كيف تغسل ملابسك وتحمي نفسك من الإصابة بفيروس كورونا؟
لقد أجبرنا فيروس كورونا المستجد على إعادة تصنيف وتغيير الطريقة التي نتبعها في القيام بكلِّ مهمَّةٍ يوميةٍ تقريباً، بما في ذلك الأشياء البسيطة كالغسيل؛ إذ أنَّ بعض الناس محظوظون بما يكفي لامتلاك غسَّالة ملابس ومجففٍّ خاصٍّ بهم في منازلهم، في حين يضطر آخرون أن يعتمدوا على منشآت غسيل الملابس المشتركة، مثل: متاجر عامة لغسيل الملابس أو غرفة الغسيل في الطابق السفلي من مبنى سكني؛ وهذا يعني أنَّه علينا مغادرة منازلنا لغسل ملابسنا، وبالتالي قضاء الوقت مع الآخرين في مساحةٍ ضيقةٍ عادةً، ولمس الآلات التي لمسها كثيرون قبلنا.
ومع كلِّ ما يُقال عن فيروس كوفيد-19 والمبادئ التوجيهية للتباعد الاجتماعي، فإنَّه من الصعب معرفة الطريقة الصحيحة لأخذ الملابس والمناشف والبياضات إلى هذه الأماكن وغسلها وتجفيفها بأمان؛ فما هي المخاطر التي تنطوي عليها هذه العملية؟ وكيف يمكننا أن نكون مستعدين قدر الإمكان؟ وأن نحاول ألَّا نجلب الفيروس معنا إلى منزلنا إذا صادفناه في أثناء تواجدنا في العالم الخارجي؟
بالنسبة إلى المبتدئين، إليكم تحديثاً سريعاً للمعلومات التي تتعلَّق بكيفية انتشار فيروس كوفيد-19:
هناك إجماعٌ قويٌّ على أنَّ الطريقة الأكثر شيوعاً -حتَّى الآن- والتي يمكن الإصابة بالفيروس من خلالها هي: أن تكون على مقربةٍ من شخصٍ مصاب.
يقول جون شوارتزبيرج (John Swartzberg)، دكتور الأمراض المعدية وأستاذٌ فخريٌّ في كلية الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: "وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC): عندما يسعل شخصٌ مصاب بالعدوى أو يعطس أو يتحدَّث فإنَّه ينشر رذاذ جهازه التنفسي في الهواء على مسافةٍ تصل حتَّى ستة أقدامٍ تقريباً (183سم)، ويمكن لهذا الرذاذ أن يدخل في جهازك التنفسي ويُمرِضك إذا هبط على أنفك أو فمك أو إذا قمت باستنشاقه".
يعتقد الخبراء أيضاً أنَّه يمكن التقاط الفيروس عن طريق لمس سطحٍ ينشط عليه الفيروس، حيث يقول د. جوشوا بيتري (Joshua G. Petrie)، أستاذٌ مساعدٌ وباحثٌ في قسم الوبائيات في كلية الصحة العامة في جامعة ميشيغان: "إنَّ لمس الأسطح الملوثة ليس الطريقة الرئيسة التي ينتشر بها هذا الوباء، ولكنَّه يشكل خطراً؛ لأنَّه من غير الواضح حتَّى الآن كم يبقى فيروس الكورونا نشطاً ومعدياً على الأسطح، وكم هو عدد الجسيمات الفيروسية التي يجب أن تتواجد ليصاب الشخص بالمرض".
ومع هذا، لا يزال الخبراء ينصحون بالحذر حتَّى نعرف هذه التفاصيل. إنَّ كلَّ هذا يعني أنَّ الإبقاء على مسافة ستة أقدامٍ (183سم) أو أكثر بين الناس هو أفضل شيءٍ يمكنك القيام به لحماية نفسك والآخرين، بالإضافة إلى غسل اليدين بشكلٍ متكرر، خاصةً بعد لمس الأشياء التي لمسها الآخرون؛ وكذلك تجنُّب لمس الوجه، خاصةً الفم والأنف والعينين.
كيف يؤثِّر كل هذا على الغسيل خصوصاً؟ إليك بعض النصائح المبنية على توصيات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها:
1. ارتدِ غطاء وجهٍ قماشي:
تقول أحدث توصيات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC): "يجب أن يرتدي الجميع -حتَّى أولئك الذين يبدون أصحاء- نوعاً من قناعٍ قماشيٍّ مصنوعٍ منزلياً عندما يذهبون إلى مكانٍ عام، حيث يمكن أن يكون التباعد الاجتماعي صعباً". وبالتأكيد، ستكون أماكن غسيل الملابس أو غرفة الغسيل المشتركة إحدى تلك الأماكن.
