كيف تعزز عملية التعلم باستخدام طريقة (SQ3R)؟

من خلال الغوص في مجال التعلم، ستتمكن من إيجاد العديد من الطرائق المختلفة لتعلم ودراسة أي موضوع قد يخطر في بالك؛ حيث تستمر المزيد من الأساليب التعليمية في الظهور والانتشار واكتساب شعبية واسعة.



ومن بين هذه الطرائق طريقة "SQ3R"، وهي طريقة لفهم واستيعاب ما تحاول تعلمه، وقد سُمِّيت هكذا اختصاراً بدلالة الأحرف الأولى لخطواتها الخمس: الاطلاع (Survey)، والاستفسار (Question)، والقراءة (Read)، والتكرار (Recite)، والمراجعة (Review).

لا يتطلب الأمر الكثير من الوقت لتعلُّم هذه الطريقة، ولكن من خلال تطبيقها في عملية التعلم، ستكون قادراً على تحقيق أقصى استفادة منها؛ حيث سنقدم لك في هذا المقال طريقة استخدامها.

ما هي طريقة (SQ3R)؟

سواء كنت تستخدم هذه الطريقة للدراسة أم للقراءة فقط، فهي تعد طريقة لدراسة وفهم وتذكُّر المعلومات المكتوبة بسرعة؛ وقد ذُكِرَت هذه الطريقة أول مرة في عام 1946 في كتاب "الدراسة الفعالة" (Effective Study) لعالم النفس التربوي "فرانسيس ب. روبنسون" (Francis P. Robinson)، والذي أُعِيدَ طباعته عدة مرات منذ ذلك الحين.

تُركِّز هذه الطريقة على مساعدة المتعلمين على العمل بكفاءة وفاعلية عند قراءة وفهم النصوص، مع التركيز الشديد على النصوص التعليمية؛ ومع ذلك، يمكن تطبيقها على أي نوع من النصوص إذا كنت تبحث عن فهم أعمق لأمر ما.

إقرأ أيضاً: ادرس بذكاء وليس بجهد... تلميحات هامة لدراسة فعالة!

فوائد طريقة (SQ3R):

تكمن الفائدة الرئيسة والواضحة لاستخدام هذه الطريقة من خلال الاستفادة المثلى من وقت قراءتك؛ فباستخدام الخطوات الخمس لها، يمكنك قراءة أي نص بفاعلية وامتلاك قدرة أفضل على تذكُّر وشرح كل ما يتعلق بالنص.

أما الفائدة الثانية فهي أنَّه عندما تستخدم الخطوة الأولى، ستقرأ بتأنٍّ أكثر، وتركز على المعلومات الأكثر صلةً بما تريد تعلُّمه، وسيضمن لك ذلك تذكر المحتوى بصورة أفضل.

كما توجد بعض الفوائد الإضافية مثل:

