كيف تعزز إنتاجيتك بالاستفادة من السلامة؟

تنتابني مشاعر مختلطة في الغالب عندما أسمع كلمة "إنتاجية"، ومع أنَّني أحب الإحساس الضمني بالنشاط الذي تمنحني إياه، أشعر بأنَّ استخدام هذ المصطلح أنسب لوصف شيء بلا عواطف مثل الآلة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب ورائد الأعمال فيليبو دي ليناردو (Filippo Di Lenardo)، ويتحدَّث فيه عن طرائق تعزيز الإنتاجية.

كنت دائماً وطوال مسيرتي المهنية في مجال ريادة الأعمال من المعجبين بنهج "إنجاز مزيد من الأشياء والسعي الحثيث إلى النجاح والنشاط المفرط"، ومع ذلك بصفتي شخصاً يتطلَّع دائماً إلى التحسن فقد وصلت إلى مرحلة لم يعد فيها أسلوب الحياة هذا يخدمني، وعلى الرَّغم من مستويات إنتاجيتي العالية، فلم أتمكن من الوصول إلى آفاق جديدة، كما لو أنَّني كنت أفتقر إلى "العمق" اللازم للتغلب على التحديات الأكبر بنجاح.

بعد أن أمضيت السنوات القليلة الماضية في البحث والعمل مع خبراء رائدين في مجال التنمية البشرية، أدركت أنَّ ثمة شرطاً واحداً ضرورياً للإنتاجية والإبداع والإنجاز الأمثل؛ ألا وهو الراحة النفسية.

يمكنك التفكير منطقياً بالأمر، فكيف يمكنك أن تحدث تأثيراً هادفاً ذا معنى في نفسك أو في الآخرين إذا كنت تشعر بأنَّك لست على ما يرام؟ وهذا ليس مجرَّد رأي شخصي؛ بل تشير بعض الدراسات إلى هذا الاتجاه.

عند النظر عميقاً في مفهوم السلامة، اتضح أنَّنا نستطيع تنميته من خلال التركيز على 4 جوانب رئيسة: الوعي الذاتي والنظرة المستقبلية والمرونة والعطاء.

أقول "تنمية" لأنَّ السلامة هي مهارة، ويمكننا جميعاً ممارستها بصرف النظر عن جنسنا أو سننا أو بيئتنا، وهو أمر رائع، ولمساعدتك على بدء ممارسة هذه المهارة سأشاركك كيفية استخدام الركائز الأربعة للسلامة لتعزيز مستويات النشاط لدينا عند مواجهة اللحظات الصعبة؛ لأنَّ هذا هو الوقت الذي نكافح فيه أكثر للمضي قدماً.

إليك فيما يأتي 4 جوانب رئيسة لتنمية مفهوم السلامة:

1. الوعي الذاتي:

يقول الفيلسوف اليوناني سقراط (Socrates): "معرفة الذات هي بداية الحكمة"، فقد كان سقراط حريصاً جداً على هذا الاعتقاد؛ لأنَّنا عندما نكون مدركين لذاتنا يمكننا أن نعزل أنفسنا عن العواطف التي تقيدنا، ومن ثَمَّ نوفر طاقتنا، ونفكر بوضوح أكبر، وهو أمر مفيد جداً إذا كنت تتطلع إلى زيادة مستويات إنتاجيتك.

في النهاية فإنَّ تعلُّم التواصل مع أنفسنا لفهم ما هو هام بالنسبة إلينا هو المفتاح لتحسين الطريقة التي نعيش وندير بها حياتنا اليومية؛ لذا في المرة القادمة التي تعجز فيها عن معرفة خطوتك التالية، اسأل نفسك: "ما هو الشيء الهام حقاً بالنسبة إلي الآن؟ ما هو الإجراء الأكثر فائدة الذي يمكنني القيام به، والذي يعتمد على نقاط قوتي؟" يساعدك التفكير وإن قليلاً في التخلص من السلبية، واستعادة التركيز المطلوب للمضي قدماً بثقة.

إقرأ أيضاً: الوعي الذاتي: تعريفه، وأهميته، وطرق تعزيزه وتطويره

2. النظرة المستقبلية:

يقول السياسي مانديلا (Mandela): "أنا لا أخسر أبداً، فأفوز أو أتعلم".