تعلِّل "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها" ذلك بأنَّه: "وفقاً للبيانات الجديدة، يبدو أنَّ نسبةً تتجاوز ال 50% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد لا يُظهِرون أعراضاً في مرحلةٍ معينةٍ من المرض، ممَّا يعني أنَّه بإمكانهم فعلياً نشر العدوى دون أن يُظهِروا إشاراتٍ مرضيةً إطلاقاً". قد لا تكون أقنعة الوجه منزلية الصنع مثالية، لكن يمكنها على الأقل المساعدة في تقليل العدد الهائل من قطيرات الرذاذ التي ينشرها الناس في البيئة عندما يتحدَّثون ويسعلون ويعطسون، ممَّا يقلِّل من خطر إصابة الآخرين بالعدوى.
2. تجنَّب غسل ملابسك خلال أوقات الذروة:
تُطبَّق قواعد التباعد الاجتماعي المعتادة عند غسل الملابس. يقول د. بيتر راينور (Peter Raynor)، الحاصل على دكتوراه في الصحة البيئية والأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة مينيسوتا: "من الأفضل أن تحافظ على هذه المسافة، ولكن يمكن لذلك أن يكون صعباً، حيث أنَّ مغسلة الملابس وغرف الغسيل المشتركة عادةً ما تكون صغيرة، والآلات موضوعةٌ بشكلٍ قريب. وفي حال لم يكن هناك تحديدٌ لعدد الأشخاص الذين يمكن أن يرتادوا ذلك المكان في وقتٍ واحد، فحاول تأجيل الغسيل إلى وقتٍ غير ساعات الذروة".
إذا كنت تعمل من المنزل وتحصل على استراحة غداءٍ كاملة، ففكِّر في الغسيل في هذا الوقت؛ أمَّا إذا كنت ممَّن يستيقظون مبكِّراً أو يسهرون حتَّى وقتٍ متأخر، فربَّما يجب أن تختار الوقت الذي تريده.
3. امسح الآلات قبل استخدامها إذا استطعت:
ليست فكرةً سيئة أن تستخدم مناديلَ معقمة لمسح أجزاء كلِّ الآلات قبل لمسها. لقد وضعت وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) قائمةً بالمنتجات التي يبدو أنَّها فعَّالةٌ جداً في قتل فيروس السارس-CoV-2 (الاسم العلمي لفيروس كورونا المستجد). مرةً أخرى، لا يعتقد الخبراء أنَّ لمس الأسطح الملوثة هو الطريقة الأساسية لانتشار هذا الفيروس، ولكن من الأفضل دائماً أن تخطئ في توخيك المبالغ به للحذر دون داعٍ، من أن تخطئ في عدمه؛ طالما أنَّه لا يأخذ كلَّ وقتك أو يوترك جداً.
يلمس الكثير منَّا وجهه عن غير قصد، وفي هذه الحالة تكون مناديل التعقيم طريقة وقايةٍ إضافيةً محبَّبة. إذا كان ذلك يُشعِرك بالارتياح، فيمكنك مسح أسفل سلة الغسيل بعد وضع الملابس المتسخة في الغسالة؛ أو إذا أمكنك غسل سلتك، فضعها مع الملابس في الغسالة.
يقول الخبراء: "هذا ليس ضرورياً حقاً بما أنَّه لا يبدو أنَّ لمس الأسطح الملوثة هو الطريقة الرئيسة لانتقال العدوى. إذا لم يكن لديك مناديل، فلا بأس، طالما تتذكَّر ألَّا تلمس وجهك، وأن تغسل يديك بمجرد عودتك إلى المنزل. لست بحاجةٍ إلى أن تتوتر فيما يخص مسح كلِّ شيءٍ في المكان".
4. استخدم أعلى حرارةٍ يمكن أن تتحمَّلها ملابسك:
لا توجد في الواقع أيُّ بياناتٍ جيدة حول المدة التي يبقى فيها فيروس كوفيد-19 نشطاً على أشياء مثل الملابس والبياضات، كما يقول د. راينور؛ ممَّا يعني أنَّنا لا نستطيع حتَّى الآن استبعاد هذا تماماً كطريقةٍ محتملةٍ لانتقال الفيروس.
