما المنفتحين فيضيقون ذرعاً إن مرت أيام ولم يتواصلوا اجتماعياً، في حين توازِن الشخصية المتكافئة بين العلاقات الاجتماعية والاستقلالية، إما عشوائياً أو مع إعارة الاهتمام للتصرف الأنسب في الوقت المناسب.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة تفيدك في حياتك الاجتماعية والمهنية

إذن ما الذي يتعين على الأشخاص ذوي الشخصية المتكافئة القيام به ليكونوا عاملين فاعلين؟ إليك بعض النصائح لمساعدتهم على تعزيز مَواطن قوتهم والسيطرة على ضعفهم:

1. تحكَّم ببيئتك:

أسهل شيء تفعله للتحقق من إنتاجيتك هو أن تضع نفسك في بيئة مناسبة، فإذا كنت بحاجة إلى استراحة من العلاقات الاجتماعية، فجرب إغلاق باب مكتبك أو ضع سماعات لإلغاء الضوضاء لمدة نصف ساعة، وإن لم تكن قد تحدثت إلى أيِّ شخص طوال اليوم، يمكن لشرب القهوة أو الاتصال بصديق ضمن فترة الاستراحة أن يمدك بالحيوية، وبناءً عليه تكون المرونة هي المفتاح.

إقرأ أيضاً: 6 طرق ذكية لإرساء بيئة عمل أكثر إنتاجية

2. خطِّط للمستقبل:

ستُشعرك العطلة التي تقضيها في الاختلاط الاجتماعي الكثير بالإرهاق في أول يوم عمل من الأسبوع؛ لذا قم بالإجراءات اللازمة للتأكد من تخصيص وقت لنفسك، كأن تقضي يوم العطلة بمعزل عن الآخرين كي تكون مستعداً لمقابلة الأشخاص في بداية الأسبوع، وينطبق الأمر نفسه على التواصل الاجتماعي المحدود؛ حيث إنَّ قضاء الكثير من الوقت بمفردك سيصعِّب عليك الاختلاط بالآخرين، ومن خلال التخطيط المسبق، يمكنك التخفيف من آثار الاختلاط الكبير بالآخرين أو العزلة التامة.

3. لا تخشَ الرفض:

كثيراً ما ننجر إلى التزامات لا يجدر بنا الموافقة عليها إن كنا راغبين في صحبة الآخرين؛ لذا إن أقدمت على التزامات كبيرة، سيسطر عليك الإرهاق والقلق وينعكس ذلك سلباً على عملك، وفي عالم الشركات الذي أصبح يركز تركيزاً متزايداً على الانفتاح والتواصل والجهود الجماعية، أصبح لا بد من أخذ الوقت الكافي للتفكير باستقلالية، ومن خلال تعلُّم كيفية الرفض، ستدرك حاجتك لوقت هادئ وتتيح المجال لنفسك لتقدم أفضل أداء لديك في العمل.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح فعالة تعلّمنا كيف نقول "لا"

بمساعدة هذه النصائح، يمكن لأصحاب الشخصيات المتكافئة تلبية احتياجاتهم، والبدء بالعمل بأفضل ما لديهم من قدرات.

المصدر




مقالات مرتبطة