يجب أن تحب هذا الاقتباس بوصفك رائد أعمال؛ إذ تشير النظرة المستقبلية إلى الطريقة التي نختار بها النظر إلى الحياة، وهي أشبه بالقصة التي نخبرها لأنفسنا عن حياتنا، وغالباً ما تكون صوتنا الداخلي الذي يخرِّب أفضل نوايانا، ويمنعنا من النظر إلى تحدياتنا بوصفها فرصة ملهمة للنمو.

نمر جميعاً بلحظات من عدم اليقين، سواء كانت مكالمة مع عميل جديد أو لقاء مع مستثمر، وبدلاً من ترك مخاوفنا تعوقنا، فإنَّ اتخاذ نظرة مستقبلية إيجابية يمكن أن يقدِّم لنا الكثير؛ لذا فكِّر كيف يمكن لحدث ما أن يخدمك بصرف النظر عن نتائجه، أو ماذا ستتعلم من هذا الحدث، أو ما هي الإجراءات الهادفة التي يمكنك اتخاذها لضمان الحماية من الجوانب السلبية.

تغيير بسيط في المنظور يفتح الباب أمام عدد لا يحصى من الفرص.

3. المرونة:

تقول الكاتبة الأمريكية إليزابيث إدواردز (Elizabeth Edwards): "المرونة هي قبول واقعك الجديد، وإن كان أقل جودة من واقعك السابق، يمكنك محاربته أو ألَّا تفعل شيئاً سوى الصراخ بشأن ما فقدته، أو يمكنك قبول ما حدث والاستفادة منه بطريقة ما".

المرونة هي مفتاح نجاحنا الشخصي والمهني نجاحاً لم يسبق له مثيل، وإنَّ تحمُّل عدم اليقين ليس بالمهمة السهلة، لكن تكمن القوة الحقيقية في المثابرة والصمود في وجهه.

ترتبط المرونة ارتباطاً مباشراً من نواحٍ عدة بامتلاك نظرة مستقبلية إيجابية، وإحدى أفضل الطرائق لتعزيزها هي من خلال فهم أعمق لما نقوم به؛ لأنَّنا عندما نفهم هدفنا والغاية منه، يمكننا حينها استخدامها بوصفها عاملاً تحفيزياً للمثابرة بقوة أكبر.

من خلال "ربط" لحظة مليئة بالتحديات بهدفنا الأكبر، نتعلم تقدير فائدتها في تقدمنا ​​لتذكيرنا بأنَّ النمو يحدث فقط خارج حدود منطقة الراحة الخاصة بنا، ومن خلال النظرة المستقبلية الصحيحة يمكننا أن ننظر إلى التحدي بوصفه فرصة تجعلنا أقوى.

شاهد بالفيديو: 6 أنشطة غير مرتبطة بالعمل تعزز الإنتاجية

4. العطاء:

يقول رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل (Winston Churchill): "نحن نكسب عيشنا بما نحصل عليه؛ لكنَّنا نكسب الحياة بما نقدمه".

في حين أنَّنا قد نفسر الإنتاجية في كثير من الأحيان على أنَّها عمل أناني، إلا أنَّ التركيز على العطاء يُضفي عليها بعداً جديداً تماماً، إنَّ عقولنا مجبولة على العطاء؛ ولذلك عندما نعطي بسخاء، فإنَّها تطلق ما يسمى بثلاثية السعادة (الأوكسيتوسين والدوبامين والسيروتونين، وهي مواد كيميائية عصبية تحسِّن المزاج)، وتعزز نشاطنا.

في الختام:

في عالم أصبح أكثر توجهاً نحو الخدمات، فإنَّ كونك معطاءً ليس مفيداً لصحتك فحسب؛ بل لنجاحك أيضاً، إذا ركزنا على فهم كيفية تقديم مزيد للعميل، فلدينا فرصة أكبر بكثير للاقتراب من هدفنا؛ لذا في المرة القادمة التي تتلقى فيها تغذية راجعة سلبية على عرضك، بدلاً من الشعور بالإحباط، اسأل نفسك عما يمكنك فعله لتقديم المزيد.

عندما نتعلَّم أن نضع غرورنا جانباً، ونرغب في خدمة الآخرين خدمة هادفة، فإنَّنا نرفع إنتاجيتنا وإبداعنا إلى مستوى أعلى؛ لذا اعمل بذكاء وعش بوعي.




مقالات مرتبطة