كيف تعزز الولاء للمنظمة عند موظفيك؟

تمثِّل الموارد البشرية الركيزة الأساسية في عمل أيِّ منظمة وأثمن مواردها؛ إذ تعتمد المنظمات على تلك الموارد في تحقيق أهدافها وزيادة فاعليتها، وفي صناعة تميزها عن باقي المنظمات الأخرى؛ فالعنصر البشري هو مصدر إبداع وتطور واستمرار للمؤسسة؛ لذا تولي القيادات الإدارية اهتماماً رئيساً بها من ناحية توفير العمالة المؤهلة الجيدة وتدريبهم وإكسابهم القدرة على الأداء الجيد.



وتحفيزهم مادياً ومعنوياً من أجل تحقيق الرضى، الذي يقود بدوره إلى الولاء التنظيمي؛ فالموظف أو العامل عندما يشعر بالولاء لمنظمته والانتماء لها يصبح وافر العطاء، ويحد من الصراعات بين العاملين ضمن المنظمة، كما يقلِّل من الغياب، ومن الدوران الوظيفي ويحسِّن الإنتاجية ونقيض ذلك صحيح.

إنَّ عدم إحساس العامل بالولاء التنظيمي يضعف الإنتاجية، ويكثر الصراعات ومعدلات ترك العمل وخسارة الكفاءات وسواها؛ فالولاء التنظيمي بمنزلة الموجِّه الذاتي للعاملين باتجاه تحقيق أهداف المنظمة وتقديم الإبداع، وكل ما يستطيع العامل تقديمه لضمان بقاء المنظمة وتمكينها من التنافس ونيل ثقة العملاء وازدهارها.

مفهوم الولاء التنظيمي:

الولاء التنظيمي من الموضوعات التي طالما شغلت رواد الإدارة و باحثيها، والذي ما زال محطَّ اختلاف بينهم إلى الآن، وعلى العموم كان بورتر أول من بحث في موضوع الولاء التنظيمي؛ إذ قال: إنَّه "مدى قوة اندماج الموظف أو العامل مع المنظمة التي يعمل بها"؛ فالفرد الذي لديه انتماء للمنظمة التي يوجد فيها، يتمتع بحالة من الرضى والانسجام والتوافق النفسي سواء مع ذاته أم مع الآخرين في المنظمة، فهو لديه قناعة تامة بضرورة تحقيق أهداف المنظمة، ولديه الاستعداد الكافي لبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق تلك الأهداف، كما لديه دافع قوي ورغبة ملحة للاستمرار في العمل في المنظمة نفسها.

يرى بوشانان: إنَّ الولاء التنظيمي هو "اقتران فعَّال بين الفرد والمنظمة؛ إذ يبدي الموظفون الموالون للمنظمة رغبتهم الكبيرة في خدمة المنظمة على الرَّغم من حصولهم على مردود أقل؛ فالولاء التنظيمي يستند إلى ثلاثة مرتكزات هي: الإحساس بالانتماء، والمساهمة الفاعلة، والإخلاص".

إذاً فالولاء التنظيمي هو انجذاب العامل للمنظمة وقيمها بصرف النظر عن المنفعة المادية الناتجة عنها، وهو نزعة الفرد للمشاركة الفعالة والمستمرة في أنشطة المنظمة؛ فالعامل الذي يؤمن بأهمية أهداف المنظمة تتولَّد لديه المشاعر الإيجابية نحو العمل وتزداد رغبته في البقاء على رأس عمله لتحقيق كل ما يمكنه وإنجازه في سبيل المحافظة على وجود المنظمة ومكانتها.

شاهد بالفديو: 5 خطوات لتعزيز ولاء الموظفين

كيف تعزز الولاء التنظيمي لدى موظفيك؟

بوصفك مديراً عليك أن تعي حقيقة أنَّ نجاح منظمتك مرهون بمدى إحساس العاملين وشعورهم بالولاء لها؛ فالولاء هو أقوى دافع يمكن أن يحثَّ العاملين على بذل قصارى جهدهم في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة من قبل المنظمة، وتحقيق النجاح والاستمرارية لها؛ لذا توجد مجموعة من العوامل التي يمكنك بواسطتها إنشاء ذلك الولاء لدى العاملين وتعزيزه وتنميته، وتتنوع تلك العوامل؛ فتوجد عوامل تنظيمية ترتبط بالمنظمة، ومنها ما يرتبط ارتباطاً مباشراً بشخصية العامل، ومن تلك العوامل التي يمكن اتخاذها وتحقق الولاء التنظيمي وتعززه:

1. يجب على المنظمة أن تعمل على إشباع حاجات عامليها الأساسية:

لا يمكن لأيِّ أحد أن ينكر حقيقة أساسية مفادها: إنَّ كل عامل يلتحق بأيِّ وظيفة هدفه الأول هو إشباع رغباته وحاجاته الحياتية الأساسية، فإذا سعت المنظمة إلى مساعدته على تلبيتها وتحقيقها، فسوف تؤثِّر في شعوره تجاهها تأثيراً إيجابياً وتضمن ولاءه، بينما إذا فعلت النقيض من ذلك وتجاهلت حاجات عامليها الأساسية، فبالتأكيد سوف يبحث عن مكان آخر يعمل به يحقق له ما يريد.

2. وضوح أهداف المنظمة:

أشارت معظم الدراسات التي تناولت الولاء التنظيمي إلى أنَّ وضوح أهداف المنظمة يؤدي دوراً هاماً ومحورياً في تحقيق الولاء التنظيمي لدى العاملين، وكلما كانت هذه الأهداف واضحة زادت درجة الولاء الوظيفي.

3. تحديد الأدوار في المنظمة:

إضافة إلى وضوح الأهداف في المنظمة يجب أيضاً تحديد الأدوار؛ إذ يتوضح دور كل فرد من العاملين في تحقيقها، يسهم ذلك في منع حدوث أزمات أو صراعات داخل المنظمة ويمنحها الاستقرار الداخلي؛ فغموض الدور وعدم معرفة العامل بالمهام التي يجب عليه أداؤها يؤدي إلى دخوله في دوامة لا تنتهي من الصراعات.

4. إتاحة الفرصة أمام العاملين للمشاركة في التخطيط للمنظمة ومشاريعها:

تعطي إدارة المنظمة العامل الفرصة لطرح أفكاره ومناقشتها نقاشاً جدياً يعزز المشاعر الإيجابية لديه، ويثير الجو المريح في بيئة العمل، فيمكن مثلاً تشكيل فريق عمل والطلب إليهم أن يقدموا مقترحات لتطوير المنظمة، مما يساعد على تحقيق اندماج العامل في العمل عقلياً وعاطفياً واجتماعياً؛ فالمشاركة تدفع الأفراد إلى الارتباط ببيئة العمل أكثر فأكثر.

5. العناية بالمناخ التنظيمي وتحسينه:

يعبر المناخ التنظيمي عن خصائص بيئة العمل المختلفة في المنظمة؛ إذ يشمل أنواع الاتصالات بين العاملين وطبيعة تلك الاتصالات، وأنماط الإدارة والإشراف السائدة، والجماعات الرسمية والجماعات غير الرسمية، والحوافز والمكافآت والثواب والعقاب، والتدريب والتطوير، والتشجيع والمرونة في المعاملة؛ فالمناخ التنظيمي هو الخصائص التي تميز المنظمة، وتؤثِّر في قيم أفرادها واتجاهاتهم وسلوكهم.

لذا إنَّ تعزيز المناخ الإيجابي في المنظمة يسهم في تبني سياسات من شأنها تعزيز النواحي الإيجابية وتصحيح النواحي السلبية؛ إذ ترتقي بصحة العاملين النفسية وترفع روحهم المعنوية؛ ومن ثَمَّ تحسين أدائهم، وفي الوقت نفسه كسب ولائهم، فدفع العاملين إلى الشعور بأنَّهم شركاء حقيقيون في صناعة الأهداف واتخاذ القرارات، يجعلهم يبذلون كل جهد للمضي في اتجاه تحقيق تلك الأهداف والارتقاء بالمنظمة إلى أعلى مستوى ممكن.

شاهد بالفديو: كيف تحفِّز موظفيك في العمل؟

6. تدريب العاملين:

في الحقيقة تفرض التغيرات الكبيرة في العصر الحالي تغيرات مماثلة في مستوى تدريب العاملين لمواجهة تلك التغيرات واستيعابها والتكيف معها؛ فالتدريب يهدف إلى تزويد العاملين بالمهارات التي تزيد من كفاءتهم، وتسهم في تأهيلهم للقيام بأدوارهم الوظيفية، والاهتمام بقدرات العاملين وتطويرها، يمنحهم الشعور بالولاء للمنظمة التي تقدم كل ما في استطاعتها لرفع سويته المهنية والعملية، وشعوره بالثقة بنفسه.

