كيف تعيش ببساطة وتركز على يومك؟

التخلي عن السيطرة على المواقف الخارجة عن سيطرتي أمر يصعب التعامل معه، ولعقود من الزمن، كان لدي ميل طبيعي للشعور بالقلق، فعندما كانت الأمور خارجة عن إرادتي، كنتُ أقلق بشكل تلقائي، وأدى قلقي بشأن أمر غير مؤكد يخص صحتي إلى أيام من الحيرة فيما إذا كان سيتحول إلى شيء صعب، ومن ثم أدت فترة الأمومة المجهدة التي مررتُ بها إلى القلق بشأن نمو أطفالي، كما أدى تقييم هام - عندما كنتُ معلمة في مدرسة ابتدائية - إلى تساؤلي عما إذا كنتُ سأخيب ظنَّ مديري أو سيتعين عليَّ الخضوع لمزيد من التوجيه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "مولي دونغيا" (Mollie Donghia)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها مع العيش ببساطة.

وكان لدي خوف من المصاعب القادمة، وفي العديد من المرات عندما أعربتُ عن الصعوبة التي أواجهها في موقف ما لصديقٍ أو لزوجي، كانوا يقولون لي: "فقط انسي الأمر" أو "لا تقلقي بشأنه".

فإذا تلقيتَ في أي وقت من الأوقات تلك الكلمات الشائعة للإرشاد في موقف مقلق، فأنت تعلم أنَّه ليس من السهل تطبيقها، ولسوء الحظ، فإذا كان تجاهل القلق يعني عدم المبالاة وعدم الاهتمام، فكيف كان من المفترض أن أفعل ذلك؟

بصفتي إنسانةً حساسة، كنتُ أتفهَّم وأتعاطف مع مشاعر الآخرين؛ حيث شعرتُ بحزن عندما كان مَن حولي حزيناً أو مجروحاً، وشعرت بالضيق عندما لم أحصل على رضا الآخرين، فأنا شخصية تحب "أن تُسعِد الناس"، فكيف كان من المفترض أن أتجاهل هذه الأمور؟ لم أكن أرغب في الانفصال عن مشاعري، ولكن بدلاً من ذلك، كنت أتوق إلى طريقة لأعيش حياتي دون رغبتي العميقة في القدرة على السيطرة على الأمور.

متى يجعلك التحكم عاجزاً؟

بالنظر إلى حياتي قبل حوالي ست سنوات، عندما نما قلقي مع كل طفل أنجبتُه، إلَّا أنَّه أدى أيضاً إلى النمو والحكمة والتعلم؛ حيث يبدو أنَّ كل فترات ما بعد الولادة تجعلني أمرُّ بحالة من القلق الشديد؛ إذ أدت التغيرات الهرمونية وإنجاب طفل جديد ومتطلبات الحياة المستمرة إلى خلق إحساس بعدم اليقين؛ مما أدى إلى الشعور بالقلق.

ونحن كبشر، نرغب في السيطرة على الأمور، فمن السهل البقاء في منطقة الراحة الخاصة بنا؛ حيث ينتج شعوراً بالهدوء عندما تكون أيامنا منظمة وروتينية، وفي أذهاننا الأمر يسير على النحو التالي: نضع خطة وهذه الخطة تتبع النهج نفسه الذي حددناه ونجني ثمار النجاح ونتمتع بالنتيجة.

ومع ذلك، هذه ليست دائماً حقيقة الحياة، فعندما تحدث أحداث خارجة عن إرادتي - كطفل لا يستطيع النوم أو قلق صحي أو إصلاحات غير متوقعة للمنزل - غالباً ما أشعر بالعجز، فماذا يمكنني أن أفعل في هذه اللحظة للسيطرة على النتيجة؟ في بعض الأحيان، لا يمكنني فعل الكثير، ولكن خلال هذه اللحظات، اكتشفتُ حقيقتين هامتين، وهي حقائق يجب أن أُذكِّر نفسي بها في كل مرة يسعى فيها عقلي إلى السيطرة على الموقف وهما:

إقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات للمضي قدماً عندما تشعر بالعجز

الحقيقة الأولى، ضبط توقعاتي:

إذا قمتُ بتعديل توقعاتي حول الطريقة التي يجب أن تسير بها الأمور، فسوف يكون لدي عقلية أكثر واقعية، فالحياة فيها نِعَم كثيرة، ولكن فيها الكثير من العثرات، فلا أريد أن أعيش بنظرة حالمة، وبدلاً من ذلك؛ أريد أن أستعد لحقيقة أنَّه في هذه الحياة سنواجه مشكلات.

والأمر متروك لي كيف سأدع هذه المشكلات تؤثر في عافيتي في كل يوم، فإذا كنتُ أعتمد على توقعاتي وحاجتي إلى الحصول على نتائج جيدة، فسوف أشعر بخيبة أمل وقلق دائماً عندما يحدث خطأ ما، ولكن عندما تصبح توقعاتي متوازنة بشكل صحي بين الإيجابية والواقعية، يصبح التعامل مع مصاعب الحياة، والظروف التي لا أستطيع التحكم بها أسهل.