تقترح مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها غسل الملابس والمناشف والبياضات باستخدام إعدادات الحرارة الأعلى المناسبة وفقاً لتعليمات الشركة المصنعة لهذه الملابس، ومن ثمَّ تجفيف كلِّ شيءٍ تماماً، ويتابع راينور قائلاً أنَّه لا حاجة إلى غسل الملابس في مثل هذه الحرارة المرتفعة؛ لأنَّ الحرارة بين عمليتي الغسيل والتجفيف يجب أن تكون كافيةً لقتل الفيروس.
يؤدِّي المنظِّف دوراً جيداً هنا أيضاً، يقول د. شوارتزبيرغ: "إنَّ الشيء الجميل في هذا الفيروس -إذا كان بإمكاننا أن نقول أيَّ شيءٍ لطيفٍ عنه- هو أنَّه يحتوي على هذا الغلاف الدهني لحمايته، والذي يجعله سريع التأثُّر جداً بالمعقمات، بما في ذلك الصابون؛ لذا من السهل جداً القضاء عليه"؛ لهذا السبب، تقترح مراكز مكافحة الأمراض المعدية والوقاية منها CDC غسل يديك بالصابون والماء العاديين لمدة 20 ثانيةً على الأقل للتخلُّص فعلياً من الفيروس.
ويضيف راينور: "من أكثر الأشياء التي من المحتمل جداً أن تحمل الفيروس: مناشف اليد ومناشف الحمام على الأرجح، خاصةً إذا كان هناك عدة أشخاصٍ في منزلٍ واحد، ويستخدمون المنشفة نفسها. هذا لا يغيِّر الطريقة التي يجب غسلها بها، ولكنَّه يعني أنَّه ربَّما يجب غسلها بانتظامٍ أكثر ممَّا كنَّا نفعله قبل الوباء".
5. احرص على تطبيق التباعد الاجتماعي بين مرحلتي الغسيل والتجفيف:
قد يكون من الغريب ترك غسيلك دون مراقبة، ولكنَّ د. راينور يقول: "الحقيقة هي أنَّ تقليل الوقت الذي تقضيه في مغسل الملابس أو في غرفة الغسيل هو ربَّما الشيء الأكثر نفعاً الذي يمكنك القيام به، حيث أنَّ مخاطر التعرُّض إلى الإصابة بالفيروس هي مزيجٌ من "كمية جسيمات الفيروس" التي قد تكون في البيئة، والوقت الذي تعرِّض نفسك فيه إلى الإصابة. لذا، فإنَّ الحدَّ من وقت تعرُّضك إلى احتمال التقاط الفيروس جزءٌ من تلك المعادلة".
اضبط مؤقتاً عندما تضع ملابسك في الغسالة أو المجفف، بحيث يمكنك معرفة متى يجب أن تعود من أجلهم؛ في هذه الأثناء، عد إلى منزلك للانتظار إذا استطعت؛ وإذا لم تستطع، فاحرص على تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي السليمة أينما قرَّرت أن تُمضي هذا الوقت. كذلك، يقترح راينور فصل ملابسك وتجهيزها قبل الدخول إلى غرفة الغسيل، وذلك حتَّى لا تضطر إلى تمضية وقتٍ إضافيٍّ في فصلهم، حيث من المحتمل أن تكون خلاله بالقرب من أشخاصٍ آخرين.
6. اغسل أو عقِّم يديك حالما تغادر المكان:
يقول راينر: "إذا تمكَّنت من غسل يديك بمجرد الانتهاء من الغسيل، فيجب أن تفعل ذلك". إذا لم تستطع -مثلاً في الوقت الذي تكون فيه مضطراً تماماً للانتظار لنقل ملابسك إلى المجفف- فاستخدم المعقم الذي يحتوي على 60% من الكحول على الأقل، وهو أدنى مستوى ليكون فعَّالاً. احرص على اتباع التعليمات الموجودة على معقم اليدين، بحيث يمكنك الحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الحماية.
7. اطوِ ملابسك في المنزل:
يحبُّ الكثير من الناس طي الغسيل في مغسلة الملابس أو في غرفة الغسيل. إنَّ طي الأشياء عندما تكون طريةً شيءٌ منطقيٌّ كيلا تتجعَّد، لكنَّه ليس الخيار الأفضل عندما تحاول الحدَّ من الوقت الذي تقضيه في الأماكن العامة. ينصح راينور بهذا الشأن فيقول: "خذوا ملابسكم وقوموا بطيها في المنزل، وتقبَّلوا بعض التجعيدات عليها، فهل هذا هامٌّ حقاً في زمنٍ لا يرى فيه الكثيرون منا الآخرينَ إلَّا عبر الكاميرا أو من خلال مكالمات الفيس تايم؟ ليس هنالك فرصةٌ لأن يهتمَّ أحدهم أو حتَّى يلاحظ بعض الملابس المجعدة في هذا الوقت".
8. لا ترتدِ القفازات إلَّا إذا كان هناك شخصٌ في منزلك مصابٌ بكوفيد-19:
يقترح الخبراء أنَّه بالنسبة إلى الشخص العادي، فإنَّ ارتداء القفازات التي يمكن التخلُّص منها لن يقدِّم أيَّ حمايةٍ إضافيةٍ في أفضل الأحوال، ويمكن أن يمنحنا إحساساً زائفاً بالأمان في أسوأ الأحوال؛ يقول بيتري: "إنَّ السبب هو أنَّه يجب عليك تغييرها بعد أن تلمس أيَّ شيءٍ جديدٍ بها لتحافظ على كونها فعَّالة. وإذا لم تنزعها كما ينبغي، فيمكن أن ينتهي بك الأمر إلى تعريض نفسك إلى الإصابة بالفيروس؛ كما قد تعتقد أنَّك لست بحاجةٍ إلى غسل يديك لأنَّك ارتديت القفازات".
رغم أنَّه يُنصَح بارتداء القفازات في حالةٍ واحدة، وهي: في حال كنت تقوم بغسل الملابس أو الأشياء التي ارتداها أو استخدمها شخصٌ مصاب بفيروس كوفيد-19. في هذه الحالة تقترح مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC ارتداء قفازاتٍ يمكن التخلُّص منها، يقول بيتري: "ارتدِ القفازات قبل وضع هذا الغسيل في الغسالة، ثمَّ اخلعها وارمها بعيداً، واغسل يديك لتكون بأمان؛ ولا داعي للقلق بشأن القفازات عند نقل الملابس إلى المجفف، حيث أنَّه قد جرى غسلها بالفعل. ولمزيدٍ من الأمان، يمكنك أيضاً استخدام القفازات لحمل الغسيل إذا كنت عامل رعايةٍ صحيةٍ، أو عاملاً على خط مواجهةٍ آخر يتعامل مباشرةً مع أشخاصٍ مصابين".
9. اتخذ بعض الاحتياطات الأخرى عند التعامل مع غسيل شخصٍ مصاب:
طالما أنَّك تتبع أفضل الإجراءات الأخرى المذكورة أعلاه، فلا بأس في وضع ملابس شخصٍ مصابٍ في الغسالة مع أشياء أخرى، وذلك وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ولكن، هناك بعض الاحتياطات الأخرى التي توصي بها المنظمة إذا كنت تتعامل مع غسيل شخصٍ مريض. ووفقاً للخبراء، فمن الجيد أيضاً اتباع هذه النصائح إذا كنت عاملاً في الرعاية الصحية أو خلاف ذلك من العاملين على خطوط المواجهة مع المصابين.
يقول راينور: "أولاً: من المستحسن غسل سلة الغسيل أو مسحها إذا كانت تحمل أشياء كان يستخدمها شخصٌ مصاب. استخدم معقماً أو محلولاً مبيضاً مخففاً للأسطح الصلبة؛ واحرص على أن تكون للمادة المستخدمة كمعقم القدرة على إزالة الفيروس، واتبع دائماً التعليمات الخاصة بأيِّ منظفٍ تختاره، وذلك للتأكُّد من أنَّك تعقِّم كما يجب"، ويتابع راينور: "إذا كان بالإمكان غسل سلة الغسيل خاصتك، فضعها مع باقي أغراضك في الغسالة، وعندها سيكون لديك شيءٌ نظيفٌ يمكنك استخدامه لحمل الملابس النظيفة إلى المنزل".
يجب أيضاً أن تتجنَّب هزَّ الملابس أو أيَّ أشياءٍ أخرى استخدمها شخصٌ مصاب، يقول رينور: "إنَّنا لا نملك أيَّ معلوماتٍ حول ما سيحدث إذا قمت بهزِّ شيءٍ يحمل فيروس سارس CoV-2".
هل يطير الفيروس في الهواء؟ هل سيكون معدياً؟ الخبراء غير متأكِّدين بعد من ذلك، ومن الأفضل توخِّي الحذر من باب الاحتياط فقط.