  1. إمكانية إضافة خطوة إضافية (R) إلى الطريقة؛ حيث تشمل هذه الخطوة إمَّا الربط (Relate) أي إنشاء روابط بين ما تتعلمه وبين تجاربك الشخصية، أو التسجيل (Record)؛ أي إنشاء ملخص أكثر شمولاً للفهم، أو التفكير (Reflect)؛ أي اكتساب فهم أعمق وأوضح للموضوع.
  2. تتيح لك زيادة الوعي بما تقرأه وإدراك فيما إذا كان يستحق القراءة، أو ما الذي يجب التركيز عليه في النص؛ وهذا يعني أنَّك ستقرأ بصورة أسرع وأكثر كفاءة.
  3. ستمتلك تركيزاً وطريقة تفكير أفضل بشأن الموضوع أو المادة التي تقرأ عنها، مما يعني أنَّك ستتبنى تلقائياً طريقة تفكير معينة لاستيعاب المعلومات بصورة أفضل؛ أي أنَّك تقرأ مع وضع هدف معين في الحسبان، ومن المرجح أن تتفوق في ذلك.
  4. تمكِّنك من نقل المعلومات الجديدة إلى ذاكرتك طويلة الأمد بصورة أكثر سهولة وسلاسة؛ حيث تُخَزَّن المعلومات التي نتلقاها للتو في ذاكرتنا قصيرة الأمد، وهي ذاكرة محدودة وتدوم فترة وجيزة جداً. إنَّ تخزين المعلومات في الذاكرة قصيرة الأمد ثم نقلها إلى الذاكرة طويلة الأمد باستخدام هذه الطريقة أمرٌ مذهل حقاً؛ حيث سنحتفظ بهذه المعلومات ونستخدمها بصورة أفضل على الأرجح.
  5. ستساعدك هذه الطريقة على تجنب تلقِّي المزيد من المعلومات، وتشجعك على الاحتفاظ بالمعلومات لفترة طويلة من الزمن، ولكي تعمل هذه الطريقة لا يمكنك إلزام عقلك أو إثقاله بالمعلومات. يعد هذا الأمر هاماً جداً لكثير من الناس؛ وذلك لأنَّ المعلومات موجودة في كل مكان ومن السهل جداً أن تتزود بها.
  6. ستستغرق القليل من الوقت في الدراسة والكثير من الوقت في تطبيق المعلومات، وعلى الرغم من أنَّ هذه الطريقة تبدو وكأنَّها ستستغرق منك وقتاً أطول للدراسة والاستيعاب، إلا أنَّ الأبحاث تُظهِر أنَّ الأشخاص الذين يستخدمون هذه الطريقة للدراسة يقضون وقتاً أقل في التحضير للاختبارات النهائية من الأشخاص الذين لا يستخدمونها. وخارج المجال الأكاديمي، هذا يعني أنَّه يمكنك استيعاب المعلومات بصورة أسرع من الآخرين؛ وبالتالي ستكون قادراً على تطبيق ما تعلمته بصورة أسرع أيضاً.
إقرأ أيضاً: 4 أساليب مختلفة تساعدك على التعلم بسرعة وذكاء

كيف تُطبِّق هذه الطريقة؟

تعد الطريقة النموذجية لدراسة النصوص أو كتب التحسين الذاتي لمعظم الناس هي قراءتها والإشارة إلى المقاطع الهامة، وعلى الرغم من أنَّ هذه الطريقة ليست سيئة، إلا أنَّها ليست الطريقة الأكثر فاعلية وتحفيزاً للنمو، فإذا كنت تسعى إلى قراءة النصوص بمزيد من الكفاءة والفاعلية، فيجب عليك استخدام طريقة (SQ3R)؛ حيث تدل هذه الطريقة على اختصار للخطوات الخمس وهي: الاطلاع (Survey)، والسؤال (Question)، والقراءة (Read)، والتكرار (Recite)، والمراجعة (Review)، وسنذكر فيما يلي شرحاً مفصَّلاً لكل خطوة من الخطوات الخمس بحيث يمكنك تطبيق الطريقة بنفسك:

1. الاطلاع:

الخطوة الأولى في هذه الطريقة هي الاطلاع؛ حيث تخصص بعض الوقت لفحص النص بالكامل، ولا تكمن الفكرة هنا في التعامل مع أجزاء محددة من المعلومات؛ وإنَّما فهم الفقرات والفصول والأقسام والكلمات المكتوبة بالخط العريض والمائل بالإضافة إلى الصور والرسوم البيانية المرفقة.

بالنسبة إلى النصوص التعليمية، سيمنحك إجراء استطلاع أولي لمحة عامة وفكرة وفهماً للمضمون العام، أما بالنسبة إلى النصوص الأخرى، يمكن أن يساعدك ذلك في الحصول على ملخص عام للفكرة التي يحاول المؤلف إيصالها إليك.

وبغض النظر عما سبق، ستوفر لك هذه الخطوة ركيزة تساعدك عند البدء في قراءة النص ومحاولة فهمه.

2. السؤال:

بعد إجراء استطلاع عام للكتاب، ستسأل نفسك بعض الأسئلة بناءً على ذلك، وإحدى الطرائق التي يمكنك من خلالها مساعدة نفسك في طرح الأسئلة هي البحث عن عناوين الفصول وتحويلها إلى أسئلة.

احرص على كتابة هذه الأسئلة، ثم اسأل نفسك عما تعرفه بالفعل عن الموضوعات التي تتحدث عنها هذه الفصول.