الحقيقة الثانية، عدم الإفراط في التركيز في المستقبل:

أحب تحديد الأهداف؛ حيث إنَّنا أنا وزوجي مثاليان؛ لذلك عندما نطبق روتيناً أو عنصراً جديداً في طريقة تربيتنا لأطفالنا، فإنَّنا نتطلع إلى الفوائد طويلة الأمد التي سنجنيها، ولكنَّ الشيء المضحك في وضع الخطط للمستقبل هو أنَّ هناك احتمالية كبيرة للتغيير، فهذه هي حقيقة الحياة؛ إذ إنَّه بعد كل شيء نحن لسنا مجموعة من الروبوتات المبرمجة تدور في أرض المصنع، فإذا أمضينا الكثير من الوقت في التفكير في جميع النتائج طويلة الأمد، فسوف نفقد فرصة العيش في الحاضر.

وبالنسبة إليَّ، هذا يعني عدم السماح لنفسي بالتفكير في سيناريوهات قد تحدث أو لا تحدث على الإطلاق، وبدلاً من ذلك أذكر نفسي بهذا السؤال البسيط: "ما الذي يمكنني فعله اليوم لاتخاذ خيارات صحية أكثر للغد؟" وعندما أركز عقلي في الوقت الحاضر، من غير المرجح أن أشعر بالارتباك والخوف من الأحداث المستقبلية ويزداد احتمال شعوري بالامتنان لما لدي من خلال التركيز في اليوم؛ حيث إنَّ عقلي لا ينشغل بالأفكار المتعلقة بالنتائج أو العواقب في المستقبل؛ وإنَّما باتخاذ قرارات واعية ومدروسة جيداً للعيش في يومي الحالي.

إقرأ أيضاً: الخوف من المجهول وشبح المستقبل

التركيز في الوقت الحاضر:

إذاً كيف نخفف من تفكيرنا في المستقبل ونركز أكثر في الحاضر؟ التخطيط هام - بشكل رئيس في الشؤون المالية والوظيفة وتنظيم الأسرة - لكنَّني أعتقد أنَّ تركيز غالبية أفكاري فيما يمكنني التحكم به اليوم هو طريقة أكثر صحة للعيش؛ حيث إنَّ قاعدة 90/10 هي مبدأ شائع يمكن استخدامه في العديد من مجالات الحياة.

ضع في حسبانك كيف يمكنك استخدام هذه القاعدة لتقليل سيطرتك على المستقبل، فاسمح لنفسك بوضع الخطط والتفكير في الأيام والأشهر والسنوات المقبلة بنسبة 10% فقط من وقتك، وهذا ما يقرب من 1.5 ساعة خلال الوقت الذي تكون مستيقظاً فيه، فاستخدِم الـ 14.5 ساعة المتبقية في التفكير في يومك الحالي واتخذ المبادرات فيه، واستثمر في العلاقات مع مَن حولك ومارس عادات الأكل الصحية ومارس الرياضة وحافظ على نشاطك واستمتع بمتع الحياة المجانية واتخذ خيارات حكيمة بأموالك واضحك واحتضن أحباءك وتمهل وخصص وقتاً للتفكير في أكثر ما تشعر بالامتنان له.

وبالنسبة إليَّ، بدلاً من القلق بشأن كيف سيكون أطفالي في سن المراهقة، سأقضي المزيد من الوقت في الضحك واللعب وتعليمهم كل يوم، وبدلاً من الخوف من النفقات المستقبلية، سأنفق ضمن حدود إمكاناتي وأحدُّ من رغباتي في تبذير النقود على أغراضٍ قد لا أحتاج إليها.

وبدلاً من الخوف من وجود مشكلة صحية مع أحد أفراد الأسرة، سأجري مكالمة هاتفية لمدة 15 دقيقة للتحدث أو التخطيط لزيارتهم أو بذل كل ما في وسعي لإظهار مدى اهتمامي، وأيضاً بدلاً من أن أتساءل كيف سيتسلل القلق إليَّ إذا حدثَت مصاعب حياتية، سأركز فيما يمكنني التحكم به اليوم دون أن أترك عقلي يفكر في أسوأ سيناريو.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتفكير الإيجابي من ديل كارنيجي

مواجهة الصعاب دون الشعور بالقلق:

ستأتي الحياة دائماً بنجاحات وإخفاقات والظروف الجيدة والسيئة، ولكن إذا تعلمتَ تعديل توقعاتك بقدر صحي من الإيجابية والواقعية، وركزتَ فيما يمكنك التحكم به اليوم، فسوف تمتلئ أيامك بمزيد من الفرح وقلق أقل، وهذه ليست طريقة مناسبة للجميع، فما نجح معي قد يفيدك أيضاً، ولكن افعل ما يجعلك تشعر بالقوة والقدرة على الازدهار.

المصدر




مقالات مرتبطة