7. نمط القيادة:

يُعدُّ نمط الإدارة السائد في المنظمة من أهم أسباب تحقيق الرضى الوظيفي للعاملين، والذي بدوره يضمن تحقيق ولاء العاملين للمنظمة؛ فالإدارة الناجحة هي الإدارة القادرة على كسب تأييد جميع العاملين والتأثير فيهم، والحصول على رضاهم وولائهم، ودفعهم إلى التعاون معها لتحقيق أهداف المنظمة.

إقرأ أيضاً: مفهوم الرضا الوظيفي وأهميته وتأثيره في إنتاجية الموظفين

8. إيجاد نظام حوافز مُنصف:

توقظ الحوافز الدافع والحماسة للعامل، وتدفعه إلى العمل بأقصى جهد لتحقيق أهداف المنظمة المرسومة، وتمنع تسلسل الإحباط إلى نفوس العاملين؛ فهي تعترف بقيمة ما ينجزه الفرد، وتشبع حاجته إلى التقدير، وفي الوقت نفسه تشجع روح المنافسة، وتتعدد أنواع الحوافز؛ فمنها الحوافز المادية مثل: الأجر والزيادة السنوية في الأجر، والمكافآت والمشاركة في الأرباح، والعلاوات والعمولات والتعويضات، والحوافز المعنوية مثل: الترقية والمديح والشكر والميداليات والمشاركة في اتخاذ قرار والمشاركة في التدريب، ومنها أيضاً بعض الخدمات الاجتماعية التي يمكن أن تُقَدَّم للعاملين، وتسهم في تحقيق الولاء التنظيمي مثل: منح العاملين بعض منتجات المنظمة لا سيما إذا كانت تنتج مواداً غذائية أو استهلاكية، وتقديم بعض الهدايا لهم في مناسبات وطنية أو في الأعياد، وتوفير الاشتراكات لهم في نوادي خاصة بالأنشطة الترفيهية، مثل الأندية الرياضية أو الأندية الموسيقية، ومنح قروض معنية لشراء عقار أو للزواج، وغير ذلك.

يجب أن يتسم نظام الحوافز بالعدالة؛ لذا توجد مجموعة من المعايير يجب أن يمنح وفقها، وهي:

  • الأداء: هو كل ما يزيد عن المعيار النمطي، سواء من ناحية الكمية المنتجة أم تقليص وقت العمل أم غير ذلك.
  • المجهود: هو من المعايير التي يصعب قياسها، وربما يخضع للتحيز الذاتي، فقد لا يؤدي الجهد الذي يبذله العامل إلى إنجاز العمل بكفاءة، لكن يجب أن يؤخذ ذلك الجهد بالحسبان لتشجيع العامل على محاولة إنجاز العمل بكفاءة.
  • الأقدمية: وتعني إعطاء مكافآت خاصة للعامل الذي قضى فترة طويلة في المنظمة، والذي يملك الولاء للمنظمة.
  • المهارة: أي مقدار إتقان العامل للعمل الذي يقوم به.
  • مدى تحقُّق الأهداف: يستخدم هذا المعيار في المنظمات التي تربط الحوافز بدرجة تحقق أهدافها.

9. بناء فرق عمل:

من الجيد بناء فريق عمل؛ إذ تتاح الفرصة لكل عامل بالمشاركة وإبداء رأيه، ويساهم في العمل مساهمة فعالة وحقيقية، فهذا الأسلوب من أكثر الأساليب نجاحاً في بناء الولاء للمنظمة لدى العاملين.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات لبناء فِرق العمل الفعّالة

في الختام:

نلاحظ اليوم أنَّ جميع المنظمات تحاول جاهدة وتسعى إلى استخدام الطرائق والأساليب المتنوعة لاستقطاب اليد العاملة المؤهلة التي تتمتع بالكفاءة والمهارة المطلوبة لإنجاز العمل بكفاءة والاحتفاظ بها؛ فالسياسية الإدارية الحديثة تقوم على مفهوم ضرورة تعزيز الولاء التنظيمي لدى تلك القوى، والذي يجعلهم عناصر فعالة في العمل، يتعاونون معاً لتحقيق أهداف المنظمة؛ فإدراك العامل ووعيه باهتمام المنظمة به، ينمي الروح المعنوية لديه ويعزز الولاء المهني والعاطفي؛ ومن ثَمَّ استقرار العامل، فينعكس كل ذلك في مستوى أدائه وإنتاجيته داخل التنظيم، مما يسهم في استمرارية المنظمة وضمان استمرارية تنافسيتها في السوق؛ ومن ثَمَّ بقاؤها ونموها.




مقالات مرتبطة