من الهام أيضاً أن تسأل نفسك ما الهدف من قراءة هذا الكتاب من الأساس ومقارنة ذلك بإجاباتك، فإذا كنت تقرأ كتاباً ما لهدف معين، فأنت بحاجة لكتاب يساعدك في الإجابة عن أسئلتك، كما أنَّك ستحصل على فكرة عن الفصول التي تحتاج التركيز عليها لتتمكن من فهم الكتاب بالكامل.

تتعلق هذه الخطوة بطريقة فهم ما يحاول الكاتب إيصاله إلى القراء، فيمكنك كتابة أسئلتك على هامش الصفحة، وتسجيل الإجابات على الهامش الآخر.

3. القراءة:

الخطوة التالية هي القراءة، ولكن لا تنسَ أن تفكر فيما فعلته في الخطوات السابقة، وحافظ على الفكرة التي حصلت عليها من الخطوة الأولى، والأسئلة التي وضعتها في الخطوة الثانية في أثناء القراءة. وانتبه إلى الفصول والجمل المكتوبة بالخط العريض والتفسيرات الموجودة أسفل الرسوم البيانية والصور؛ أي اجعل القراءة عملية فعالة، وذلك بالإضافة إلى تدوين أسئلة إضافية في أثناء القراءة والبحث عن إجابات للأسئلة التي سبق طرحها، لتتمكن بالتالي من تدوين الإجابات والتفسيرات ضمن النص.

لا تخجل إذا كان عليك التمهل في القراءة أيضاً؛ حيث تشجعك هذه الخطوة على أن تستغرق وقتك في الأجزاء المعقدة أو الأجزاء التي تتطلب منك المزيد من التركيز؛ خذ الوقت الكافي لقراءة الفقرات مرة أخرى إذا كنت بحاجة إلى ذلك، وفي الوقت نفسه ولِّ اهتماماً أقل للمعلومات أو الأمور غير الهامة التي تعرفها مسبقاً.

4. التكرار:

التكرار هي الخطوة التالية، وهي تذكُّر كل المعلومات التي قرأتها وتكرارها بطريقتك الخاصة.

يجب أن تستغل هذا الوقت في طرح أسئلة متعلقة بالنص على نفسك مرة أخرى والإجابة عنها استناداً للمعلومات التي تعلمتها من النص، كما يمكنك شرح ما قرأته لشخص آخر أو لنفسك، ويمكنك وضع ملخص يتضمن طريقتك الخاصة للمعلومات التي قرأتها كدعم إضافي.

إقرأ أيضاً: تأثير تكرار الفعل: لا شيء سيتغير، ما لم يتغير شيء ما

5. المراجعة:

الخطوة الأخيرة من هذه الطريقة هي المراجعة؛ فقد تعتقد أنَّ التكرار هي الخطوة الأهم؛ إلا أنَّ المراجعة هي خطوة إضافية لتعزيز كل ما قمت به، وللاحتفاظ بالمعلومات بصورة أفضل، من الهام مراجعتها وتكرارها أكثر من مرة وذلك بغض النظر عن كونها نصاً تعليمياً أو كتاباً يتحدث عن النمو الشخصي.

في جميع الأحوال، ستحصل على ملاحظات أو استنتاجات من النص، مما يدفعك إلى إعادة النظر فيها والاستفادة منها، فعندما تُلقي نظرة أولى على أحد النصوص، قد تجد أجزاء صعبة أو أجزاء لا تفهمها بالكامل، ولكن بعد دراسة تلك الأجزاء المحددة عدة مرات، يمكنك زيادة فهمك والاستفادة من الملاحظات التي وضعتها في البداية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ هذه الخطوة يمكن أن تكون مفيدة للغاية إذا قمت بها بعد يوم واحد من تنفيذ الخطوات الأربع السابقة.

أفكار أخيرة:

تعد طريقة (SQ3R) طريقة منظَّمة يمكن أن تزوِّدك بفهم عميق للنص، وتُحسِّن استيعابك له عموماً، وباستخدام هذه الطريقة، ستكون قادراً على التخلص من  المعلومات غير الهامة والتركيز على المعلومات الأكثر أهمية، وبالإضافة إلى ذلك ستكون قادراً على الاحتفاظ بالمعلومات بفضل التقنيات المختلفة التي تفرضها عليك هذه الطريقة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة